Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

دولة الإسلام دولة رعاية

 


الإسلام هو الاستسلام لأمر الله تعالى ومنهاجه القويم، فقد أرسل الله الرسل ليبينوا للناس سبب وجودهم وعيشهم في هذه الدنيا ومن هو خالقهم وإلى أين مصيرهم بعد انقضاء حياتهم، وكيف يسيرون في هذه الحياة، وقد وضع الله هذه الدنيا دار اختبار وعمل وجعل الآخرة دار ثواب وعقاب، وجعل في الإنسان حاجات وغرائز داخلية تدفعه للتفاعل مع مجتمعه وبيئته، ولما كان الإنسان بحاجة إلى العيش في مجتمع ليشبع احتياجاته، كان لا بد من أن ينزل الله وحيا على رسل من بني البشر ليخبروا الناس كيف يتفاعلون ويعيشون مع بعضهم العيش الصحيح وفق الصراط والميزان القويم من رب العالمين ليكون واضحا للعباد الخير والشر، والصحة والخطأ، والحق والباطل، فالذي خلق العباد وجعلهم في دار الاختبار لا بد أن يضع لهم الميزان القويم في الدنيا ليحاسبهم على تجاوزه يوم الحساب، فيكون من هو ظالم لنفسه ومن هو سابق للخيرات بإذن ربه.


ولما كان البشر بحاجة إلى من يبين لهم التصرف القويم والصراط المستقيم والعيش السليم، كانوا عاجزين أن يضعوا ذلك النظام الذي ينظم لهم حياتهم في مجتمعهم، فكان لا بد من نظام من عند خالقهم، وعندما تدخل الناس في وضع النظام بان عليه الجهل والفساد والتخبط والهوى، وظلموا أنفسهم. فكم رأينا من الأقوام من اتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله، فانتشرت في أوساطهم الفواحش، والنقص في المكيال، واستكبروا في الأرض بغير الحق، وجعلوا من أنفسهم آلهة، فاستعبدوا العباد فضلوا وأضلوا، وقد كان الناس قبل بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ، يحملون بقايا أديان سابقة حرفت ودخل عليها ما دخل من الأهواء والبدع والفساد والأفكار والاعتقادات الباطلة، وقد جاء الرحمة المهداة محمد ﷺ ليعيد الناس إلى طريقة العيش السلم ويرشد إلى المنهاج القويم.


فقد جاء الإسلام بوضوح يحمل أفكار الرعاية السليمة في المجتمع والحاجة إليها، وقد بين النبي ﷺ وعلم الناس كيف يعيشون العيش السليم فيما بينهم، فأقام دولة في المدنية وكان هو رئيسها، وبدأت آيات الله وتشريعاته الخاصة بالمجتمع تتنزل في المدينة بعد إقامة الدولة، مما دل على أهمية الدولة في الإسلام، وأن الإسلام دين سياسة ورعاية؛ فقد تنوع التشريع بين التعامل في الاقتصاد من بيع وشراء والتعامل في الأموال بين الناس، والتعاملات بين دولة الإسلام والدول الأخرى، وما تعلق بالكوارث الاقتصادية، وما يحق من أموال وما يحرم منها، فقد جاء الإسلام ورتب جميع التعاملات النقدية، فجاء شاملا لكل مسألة متعلقة بالاقتصاد، وكذا فيما يخص الاجتماع بين الجنسين الرجل والمرأة وما يجب وما يحرم في العلاقة بين الرجل والمرأة، وكذا في القضاء والفصل بين الخصومات، وما تعلق بالسياسة الخارجية والرعاية الداخلية والحكم...، ولذلك رأينا الإسلام انتشر سريعا ليس بقوة السيف فقط كما يدعون، لكن بقوة الحق وصدق المنهج وحقيقة معالجته لمشاكل الناس واحتياجاتهم ورفع ظلم الجهل والأهواء عنهم.


إن الإسلام هو منهج الحياة القويم الشامل والحاوي لكل مسألة ومشكلة وحلها، بالرغم من مرور أكثر من 14 قرنا على بعثة النبي ﷺ وعلى إقامة دولته وعلى ما حققه الإسلام المطبق فعليا من نموذج لا يتكرر في التاريخ خلال القرون الماضية، إلا أنه بعد هدم دولة الخلافة قبل قرن من الزمان، على يد المستعمرين، ضاع المسملون ضياعاً لم يسبق له مثيل، فقد تبدل نظام خالق البشر بنظام من عند البشر، وفقد المسلمون الدولة الحامية والراعية فأصبحوا أيتاماً على موائد الغرب ينهش منهم ومن دينهم كيفما يشاء، وزاد الطين بلة أن جعلوا على المسلمين حكاما من أبناء جلدتهم يحتكمون بشريعة الغرب ويطبقونها على المسلمين، فانتشر الظلم في الأرض، ﴿فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، ورجعت البشرية إلى عصور التخلف والظلام رغم ما تعيشه اليوم من تقدم في مجالات علمية وتطور وسائل العيش وسبل الراحة مع تطور العلم، إلا أنها لم تعد تعرف للحياة السليمة طريقاً، وأصبح المتحكم بها هو الأهواء والقوانين الوضعية.


ولذلك كان حقا علينا تذكير المسلمين بنظام خالقهم وضرب الأمثلة لما يفتقده المسلمون اليوم بل والبشرية بشكل عام، من رعاية حقيقية تزيل عنهم نكد وضنك العيش الذي قد وصل منتهاه اليوم وما نراه من سوء عيش وفساد بل وصل الحال إلى القتل والتدمير والتهجير من أجل أصحاب السلطة لبقائهم على رقاب الناس يستعبدونهم ويأكلون عليهم أموالهم:

 

في المجال الرعائي الطبي فإن على الدولة في الإسلام توفير الرعاية الصحية مجانا دون أي شروط أو تبعات، ولكننا نرى اليوم كيف أصبح الطب في ظل تحكم النفعية والنظرة الغربية على العالم وفرض فكرتها، كيف أصبحت الرعاية الصحية تجارة تتاجر فيها المستشفيات والمراكز الطبية بصحة المريض وعافيته، إضافة إلى تقنين القوانين لشفط أموال المرضى من جيوبهم، كجعل الدواء سلعة يتاجر بها الأفراد أو الشركات للحصول على الربح والمنفعة بأي طريقة كانت، بشرط عدم التعدي على حريات الآخرين، ولو استغلوا الناس وغشّوهم، طالما أنه برضاهم! وقد أدى هذا المبدأ بالفعل إلى ظُلم الفقراء والضعفاء واستغلالهم بصورة بشعة، بل وحرمانهم من حقهم الأساسي بالتطبيب والعلاج.


وفي المجال الاقتصادي، فإن الإسلام أجاز ملكية الفرد والدولة والملكية العامة وفصل لكل منها أحكاماً، كما وزع الثروة وجعلها متداولة بين الناس ومنع الفقر، بينما النظام الرأسمالي الغربي أجاز حرية التملك وألغى ملكية الدولة، فساهم في طغيان أصحاب رؤوس الأموال، فقد استعمروا العالم وأقاموا الحروب والنزاعات ليتملكوا الثروات دون أي ضابط أو رادع مستندين إلى أن الغاية تبرر الوسيلة التي يقدمون عليها لجني الأرباح، فقد عانى العالم من الجوع والفقر والحروب بسبب جشع الشركات الرأسمالية العابرة للبحار والقارات، وما تتبناه الدول الغربية من قوانين تساهم في طغيان أصحاب الشركات الكبرى بل إن الجيوش الغربية تتحرك اليوم دفاعا عن مصالح هذه الشركات وتلغي معاهدات وتقيم أخرى، ورأينا كيف أن أمريكا ألغت قاعدة الذهب إبان حكم نيكسون ليصبح ارتباط العالم بالدولار لتتحكم بالتجارة والاقتصاد العالميين، وما لحق هذا القرار من تضخمات واقتصادات وهمية أدت إلى كوارث اقتصادية كبيرة جاءت على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود فزادت من نسب الفقر والجوع.


وفي مجال السياسة الخارجية، فإن الدولة الإسلامية تركز في كيفية حمل رسالة الإسلام إلى العالم ورفع الظلم عنه، وإن المعاهدات القائمة الجائرة اليوم ستلغى لما فيها من تحكم للغرب وفرض هيمنته السياسية عن طريق هذه المعاهدات الباطلة شرعا، فلا يجوز التنازل على أرض فلسطين، ولا يجوز السكوت عن انتهاك الأعراض واستباحة الدماء كما يجري اليوم وجرى في فلسطين والعراق وأفغانستان وبورما...الخ، ولا يجوز التحاكم إلى قرارات مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات التابعة للدول الغربية المعادية للإسلام والمسلمين.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد مصطفى – ولاية اليمن

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.