الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال حول التنصيص على الخمس

 

 

 

السؤال :

 

نحن نقول في كتاب الأموال صفحة (35، 36) إن الغنائم والأنفال موكول أمر توزيعها لولي الأمر، يوزعها بما يراه مصلحة، فما معنى التنصيص على الخمس في قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه...الآية )، فهل يعني أن ولي الأمر إذا أراد أن يوزع الغنيمة ويعطي لبيت المال حصته فإنه مقيد بالخمس (وهذا خلاف ما افهمه من المتبنى) أم أن له مثلاً أن يأخذ نصف الغنيمة لبيت المال ويوزع نصفها الآخر على المحاربين؟

والخلاصة كيف نفهم التنصيص على الخمس في الآية، ما دامت قسمة الغنائم كلها موكولة لأمر الإمام؟ وبارك الله فيكم.

 

 

الجواب:

 

الآية الكريمة ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

للعلماء أقوال في تفسيرها:

منهم من قال إن الخمس محددةٌ قسمته إلى سهام خمسة: سهم الله والرسول، وسهم ذي القربى، وسهم اليتامى، وسهم المساكين، وسهم ابن السبيل، وهذا جعل سهم الله والرسول سهماً واحداً.

ومنهم من قال أن الخمس محددة قسمته ولكن إلى ستة: لله سهم، وللرسول سهم، ولذي القربى سهم، واليتامى سهم والمساكين سهم، وابن السبيل سهم.

ومنهم من قال بل هو كله لله سبحانه وتلك الأصناف بعده هي على سبيل التفضيل وليس الحصر، وللإمام أن يضع هذا الخمس في مصالح المسلمين وفق اجتهاده، والرأي الراجح لدينا هو هذا، أما لماذا، فهو على النحو التالي:

إن الله سبحانه يقول:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ).

فهنا جاء تفصيل بعد تعميم، وإذا كان التفصيل لبيان فضل الأصناف المذكورة، فهو لا يلغي التعميم، بل يبقى العام على عمومه، ويكون الأفضل أن يكون لهذه الأصناف ولا يمنع من غيرها، أي لا يكون هذا التفصيل مفيداً للحصر.

ولذلك هي هكذا ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ...)، أي لجوانب التقرُّب إلى الله سبحانه، ثم ذكر سبحانه وجوهاً مفضلة على غيرها من وجوه التقرب إلى الله سبحانه وليس للحصر.

وجدير بالذكر أن " أَنَّمَا" هي ليست " إنَّمَا" بل هي أَنَّ، مَا، أي الذي، أي الذي غنمتموه.

ويقال مثل هذا في الآية الكريمة ( مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ )، فذِكْر جبريل وميكال بعد الملائكة لا يعني أن العداوة قد خُصصت لجبريل وميكال ومن يعادي أصنافاً أخرى من الملائكة لا تنطبق عليه، بل هنا تفصيل "جبريل وميكال" بعد تعميم "الملائكة" وذلك لميزة معينة في جبريل وميكال من حيث الفضل، دون إلغاء تعميم الملائكة...

وهكذا فإن ( وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) هي تفصيل لوجوه الخير بعد تعميم التقرب إلى الله بكل وجوه الخير ( فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ )... أي يقع في باب "التفصيل بعد التعميم" لميزة في الأصناف المذكورة من حيث عظمة الأجر. ويؤكد هذا أن الآية لم تقل "فأن خمسه لله وللرسول وَلِذِي الْقُرْبَى..."، وكذلك لم تقل "فأن لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل خمسه..."، فتساوي بين الأطراف في المبتدأ والخبر، فلا يكتمل معنى الجملة إلا بتمامها، بل الآية الكريمة ( فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ...)، ويمكن اكتمال الجملة هنا.

ولذلك فالراجح لدينا، وهذا الذي وضعناه في الأموال، أن الأصناف المذكورة في الآية ليست تحديداً لوجوه صرف الخمس، بل يوضع الخمس في بيت المال ويصرف برأي الخليفة واجتهاده على مصالح المسلمين، والأفضل أن يوضع في وجوه الخير تلك إن وجدت، أو غيرها... يتوخى الإمام في ذلك مصالح المسلمين ورعاية شئونهم وسد حاجاتهم وحفظ أمنهم...

وللعلم فإن الإمام مالك يقول بمثل هذا من حيث إن قسمة الخمس تعود للإمام في مصالح المسلمين.

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع