Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
الإسلام السياسي تحت المجهر الغربي: ما وراء تصنيف الإخوان؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الإسلام السياسي تحت المجهر الغربي: ما وراء تصنيف الإخوان؟

 

 

الخبر:

 

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهد بتصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية. وصرح ترامب، الأحد، حصرياً لموقع Just the News، بأنه ينوي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية. وأكد أن القرار "سيصدر بأقوى الشروط"، وبصيغة مشددة وملزمة، موضحاً أن "الوثائق النهائية قيد الإعداد حالياً". (العربية نت)

 

التعليق:

 

إن إعلان ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا يمكن فهمه كإجراء أمني تقني معزول عن سياقه، بل هو خطوة سياسية محمّلة بدلالات تتجاوز الجماعة نفسها إلى مجمل الحراك الإسلامي في المنطقة والعالم. فالتجربة أثبتت أن مصطلح "الإرهاب" في الخطاب الغربي لم يعد توصيفاً قانونياً دقيقاً بقدر ما أصبح أداة سياسية تُستخدم لضبط المشهد، وإعادة هندسة التوازنات، وتجريم كل مشروع يحمل قابلية الاستقلال عن المنظومة الغربية أو تهديداً لهيمنتها الفكرية والسياسية. ومن هنا فإن استهداف جماعة ذات حضور شعبي وتاريخ سياسي لا يُقرأ بوصفه حرباً على تنظيم بعينه، بل هو رسالة موجهة لكل من يفكر بإعادة الإسلام إلى موقع القيادة في الشأن العام.

 

ويأتي هذا الإعلان في سياق انسجام واضح مع رغبات أنظمة إقليمية ترى في أي خطاب إسلامي سياسي خطراً وجودياً عليها، فتجد في الموقف الأمريكي غطاءً دولياً لتبرير سياساتها القمعية، وتعزيز شرعيتها الأمنية، وربط الاستبداد بمفهوم الاستقرار، وتقديم الإسلام السياسي كمرادف للفوضى والاضطراب.

 

اللافت أن هذا التصنيف لا يستند إلى وقائع جديدة بل إلى تحولات في المزاج السياسي الأمريكي وتحالفاته، ما يؤكد أن القضية ليست أمنية بقدر ما هي صراع على المرجعية، وعلى من يحدد شكل الحكم في بلاد المسلمين: هل يكون مستنداً إلى عقيدتهم وهويتهم أم خاضعاً للنموذج المفروض من الخارج؟

 

إن خطورة هذا القرار لا تكمن فقط في تبعاته القانونية أو الإعلامية، بل في محاولته إعادة تعريف الإسلام في الوعي العام، من دين معني بالحكم والسياسة وتنظيم شؤون الحياة، إلى مجرد مكوّن ثقافي منزوع التأثير. وهو بذلك يشكل حلقة جديدة في سلسلة طويلة تستهدف إقصاء الإسلام عن موقعه الطبيعي بوصفه مرجعية جامعة للأمة.

 

في الوقت ذاته، يكشف هذا التصعيد حقيقة المعركة، ويؤكد أن الصراع ليس مع جماعة معينة، بل مع الإسلام كنظام حكم، ومع أي مشروع يسعى لإعادة السيادة للأمة على أساس عقيدتها. وهذا الإدراك وحده كفيل بأن يعيد توجيه البوصلة، ويُعمّق وعي الأمة بطبيعة المواجهة، ويمنحها وضوحاً أكبر في مسارها نحو التحرر الحقيقي.

 

وأمام هذا المشهد، يتضح أن التصنيفات الغربية ليست ميزان حق ولا مرجعية عدل، بل هي أدوات لإعادة تشكيل الواقع بما يخدم مصالح الهيمنة ويقمع أي محاولة للتحرر من التبعية. غير أن وعي الأمة لطبيعة هذا الصراع هو الخط الفاصل بين الارتهان والنهضة، وبين الانقياد وصناعة المصير. فحين تدرك الشعوب أن الهجوم ليس على أسماء أو تنظيمات، بل على هويتها وحقها في أن تحكم بما تؤمن به، تصبح أكثر قدرة على إفشال المخططات، وأكثر ثباتاً في طريق استعادة دورها الحضاري. ومهما اشتد الضغط وتشوهت الصورة، تبقى الحقيقة أن الإسلام لم يكن يوماً طارئاً على الحكم، بل هو الأصل الذي به تقوم العدالة وتستقيم الحياة. قال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

دارين الشنطي

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.