السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

الموازنة العامة للسودان.. مزيد من الفقر وضنك العيش والشقاء

 

 

في الوقت الذي يعيش فيه أهل السودان ظرفاً اقتصادياً قاسياً، يكابدون الغلاء، وشظف العيش، في ظل معدلات فقر عالية، تفوق 46%، وتضخم يصل إلى 35%، وبطالة جعلت حياة الناس جحيماً، في ظل هذه المعاناة، خرجت علينا ما تسمى حكومة الوفاق الوطني بموازنة العام الجديد 2018م بمبلغ إجمالي حوالي (173.1 مليار جنيه)، حيث شكّلت الإيرادات الضريبية؛ أي الجبايات (108.8) مليار جنيه، أي ما يعادل 63%. بينما قدرت القروض الخارجية، والاستدانة من الجمهور، ومن النظام المصرفي بـ (55.3) مليار جنيه، بنسبة 32% من إجمالي الموارد. كما أعلنت وزارة المالية عن رفع سعر الدولار الجمركي، من (6.9) جنيهاً، إلى (18) جنيهاً، بنسبة زيادة بلغت حوالي 200%، وقد طبقت الحكومة زيادة في أسعار الكهرباء، وحررت سعر القمح، تحت ذريعة رفع الدعم المزعوم، كما ذكرت وزارة المالية، أن رفع الدعم عن الجازولين خطٌ أحمر، وهو ما يعني ضمناً، رفعه عن بقية المحروقات (الغاز والبنزين وغيرهما). ومما يزيد الطين بلة، حديث الوزير، الذي توعّد الناس بما هو أسوأ من ذلك، عندما قال: "كلما ضاقت سنضطر لاتخاذ إجراءات قاسية"!

 

إننا في حزب التحرير/ ولاية السودان، نوضح الآتي حول هذه الموازنة:

 

أولاً: إن الضرائب غير المباشرة، والرسوم، بمسمياتها المختلفة، هي جبايات حرمها الإسلام، لأنها أكلٌ لأموال الناس بالباطل، لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ». أما الجمارك فهي المكس، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ»، ناهيك عن زيادتها، برفع سعر الدولار الجمركي، الذي يزيد من رسوم الجمارك المفروضة على الواردات، بثلاثة أضعاف، كما يزيد من ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الأخرى المفروضة على سلع الوارد بالنسبة ذاتها، ولأنها تدخل في سعر السلع فتغليها، وذلك محرم شرعاً، جاء في الحديث عنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وكل ذلك تأكيد على أن الدولة إنما هي دولة جباية، وهو ما أكده وزير المالية، حيث قال: (إن مهمة الدولة جمع الأموال من أفراد المجتمع)!.

 

ثانياً: إن ما يسمى برفع الدعم عن السلع والخدمات، مثل القمح، والكهرباء وغيرهما، إن هو إلا تنصل من الدولة عن واجبها الشرعي، الذي كلفها به الإسلام، وهو رعاية شؤون الناس، الذي يستوجب توفير المأكل، والملبس، والمسكن، لكل فرد من أفراد الرعية، وضمان إشباعها لهذه الحاجات الأساسية، حيث قال صلى الله عليه وسلم : «الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». علاوة على أن رفع الدعم، كما هو معروف، هو أحد روشتات صندوق النقد الدولي، مما يدل دلالة قطعية على التبعية، والخضوع، لمؤسسات العدو الاستعمارية، التي لا ترقب فينا إلا ولا ذمة، وذلك محرم لقوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾.

 

ثالثاً: استناد تغطية عجز الموازنة على القروض، إن كانت داخلية فهي الربا، وإن كانت خارجية فوق كونها رِباً فهي التبعية للمؤسسات والدول المقرضة؛ الذي هو ضرب من الانتحار السياسي، والوقوع في شراك الكفار، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ، وقال صلى الله عليه وسلم : «درهمٌ مِنْ رِبا أعظمُ عند اللهِ من ستٍ وثلاثين زَنْية».

 

رابعاً: إن هذه الموازنة في جانبيها؛ الإيرادات والمصروفات، إنما هي تفكير ضمن منظومة الاقتصاد الرأسمالي، التي أورثت الناس ضنك العيش، ورهنت ثروات البلاد للغرب الكافر المستعمر، بعد أن أغرقتها بفوائد الديون الربوية، فأفقرت البلاد والعباد، ﴿ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، وإن الخروج من هذه الدوامة المهلكة، يبدأ بالرجوع إلى الإسلام، وأخذ المعالجات من أحكامه، لتصبح إيرادات الدولة ومصروفاتها، مبنية على الأحكام الشرعية، التي تعبّد الناس لرب العالمين.

 

أيها الأهل في السودان: ستظل الحكومات المتعاقبة، بمسمياتها المختلفة، تلهب ظهورنا بسياط الجبايات، وأكل أموالنا بالباطل، وبما يسمى برفع الدعم، وبالربا، طالما كانت هذه الحكومات بعيدة عن منهج الله وشرعه، ونحن لا نحرك ساكناً! إن الحل إنما يكون بالتغيير على أساس الإسلام، وهو واجب معلق في أعناقنا، أن نتلبس بالعمل الجاد لتطبيق شرع الله، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تأخذ الأموال بحقها الشرعي وتصرفها بوجهها الشرعي، وتقوم بواجب الرعاية تجاه الأمة، فلا تفرض الضرائب، ولا الجمارك، ولا تضيِّق على الناس في معاشهم، بل توفر لهم المأكل، والملبس، والمسكن، وكل ما يتعلق بحق رعاية شؤون الناس، فتبسط الخير في البلاد، فيعيش الناس عباداً مكرمين بنعمة تطبيق شرع الله في الأرض، وحمله للناس، لإخراجهم من ظلام الكفر إلى نور الإسلام، فتشرق الأرض بنور ربها، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :18 من ربيع الثاني 1439هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 05 كانون الثاني/يناير 2018م

حزب التحرير
ولاية السودان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع