الخميس، 09 شوال 1445هـ| 2024/04/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

رفع الحظر على القيادة ليس انتصاراً للمرأة السعودية


(مترجم)

 


"خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال حقوق المرأة" و"يوم تاريخي" و"لحظة تاريخية" و"نقطة تحول في البلاد"... هذه هي التصريحات التي أدلى بها العديد من الناشطين في وسائل الإعلام والناشطين في مجال حقوق المرأة لوصف رفع النظام السعودي حظر قيادة السيارة على النساء في البلاد. وقد تم تكريم الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد بن سلمان بالثناء على الصعيدين المحلي والدولي من أجل "هذه الخطوة التاريخية" لتحسين حقوق المرأة في المملكة على ما يبدو. لقد تم الاحتفال كما لو كان هذا الأمر هدية للمرأة!


أحقا ذلك؟؟؟!!! إلى أي درجة انخفضت توقعاتنا حيث أصبحت المرأة خاضعة لهذه الأنظمة الاستبدادية، حيث يلقون ببعض الفتات في طريقنا مما يملؤنا بالفرح والاحتفال، وحتى الشعور بالامتنان والإعجاب أو الاحترام تجاه هذه الديكتاتوريات التي قمعتنا بوحشية لعقود وما زالت.


هل نسينا أن هذا النظام ذو ملكية مطلقة، حيث يمكنه انتزاع حقوق النساء والرجال على السواء بأسرع ما يمكن، استنادا إلى نزوة الملك أو الأمير في السلطة في ذلك الوقت؟ هل نسينا أن النساء ليس لديهن صوت سياسي في ظل هذه الديكتاتورية ويعانين من الاعتقال والسجن لمجرد انتقاد السياسات الاستبدادية لهؤلاء الحكام غير الشرعيين المقيمين في الغرب؟ هل نسينا أن هذا هو النظام الذي اغتصب ثروات الأرض للاستمتاع بأنماط الحياة الفخمة، في حين زاد الفقر بين السكان؟ ولكن الأهم من ذلك، هل نسينا أن هذه ديكتاتورية قد سفكت دماء الآلاف من المسلمين في العراق وسوريا، وهي المسؤولة عن المجاعات والإبادة الجماعية للنساء والأطفال في اليمن؟ كل هذا بالإضافة للقوانين غير الإسلامية الصارمة التي تتعرض لها النساء في البلاد، مثل وضع حد سخيف للسن من 30-55 عاماً على النساء المسلمات السعوديات اللواتي يرغبن في الزواج من مسلمين غير سعوديين وإرغامهن على طلب الإذن من الدولة لمتابعة الزواج. هذا بالإضافة إلى حرمانهن من حقهن في منح الجنسية السعودية لأطفالهن، ومنع النساء المسلمات المغتربات من باكستان وبنغلاديش وميانمار وتشاد من الزواج من السعوديين.


بالتأكيد يجب أن ندرك أن هذا النظام الملكي المطلق الاستبدادي الذي يتنكر بكونه دولة إسلامية، ليس لديه أي اهتمام حقيقي برفاهية المرأة وليس لديه ذرة إيثار عند منحها حقوقها. بل تكون هذه الأعمال دائما لتحقيق مصالح شخصية ولها دوافع خفية، وبشكل أساسي تهدف لتعزيز حكمهم وإطالة قبضتهم على السلطة. والواقع أن رفع هذا الحظر ليس سوى حيلة متعلقة بالعلاقات العامة الرخيصة من جانب نظام ضعيف يكابد يائساً لتحسين صورته على المسرح العالمي ويسعى لاسترضاء نقاده الليبراليين في الغرب. إنها محاولة ضعيفة لتقديم أداء رخيص لحرف الانتباه عن الظلم الذي ما تزال تعاني منه النساء في البلاد، وعن فشل النظام السياسي والاقتصادي وعن الوحشية في البلاد المجاورة. وذلك يشبه اللفتة الفارغة التي تسمح للمرأة بالتصويت في مجالس البلديات التي لا طائل منها، أو أن تكون جزءا من مجلس شورى غير منتخب وضعيف، وكلاهما لا يمنح سلطة الشروع في أي تغيير حقيقي في حياة المرأة، ولا ما تسمى بـ"الامتيازات" يمكن أن تفعل أي شيء لتحسين الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة في البلد من حيث القيمة الحقيقية. هذه الإصلاحات السخيفة هي مجرد تجميل لتحريف الحقائق لخلق جو من "الحداثة" أو "التقدم" في التعامل مع المرأة، في حين إن الواقع هو أن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة!


وبدلاً من الإشادة بهذا المرسوم الجديد باعتباره نوعاً من الانتصار لحقوق المرأة في البلاد، وإظهار الحكام السعوديين والثناء غير المبرر عليهم... يجب أن نتأمل بالتأكيد أن هذا الحق للمرأة في القيادة، والذي يسمح به الإسلام، لم يكن لهم الحق في سلبه في ابتداء! ومن المؤكد أننا نطرح السؤال... من الذي أعطى هذا النظام غير الشرعي الذي يتبع الغرب الحق في أن يقرر ما إذا كان سيمنح أو يحظر الحقوق التي يضمنها الإسلام بالفعل للنساء أو الرجال؟ في الواقع، ما هي الشرعية التي يملكها هؤلاء الحكام المعيّنون من الأجانب، للبت في أي مسألة تتعلق بهذه الأمة؟


وعلاوة على ذلك، ألم نكن هنا قبل...!! الديكتاتوريون يستخدمون حقوق المرأة كستار من أجل تحقيق أجندات سياسية... وبشكل أساسي لحشد الدعم من العناصر العلمانية الليبرالية من حكوماتها العامة والغربية لتعزيز قبضتهم على السلطة والحفاظ على أنظمتهم، وكذلك لإخفاء الطبيعة الحقيقية لأنظمتهم العلمانية القمعية! وقد كتب (ماداوي الرشيد) وهو أستاذ زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، في مقال نشرته صحيفة الجارديان بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر "إن الأنظمة الاستبدادية اليوم ستفوز بمزيد من الثناء حيث يبدو أنها تحرر النساء المسلمات من قمع الإسلام. السعودية ليست استثناءً... إنهم يعتبرون أنفسهم محررين لهذه النساء المضطهدة في حين يتم إظهار المجتمع بأنه مضطهِدهن. وعلى وجه الخصوص وفي الآونة الأخيرة تم وصف الإسلام والشريعة الإسلامية أنهما سبب معاناة المرأة".


حاول الدكتاتوريون في تونس مثل بورقيبة وبن علي تقديم أنفسهم كأبطال للنساء من خلال الدفاع عن المفهوم الغربي للمساواة بين الجنسين، ومن خلال العلمانية وتحرير القوانين الاجتماعية الإسلامية المتعلقة بالمرأة والحياة الأسرية، على سبيل المثال عن طريق إلغاء تعدد الزوجات، وإضفاء الشرعية على الإجهاض، ومهاجمة مفهوم ولاية الرجل. وفي الوقت نفسه، تعرضت آلاف الناشطات اللواتي تحدثن ضد السياسات القمعية للنظام للمضايقات والترصد والتخويف وحملات التشهير وتدمير الممتلكات والاعتداء الجنسي والإقامة الجبرية والاحتجاز التعسفي والسجن والاعتداء الجسدي، بما في ذلك التعذيب الذي ارتكبته السلطات التونسية. هذا إلى جانب منع النساء من ارتداء الحجاب في المدارس والمباني الحكومية ومضايقة النساء اللواتي يرتدين اللباس الإسلامي في الشوارع والأسواق. وكان الأمر مماثلاً لما فعله الدكتاتور المصري حسني مبارك الذي تنكر بكونه بطل حقوق المرأة في الوقت الذي تعرضت حياة ملايين النساء للفقر في ظل نظامه الرأسمالي الفاشل وسياساته وسرقته لثروة الشعب، وكذلك إسكاته للصوت السياسي لمن يعارضون حكمه القمعي من خلال المضايقات والاحتجاز والسجن.


وبالمثل، فإن رفع النظام السعودي حظر القيادة على النساء ليس متعلقاً بالتطور المفاجئ في حقوق المرأة من قبل مجلس آل سعود. لا، بل الهدف بعيد عن ذلك! فبدلا من ذلك هناك أجندات سياسية واقتصادية في اللعبة. ففي نيسان/أبريل 2016 أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مشروع "رؤية 2030" للنظام السعودي - وهي مبادرة تنطوي على مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية بما في ذلك الحد من اعتماد الدولة على النفط، وزيادة التوسع في القطاع الخاص غير النفطي والتنمية في المناطق مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة. ويهدف هذا البرنامج إلى محاولة إنقاذ الاقتصاد المتضرر الذي تأثر بشدة خلال انخفاض أسعار النفط العالمية، فالفقر يزداد في الدولة، ويبلغ معدل البطالة بين الشباب الآن 30٪، بالإضافة إلى تراجع عملة الاحتياطي الأجنبي بسرعة (وقد حذر صندوق النقد الدولي من أن السعودية لن يكون لديها المزيد من العملة الاحتياطية الأجنبية خلال 5 سنوات)، بل إن بعض المحللين صرحوا بأن هناك خطر الإفلاس المالي. في الواقع، ذكرت المجلة الإخبارية "The Week" في نيسان/أبريل 2016 أن السعودية قد تواجه اضطرابات وفوضى اجتماعية في وقت قريب بسبب تدهور الوضع المالي، مشيرةً إلى أنه "بدون النفط فإن الدولة السعودية ليس لديها إلا القليل من الممتلكات" الوضع سيصبح سيئاً!


إن مشروع "رؤية 2030" والتي وصفها العديد من المعلقين بأنها غير ممكنة في أحسن الأحوال وخيال في أسوأ الأحوال، ويتطلب تحقيقه زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل. ويشير المشروع إلى هدفه المتمثل في زيادة عمالة الإناث من 27 في المائة إلى 30 في المائة بحلول عام 2030، الأمر الذي يتطلب توفير حرية تنقلهن داخل المجتمع. وبالتالي، فإن رفع الحظر على القيادة يخفض من القلق بشأن حقوق المرأة، ويعتبر محاولة يائسة لنمو اقتصاد منحدر بزيادة عدد العاملات!


وباعتبارنا نساء مسلمات، ينبغي ألا نرضى بالإصلاحات السياسية والمجتمعية الصغيرة، أو سراب التغيير السياسي، أو فتات الحقوق التي يلقونها لنا من قبل الحكام والأنظمة الاستبدادية لمحاولة استرضاء رغبتنا في إحداث تغيير حقيقي في أراضينا. إن الله أقر لنا من الحقوق أكثر من ذلك بكثير!


إن انتصارنا الحقيقي سيكون بتخليص أنفسنا بشكل كامل وإلى الأبد من هذه الأنظمة الاستبدادية التي تخدم المصالح الشخصية، وإقامة دولة تحترم وتقدر حقا مركزنا كنساء وحقوقنا التي قررها الله سبحانه وتعالى، والمذكورة في القرآن الكريم والسنة. دولة مسؤولة تماما وتجسد سيادة الشرع كمبدأ أساسي للحكم حيث لا يمكن للحاكم منح أو تجاهل الحقوق التي منحها الله للناس جراء نزوة. وهي دولة يتم فيها تشجيع النساء على التعبير عن صوتهن السياسي وانتخاب ومحاسبة من يحكمهن، وحيث يمكن لهن التحدث علانية ضد أي انتهاك لحقوقهن دون خوف. دولة تضمن كل الحقوق السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية التي عرفها ديننا، فالنبي e قد حكم بذلك في المجتمع قبل 1400 سنة باعتباره رئيسا للدولة، بطريقة تفوق تلك الواردة في كافة نواحي الحياة والنظم. وهي الدولة التي ستكون الدرع الحامي للمسلمة ودمها وشرفها وممتلكاتها وجميع حقوقها كلما انتهكت. هذه الدولة ليست سوى الخلافة على منهاج النبوة التي هي القيادة الإسلامية الحقيقية التي حددها الله سبحانه.


لذلك أيتها النساء المسلمات، إذا كنا نريد حقا شيئا يبهجنا ونحتفل به، دعونا نضع جهودنا الكاملة في إقامة هذه الدولة المجيدة فورا، بدلا من أن يغرينا الفتات القليل! فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَأَنِ ٱحكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم وَٱحذَرهُم أَن يَفتِنُوكَ عَن بَعضِ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيكَ﴾ [المائدة: 49]

 

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


د.نسرين نواز


مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

1 تعليق

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 04 تشرين الأول/أكتوبر 2017م 01:04 تعليق

    لاتلفيقاتكم ولاترقيعاتكم تنفع لستر سوءاتكم .قرب اجلكم مهما حاولتم مد انفاسكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع