- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعب القرغيزي يؤكّد عدم ثقته بالديمقراطية
الخبر:
بحسب التقديرات الأولية، شارك مليون و556 ألف شخص في انتخابات نواب المجلس الأعلى التي جرت في 30 تشرين الثاني/نوفمبر. ولا يشكّل هذا الرقم سوى 36% من مجموع الناخبين، الذين يبلغ عددهم 4 ملايين نسمة.
التعليق:
لم تُثمر محاولات السلطة الرسمية في زيادة مشاركة الناس في الانتخابات البرلمانية الجديدة. فقد أُتيح للناخبين الإدلاء بأصواتهم في أي مركز اقتراع يشاؤون، كما كثّف المسؤولون دعواتهم للناس للتصويت قبل يوم الاقتراع. ومع ذلك، فقد أثبت الشعب القرغيزي، بمقاطعته الانتخابات، أنه فقد ثقته بمعظم ممثلي السلطة والمعارضة على حد سواء.
وتؤكّد الإحصاءات الانتخابية السابقة أيضاً تراجع ثقة الشعب بالنظام الديمقراطي. فعلى سبيل المثال، بلغت نسبة المشاركة في انتخابات عام 1995 نحو 76%، وفي عام 2000 بلغت 58%، وفي عام 2005 بلغت 60%، وفي انتخابات 2007 بلغت 74%. أمّا في عام 2010 فكانت 59.19%، وفي عام 2015 بلغت 58.85%، وفي عام 2020 وصلت إلى 56.5%. وفي انتخابات عام 2021 لم تتجاوز نسبة المشاركة 34.61%. ومما سبق يتبيّن أنّ مشاركة الشعب في الانتخابات تتناقص باستمرار.
إنّ الواقع يؤكّد أن عدد المشاركين في الانتخابات يُعَدّ مؤشراً على ثقة الناس بالنظام الديمقراطي. وبعبارة أدقّ، فإنّ أغلبية الناخبين في قرغيزستان أعلنوا مقاطعتهم للانتخابات! لأنّ الشعب قد سَئِم من الديمقراطية ذاتها، ومن سلطة لا يختلف بعضها عن بعض، ومن انتخابات لا تخدم إلا مصالح الموظفين وأصحاب المال.
والسبب في ذلك هو أنّ الحكومات التي تعاقبت على قرغيزستان منذ (استقلالها) عملت جميعها، وبلا استثناء، على إضعاف الدولة وإفقار الشعب. ولم يختلف الحكّام الذين جاؤوا عبر الانتخابات أو عبر الانقلابات بعضهم عن بعض في هذا المسار. هذا بالإضافة إلى تفشّي الفساد والظلم وكذلك الانحلال الأخلاقي، ولا شكّ أنّ السبب الأساسي لذلك هو النظام الديمقراطي الذي يحكمون به، إذ إنّ القوانين لا تخدم إلا مصالح قِلّة من الناس.
ويقول مؤيدو النظام الديمقراطي إنّ صوت الأغلبية هو القوة الحاسمة، غير أنّ الانتخابات التي جرت في قرغيزستان أثبتت أن هذا الكلام مجرد شعار فارغ؛ فلو كان رأي الأغلبية يُعتدّ به حقاً، لوجب إلغاء نتائج أيّ انتخابات قاطعها 60–70% من الناخبين.
إنّ الإسلام يُخالِف النظامَ الديمقراطي القائم اليوم مخالفةً تامّة، ولا مكان فيه لسنِّ القوانين من البشر. قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾.
وفي مسألة الانتخابات والاختيار، فإنّ الشريعة الإسلامية لها أحكامٌ خاصة بها تختلف عن الانتخابات في الغرب والأنظمة الفاسدة المطبَّقة اليوم في بلاد المسلمين. فالانتخاب في الإسلام يجرى دون أيّ ضغط أو إكراه، ويحقّ لكل مسلم، إنْ كان يرى في نفسه الكفاية، أن يرشّح نفسه بشرط أن يكون الإسلامُ أساسا لجميع الأعمال.
وخلاصة القول: يجب على المسلمين ألّا ينخدعوا بالانتخابات في النظام الديمقراطي، كما يجب أن نقف بحزمٍ أمام كل الجهود الرامية إلى دفع الناس للمشاركة فيها، لأنّ دخول برلمانٍ أو حكومةٍ لنظامٍ مجرم إنما يعني إطالة عمر المجرمين. فالانتخابات ليست إلا أداةً لصرفنا عن الهدف العظيم، وهو إسقاطُ النظام الرأسمالي الذي يدعم هذا النظام الخبيث الغارق في الإفساد والفساد، وإقامةُ الإسلام في واقع الحياة بديلاً عنه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نور الدين أسانالييف