الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح115) الأدلة المعتبرة للأحكام الشرعية - إجماع الصحابة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح115) الأدلة المعتبرة للأحكام الشرعية - إجماع الصحابة

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "مَشرُوعُ الدُّستُورِ - نِظَامُ الحُكْمِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الرَّابِعَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 12: الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالقِيَاسُ هِيَ وَحْدَهَا الأَدِلَّةُ الـمُعتَبَرَةُ لِلأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمُسلِمُونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَهَذِهِ هي الـمَادَّةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ, وَإِلَيكُمْ أَدِلَّتَهَا مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ: 

 

  1. وَأَمَّا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ الَّذِي يُعتَبَرُ دَلِيلًا شَرعِيًّا فَهُوَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الحُكْمَ الفُلَانِيَّ هُوَ حُكْمٌ شَرعِيٌّ، أَو إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الحُكْمَ فِي الأَمْرِ الفُلَانِيِّ هُوَ كَذَا. فَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حُكْمًا مَا هُوَ حُكْمٌ شَرعِيٌّ، فَإِنَّ إِجمَاعَهُمْ هَذَا يَكُونُ دَلِيلًا شَرعيًّا. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَانِ:
  2. أَحَدُهُمَا أَنَّ اللهَ أَثْنَى عَلَيهِمْ فِي القُرآنِ بِنَصٍّ قَطْعِيِّ الثُّبُوتِ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ، قَالَ تَعَالَى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الـمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْـهُمْ وَرَضُوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ). (التوبة 100)
  3. فَهَذَا الثَّنَاءُ مِنَ اللهِ عَلَى الـمُهَاجرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ بِالهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ إِنَّمَا هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الصَّحَابَةُ, وَمَدلُولُ الآيَةِ مَحْصُورٌ بِهِمْ. وَهَذَا الثَّنَاءُ هُوَ عَلَيهِمْ جَمِيعًا، وَمَنْ يُثنِي عَلَيهِمُ اللهُ هَذَا الثَّنَاءَ يَكُونُ صِدْقُ مَا يُجْمِعُونَ عَلَيهِ أَمرًا مَقْطُوعًا بِهِ.
  4. أَمَّا الأَمْرُ الثَّانِي فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةَ عَنهُمْ قَدْ أَخَذْنَا دِينَنَا، فَهُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا إِلَينَا أَنَّ هَذَا القُرآنَ هُوَ عَينُهُ الَّذِي نَزَلَ عَلَى سَيِّدِنَا محمد. فَإِذَا تَطَرَّقَ الخَلَلُ إِلَى شَيءٍ وَاحِدٍ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَيهِ تَطَرَّقَ الخَلَلُ إِلَى القُرآنِ، أَيْ تَطَرَّقَ الخَلَلُ إِلَى الدِّينِ الَّذِي عَنهُمْ أَخَذْنَاهُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ شَرعًا.
  5. وَعَلَيهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَستَحِيلُ عَلَيهِمْ عَقْلًا أَنْ يُجمِعُوا عَلَى خَطَأٍ, بَلْ يَجُوزُ عَلَيهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ، وَلَكِنَّهُ يَستَحِيلُ عَلَيهِمْ شَرعاً أَنْ يُجمِعُوا عَلَى خَطَأٍ، إِذْ لَو جَازَ عَلَيهِمْ ذَلِكَ لَـجَازَ تَطَرُّقُ الخَلَلِ إِلَى الدِّينِ، أَيْ لـَجَازَ تَطَرُّقُ الخَلَلِ إِلَى أَنَّ هَذَا القُرآنَ هُوَ عَينُهُ الَّذِي نَزَلَ عَلَى سَيِّدِنَا محمد، وَذَلِكَ مُحَالٌ شَرعاً، فَكَانَ مُحَالاً عَلَيهِمْ أَنْ يُجمِعُوا عَلَى خَطَأٍ، وَهَذَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ دَلِيلٌ شَرعِيٌّ.
  6. وَأَيضًا فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). فَاللهُ قَدْ وَعَدَ بِحِفْظِ القُرآنِ، وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ هُوَ الَّذِي حَفِظَهُ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِجْمَاعِهِمْ فِي نَقْلِ القُرآنِ وَجَمعِهِ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ إِجْمَاعِهِمْ، إِذْ لَو جَازَ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ الخَطَأُ، لَجَازَ الخَطَأُ فِي نَقْلِ القُرآنِ، وَلَجَـازَ أَنْ لَا يَكُونَ مَحفُوظًا. وَبِمَا أَنَّ عَدَمَ حِفْظِهِ مُستَحِيلٌ بِدَلِيلِ الآيَةِ، فَتَطَرُّقُ الخَطَأِ إِلَى إِجْمَاعِهِمْ بِنَقْلِهِ وَجَمعِهِ وَحِفظِهِ مُستَحِيلٌ. وَمِنْ هُنَا كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً قَطعِيَّةً.
  7. عَلَى أَنَّ الأَمْرَ الـمُهِمَّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاضِحًا أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الحُكْمَ حُكْمٌ شَرعِيٌّ إِنَّمَا يَكشِفُ عَنْ دَلِيلٍ، يَعنِي أَنَّ هُنَاكَ دَلِيلًا شَرعِيًّا مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ r أَوْ قَولِهِ أَو سُكُوتِهِ، وَقَدْ نَقَلُوا الحُكْمَ, وَلَـمْ يَنقُلُوا الدَّلِيلَ، فَكَانَ نَقلُهُمْ لِلْحُكْمِ كَاشِفًا عَنْ أَنَّ هُنَاكَ دَلِيلًا عَلَى هَذَا الحُكْمِ، فَلَيسَ مَعنَى إِجْمَاعِهِمْ هُوَ اتِّفَاقُ آرَائِهِمُ الشَّخْصِيَّةِ عَلَى رَأْيِ وَاحِدٍ، فَإِنَّ آرَاءَهُمْ لَيسَتْ وَحْيًا، وَكُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمْ لَيسَ مَعْصُومًا عَنِ الخَطَأِ؛ فَلَا يَكُونُ رَأيُهُ دَلِيلًا شَرعِيًا.
  8. وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى رَأْيٍ دَلِيلًا شَرعِيًا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرعِيَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ بِهِ الوَحْيُ حَتَّى يُعْتَبَرَ شَرعِيًّا، وَآرَاءُ الصَّحَابَةِ لَيسَتْ كَذَلِكَ, فَلَا تُعتَبَرُ دَلِيلًا شَرعِيًّا، لَا الآرَاءُ الَّتِي اختَلَفُوا فِيهَا وَلَا الآرَاءُ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَيهَا؛ وَلِهَذَا لَيسَ مَعنَى إِجْمَاعِهِمْ هُوَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ، بَلْ مَعنَى إِجْمَاعِهِمْ هَوَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا الحُكْمَ حُكْمٌ شَرعِيٌّ، أَوْ أَنَّ حُكْمَ كَذَا هُوَ كَذَا شَرْعًا، وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ رَأيًا لَهُمْ, وَإِنَّمَا يَكُونُ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّهُ مِنَ الشَّرعِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ إِنَّمَا يَكْشِفُ عَنْ دَلِيلٍ.

00 P25 4 2018 

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 25 نيسان/ابريل 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع