Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

حضارة الموت الأسود وتجاربها السريرية... المبضع في يد السفاح!!!

 

ما كانت البشرية أقرب إلى الفناء منها إليه اليوم، وما خبرت الموت الأسود فلسفة حياة ولا الهلاك خيارا حضاريا، حتى اتخذت الحضارة الغربية الكافرة في فلسفة علمانيتها المادية وطريقة حياتها الداروينية الاستعمارية حضارة لها.

 

فهذه المنظومة العلمانية المادية وهي تنحو في ماديتها الجافة اليابسة بالبشرية نحو الهاوية، جردت العالم من المعنى والقيم، فأصبحت كل الأمور ماديا متساوية وكل القضايا ملساء مسطحة، فلا معنى للخير والشر ولا معنى للحسن والقبح ولا معنى للعدل والظلم. وانتهت بأن لا معنى للإنسان إن هو إلا مادة. وما لهذا الوجود من معنى، إن هو إلا مادة وكفى!

 

ولما كان الخلاف والاختلاف والتنازع والصراع من طبيعة حياة البشر ومن صميم الوجود الإنساني، وفي حمأة هذه العدمية المادية وغياب أي قيمة أو معيار يمكن التحاكم إليه، حسم الغرب المادي الأمر فلسفيا وعمليا، وجعل القوة وإرادة القوة هي الآلية الوحيدة لحل النزاعات وحسم الصراعات. وهنا انتهى العالم إلى جحيم، قانونه الأعلى ومعياره الدارويني "من يملك القوة له الحق"، وهذا المعيار المادي الصلب والصامت متجرد من أي تفسير غير مادي ومن أية قيمة روحية أو أخلاقية أو إنسانية، فهو يستخدم آخر المناهج العلمية المادية التجريبية وأحدث الوسائل التكنولوجية وآخر التقنيات، فلا اعتبار معه لأية أخلاق أو عواطف أو أحاسيس.

 

وقد أثّث الغرب جحيمه الحضاري بكثير من المصطلحات الفلسفية، لحسم مادية حضارته ومعارفه وعلومه وطريقة عيشه، إن هي إلا مادة وكفى. فقد بلور الفكر العلماني المادي مصطلحات ومفردات مادية خالصة في تحليله الأخير للظاهرة الإنسانية وما يتعلق بها، وباتت من قاموسه المعرفي منذ منتصف القرن الـ19، فبرزت مصطلحات (الإنسان الطبيعي) كناية على الإنسان المادي و(المادة البشرية) و(الفائض الإنساني) و(مادة استعمالية)، وهكذا أصبح يشار للبشر، وهكذا نزع الفكر العلماني المادي لباس التكريم والتميز عن البشر، وتركه في العراء المادي ثم حوله إلى مادة استعمالية ليس لها أية قيمة مطلقة ما وراء المادة أو معيارية خلقية متجاوزة للمادة.

 

وهكذا انتهى الإنسان في التقرير الأخير للفكر العلماني المادي إلى كونه مادة صرفة، وعند التحليل الأخير فهذه المادة البشرية قابلة للتوظيف والاستعمال والاختبار والتجريب عليها، وأنتج الغرب ما أسماه (العلم المحايد) أي ذلك العلم التجريبي الأسود المتجرد من أي قيمة أو معيار للتعامل مع هذه المادة البشرية بكل حيادية، فهي وفأر التجارب وأنابيب الاختبار سواء. وأي إحساس ينتاب الإنسان أو سينتابه تجاه هذا الجحيم الحضاري، إن هو إلا مجرد إحساس ميتافيزقي غيبي لا قيمة له وهو خارج إطار التفسير المادي الطبيعي، وإن أرّقه إحساسه يعالجه ماديا بانتحاره.

 

وهنا انتهى الغرب في علمانيته المادية الكافرة الآثمة من حفر قبر البشرية بحجم الأرض التي هي عليها، وهو يسير بخطا حثيثة نحو إنهاء المشكلة الإنسانية باستئصال الإنسان وقطع نسله ودفن البشرية، ويعمل ماديا بكفاءة داروينية عالية بناء على القاعدة الداروينية (أن العالم بدأ بدون الإنسان وسينتهي بدونه) وهو عازم على تحقيقها.

 

وما التجارب السريرية على البشر إلا فصل من ذلك العلم التجريبي الأسود المحايد، وتطبيقاته الكارثية على تلك المادة الاستعمالية (الإنسان)، فمادية الغرب العمياء الصماء لا كرامة فيها لإنسان ولا فضيلة فيها لعلم، وما الإنسان فيها إلا مادة استعمالية كأي مادة يطبق عليها ذلك العلم التجريبي المحايد بتطبيق الحسابات المادية الرشيدة التي تهدف أولا وأخيرا إلى تعظيم الإنتاج وزيادة الأرباح وتقليل المصاريف وتجنب الخسائر.

 

فالتجارب على البشر فصل من ذلك العلم التجريبي الأسود لحضارة الموت الأسود وتطبيقاته على البشر، وللغرب سجل عريض وباع طويل في هكذا تجارب، بل تكاد تكون بصمة قتله وإجرامه، ما ترك تجربة سوداء إلا وأجراها: التجارب الكيميائية والبيولوجية لدراسة عدوى البشر بالأمراض القاتلة والمنهكة، التجارب الإشعاعية وحقن وتعريض البشر لمواد مشعة لدراسة آثارها، التجارب الجراحية، تجارب التعذيب الجسدي والنفسي، تجارب على مواد مسببة للهلوسة وشل الإحساس، تجارب على العقاقير والمضادات واللقاحات ومنتجات شركات الأدوية وشركات الأجهزة الطبية والتقنيات الحيوية...

وقد أجريت هذه التجارب والاختبارات على الأطفال والنساء والمرضى والمعاقين ذهنيا والفقراء. وغلفت بستار العلم الأسود والعلاج الطبي، وكان جل الخاضعين للتجارب من الفقراء والعرقيات الصغيرة وشعوب البلاد المصنفة غربيا بالعالم الثالث.

 

وتاريخ العلم الأسود الغربي في وحشيته وإجرامه هو ترجمان حضارة الموت الأسود الغربية: على مدار الأربعينات من القرن الـ19 أجرى الأمريكي ماريون سيمز الموصوف غربيا بأبي طب النساء، تجارب على نساء أفريقيات مستعبدات، أجريت على إحداهن 30 عملية جراحية تجريبية، توفين كلهن من العدوى الناتجة عن التجارب. (Father of gynecology)

 

في عام 1908 قام ثلاثة باحثين في فيلادلفيا بتجارب على أطفال بدار للأيتام بإصابتهم بالسلين، ما سبب العمى الدائم لبعضهم وإصابات مؤلمة والتهاب العينين للآخرين، وأشار الباحثون للأطفال في بحثهم بعبارة "المواد المستخدمة". (The child Routledge 1992)

 

ومن عام 1913 إلى عام 1951 قام كبير الجراحين ليو ستانلي في سجن سان كونتين بكاليفورنيا بالعديد من التجارب على السجناء، انطوت على زرع الخصية للسجناء من خصي الأكباش والماعز والخنازير البرية، لتحسين النسل والتعقيم القسري ومنع غير الأكفاء من التكاثر. (Historical review may 2009 n78)

 

ومن التجارب التجربة السريرية للزهري والتي أجريت ما بين عام 1932 وعام 1972 بواسطة دائرة الصحة العامة الأمريكية على 400 رجل أسود من فقراء أمريكا المصابين بمرض الزهري، ولم تخبرهم الدائرة بمرضهم ولم يعطوا أي علاج، بل كانت التجربة في عدم علاجهم لدراسة نتائج آثار مرض الزهري، وفي نهاية الدراسة عام 1972 توفي معظمهم من المضاعفات المتعلقة بالمرض وأصيبت 40 من زوجاتهم و19 من أطفالهم ولدوا مصابين بالزهري الخلقي. (Syphilis Experiment 2010)

 

في الستينات اختبر الباحثون في مركز لورل للأطفال أدوية تجريبية لعلاج "حب الشباب" واستمروا في تجاربهم حتى بعد إصابة نصف الأطفال بتلف حاد في الكبد بسبب الأدوية التجريبية. وفي سلسلة الدراسات التي نشرت في مجلة طب الأطفال، باحثون في جامعة كاليفورنيا أجروا تجارب على 113 طفلاً حديثي الولادة تتراوح أعمارهم من ساعة واحدة إلى ثلاثة أيام. (Goliszek 2003)

 

التجارب النووية الفرنسية التي أجرتها فرنسا بواحة رقان الآهلة بالسكان بصحراء الجزائر، وتم تعريض الأسرى المجاهدين للإشعاعات النووية لدراسة آثارها، وطال الغبار النووي أرجاء واسعة من منطقة الساحل الأفريقي وصولا إلى أفريقيا الغربية والوسطى، وغزت المنطقة الأمراض السرطانية مثل سرطان المعدة والكبد والقصبة الهوائية والدم والجلد والغدة الدرقية والثدي والمخ والمثانة وغيرها، وتعرض الرضع للوفاة المبكرة والأجنة للتشوهات الخلقية الحادة كالولادة بعين واحدة أو رأس كبيرة مملوءة بالماء، وتصحرت الأراضي وانقرضت الزواحف. وصرح باحثون في الهندسة النووية أن الآثار ستستمر لآلاف السنين، لأن أغلب المواد المستخدمة في التجارب الفرنسية النووية من البلوتنيوم شديد الإشعاع، وحسب الباحث الفرنسي المختص في التجارب النووية الفرنسي برينو بارلو فقد تم استخدام 42 ألفاً من أهل الجزائر كفئران تجارب. وكذلك تجارب الأمريكان لليورانيوم المنضب على أهالي الفلوجة بالعراق وآثاره المأساوية.

 

ومن التجارب كذلك التجارب السريرية التي أجراها الجيش الأمريكي على أطفال تونس عام 2002، بعد إصابة جنوده إبان احتلال العراق باللشمانيا، قام حينها معهد "والتر ريد" للأبحاث العسكرية الأمريكية بإجراء تجارب ميدانية في محافظة سيدي بوزيد بتونس، وبدأت التجارب بشكل مكثف تحت إشراف معهد باستور الفرنسي لصالح الجيش الأمريكي وتواطؤ من حكام تونس الأنذال، واستمرت التجارب إلى حدود عام 2014 دون الكشف عن نتائجها الكارثية.

 

ومن أبرز الدول الوظيفية التي فتحت أبوابها لهكذا إجرام في حق شعوبها مصر والأردن وتونس والمغرب، وتعتبر مصر ثاني دولة أفريقية تستضيف التجارب السريرية في غفلة من أهلها واستغلالا لفقرهم وعوزهم، ومنها التجارب السريرية لأدوية السرطان، وتمارس شركتا الأدوية السويسرية "روش" و"نوفاريتس" نشاطا مكثفا بمصر مع تواطؤ تام لحكام مصر الأنذال.

 

وفي تقرير لمجلة "ساينتفيك أمريكان" جاء فيه إن شركات الأدوية الكبرى هي التي حولت سكان ومواطني القارة الأفريقية إلى فئران تجارب لأدويتهم الجديدة، التي يتحور معظمها فتتولد منها أمراض جديدة غريبة تصبح فيما بعد أوبئة. وكشفت مجلة "نيتشر كوميونيكشنز" العلمية، أن تحور معظم تلك الأمراض في أفريقيا يحولها إلى أوبئة ويجعلها فتاكة وقاتلة، ومن أبرز الأوبئة التي ظهرت في القارة الأفريقية: الكوليرا والجدري والحمى الصفراء والسل والإنفلونزا التي تحورت كثيرا وظهر منها إنفلونزا الطيور والخنازير، ثم أوبئة أخرى كالإيبولا والملاريا والزهري والحصبة والإيدز.

 

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا مطولا عنونته "فضيحة شركات الأدوية الكبرى في المجتمعات الفقيرة" وأشار التقرير أنه تم تشييد مصانع تلك الشركات في المناطق الأكثر فقرا، في أحياء مومباي المكتظة بفقراء الهند ودول أفريقيا الأكثر فقرا. ونقلت الصحيفة عن مدير لإحدى الجمعيات التي تدير تجارب سريرية قوله: "جنوب أفريقيا بلد رائع للإيدز"، وفعلا تم تحويل جنوب أفريقيا لحقل تجارب وساكنة أحيائها الفقيرة لفئران تجارب، حتى تحولت جنوب أفريقيا لبلد موبوءة بالإيدز.

 

ما كان هذا العلم التجريبي الأسود إلا منتجا خالصا لحضارة الموت الأسود العلمانية المادية الغربية، وكانت تجارب واختبارات إجرامه وتوحشه تتم في دهاليز وأقبية وبعلم الساسة وفي سرية وتعمية عن الجماهير وخلف ستار قانوني حقير لا يسمن ولا يغني من حساب. جاء في وثيقة سرية للجنة الطاقة الأمريكية بتاريخ 17 نيسان/أبريل 1947 بعنوان التجارب الطبية على البشر ذكرت: "من المرغوب فيه عدم إصدار أي وثيقة تشير إلى التجارب على البشر والتي قد تؤدي إلى نتيجة عكسية على الرأي العام أو تؤدي إلى مقاضاة قانونية. الوثائق التي تغطي مثل هذه الأعمال الميدانية يجب أن تصنف كوثائق سرية". (Goliszek 2003)

 

ثم كانت كورونا، الزمن الفرصة واللحظة الميكافيلية المثالية للمنظومة العلمانية المادية، فكورونا هي لحظة الصدمة الكبرى، هي لحظة الصعق السياسي بامتياز لتمرير الأحكام الصاعقة وتغليف مزيد من الظلم بالطوارئ. فكورونا هي الفرصة الذريعة لحالة الطوارئ وقوانين الطوارئ والأحكام الاستثنائية، كورونا هي اللحظة الميكافيلية التي تتجرد فيها المنظومة من أستارها وأغلفتها وأقنعتها، وهي اللحظة الميكافيلية لحيتان المال لتحسين وترشيد نهبهم تحت ذريعة الأزمة والطوارئ، كورونا هي اللحظة الميكافيلية لتشديد القبضة الأمنية وتقنين القمع وترشيد إرهاب الدولة، كورونا هي اللحظة الميكافيلية المثالية لتصبح طوارئ اليوم عاديات الغد، والأحكام الاستثنائية قواعد قانونية وأحكاما سارية المفعول بعد حين، كورونا هي اللحظة الميكافيلية المثالية لتسخير الوسائل كلها خدمة لغاية الغايات للعلمانية الربح أولا وأخيرا.

 

كورونا هي اللحظة الميكافيلية المثالية لرفع كل القيود والشروط عن التجارب السريرية، ولحيتان المال واحتكارات الأدوية، الأرض كلها مختبر وحقل تجارب، ودودها البشري فئران تجارب تجرب عليه قدر ما تشاء، ليهلك من هلك قربانا للوثن العلماني المادي وربا لأرباح سدنته وكهنته. لذا أوكل السدنة الأوغاد إلى مجمعهم لنشر الأمراض والأوبئة المسمى زورا وبهتانا منظمة الصحة العالمية، تعاليم الكهنوت العلماني المادي الجديد في تعميم التجارب السريرية وإخراجها للعلن، فكانت تجربة "التضامن" السريرية لعلاجات كوفيد 19، باختبار أربعة عقاقير "الهيدروكسين" و"الكلوروكين" و"اللوبينافير/ رينونافير" مع إمكان إضافة عقاقير أخرى حسب ما تمليه مصلحة شركات الأدوية وتوابعها، بدأت التجارب السريرية على 5500 شخص من 21 بلداً من بين 39 بلدا انخرط في التجارب السريرية، وإجمالا انضم إلى تجربة "التضامن" وسعى للانضمام 100 بلد، وتقوم المنظمة حسب البرتوكول الأساسي للتجربة بشحن العقاقير المستخدمة في التجربة للبلد المعني بها، وتقدم المنظمة الأموال للدول المعنية بالتجارب السريرية عن طريق تبرعات عدد من شركات تصنيع الأدوية والأجهزة الطبية والتقنيات الحيوية (الأموال المسخرة لارتكاب الجريمة أضفوا عليها قداسة الفضيلة فأسموها تبرعات، وبات السفاح المجرم محسنا متصدقا).

 

كما صاحبت تجربة "التضامن" التجربة الأوروبية "ديسكوفري" التي أطلقت في الشهر نفسه آذار/مارس 2020، وتعمل كذلك على العقاقير الأربعة، فشلت التجربة بسبب العدد القليل جدا للمتطوعين للتجربة ولم يبق سوى دولتين منخرطتين في تجربة ديسكوفري وهما فرنسا ولوكسمبورغ، واستمرت فرنسا في التجارب السريرية وكعادتها حولت حقل التجارب إلى الخارج الأوروبي وتكفل ذراعها في الخارج معهد باستور والشركة الفرنسية الأخطبوط للوصفات الطبية "سانوفي" القيام بالتجارب السريرية، ذكرت المجلة الفرنسية "علوم المستقبل" في مقال لها عن كوفيد-19 بتاريخ 2020/03/12 أن أهم المراكز البحثية الفرنسية المنخرطة في الاختبارات: المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي والمعهد الفرنسي لبحوث الطب الحيوي ومعهد باستور، علما أن هذا الأخير له شراكة مع شركة سانوفي الفرنسية، وهذا ما يدفعنا للحديث عن الحالة المغربية، وهي حالة نموذجية في انخراط الدول الوظيفية في مشاريع الإجرام الغربية وتواطؤها مع السفاح الغربي ضد شعوبها.

 

انخرط المغرب في التجارب السريرية للعقاقير الأربعة واعتمد البرتوكول أواخر آذار/مارس، أي مباشرة بعد إعلان تجربتي "التضامن" و"ديسكوفري"، حيث أصدر وزير الصحة المغربي آيت الطالب منشورا رقم 022 بتاريخ 23 آذار/مارس 2020 أعلن فيه رسميا السماح لكافة المستشفيات بالمغرب بالشروع في استخدام عقاقير "الكلوروكين" و"هيدروكسي كلوروكين" (أخبارنا المغربية 2020/05/29). وصرحت مسؤولة بوزارة الصحة حينها أن الدواء متوفر وتم توزيعه على جميع المراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية، وشددت على أنه تم وضع شروط لاستعمال الدواء وفق "برتوكول صحي".

 

وتم توفير كل الكميات لعقاقير الاختبار من مخازن فرع شركة سانوفي الفرنسية بمدينة البيضاء المغربية. (صحيفة "لإيكو" الفرنسية 2020/03/22).

 

كما أن البرتوكول الذي تم إقراره من طرف لجنة وزارة الصحة المغربية في اجتماع 20 آذار/مارس هو نفس البرتوكول المعتمد من طرف الفرنسي ديديي راوول. ("لكوتديين" 2020/03/26). علما أن بروتوكول الفرنسي ديديي راوول هو الذي تم اعتماده في التجربة الأوروبية السريرية "ديسكوفري" خصيصا للشق الفرنسي من التجارب السريرية. (صحيفة "لإيكو" الفرنسية 22 آذار/مارس 2020).

 

مما يطرح سؤالا طويلا عريضا: هل بات المغرب الحقل الخلفي للتجارب السريرية الأوروبية وتحديدا الفرنسية منها؟!

 

وأضافت مديرة مديرية الصحة فيما بعد أن جميع المرضى الذين يستعملون هذا الدواء بإمكانهم الحصول عليه مجانا من الصيدليات الجهوية والإقليمية التابعة لوزارة الصحة. وطبقا لوثيقة صادرة عن وزير الصحة تم إحداث لائحة بأسماء المرضى الذين سيتم تسليمه إياهم. كما أن عضوا باللجنة التقنية والعلمية بوزارة الصحة المغربية صرح أنه طبقا للبرتوكول المعتمد يتم تقديم العقاقير في بداية الإصابة وقبل الوصول إلى غرف الإنعاش وأنه يتم تتبع حالة المرضى عبر دراسة يقوم بها المركز الوطني للتسممات من خلال مراقبة الأعراض الجانبية للأدوية المجربة، وأضاف فالمركز واكب تداوي المرضى منذ البداية ويتوصل بجميع الأعراض الجانبية التي تظهر. (أي تتبع مجريات التجارب السريرية ورفع التقارير). ("أخبارنا المغربية" 2020/05/29).

 

كما صرح رئيس مراكز احتواء الأمراض والوقاية منها في أفريقيا جون كينجاسونجن أن المغرب وليبيريا وسيراليون وزامبيا وزيمبابوي والكاميرون ونيجيريا هي أول مجموعة من الدول التي ستقوم بتجارب سريرية على الأجسام المضادة لكوفيد 19. ("الحدث برس" 2020/08/13).

 

وأخيرا أعلن وزير الصحة المغربي في سفور تام وفجور مدو يوم الاثنين 17 آب/أغسطس 2020 أن المغرب سيشارك في التجارب السريرية للقاحات المضادة لفيروس كوفيد 19. وهي تجارب تتطلب أعدادا كبيرة من الناس لإجراء التجارب عليهم، جاء على الموقع الرسمي للمملكة المغربية "ماروك. م أ" في نسختها الفرنسية بتاريخ 2020/08/17 تعبيرا دقيقا لطبيعة التجارب تحت مصطلح تجارب سريرية متعددة المراكز (معنى تعدد المراكز أن التجربة تتم في أماكن متعددة مع اعتبارات الموقع الجغرافي والمناخ والأعراق حتى يمكن دراسة أكبر عينة). فحسب مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء أن الأعداد الأولية تتراوح بين 40 ألفا و50 ألف شخص.

 

كما وقع المغرب يوم الخميس 20 آب/أغسطس 2020 اتفاقيتي شراكة مع المختبر الصيني "سينوفارم" لإجراء تجارب سريرية على لقاحات صينية لكوفيد 19، وصرح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن "تمهيد الطريق لحضور استراتيجي لمختبر سينوفارم بالمغرب" وأضاف: "حيث قررنا بالفعل أن نقوم معا بالتجارب السريرية للقاح في سابقة من تاريخ المغرب".

 

والسابقة في التاريخ المغربي حقا أن يتم تحويل بلد بأكمله لحقل تجارب واختبارات لكل من هب ودب، وأربعين مليونا من ساكنته لفئران تجارب، فلكل لقاح آلاف من الفئران البشرية أي لمجموع اللقاحات وزمن التجارب عشرات الآلاف من الفئران البشرية، ما يطرح سؤالا حول الارتفاع المريب للمصابين بالمغرب في الآونة الأخيرة.

 

فالحالة المغربية هي النموذج الصارخ الفاضح للدولة الوظيفية واستعدادها التام لتحويل بلد لحقل تجارب وأبنائه لفئران تجارب سريرية للقاحات تولد أعراضها الجانبية أمراضا غريبة جديدة تنتشر وتتحور في تعمية آثمة وجهل تام من أهله، فيتحول البلد إلى مستنقع أمراض وأوبئة وحصاد للموت الأسود.

 

ما كانت التجارب السريرية الا سفرا من أسفار القتل لحضارة الموت الأسود الغربية، ففي داروينيتها واستعمارها تضخمت أطماع مترفيها ورأسمالييها فكبرت مطامعهم والأرض لا تكبر، ومائدة الطبيعة لا تتسع لغيرهم وبطن الواحد منهم بملايين بطون الفقراء، وما كان ليكون إلا ببتر كل الأيدي والإبقاء على أيدي أساطين المال والسياسة، كأنهم وحدهم أيدي الدنيا تأخذ بهم ما هي آخذة، بينما سواد الناس مسخّر لمعيشة ضنك وعيش بئيس، لمترفيها ورأسمالييها القناطير المقنطرة قسمة ضيزى، وللفقير البائس أن يعطيهم دمه بخبزه ويشتري منهم موته بعيشه، حتى أضحت حياتهم في موته وغناهم في فقره، فما كان سمنهم إلا من لحوم الفقراء بل من دمائهم وعظامهم.

 

وما اكتفوا في جشعهم وتوحشهم حتى قرروا داروينيا ومالتوسيا التخلص من هذا الفائض البشري، فعولموا بروتوكول التجارب السريرية وجعلوه قانونا علمانيا ماديا خالصا للقتل والإبادة، واستغرق قانونهم الصغير والكبير بل نفذ إلى الأجنة في بطون أمهاتهم إجهاضا، وبات قانونهم ميزانا للموت لا تستقيم كفّتاه إلا أن يعدل كل حي أربعة موتى أو يزيد!

 

ما كانت حضارة الغرب الكافرة القاتلة إلا حضارة على المجاز، فمن معاني الحضارة مجموع المفاهيم عن الحياة وطرائق العيش والاجتماع البشري، وما في حضارة الغرب الكافرة من هذه المعاني مثقال قطمير، وما في حضارة الغرب إلا القتل والحرب والإبادة وما في حكمهم، وما كان اجتماع أهلها إلا تطاحنا وتكالبا وتنافر وحش، وما أشقاه وأشأمه من اجتماع بشري أن يجتمع ساخط حاقد في بؤسه على من اغتنى من بؤسه!

 

هو الجحيم الأرضي لا غرو، هو الطاغوت الحضاري، هو الكفر الخالص تمثل وثنا علمانيا ماديا، هو الشيطان الرجيم قد تجلى للبشرية غربا، هو الوعد الوعيد الرباني ساقه الغرب للبشرية فرأته عين اليقين، قال جل في علاه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾.

 

يا لعظيم رزيتنا وهول مصيبتنا بغياب إسلامنا وفقد إمامنا الجنة، ما عشنا نكبا ولا تقاذفتنا صروف الخطوب كزماننا هذا، استخلفنا ضياعا بين أيدي حكام شرار لئام من ورائهم كافر مستعمر لا يرقب فينا إلا ولا ذمة، حتى ضاع الضياع من ضياعنا.

 

والله الذي رفع السماء بلا عمد ليس لها من دون الله كاشفة، فما أبقت لكم حضارة الموت الأسود من خيار، فإما إسلامكم العظيم أو الهلاك والخسران المبين، فالبدار البدار والجد الجد لاستئناف حياتكم الإسلامية ببيعة إمامكم الجنة، وإقامة تاج فروض إسلامكم العظيم خلافة راشدة على منهاج النبوة يحكم فيها بشرع ربكم ويستقيم فيها عيشكم وترد لكم حقوقكم وتحمى بيضتكم وتعز أنفسكم ويهاب جانبكم ويذل عدوكم ويقطع دابره، وتكونون أهلا لتكريم ربكم ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، وتنالون رضا الله وذلك هو الفوز العظيم، فلنور الله ندعوكم فاستجيبوا وأجيبوا ففي ذلك خلاصكم.

 

﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.