السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

لا أهلاً ولا سهلاً ببومبيو

 

يبدأ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارة رسمية للسودان يوم الثلاثاء 2020/8/25م وهي الأولى من نوعها منذ 16 عاما، وتعقب المباحثات التي أجراها في كيان يهود الغاصب الاثنين الذي قبله، كما تسبق زيارته إلى البحرين محطته الثالثة في جولته بالمنطقة التي تشمل الإمارات أيضا.

 

وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) إن بومبيو سيجري مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك "تتعلق بدعم أمريكا للانتقال الديمقراطي في السودان وموضوع العلاقات مع (إسرائيل)"، وهذا الوضوح وفّر كثيراً من الجهد الذي كان يبذل في تمليك الأمة حقيقة علاقة العداء المفتعلة المزيفة أيام حكم البشير.

 

وأضافت الوكالة أنه "من المتوقع أن تناقش المباحثات تسريع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بجانب دعم أمريكا للسلام في السودان"، وهذه نغمة قديمة لطالما استخدمتها أمريكا، فكان رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب هو تجذير له مهما خضع وتنازل، وكان السلام نتائجه فصل أرض الجنوب والدعم المزعوم هباء.

 

وتعتبر هذه الزيارة هي الأولى لوزير خارجية أمريكي منذ العام 2004م، وتأتي الزيارة في وقت يشهد تطوراً ملحوظاً في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن بعد تشكيل الحكومة المدنية في السودان التي تولت الحكم بعد سقوط نظام البشير العام الماضي والذي كان يظهر العداء والندية ويبطن الخضوع والاستسلام لسياسة أمريكا فكانت عاقبته سجن كوبر! أفلا يعقل حكامنا العبر؟!

 

إن سياسة أمريكا تجاه السودان قبل وبعد الثورة، هي سياسة استعمارية خبيثة لاستغلال الشعب وجره لحظيرتها الاستعمارية، فالحكام أصلاً في خانة المتآمرين على الأمة، وأما المساعدات الاقتصادية ورفع اسم السودان من لائحة (الإرهاب) والسلام الذي توعد به، فهو لن يصبح واقعاً يوماً، وما ذلك إلا ضمن سياستها الاستعمارية الخبيثة لبسط كامل سيطرتها الاقتصادية والسياسية على السودان والقضاء على إرادة أهل البلاد، وذلك بخضوع السودان سيراً على خطا الإمارات ومن سبقها من دويلات الضرار للسلام الموهوم مع كيان يهود المسخ الذي يقتل الأبرياء ويغتصب مسرى النبي محمد ﷺ.

 

التنويه الذي ذكره بومبيو عقب محادثاته في القدس المحتلة مع رئيس وزراء يهود، إنه يأمل أن "تحذو دول عربية أخرى حذو الإمارات في تطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، وتنضم للخطوة الإماراتية"، تأتي الزيارة للسودان لتجعل التطبيع مطلباً أمريكياً وأمراً واقعاً يُفرض على حكومة تثقل كاهلها الأزمات، وهو عمل أمريكي مباشر لإسقاط الحكومة الانتقالية الموالية لأوروبا لأن أهل السودان معروفون بموقفهم الداعم لأهل فلسطين.

 

أما أن تكون محطة بومبيو الثانية السودان في رحلته الداعمة للتطبيع فهي إشارة لاحتفاء أمريكا بكسر شوكة أهل السودان الذين لطالما بُحّت حناجرهم بترديد (لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان) وهي في المقام ذاته زيارة مكاسب انتخابية لترامب صاحب صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.

 

أما لقاء حمدوك بتجمع المهنيين والأحزاب الأخرى لتجهيز إجابة لبومبيو حول التطبيع وما تم في اللقاء من رفض التطبيع باعتباره ليس من شأن الفترة الانتقالية فهو ذر للرماد في العيون بجعل تطبيع العلاقات مع كيان يهود معلقاً ريثما تنتهي الفترة الانتقالية! فاختلافهم إنما هو في ضبط خطوات الطريق للوصول إلى التطبيع، أما الوصول إليه فمتفق عليه ورفض التطبيع هو وحي من أوروبا لحفظ شيء من ماء وجه حكومة حمدوك الفاشلة في كل الملفات، وإذا أخذنا في الاعتبار ما قاله البرهان في قاعدة وادي سيدنا العسكرية أمس حول فشل الحكومة الانتقالية، يتضح حجم التشاكس والصراع بين عملاء أمريكا وعملاء أوروبا في بلد يدار بنظام السفارات علنا.

 

إن رفض التطبيع يجب أن لا يبنى على المساعدات والمصالح المرجوة، لأن النظرة إلى المصالح يمكن تغييرها بل وتزويرها حتى يصبح التطبيع مصلحة للدول لا يمكن تفويتها، كما حدث لمصر والأردن! لكن الرفض يجب أن يصدر عن موقف شرعي مبني على أساس العقيدة الإسلامية ومفاهيمها، وإدراك لمعنى الأمة ووحدتها وواقع قضاياها وطبيعة عدوها، فإن هذا هو الحق وحده، وهو الأساس الثابت الذي لا يتغير ولا يقبل المساومة مهما بذل العملاء والمتخاذلون.

 

إن الله تعالى شرع أحكاماً تنظم علاقة المسلمين، بوصفهم أمة، مع غيرهم، وليس هناك مجال لبشر أن يحلل ما حرمه الله؛ لذلك يعد إنكار التطبيع هو حكم شرعي له أدلته القطعية وهو أمر يتعلق بأمة الإسلام، فالحكم ليس مقسما حسب الحدود التي استحدثها المستعمر، فالأحكام الشرعية شُرعت للأمة ولا اعتبار للتجزئة القُطرية الباطلة، والمسلمون حربهم واحدة وسلمهم واحدة وعدوهم واحد، وليس هناك في التطبيع مصلحة لفئة دون أخرى، وقُطر دون آخر، فالكيان المحتل لفلسطين هو عدو لأهل السودان والإمارات ومصر وتركيا والحجاز بوصفهم أمة واحدة، وهذا لن يستطيع أحد تزويره مهما بذل علماء الفتوى حسب الطلب، وبالتالي فإن كل من يشتبك مع المسلمين أو فئة منهم في حرب أو يمارس عليهم العدوان أو يسفك دماءهم أو يحتل أرضهم فإنه عدو للمسلمين كافة، وإقامة علاقة طبيعية معه من بقية المسلمين إنما هي في واقعها تطبيع مع الأعداء، وفيه كل ما تحمله كلمة تطبيع من خذلان للمسلمين وتسليمهم لعدوهم وتقاعس عن نصرتهم الواجبة، وعليه فإن إقامة العلاقة الطبيعية مع كيان يهود حرام شرعاً، وإقامة علاقات مع الروس وهم يحرقون أهل سوريا حرام، أو مع الهندوس وهم يسفكون دماء المسلمين في الهند وكشمير حرام، أو مع البوذيين وهم يسومون الروهينجا سوء العذاب، والحرام يظل حراماً إلى يوم الدين.

 

إن سير هؤلاء الحكام في مخطط عدو الأمة وخذلانهم الطويل لقضية الأرض المباركة وكافة قضايا المسلمين والتطبيع المهين مع كيان يهود لا يعني أبداً أن الهزيمة اكتملت والأمة تُودِّع منها، بل يعني فقط أن هؤلاء الحكام قد وصلوا إلى القاع بمسارعتهم في إرضاء الكفار المستعمرين، وأنهم استعجلوا بأنفسهم آيات الله وسننه في أمثالهم، وأما الأمة فهي صاعدة بإذن الله والباطل إلى زوال قطعاً.

 

يا أهل السودان! خذوا على أيدي سفهائكم الحكام الرويبضات واقصروهم على الحق قصراً وأطروهم عليه أطرا، قولوها عالية: لا للسياسات الاستعمارية، لا تمكنوا الكفار من السيطرة على بلادكم ولا تمكنوهم من إتمام تمكين يهود من الأرض المباركة فلسطين، فلا تركنوا إلى الأرض فتستعبدكم أمريكا وأوروبا ومن ثم يستهدفون دينكم وقيمكم ومقدساتكم وينهبون ثروات وخيرات بلادكم التي منعها النظام عنكم وأنتم في أمس الحاجة لها وأعطاها لعدوكم على طبق من ذهب، فإني أدعوكم أن تعملوا مع العاملين للتغيير فأنتم قادرون على منع ضياع البلاد، وقادرون على التغيير الحقيقي الذي ينسف خطط المستعمرين.

 

وختاماً لا مرحباً بوزير خارجية أمريكا التي تقطر يداها من دماء المسلمين في أفغانستان والعراق وسوريا، وهي التي تطلق يد ربيبتها كيان يهود في الأرض المباركة فلسطين، وإن استقبال بومبيو يُعدّ خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وهو تآمر على المسلمين سيرتد على هذه الحكومات الهزيلة التابعة عندما تهبّ الأمة لخلعها لتلقي بها في مكان سحيق، وتقيم دولة الخلافة الإسلامية التي تقتلع كيان يهود الخبيث، وتغيث المسلمين وتحرر المسجد الأقصى، وتقطع دابر التدخلات الاستعمارية في شؤون المسلمين وقضاياهم.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب)

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع