الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
قراءة في الشأن الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قراءة في الشأن الجزائري

 

 

 

الخبر:

 

العربي الجديد: شرع القضاء العسكري في الجزائر، اليوم الأحد، في سماع أقوال خمسة جنرالات تمت تنحيتهم قبل أسابيع في إطار حملة تغييرات غير مسبوقة في قيادة الجيش، وذلك بتهم تتعلق بالفساد...

 

وأوضحت أن الأمر يتعلق بـ"القائد السابق للدرك الوطني اللواء مناد نوبة، والقائد السابق للناحية الأولى (منطقة عسكرية) اللواء حبيب شنتوف، واللواء سعيد باي القائد السابق للناحية الثانية، ومدير المالية بوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور والقائد السابق للناحية الرابعة اللواء عبد الرزاق الشريف".

 

التعليق:

 

أولا: بعد انقلاب بومدين على بن بيلا، ومنذ ذلك التاريخ والنفوذ البريطاني مستحكم في الجزائر مع وجود بعض القوى لفرنسا داخل الجيش الجزائري الذي لعب دورا حيويا وقويا خاصة في ظل وجود شخصيات رئاسية ضعيفة حيث أصبح الحكم بيد الجيش، وكان المتنفذون فيه فرنسيّي الولاء والثقافة والتدريب، وقد تحركوا بانقلابهم عام 1992، وذلك ليحولوا دون وصول جبهة الإنقاذ الإسلامية إلى الحكم بعد أن نجحت في الانتخابات... وقد ارتكبوا مجازر عدة ضد جبهة الإنقاذ بخاصة وضد كثير من المسلمين بعامة، ولم يستطيعوا إدارة البلاد كعادة الفرنسيين في الاستعمار والهمجية وخفة العقل السياسي والبلطجة في التعامل مع الأحداث، بل كرههم الناس ومقتوهم...، وكان الجيش هو القوة المتحكمة، ولكنه بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات لم يستطع رجال الجيش الموالون لفرنسا حينذاك أن يعالجوا تبعات انقلابهم وتهدئة الأوضاع في البلاد بل ارتكبوا مجازر فظيعة في حق أهل الجزائر وسميت العشرية الدموية من شدة القتل والتعذيب، ونتيجة هذا العجز وفي تلك الأجواء أحضرت بريطانيا بوتفليقة من سويسرا وأعادته للجزائر، وأوجدت له جواً سياسياً كمنقذ مستغلة فشل قادة الجيش في الإدارة، ولكره الناس لهم بسبب مجازرهم فقد اتفق رجال الجيش مع عبد العزيز بوتفليقة سنة 1999 ليكون الرئيس على أن لا تمسهم أية مساءلة عن جرائمهم وتدميرهم للبلد وليعمل على دمل الجراح بالدعوة إلى الوئام والسلم والمصالحة... أي لجأوا إليه لينقذهم وتم لبوتفليقة ما أراد من تعدد سنوات الحكم المتكررة...

 

ثانيا: استغلت بريطانيا وجود الرجل القوي والداهية في الحكم وبدأت بمعالجة القوى الموالية لفرنسا بالتدريج دون تسخين الأجواء ووضع عملائها في الحكم، وقد رفض بوتفليقة مشروع الاتحاد المتوسطي الذي جاءت به فرنسا على عهد ساركوزي... ومع ذلك لم يستطع الموالون لفرنسا في الجيش أن يوقفوا رئاسته حتى اليوم! ومع أن بريطانيا لم تكن تخشى فرنسا على نفوذها في الجزائر خشيتها لأمريكا لكنها رأت أن تنهي تلك القوى الفرنسية في الجيش والإدارة لتقوية نفوذها لأنها تخشى القوة التي بدأت تتحرك لأخذ الجزائر وهي أمريكا وليست تخشى من فرنسا، فعملت على طرد القوى الموالية لفرنسا بسياسة ناعمة تحت بند الإقالات أو بحجة التحديث أو فتح ملفات فساد، وهذا ما جعل السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر بيرنار باجولي، والمدير السابق للمديرية العامة للأمن الخارجي أن يهاجم الرئيس الجزائري قائلا "الرئيس بوتفليقة، مع كل الاحترام الذي أكنه له، يبقى على قيد الحياة بشكل مصطنع. ولن يتغير شيء في هذه الفترة الانتقالية". وتراجع العلاقات الاقتصادية والسياسية ودور الشركات الفرنسية في الجزائر النفوذ القديم لمصلحة دول أخرى غير الفرنسية.

 

ثالثا: بالنسبة لأمريكا فهي تدرك أن الوسط السياسي في الجزائر ليس لها ولا يوجد لها قوى حقيقية هناك تلفت الانتباه بحيث تكون موطئ قدم لها للتحرك وأخذ الجزائر، فعمدت إلى وسائل أخرى غير الأعمال السياسية المعتادة مع الوسط السياسي للنفاذ إلى المنطقة، ومن أبرزها أمران: الأول موضوع (الإرهاب) واستغلاله للاتفاقيات العسكرية والنفاذ عن طريق الجيش والتدريب والمساعدات العسكرية ثم القواعد العسكرية، وكان لها دور واضح في أحداث مالي وليبيا من خلال حفتر إلا أن الجزائر لم تقبل بالتعاون وإنشاء القواعد، فمثلا في أحداث عملية اختطاف الرهائن في منشأة ميناس قامت باقتحام المنشأة وقتلت الجميع حتى لا تفتح بابا لأمريكا بحجة مقاومة (الإرهاب) والتعاون الاستخباراتي.

 

وأكد وزير الخارجية مراد مدلسي في تصريحات سابقة رفض الجزائر القاطع لأي وجود عسكري أجنبي على ترابها، معتبرا أن سيادة الجزائر لا تقبل المساومة ولا يمكن فتح قاعدة عسكرية أجنبية بالجزائر بحجة محاربة (الإرهاب). وكذلك بعد أن زار السبسي أمريكا في 2015/5/21م وعقد بعض الاتفاقيات مع أمريكا ومنحوه عضواً من خارج حلف الناتو، صعَّدت الجزائر حملة قوية ضد هذه الاتفاقات، وكان سبب الحملة والمقصود منها أمرين: إعطاء تونس ذريعة لتتمكن من رفض بعض المطالب الأمريكية التي تعتبر خطراً على نفوذ أوروبا "بريطانيا" بحجة عدم الصدام مع الجوار، والأمر الآخر توجيه رسالة قوية لأمريكا أن الجزائر لا ترضى عن بريطانيا بديلاً، وأنها لن تقبل بالنفوذ الأمريكي وبخاصة إنشاء القواعد...

 

 والثاني المساعدات الاقتصادية والمؤسسات الدولية التابعة، وكان من محاولات أمريكا في إنشاء القواعد القرار الذي اتخذه جورج بوش الابن بإنشاء قيادة عسكرية أمريكية في أفريقيا "أفريكوم" (في 2007/2/6م أعلن الرئيس بوش ووزير الدفاع روبرت غيتس إنشاء قيادة الولايات المتحدة لأفريقيا).

 

رابعا: وحتى تستطيع بريطانيا مقاومة التدخل الأمريكي خاصة بعد أحداث الفوضى في ليبيا ومالي وتحريك بعض الخلايا النائمة في الداخل ومحاولة إيجاد موطئ قدم كان لا بد لبريطانيا من تنظيف وكنس الوجود الفرنسي هناك وإيجاد طبقة وقوى جديدة في الجزائر خالصة التبعية لبريطانيا لتقف في مواجهة الخطر الحقيقي الأمريكي، وتمدد الفترات للرئيس وتعمل من خلاله من أجل وجود وسط وقوى في الحكم تقف في وجه المستعمر الجديد خاصة بعد خلو الساحة من وجود رجل قوي مثل الرئيس الحالي برغم حالته الصحية وغيابه عن المشهد، ومن هنا تستطيع قراءة وفهم سبب التمديد له والغموض الذي يكتنف البديل وحالات الإقالات خاصة مع اقتراب مسألة الحسم سواء لعارض الموت المفاجئ أو الاستحقاق الانتخابي والمطالبة بولاية جديدة له والعمل بصمت وغموض كبير ورهيب.

 

إن المحزن في قضايا المسلمين أن الغرب الكافر هو من يدير الحكم ويثبت ويعزل من يريد في ظل غياب الأمة عن الأحداث والتي يجب عليها أن تقف وقفة العز لأخذ سلطانها المغتصب من يد الغرب المجرم لتعود كما كانت أمة ودولة عظيمة تحقيقا لوعد الله بعودة الإسلام كنظام حكم ودولة عالمية.

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

آخر تعديل علىالأربعاء, 17 تشرين الأول/أكتوبر 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع