السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الكلمة الرابعة: جرأة الغرب على مقدسات المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الرابعة

جرأة الغرب على مقدسات المسلمين

الدكتور محمد أبو العين – ماليزيا

(مترجمة)

 

في الحرب العالمية الأولى كانت الخلافة في حالة يرثى لها بالفعل. فعندما كانت الحرب العالمية الأولى على وشك الانتهاء، دخل الجيش الفرنسي بقيادة القائد هنري غورو دمشق، وذهب مباشرة إلى ضريح صلاح الدين، وركله وقال: "لقد انتهت الحروب الصليبية الآن! ها قد عدنا يا صلاح الدين! وجودي هنا يكرس انتصار الصليب على الهلال!". وترددت أصداء اللحن نفسه مرة أخرى عندما دخل الجنرال إدموند اللنبي بيت المقدس عبر بوابة يافا وأعلن أن "الحروب الصليبية قد اكتملت الآن". وكانت هذه الأحداث بمثابة بداية مبكرة للغرب تظهر جرأته على المساس بمقدسات المسلمين والإسلام. وكان إلغاء الخلافة في عام 1924م الضربة القاضية للدولة التي حمت المسلمين والإسلام لأكثر من ألف عام. ويبدو أن الغرب كان له انتقامه.

 

ولكن كلا... إن حقدهم وكراهيتهم للإسلام لا تنتهي عند هذا الحد. إن هدم الخلافة يشير إلى اشتداد الجرأة الغربية على مقدسات المسلمين والإسلام. وبالرغم من أن الاستعمار الغربي ولد قبل ذلك بكثير، وأن بلاد المسلمين قد احتلت حتى قبل هدم الخلافة، فإن الغرب الآن له الحرية في ارتكاب جرائم الدولة بحق المسلمين دون مقاومة من أي قوة على وجه الأرض!! وكوضع الملح على جرح جديد، هكذا ساعد الغرب الكافر في تأسيس كيان يهود وسفك دماء المسلمين في الأرض المباركة، وكذلك في شمال أفريقيا وإندونيسيا والهند وجميع البلاد الإسلامية المحتلة. فقد نُهبت ثروات المسلمين وانتهكت كرامتهم التي يقدسها الإسلام بلا هوادة. ويتضح ذلك بوضوح في حديث رسول الله ﷺ عندما كان يطوف حول الكعبة حيث نظر إليها وقال: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْراً».

 

إن المسلمين الذين هم في حيرة من أمرهم وغير قادرين على الوقوف في وجه هذه الجرائم ليس إلا دافعا للغرب لكسب ثقتهم الخسيسة في مهاجمة المسلمين من جميع الزوايا.

 

عندما كان الإسلام مطبقا في عهد الخلافة، كانت هذه المقدسات محمية، ولكن منذ هدمها، عُلقت هذه المقدسات متأرجحة على خيط ملطخ بالدم بحوزة الغرب الكافر!! إنه ليحزننا، أيها المسلمون، أن ننظر إلى تاريخنا في السنوات المائة الماضية.

 

أما بالنسبة لأولئك الذين عاشوا ورأوا الفظائع التي ارتكبها الغرب ضدهم، فإن تلك الجرائم وجرأة الغرب في انتهاك حرمة هذه المقدسات لن تغفر لهم أبداً!

 

أيها المسلمون:

نسي مسلمو جيل اليوم أو تجاهلوا جرائم وجرأة الغرب ومعاناة الأمة الإسلامية الماضية، ولكن في الواقع، نحن نشهد الهمجية الغربية في أسوأ حالاتها. إن دماء المسلمين وكرامتهم وثرواتهم لا تزال غير آمنة من أيديهم القذرة. ولقد تسبب الاستعمار الغربي، تحت ذريعة "الحرب على الإرهاب" في عدد لا يحصى من الوفيات والمعاناة لملايين المسلمين. فمثلا الحرب في العراق وأفغانستان، وحرب البوسنة، والصمت ودعم أنظمة مثل ميانمار، كلها أمثلة واضحة على تدنيس المقدسات الإسلامية على يد الغرب.

 

في الواقع، من "السر" المعروف أن ما يزعم أنه "حرية التعبير" ليس سوى وهم يستخدم في الإطار السياسي الغربي للسماح بتشويه المعتقدات، ولكن عندما يشير الناس بأصابعهم إلى فساد المجتمعات والحكومات الليبرالية العلمانية، فإنهم ينفرون على الفور ويوصفون بـ"المتطرفين"، مما يكشف نفاق هذه "الحرية".

 

في عالم اليوم حيث تنتشر وسائل التواصل الإلكتروني في كل مكان، انتهك الغرب بلا هوادة المقدسات الأخرى للمسلمين والإسلام على شكل هجمات ضد ثقافتنا وأركان عقيدتنا، تحت ستار "حرية التعبير"، حيث يتجرأ الغرب على تبرير الإساءة إلى نبينا الكريم رسول الله ﷺ. ولقد شهدنا هذه الأمور التي تستهدف نبينا الكريم والعديد من أبشع الاعتداءات والإهانات التي يبررها الغرب باسم "حرية التعبير". ففي عام 2015، نشرت مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي ﷺ، وفي عام 2020 كرروا ذلك. وفي كل مرة كانت الحكومة الفرنسية تدعم "حق" المجلة في "التعبير بحرية عن رأيها"! الكل يدرك تماما ازدواجية المعايير التي يبديها الغرب في هذه القضية. في الواقع، من المعروف جيداً أن ما يزعم أنه "حرية التعبير" ليس سوى حجة واهمة مستخدمة في الإطار السياسي الغربي للسماح بتشويه المعتقدات، ولكن عندما يشير الناس بأصابعهم إلى فساد العلمانيين والمجتمعات والحكومات الليبرالية؛ يتم عزلهم على الفور ويوصفون بـ"المتطرفين"، وبالتالي هكذا يكشف نفاق هذه "الحرية".

 

إلى جانب هذه الجرأة الفاضحة والصارخة للغرب في الإساءة لرسول الله ﷺ، فقد تجاوز الغرب خلال العقود القليلة الماضية الحدود مرات لا حصر لها! ومع تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، يمتلك الغرب الآن سلاحاً يسمح لهم بنقل عصا الإهانات والهجمات إلى عملاء غير غربيين على شكل حكومات مثل الهند والصين وميانمار حيث يشكل المسلمون أقلية في تلك البلدان فتجد هناك بالفعل عداوة تقليدية للإسلام.

 

الإساءة لرسول الله ﷺ سيئة بما فيه الكفاية؛ ولكن جرأة الغرب لم تتوقف عند حد هذه الإساءة بل امتدت إلى التهجم على القرآن، والاعتداء على النساء المسلمات، والسياسات التي تقرها الدولة والتي تميز ضد المسلمين، وإعلان بيت المقدس عاصمة لكيان يهود، وهكذا استمرت الهجمات الأخرى على مقدساتنا حتى يومنا هذا. وللأسف، فإن التلقين الساحق للأفكار والثقافة الغربية في البلاد الإسلامية قد فرخ مسلمين باعوا أرواحهم للغرب وأصبحوا هم أنفسهم عملاء ساهموا في مهاجمة المقدسات الإسلامية.

 

أيها المسلمون:

حتى عندما كان الخليفة في أضعف حالاته، لم يتسامح أبداً مع أي شخص يتعدى على مقدسات الإسلام. لقد سمعنا قصصاً عن الخليفة عبد الحميد الثاني رحمه الله وهو يهدد بالانتقام من الغرب لمحاولة إساءتهم للنبي ﷺ. كما سمعنا كيف أنه رفض طلب يهود إقامة وطن لهم في فلسطين.

 

أيها المسلمون:

أليست جرأة الغرب كافيةً لكي ندرك أننا سنواجه باستمرار الإهانات والاعتداءات على مقدساتنا ما لم تتم إقامة الخلافة؟!

 

أيها المسلمون!

أقيموا الخلافة! وكونوا مع العاملين لإقامتها، كونوا من بين الذين ستسعد الملائكة لدعوتهم للدخول من أبواب الجنة.

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع