الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي - ح 152 - الضرائب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

 

(ح 152)

 

الضرائب

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثانية والخمسين بعد المائة, وعنوانها: "الضرائب". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الخامسة والأربعين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

 

يقول رحمه الله: "إن الموارد التي حددها الشرع لبيت المال كافية لإدارة شؤون الرعية ورعاية مصالحهم، ولا يحتاج الأمر إلى فرض ضرائب مباشرة، أو غير مباشرة. ولكن الشرع مع ذلك احتاط فجعل حاجات الأمة قسمين اثنين: منها حاجات فرضها على بيت المال، أي على الموارد الدائمة لبيت المال، ومنها حاجات فرضها على المسلمين كافة، وجعل للدولة الحق في أن تحصل المال منهم لقضاء تلك الحاجات. وعلى ذلك، فالضرائب هي مما فرضه الله على المسلمين لقضاء مصالحهم، وجعل الإمام واليا عليهم، يحصل هذا المال، وينفقه هو على الوجه الذي يراه. ويصح أن يسمى هذا الذي يجمع ضريبة، كما يصح أن يسمى مالا مفروضا، وغير ذلك. وما عدا ما فرضه الله من الموارد التي نص الشرع عليها كالجزية، والخراج، وما عدا ما فرضه الله على المسلمين، للقيام بالإنفاق على الحاجة المفروضة عليهم كافة، كالطرقات، والمدارس، لا تؤخذ ضرائب. فلا تؤخذ رسوم للمحاكم، ولا للدوائر، ولا لأية مصلحة. أما ضريبة الجمارك فليست من قبيل الضرائب المأخوذة. وإنما هي معاملة للدول بمثل ما تعاملنا به، وليست ضريبة لسد كفاية بيت المال، وقد سماها الشرع مكوسا، ومنع أخذها من المسلمين والذميين. ولا يجوز أن يؤخذ غير ما فرضه الشرع ضريبة مطلقا، إذ لا يجوز أن يؤخذ من مال المسلم شيء إلا بحق شرعي، دلت عليه الأدلة الشرعية التفصيلية. ولم يرد أي دليل يدل على جواز أخذ ضريبة من أحد من المسلمين سوى ما تقدم. أما غير المسلمين فلا تؤخذ منهم ضريبة؛ لأن قضاء الحاجات الذي فرضه الشرع إنما فرضه على المسلمين فقط، فلا تؤخذ الضريبة إلا من المسلمين، ولا تؤخذ من غير المسلمين ضريبة سوى الجزية فقط. والخراج يؤخذ من المسلم، وغير المسلم على الأرض الخراجية. أما كيف تؤخذ الضريبة من المسلمين فإنها تؤخذ مما زاد عن نفقتهم، وعما يعتبر عن ظهر غنى شرعا.

 

وما يعتبر عن ظهر غنى هو ما يفضل عن إشباعه حاجاته الأساسية، وحاجاته الكمالية بالمعروف؛ لأن نفقة الفرد على نفسه هي سده لكفاية جميع حاجاته، التي تتطلب إشباعا بالمعروف، حسب حياته التي يعيش عليها بين الناس. وهذا لا يقدر بمقدار معين عام لجميع الناس. وإنما يقدر لكل شخص بحسب مستوى معيشته. فإذا كان ممن يحتاج مثله إلى سيارة وخادم يقدر بما زاد عنهما، وإن كان يحتاج إلى زوجة يقدر بما يزيد عن زواجه، وهكذا. فإن كان ما يملكه يزيد عن هذه الحاجات تحصل منه ضريبة، وإن كان لا يزيد عن ذلك لا تحصل؛ لأنه لا يكون مستغنيا فلا تجب عليه ضريبة.

 

ولا يراعى في فرض الضرائب منع تزايد الثروة، وعدم الغنى؛ لأن الإسلام لا يمنع الغنى. ولا يراعى أي اعتبار اقتصادي لجمع الضرائب، وإنما تؤخذ ضريبة المال على أساس عدم كفاية المال الموجود في بيت المال لسد جميع الحاجات المطلوبة منه، فتؤخذ بمقدار حاجات الدولة للنفقات، ولا يراعى فيها إلا حاجات الرعية، ومقدرة المسلمين على دفعها، ولا تقدر بنسبة تصاعدية، أو تنازلية مطلقا، وإنما تقدر بنسبة واحدة على المسلمين بغض النظر عن مبلغ المال، الذي تؤخذ منه. ويراعى في تقدير النسبة العدل بين المسلمين، إذ لا تؤخذ إلا عن ظهر غنى، وتؤخذ عن جميع المال الزائد عن الحاجة، لا على الدخل فقط، لا فرق بين رأس المال، أو الربح، أو الدخل. بل تؤخذ عن المال كله. ولا تعتبر آلات الإنتاج اللازمة للعمل في الصناعة والزراعة، ولا الأرض، ولا العقار، من رأس المال".

 

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

 

كفاية الموارد لإدارة شؤون الرعية:

 

1. الموارد التي حددها الشرع لبيت المال كافية لإدارة شؤون الرعية ورعاية مصالحهم.

2. لا يحتاج الأمر إلى فرض ضرائب مباشرة، أو غير مباشرة.

3. احتاط الشرع فجعل حاجات الأمة قسمين اثنين:

 

1) حاجات فرضها على بيت المال، أي على الموارد الدائمة لبيت المال.

2) حاجات فرضها على المسلمين كافة.

 

مشروعية الضرائب في الإسلام:

 

1. الضرائب هي مما فرضه الله على المسلمين لقضاء مصالحهم.

2. جعل الشرع للدولة الحق في أن تحصل المال منهم لقضاء تلك الحاجات.

3. جعل الشرع الإمام واليا عليهم، يحصل هذا المال، وينفقه هو على الوجه الذي يراه.

4. يصح أن يسمى المال الذي يجمع ضريبة، كما يصح أن يسمى مالا مفروضا.

5. ما عدا ما فرضه الله من الموارد، وما عدا ما فرضه الله على المسلمين، للقيام بالإنفاق على الحاجة المفروضة عليهم كافة لا تؤخذ ضرائب.

6. لا تؤخذ رسوم للمحاكم، ولا للدوائر، ولا لأية مصلحة.

 

كيفية أخذ الضرائب من الرعية:

 

1. لا يجوز أن يؤخذ غير ما فرضه الشرع ضريبة مطلقا.

2. لا يجوز أن يؤخذ من مال المسلم شيء إلا بحق شرعي دلت عليه الأدلة الشرعية التفصيلية.

3. غير المسلمين لا تؤخذ منهم ضريبة؛ لأن قضاء الحاجات إنما فرضه على المسلمين فقط.

4. لا تؤخذ الضريبة إلا من المسلمين.

5. لا تؤخذ من غير المسلمين ضريبة سوى الجزية فقط.

6. الخراج يؤخذ على الأرض الخراجية من المسلم، وغير المسلم.

7. تؤخذ الضريبة من المسلمين مما زاد عن نفقتهم، وعما يعتبر عن ظهر غنى شرعا.

 

ما يعتبر عن ظهر غنى:

 

1. ما يعتبر عن ظهر غنى هو ما يفضل عن إشباعه حاجاته الأساسية، وحاجاته الكمالية بالمعروف.

2. نفقة الفرد على نفسه تقدر بما يكفي جميع حاجاته، التي تتطلب إشباعا بالمعروف، حسب حياته التي يعيش عليها بين الناس.

كيفية تقدير إشباع الحاجات:

 

1. إشباع الحاجات لا يقدر بمقدار معين عام لجميع الناس.

2. إشباع الحاجات يقدر لكل شخص بحسب مستوى معيشته.

3. إذا كان ممن يحتاج مثله إلى سيارة وخادم يقدر بما زاد عنهما.

4. إن كان يحتاج إلى زوجة يقدر بما يزيد عن زواجه، وهكذا.

5. إن كان ما يملكه يزيد عن هذه الحاجات تحصل منه ضريبة.

6. إن كان لا يزيد عن ذلك لا تحصل؛ لأنه لا يكون مستغنيا فلا تجب عليه ضريبة.

 

ما يراعى وما لا يراعى عند أخذ الضرائب:

 

1. لا يراعى في فرض الضرائب منع تزايد الثروة، وعدم الغنى؛ لأن الإسلام لا يمنع الغنى.

2. لا يراعى في فرض الضرائب أي اعتبار اقتصادي لجمع الضرائب.

3. لا يراعى في فرض الضرائب إلا حاجات الرعية، ومقدرة المسلمين على دفعها.

4. الأساس الذي تؤخذ عليه الضريبة هو عدم كفاية بيت المال لسد جميع الحاجات المطلوبة منه.

5. تؤخذ ضريبة المال بمقدار حاجات الدولة للنفقات.

 

كيفية تقدير ضريبة المال:

 

1. لا تقدر ضريبة المال بنسبة تصاعدية، أو تنازلية مطلقا.

2. تقدر ضريبة المال بنسبة واحدة على المسلمين بغض النظر عن مبلغ المال، الذي تؤخذ منه.

3. يراعى في تقدير النسبة العدل بين المسلمين.

4. لا تؤخذ ضريبة المال إلا عن ظهر غنى.

5. تؤخذ ضريبة المال عن جميع المال الزائد عن الحاجة، لا على الدخل فقط.

6. تؤخذ ضريبة المال عن المال كله, لا فرق بين رأس المال، أو الربح، أو الدخل.

7. لا تعتبر آلات الإنتاج اللازمة للعمل في الصناعة والزراعة ولا الأرض ولا العقار من رأس المال.

 

حكم ضريبة الجمارك في الإسلام:

 

1. ضريبة الجمارك ليست من قبيل الضرائب المأخوذة.

2. ضريبة الجمارك معاملة للدول بمثل ما تعاملنا به. 

3. ضريبة الجمارك ليست ضريبة لسد كفاية بيت المال.

4. ضريبة الجمارك سماها الشرع مكوسا.

5. ضريبة الجمارك منع الشرع أخذها من المسلمين والذميين.

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل علىالإثنين, 16 كانون الثاني/يناير 2017

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع