Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-04-16

 

جريدة الراية: 

أهل غزة بين نيران الاحتلال وخنادق الطغاة!
كيف تُنهَب المساعدات وتُستغل المعاناة؟

 

 


كانت غزة دوماً قلعة من قلاع الثبات، وحصناً من حصون العزة، وشوكةً في حلق الاحتلال، رغم الحصار والتجويع والدمار، ورغم الغارات والقصف، ورغم تخلي الأقربين قبل الأبعدين. إلا أن المصيبة تتضاعف حين يتحول جارك وشقيقك المفترض، إلى تاجر دماء، يسعّر بوابة النجاة بالدولار، ويجعل من المساعدات الإنسانية سبيلاً للإثراء الفاحش.


منذ بداية عدوان يهود الأخير على قطاع غزة، والأنظار تتجه صوب الجنوب، حيث مصر، أملاً في أن تُفتح الأبواب أمام المساعدات، وتُزال العقبات أمام العابرين إلى العلاج أو الأمان، لكن الواقع كان أشد إيلاماً من الخيال.


جدار من الجشع على حدود غزة:


ما إن تطأ قدمك بوابة رفح من الجانب المصري، حتى تواجه شبكة من الاستغلال المنظّم، تُدار برعاية أمنية، وتُنفذ عبر أذرع تجارية تابعة للنظام. في مقدمة هؤلاء يقف إبراهيم العرجاني، رجل الأعمال المعروف بقربه من أجهزة الدولة، والذي تحول اسمه إلى رمز للنهب المنظم تحت لافتة "شركة هلا".


فرض العرجاني وشركاؤه رسوماً باهظة على أهل غزة الساعين للخروج من جحيم الحرب، بلغت في كثير من الحالات خمسة آلاف دولار للفرد الواحد، دون خدمات حقيقية أو تسهيلات فعلية. والمفارقة أن تلك الأرقام الفلكية دُفعت في ظل ظروف إنسانية كارثية، من أناس فقدوا كل شيء إلا حياتهم، واضطروا لرهن ما بقي لهم من أمل لإنقاذ أطفالهم أو علاج جرحاهم.


أما شاحنات المساعدات، التي من المفترض أن تكون محملة بالغذاء والدواء لمواجهة المجاعة والمرض، فقد تحولت إلى صفقة تجارية قذرة. يُطلب من المؤسسات الخيرية الدولية والمحلية دفع آلاف الدولارات عن كل شاحنة، بل إن بعض الجهات أُجبرت على تقديم إتاوات مباشرة لأجهزة الأمن المصرية، تصل إلى 5000 دولار وبعضها 10000 و20000 دولار عن الشاحنة الواحدة، مقابل السماح بمرورها!


أي نذالة هذه؟! وأي نظام هذا الذي ينهب دواء الجرحى والمرضى وغذاء الأطفال؟!


عفوا إنه نظام السيسي الذي دهس أهل مصر بالمجنزرات في رابعة والنهضة وغيرهما وحمل جثثهم بالجرافات دون أن يطرف له أو لزبانيته جفن، فلا غرابة في أن يفعل هذا بأهل غزة.


هذه الممارسات ليست استثناءً ولا تجاوزاً فردياً، بل هي من إفرازات الرأسمالية الحاكمة وجزء من بنية سياسية فاسدة ترى في كل مأساة فرصة للاستثمار، وفي كل مصيبة باباً للكسب، ولو على حساب الدماء. إن العرجاني ليس سوى واجهة، يدير "البيزنس" لحساب النظام المصري الذي بارك هذا الاستغلال، وفتح له الأبواب، وقدم له التسهيلات الأمنية واللوجستية، بل ومنحه الحصرية في التنسيق.


ودعونا نكن صرحاء، فالنظام المصري لا يتحرك من فراغ، بل هو ينفذ أوامر أسياده في واشنطن وتل أبيب، الذين وجدوا فيه حارس بوابة مثالياً، يمنع دخول السلاح، ويؤخر المساعدات، ويراقب الأنفاس. إنه شريكٌ كامل في الحصار، وإنْ ارتدى عباءة الوساطة القذرة.


غزة بين مطرقة الاحتلال وسندان الأنظمة العميلة:


يا أمة الإسلام، إن ما يحدث في غزة ليس مجرد حصار، بل هو خيانة مكتملة الأركان. يُقتل أطفال غزة بالصواريخ والقنابل، ومن نجا منهم، يُترك ليموت من الجوع أو يُبتز على حدود مصر. فيا لوضاعة من يزعم أنه "شقيق"، بينما يسلب المنكوبين أموالهم في مقابل نَفَس حياة أو قرص دواء!


ما ذنب أهل غزة، أليسوا منكم؟! أليست غزة جزءاً من بلاد المسلمين؟! أليس فك الحصار عنها فرضاً في أعناقكم؟! فلماذا تُستغل حاجتهم ويُتاجر بمعاناتهم؟ أليس من المفترض أن تُفتح المعابر أمامهم بلا قيد ولا شرط؟ فلماذا تُغلق في وجوههم ثم تُفتح مقابل حفنة دولارات؟


إن هذه الكارثة هي إحدى تجليات النظام الرأسمالي الذي لا يعرف للإنسان قيمة إلا بما يملك. في هذا النظام لا اعتبار للدم، ولا حرمة للأعراض، ولا كرامة للفقير. الحكومات فيه تعمل لحساب الشركات، والحدود تُفتح لمن يدفع، وتُغلق في وجه من يُظلَم.


ما يفعله النظام المصري، هو تنفيذ مباشر لأوامر الغرب الاستعماري، الذي يخشى أن تنهض غزة، أو تتحرر فلسطين، أو تتحرك الأمة لنصرتها. لذلك يُحاصر القطاع، وتُغلق المعابر، وتُنهب المساعدات، حتى تنكسر إرادة الصمود، ويُفرض على الناس القبول بالهزيمة.


يا أهل مصر، يا أبناء الكنانة: إن ما يُرتكب باسمكم على حدود غزة هو عار في جبينكم سيسجله التاريخ. فلا تكونوا وقوداً لهذا الظلم، ولا تصمتوا على استغلال النظام لمعاناة إخوتكم، أزيحوا الستار عن هذه الخيانة.


أيها المسلمون: لا تتركوا غزة وحدها، ولا ترضوا بأن يُستغل ضعفها، ولا تقبلوا بالسيسي وشركائه حراساً على دمائكم. اعملوا لتعودوا أمةً واحدة، تحكم بشرع ربها، وتحرر أرضها، وتنصر أهلها، فغزة لا تنتظر شفقة، بل تنتظر جيوشا تنصرها وتحررها، وتعيد لها كرامتها.


إننا في حزب التحرير نضع الحل الجذري أمامكم واضحاً بيّناً: إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ الدولة التي توحد المسلمين من إندونيسيا إلى المغرب، وتلغي الحدود الوهمية التي رسمها الغرب، وتحرر فلسطين وكل بلاد المسلمين المحتلة.


﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾

 

 

بقلم: الأستاذ محمود الليثي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.