- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللطيمة اللطيمة يا أهل السودان!
الخبر:
أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم الاثنين 15 كانون الأول/ديسمبر 2025، في بيانٍ لها، أن الاتحاد الأوروبي بدأ بنقل المساعدات الإنسانية إلى إقليم دارفور السوداني جوّاً، وذلك بتكلفة تُقدَّر بنحو 3.5 ملايين يورو، مخصصة من ميزانية المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي.
وجاء في البيان أن "ثماني رحلات جوية ستقوم بنقل الإمدادات المنقذة للحياة إلى دارفور، حيث تسببت الفظائع الجماعية والمجاعة والنزوح المرتبط بالصراع في السودان في ترك الملايين بحاجة إلى المساعدة الإنسانية".
وقالت المفوضة إن الرحلة الأولى أوصلت نحو مئة طن من المساعدات يوم الجمعة الماضية، ومن المقرر تسيير رحلات أخرى خلال كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير. وتشمل السلع التي جرى إيصالها مواد للإيواء، ومياه، ومواد تعقيم ونظافة شخصية، إضافة إلى إمدادات طبية. (رويترز، 15/12/2025م)
التعليق:
ما كان للاتحاد الأوروبي أن يقوم باختراق المجال الجوي السوداني، المعلن إغلاقه أمام الملاحة الدولية، وفي بؤرة تُعدّ الأكثر اشتعالاً وحساسية مثل الفاشر، لولا أن هناك أمراً قد دُبِّر بليل مع حكومة السودان.
والسؤال هنا: هل الاتحاد الأوروبي منظمة خيرية؟ أم مؤسسة سياسية قائمة على أساس النظام الرأسمالي، الذي لا علاقة له بالإنسانية إلا من زاوية كونها وسيلة للتدخل في الصراعات، لتحقيق أهدافه السياسية أو الاقتصادية أو حتى العسكرية؟
وعلى الرغم مما صم آذاننا من حديث عن الشفافية في اتخاذ القرارات، وأن الشعب السوداني هو من يقرر، إلا أن كثيراً من الأعمال السياسية الثقيلة الوزن كانت تتم من وراء ظهر الشعب.
ومن أخطر تلك الأعمال التي أُنجزت خلسة اللقاء الذي تم بين البرهان ونتنياهو في أوغندا بتاريخ 2/2/2020، والذي أعلن الناطق الرسمي للحكومة حينها أن الحكومة لم تُخطر به.
ثم توالت تلك الأعمال السرية؛ فقد حصلت صحيفة الشرق الأوسط على نص الاتفاق الذي تم توقيعه في العاصمة البحرينية (المنامة) في 20 كانون الثاني/يناير 2024، بين الجيش السوداني بقيادة نائب القائد العام شمس الدين الكباشي، والقائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، والذي كشفت عنه صحيفة السوداني المحلية، الصادرة في 19/2/2024م.
وكذلك اللقاء الذي تم بين البرهان ومسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، في سويسرا، والذي تم إنكاره رسمياً من جانب الحكومة.
ثم المفاوضات غير المباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي أُحيطت بسرية تامة، رغم إعلان وسائل الإعلام ودبلوماسيين عن انطلاقها يوم الخميس 23 تشرين الأول/أكتوبر في واشنطن، برعاية أمريكية، والتي لم يعرف عنها أهل السودان شيئاً إلا عبر التسريبات الإعلامية.
وأخيراً وليس آخراً، تلك المفاوضات التي تم بموجبها تسليم منطقة هجليج، ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، لدولة أجنبية لتتولى حمايتها والإشراف على إدارتها. حيث قال المتحدث باسم حكومة جنوب السودان، أتيني ويك أتيني، خلال مؤتمر صحافي يوم الخميس: "تم التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين القوات المسلحة في جنوب السودان، والقوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، يمنح القوات المسلحة في جنوب السودان المسؤولية الأمنية الأولى لحقل هجليج النفطي، في سياق التوتر المتفاقم". (صحيفة الشرق الأوسط، 11/12/2025م)
وعلى الرغم من أن زيارة الرئيس البرهان إلى السعودية كانت معلنة، إلا أن لقاءه بمسعد بولس هناك كان سرّاً، كما أعلنت صحيفة سودان تربيون في 16/12/2025م.
وفي سياق متصل، نقلت وزارة الخارجية السودانية تصريحات لوكيلها، معاوية عثمان خالد، قال فيها إن البرهان أعرب عن تقديره الكامل لجهود ولي العهد السعودي لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، ولعزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانخراط في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب في البلاد، بمشاركة المملكة العربية السعودية. وأكد البرهان، وفقاً للبيان، حرص السودان على العمل مع الرئيس ترامب ووزير خارجيته ومبعوثه للسلام في السودان من أجل تحقيق هذه الغاية. (ألترا سودان، 16/12/2025م)
إن تقدير البرهان للرئيس ترامب، وحرصه على العمل معه ومع وزير خارجيته ومبعوثه للسلام، يدل على أن تحت الرماد وميض نار الهدنة المزعومة، وقد بدأ شررُه يتطاير، وهو مظنة أن يحرق وحدة البلاد.
إن المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ واحد مرتين، وها نحن نمد أيدينا لتلك الأفعى الأمريكية التي لدغتنا لدغة فقدنا على إثرها ثلث السودان الغني.
وقد نبهتُ في مقالة سابقة بعنوان "بابنوسة على خطا الفاشر"، إلى أن سقوط بابنوسة ستتبعه مدن أخرى، وها هي هجليج قد سقطت، وكادقلي والدلنج محاصرتان وتُقصفان بالمدافع، وكل ذلك من أجل الضغط للقبول بالهدنة المشؤومة.
وها أنا اليوم أستصرخكم: اللطيمة اللطيمة... إن الساكت عن الحق شيطان أخرس! لقد سكتنا عن فصل الجنوب فضاع، وسكت المسلمون من قبلنا عن إسقاط الخلافة العثمانية، فضاعت وحدة المسلمين، وانكسرت شوكتهم، وسقطت هيبتهم، وإن سكوتنا اليوم سيجعلنا غداً نبكي على بلدنا كالنساء، إن لم نحافظ عليه كالرجال!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان