الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أخذ الأنظمة الوضعية للزكاة وعدم إعطائها لمستحقيها شرعا
ليس تطبيقا للإسلام بل هو نهب باسمه

 


منذ هدم الخلافة العثمانية عام 1924م وأحكام الإسلام غائبة عن الحياة ولما تصاعدت وتيرة الصحوة الإسلامية ووجد التكتل السياسي الصحيح الذي يسعى لإقامة الخلافة الراشدة التي تطبق شرع الله وتحكم بما أنزل الله ولما أصبح المسلمون يتوقون لذلك ويتطلعون لحياة كريمة في ظلها أدرك أعداء الأمة الخطر المحدق بحضارتهم الفاسدة التي قد يتركها كثير من أصحابها غير المتعصبين لها وخاصة الباحثين لحلول صحيحة لمشاكلهم إضافة إلى أبناء المسلمين الذين اكتووا بنار الرأسمالية وقوانينها الفاسدة، فأجمع ساسة الغرب على إنتاج الإسلام المعتدل وذلك بإلباس علمانيتهم بثوب الإسلام لتطبيقها في البلدان التي ارتفعت فيها الصحوة الإسلامية فقاموا بتسويق الإسلام المعتدل في هذه البلدان وإيصاله للحكم حتى تم تنفيس المشاعر لأتباع الصحوة ثم قاموا بتدوير العلمانية بشكل وقح وسافر ومتحدٍ لمشاعر المسلمين.


إلا أن أمريكا لما نجحت في تغيير بعض الأنظمة وأتت بالأحزاب الموالية لها كما هو الحال في ليبيا واليمن اصطدمت بوسط سياسي كبير تابع للأنظمة البائدة، ففي اليمن سمحت للحوثيين بإطلاق الشعارات الرنانة لإدراكها بضعف شعبيتهم حتى بعد سيطرتهم على مقاليد الحكم وأبرزتهم على أنهم هم من يمثل الإسلام بترديد شعارهم الموت لأمريكا!! في المساجد والوقفات والمهرجانات ومختلف المناسبات وإظهار بعض الأحكام الشرعية التي تزيدهم قوة كجمع الزكاة التي يحصلون منها على أموال طائلة يستفيدون منها في تغطية نفقات مختلفة منها تغطية الجبهات بالأموال، فهم يرون ذلك جهادا في سبيل الله ومن مصارف الزكاة الجهاد في سبيل الله، لكنهم قبل جمعها قاموا بعد سيطرتهم على الحكم بإنشاء الإدارة العامة للزكاة التي تتولى جمع الزكاة في مناطق سيطرتهم، وهم يقومون بتثقيف الناس بفرضية الزكاة وأنها واجبة من خلال الخطب والمحاضرات واللافتات الكبيرة في الشوارع الرئيسية والتي مكتوب عليها آيات الزكاة، وكذلك الدورات الخاصة للعاملين عليها ثم بثهم في المجالس وغيرها لإقناع الناس بوجوب جمع الزكاة وأن الحوثيين ليسوا كالنظام السابق الذي لم يهمه أمر الزكاة، ويبرهن كثير من أتباعهم في نقاشاتهم مع الناس أن الحوثيين يقيمون الإسلام في الحياة لأنهم يجمعون الزكاة ثم يذكرون الآيات المختلفة الدالة على وجوب أخذها من الناس، وخطباؤهم والمختصون والمتحدثون يبرزون مكانة الزكاة في الإسلام، فهم قد حصروا أحكام الإسلام في الجهاد والنفقة، فالجهاد عندهم هو قتال خصومهم من المسلمين أما الكفار فليس بينهم وبين الحوثيين عداء مطلقا! وأما النفقة التي يحثون المسلمين عليها فهي الزكاة والتبرع للمجهود الحربي وإجبارهم على دفع الضرائب وهذا هو تطبيق الإسلام لديهم الذي حصروه في قتال خصومهم من المسلمين وجمع الزكاة والتبرعات، ثم يفرضون الضرائب الجائرة التي ما أنزل الله بها من سلطان.


والحقيقة هي أن الزكاة حكم واحد من ضمن الأحكام الشرعية الكثيرة التي لا يمكن تطبيقها من خلال النظام الجمهوري الوضعي بل إن تطبيق حكم الزكاة يكون مع سائر الأحكام الشرعية الأخرى في دولة الخلافة الراشدة.


فأخذ حكم الزكاة وحده وتطبيقه على المسلمين وترك سائر الأحكام إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض، وقد بين الإسلام أن هذا العمل هو من صفات بني إسرائيل، قال الله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]، فكيف بمن يأخذ الزكاة ولا يصرفها على مستحقيها المذكورين شرعاً بنص القرآن الكريم بل يسخرها لأنصاره ومجهوده الحربي في قتاله للحصول على الحكم وتطبيق العلمانية؟!


وأما أخذ الضرائب من الجميع وبشكل دائم فهو محرم وهو من المكوس التي تؤخذ بدون وجه حق، قال رسول الله e: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» رواه أحمد والدارمي.


والذي يعطي الوصف الإسلامي للنظام والدولة هو أن تكون العقيدة الإسلامية هي الأساس التي تستند الدولة عليها في كل المعالجات وتأخذ منها كل الحلول للمشاكل القائمة، أي مصدر كل الأحكام والتشريعات والسلوكيات للأفراد والدولة والمجتمع محصور فقط في الإسلام أي في الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس الذي علته شرعية، ويتمثل ذلك في دستور إسلامي خالص مستنبط من هذه المصادر ولا توجد فيه مادة واحدة مصدرها غير الإسلام، والمظاهر التي تبرهن للجميع أن الدولة إسلامية يمكن إجمالها في خمس نقاط هي:


1- أن يكون نظام الحكم هو نظام الخلافة الراشدة وليس ملكيا ولا جمهوريا ولا اتحاديا ولا أي شكل آخر من الأنظمة الوضعية الفاسدة، ويقوم نظام الحكم في الإسلام على أربع قواعد هي أ- السيادة للشرع ب- السلطان للأمة ج- نصب خليفة واحد واجب على المسلمين د- للخليفة وحدة حق تبني الأحكام التي فيها خلاف بين المجتهدين.


2- النظام الاقتصادي: يختلف النظام الاقتصادي في الإسلام عن سائر الأنظمة الاقتصادية الأخرى في الأساس الذي يبنى عليه وفي نظرته للاقتصاد وفي سياسته الاقتصادية، فأما الأساس الذي يبنى عليه النظام الاقتصادي فهي ثلاث قواعد: الملكية؛ والتصرف في الملكية وتوزيع الثروة بين الناس، وأما نظرته للاقتصاد فقد فرق بين علم الاقتصاد والنظام الاقتصادي فهو يفرق بين إنتاج الثروة وكيفية حيازتها والانتفاع بها وتوزيعها، وأما سياسته الاقتصادية فتقوم على توزيع الثروة بين الناس بحيث يضمن إشباع الحاجات الأساسية لجميع الناس وتمكينهم من إشباع الحاجات الكمالية بقدر المستطاع فلا يشبهه أي نظام اقتصادي مطلقا.


3- القضاء: القضاة في الإسلام ثلاثة؛ أحدهم القاضي وهو الذي يتولى الفصل في الخصومات بين الناس في المعاملات والعقوبات، والثاني المحتسب وهو الذي يتولى الفصل في المخالفات التي تضر حق الجماعة، والثالث قاضي المظالم وهو الذي يتولى رفع النزاع الواقع بين الناس والدولة.


4- سياسة التعليم تقوم على أساس العقيدة الإسلامية فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على هذا الأساس وغايته إيجاد الشخصية الإسلامية.


5- السياسة الخارجية: حمل الدعوة الإسلامية هو المحور الذي تدور حوله السياسة الخارجية وعلى أساسها تبنى علاقة الدولة بجميع الدول.


وعند النظر إلى مشروع الحوثيين المتمثل في الرؤية الوطنية الحديثة للدولة نجد أنها رؤية علمانية بحتة لا تمت للإسلام بصلة وهي تتناقض مع ثقافتهم التي يزعمون أنها ثقافة قرآنية والتي تركز على الناحية الفردية تناقضا كليا، والعجيب أن أتباعهم ينافحون عنها ويتباهون بها.


إن المخرج للمسلمين وفي مقدمتهم أهل اليمن هو بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحكم بالإسلام في جميع شؤون الحياة.

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شايف الشرادي – ولاية اليمن

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع