الثلاثاء، 07 شوال 1445هـ| 2024/04/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انحدار الدّين في النظام العلماني ليس أمرا مفاجئا، بل هو متوقع

 

(مترجم)

 

 

تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود تراجع عالمي في الدين. وبالنظر إلى المجتمع الغربي، وصعود الليبرالية العلمانية، فإن هذا لا يشكل مفاجأة. وفقاً لمقال نشر في فورين أفيرز، هناك عدد متزايد من الأشخاص "الذين لم يعودوا يجدون الدين مصدراً ضرورياً للدعم والمعنى في حياتهم". لقد "أصبحوا أقل تديناً جزئياً لأنهم لم يعودوا بحاجة إلى التمسك بأنواع الأعراف الجنسية والجندرية التي غرستها ديانات العالم الرئيسية لقرون". ويركز مقال فورين أفيرز على الارتكاس الديني في أوروبا وآسيا. لكن وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فإن هذا الارتكاس موجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضاً مع تزايد عدد الأشخاص الذين يزعمون أنهم أقل تديناً.

 

 

2 1

Source: BBC

 

Source: Foreign Affairs

 

  

هل يجب أن يفاجئنا هذا الارتكاس؟

 

لا، لا ينبغي أن يكون هذا الارتكاس في الدين أمرا مفاجئا. إن أساس الليبرالية العلمانية قائم على حصر الدين في العبادة الشخصية، وبالتالي، ليس له دور في تنظيم وإدارة شؤون المجتمع. يُنظر إلى الدين على أنه اعتقاد شخصي يُمارس على نحو فردي. وعلى هذا النحو، نحن نعيش في عالم أصبح علمانياً بشكل متزايد ويعطي "أولوية عالية متزايدة للتعبير عن الذات والاختيار الحر، مع التركيز المتزايد على حقوق الإنسان، والتسامح مع الغرباء، وحماية البيئة، والمساواة بين الجنسين، وحرية التعبير". (المصدر: فورين أفيرز)

 

هذه هي المشكلة، فإذا وضعنا الدين جانبا في الحياة الخاصة، فكيف نرسم حدودا؟ هل نسمح بتعليم الدين في نظامنا التعليمي؟ هل يجب أن نسمح للدين بتوجيه أفعالنا عندما نتعامل مع أصدقائنا وعائلتنا، أم أن هذا يعتبر سماحا للدين بتجاوز حصره في حياتنا الفردية؟ وإذا سمحنا للدين أن يوجه أفعالنا هنا، فإلى أي مدى سيذهب؟ هل يجب أن نجعله أساسا لقراراتنا عندما نتعامل مع الخلافات؟ وماذا لو أصبحت هذه الخلافات مسائل قانونية؟

 

الحقيقة هي أن ارتكاس الدين في مجتمع ليبرالي بشكل متزايد لا ينبغي أن يفاجئنا. لديهم مجتمع حيث الأفكار الدينية ليست هي أساس الأفكار والأفعال، بل الليبرالية هي ذلك كله. ونتيجة لذلك، فإن الدين ليس جزءاً من حياة الناس. المنافع الاقتصادية هي النقطة المحورية لصنع القرار. والأخلاق قضية تتم مناقشتها على أساس المنافع والفردية. والدين يستخدم كأداة للسياسيين للحفاظ على دعم النظام الليبرالي في البلدان التي كانت ذات يوم متدينة بشدة، لضمان التماسك المجتمعي حيث تحطم الفردية في الليبرالية الروابط المجتمعية وتنشر أفكاراً مثل "البقاء للأصلح".

 

لم تؤد هذه العلمنة إلى مجتمع مستقر، بل على العكس تماماً؛ فقد خلقت وفاقمت مجموعة متنوعة من المشكلات دون أي حلول. فالعنصرية والتمييز على أساس الجنس ورهاب المتحولين جنسيا والاعتداء الجنسي والعنف باستخدام السلاح والقتل والتعذيب والإبادة الجماعية؛ هي مجرد أمثلة قليلة للمشاكل التي لا يستطيع المجتمع الليبرالي حلها.

 

لا يجب أن تثيرنا الإحصائيات حول ارتكاس الدين، بل يجب أن يجعلنا ذلك نفكر. فمع تصاعد الاستياء في المجتمع الغربي وتأثير كوفيد-19، نحن نعيش نقطة تحول تاريخية. فالنظام الغربي مليء بالثغرات وهذه الثغرات تزداد اتساعاً وضوحاً. إنهم يبحثون عن طرق لملء تلك الثغرات، أو إعادة لفت انتباهنا عنها من خلال نشر المشاعر المعادية للدين والمشاعر المعادية للمهاجرين. إنه تكتيك يستخدمونه دائماً عندما يواجهون مشاكل؛ خلق عدو حتى لا تبحث الأمة الإسلامية عن بديل بإيجاد حلول لمشاكلها في الإسلام. لكن هذا يجب أن يذكرنا بحاجتنا للعمل لإقامة الدولة الإسلامية وأن نرى واقع اليوم كفرصة لتحقيق ذلك.

 

علينا أن نتذكر أن الإسلام ليس كالديانات الأخرى؛ فهو يحتوي أفكاراً وحلولاً شاملة لمشاكل الإنسان ويؤثر على كل جانب من جوانب حياتنا، وإن تاريخ الإسلام ونجاح الدولة الإسلامية دليل على ذلك. الوضع الحالي وارتكاس الدين أمران متوقعان لأن الإسلام لا يطبق كاملا.

 

نحن بحاجة إلى إعادة إقامة الدولة الإسلامية

 

لا يمكننا في الواقع فصل الدين عن الدولة؛ نحن بحاجة إلى قاعدة لتوجيه أفعالنا. وكما يظهر الواقع الحالي، فإن عقولنا البشرية ذات الأهواء والرغبات المتعارضة ليست أساساً للحكم على الصواب والخطأ. وعلى هذا النحو، ليس الدين شيئاً يمكن أن يوضع جانباً ويُحصر في حياتنا الفردية، فهناك العديد من المشاكل والتناقضات التي تظهر نتيجة لذلك، ولا يمكن أن يقتصر الدين على جانب واحد من حياتنا. هذه ليست مشكلة في الإسلام إذا ما تم تطبيقه كما ينبغي، مع إعادة إقامة الدولة الإسلامية. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً.

 

من المهم أيضاً أن نتذكر أنه بينما يحاول النظام الغربي وأتباعه دفعنا إلى تبني الليبرالية، حافظت الأمة الإسلامية على ارتباطها بالإسلام.

 

3

المصدر: مركز بيو للأبحاث

 

لكن يجب ألا ننسى أن الإسلام لا يُطبق كما ينبغي. إن إعادة إقامة الدولة الإسلامية تعني قبول أن تكون أحكام الله هي أساس كل قراراتنا. فلا يمكن أن يكون ما نطبقه نظاماً علمانياً، ومن ثم نتوقع أن يتناسب الإسلام معه! في ظل الإسلام، الأخلاق ليست موضوعاً للنقاش. فالله سبحانه، خالقنا، الذي يعرف احتياجاتنا وضع لنا أحكاماً في كيفية التعامل بين بعضنا بعضاً.

 

يجب أن تكون شؤون الدين والدولة واحدة لا تنفصل، وهذا سيغذي كل جانب من جوانب حياتنا، مما سيؤثر على المجتمع والفرد. القوانين والأحكام ترشدنا في كل جانب من جوانب حياتنا، وترشد حكامنا لضمان حماية الناس ومنحهم حقوقهم.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع