Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2021-02-24

 

 

جريدة الراية: عندما تصل أمتنا إلى القاع لا تموت

بل تضع الأساس لتعيد بناء الخلافة الراشدة

 

في جولة من جولات الصراع بين الحق والباطل، استعلى الباطل؛ الغرب الكافر المستعمر، وهدم الخلافة بمعاونة خونة العرب والترك في 28 رجب 1342هـ الموافق 3 آذار/مارس 1924م، وبذلك أفرغت حياة المسلمين من أنظمة الإسلام فانقطعت الحياة الإسلامية التي وضع أسسها وشاد بنيانها الحبيب محمد ﷺ، ففقدت الأمة وحدتها وتفرقت على أسس قومية وعرقية ومذهبية ووطنية.

 

إن الغرب الكافر يدرك أن الخلافة هي حجر الزاوية في عيش المسلمين عيشاً إسلامياً لأنها الطريقة الشرعية للحكم بما أنزل الله وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾؛ لذلك فإن هدم الخلافة كان نجاحاً باهراً للغرب الكافر المستعمر الذي كان يشفي حقده أن يهدم بعض أحكام الإسلام فإذا به بمعاونة خونة المسلمين يهدم الخلافة والتي بهدمها هدم جل أحكام الإسلام من حياة أمة الإسلام، وهو ما عبر عنه وزير خارجية بريطانيا اللورد كرزون عندما واجه اعتراضاً في مجلس العموم البريطاني على اعتراف بريطانيا باستقلال تركيا الذي يمكن أن يشكل خطراً على الغرب فأجاب قائلاً: "لقد قضينا على تركيا التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة".

 

لقد كان هدم الخلافة أعظم مصيبة حلت على الإنسانية جمعاء فبهدمها غاب الإسلام، وغابت القيم الإنسانية والروحية والخلقية، ونصرة المستضعفين، والقصاص من الظالمين، وبغيابها تحكم في العالم المبدأ الرأسمالي فأشاع الفاحشة ونشر الظلم وضبط الحياة على قيمة واحدة هي القيمة المادية، فأصبحت الحياة ساحة للصراع على كل شيء؛ حتى قطعة الخبز وشربة الماء وجرعة الدواء!

 

في وسط هذا الظلام الدامس انطلقت دفعات من الضوء تبدد الظلمات وتشيع في النفوس الأمل، مصدرها حزب التحرير الذي ولد ولادة طبيعية من رحم خير أمة أخرجت للناس، فكان مولوداً معافى ومبرأ من كل عيب، فبدأت الحيوية تدب في الأمة وبدأت تتلمس طريقها نحو النهضة.

 

إن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله جعل هدفه استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهو يسعى لقيادة الأمة نحو هذا الهدف. وهو يعلم ماهية القيادة ومتطلباتها، ولما كانت الأمة لا تنقاد لجاهل ولا لجبان، تميز حزب التحرير وشبابه بالوعي الكامل وبالشجاعة المطلقة والاستعداد للتضحية يحكمهم سلم القيم الوارد في الآية: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

 

عندما كانت الأحزاب الوطنية والقومية وبعض الحركات الإسلامية والتي خرجت إلى الحياة من رحم السفارات الغربية تتسول المعالجات غرباً وشرقاً، وعى حزب التحرير ومنذ منتصف القرن الماضي على أن الإسلام نظام للحياة وفصّل في ثقافته التي يدرسها شبابه في الحلقات على أنظمة الإسلام وهي التي يسعى لصياغة المجتمع على أساسها.

 

لقد قطع حزب التحرير منذ نشأته سنة 1953م وحتى يومنا هذا، وبتوفيق الله سبحانه، شوطاً بعيداً في توعية الأمة على الإسلام بوصفه نظاماً للحياة، وعلى الخلافة بوصفها نظام الحكم في الإسلام، وعلى البيعة بوصفها الطريقة الشرعية لنصب الخليفة، وعلى النظام الاقتصادي في الإسلام بوصفه منظومة الأحكام الشرعية التي تبين كيفية تملك الثروة وتنميتها والتصرف فيها، وعلى النظام الاجتماعي في الإسلام الذي يعطر الحياة بعبق الطهر والفضيلة ويكرم المرأة ويحتفي بالطفل وينشئه النشأة الصحيحة فيفيض خيراً على أسرته ومجتمعه، وعلى سياسة التعليم ومناهجه التي توجد الشخصيات الإسلامية وتخرج العلماء الأفذاذ في العلوم الكونية الذين ينفذون سياسة الدولة فيبنون الصناعة الثقيلة ويقطعون حبال الغرب الكافر المستعمر ومنظماته التي نصبت نفسها وصياً على الأمة وثرواتها. أما السياسة الخارجية في الإسلام فتقوم على أساس حمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد.

 

 هذه خطوط عريضة عن بعض أحكام الإسلام، والتي تناقض حضارة الغرب الكافر وتناقض ما عليه حال المسلمين اليوم؛ فالإسلام يناقض العلمانية، والخلافة تناقض الديمقراطية، والحريات تناقض مفهوم العبودية؛ أي التقيد بالحكم الشرعي، والساسة الذين يطبقون الإسلام وأنظمته التي جاءت من لدن خبير عليم، ويسعون لمرضاة الله، ليسوا كالساسة الرأسماليين الذين يسعون لإرضاء الناخبين بالكذب والنفاق.

 

إن الثقافة الإسلامية الضخمة التي تبناها حزب التحرير والإصدارات التي تتجدد مع شروق الشمس هي الضمانة الحقيقية لإيجاد الوعي وكماله عند الأمة. وإن وصل شباب الحزب ليلهم بنهارهم يقدمون النفس والنفيس، كل ذلك يؤذن بفجر الخلافة التي أظل زمانها، والتي بنيانها هذا العمل السياسي الجاد على أساس الإسلام، هذا البناء الذي أوشك أن يبلغ تمامه وهو ما يفسر سقوط الغرب في دوامة التناقض بين سلوكه تجاه المسلمين وقيمه الحضارية الآيلة للسقوط.

 

إن اقتراب المسلمين تحت قيادة حزب التحرير من استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو الذي أفقد الغرب صوابه فأسقط الأقنعة وخرج يحارب الإسلام جهاراً نهاراً لا يلوي على شيء؛ فكانت حربه على الإسلام بوصفه نظاماً للحياة تحت راية الحرب على الإرهاب والتي جند لها خط الدفاع الأول عن مصالحه، أي حكام المسلمين، ومنهم الحكومة الانتقالية في السودان التي جعلت بشكل مفتوح كل حركاتها وسكناتها حرباً على الإسلام وأنظمته حيث تتبعت التشريعات والقوانين ومناهج التعليم والإعلام حتى خطب الجمعة في المساجد تريد تصفيتها من كل ما يشير إلى أن الإسلام نظام للحياة، بل إنها وضعت البلاد تحت الوصاية الدولية وعينت مندوباً سامياً لإدارة البلاد ببعثة سياسية متكاملة تحت الفصل السادس! ثم لم تكتف بذلك بل اصطفت مع كيان يهود في محاربة الإسلام، حتى إن وزير الدفاع السوداني فاجأ وزير استخبارات يهود إيلي كوهين بتقديم مسودة للتعاون الاستخباراتي والأمني لمحاربة الإرهاب عندما التقاه في الخرطوم 2021/1/25م حيث أدخل اليهود بعض تعديلات ثم وقعوا عليها وذلك بحسب صحيفة الشرق الأوسط الصادرة الخميس 2021/1/28م العدد (15402).

 

هذا هو الدرك الذي وصلنا إليه بعد هدم الخلافة، ونرجو أن يكون مؤذناً بعودتها في القريب العاجل راشدة على منهاج النبوة يرضى عنها ساكن السماء والأرض.

 

بقلم: الأستاذ حاتم جعفر المحامي

عضو مجلس الولاية لحزب التحرير في ولاية السودان

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.