Logo
طباعة
ثلاثُ سنوات من حكومة مدني: حقيقة الإصلاح الفاشل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ثلاثُ سنوات من حكومة مدني: حقيقة الإصلاح الفاشل

 

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

بعد ثلاث سنوات في السلطة، لا تزال حكومة مدني بقيادة داتوك سري أنور إبراهيم تحتفل بذكراها السّنوية عبر برامج وفعاليات وشعارات متنوعة تتمحور حول سردية الإصلاح الوطني. إلا أنّه وراء نبرة الاحتفال وخطاب التغيير المتكرّر، يُشيرُ واقع الشّعب إلى حقيقة لا يمكن إنكارها: أنّ الإصلاحات الموعودة لم تُترجم إلى تحول هيكلي حقيقي. فلم تتقلّص الفجوة بين التوقعات والواقع، بل على العكس، اتّسعت.

 

التعليق:

 

رُوِّج لاسم "مدني" كرمز للعدالة والنزاهة والتقدم الحضاري. إلا أنه بعد ثلاث سنوات، تبيّن أن هذه المقاربات شكلية إلى حدّ كبير، إذ لم تعالج الأسباب الجذرية للاختلالات النظامية.

 

ويتجلّى هذا الفشل بوضوح في مجال إصلاح المؤسسات العامة. فالوعود بتعزيز استقلالية وكفاية هيئات إنفاذ القانون، مثل هيئة مكافحة الفساد الماليزية والشرطة الملكية الماليزية، لم تُترجم إلى تغييرات هيكلية تضمن استقلالية مؤسسية حقيقية. ولم يُجرَ أي إصلاح قانوني شامل لفصل النفوذ السياسي عن عمليات الإنفاذ، ولا إنشاء آليات جديدة تُعزّز المساءلة بشكل فعّال. ولا يزال التصوّر العام عن الانتقائية في تطبيق القانون والملاحقة القضائية ذات الدوافع السياسية راسخاً، ما يعكس حقيقة أنّ الفساد والتسريبات النظامية لم تُعالج بشكل حاسم بعد.

 

وفي المجال الاقتصادي، تُبرز الحكومة باستمرار انخفاض معدلات التضخم كدليل على الإدارة الاقتصادية السليمة. إلا أن هذه الإحصاءات الرسمية لا تعكس واقع الحياة اليومية. حيث تستمر تكاليف الغذاء والسكن والمواصلات والتعليم في الارتفاع، ما يُلقي بعبء متزايد على الأسر ذات الدّخل المنخفض والمتوسط. وبالنسبة للعديد من العائلات، فقد أجبرها عبء تكاليف المعيشة على اتخاذ قرارات صعبة، ما أدّى إلى التضحية بالاحتياجات الأساسية كالتغذية والرعاية الصّحية وتعليم الأطفال. يُؤكد هذا الوضع أن الصعوبات الاقتصادية التي يُعاني منها الناس ليست مؤقتة، بل إنها متجذّرة في بنية اقتصادية هشة، تتسمُّ بنقص فرص العمل ذات الدخل المرتفع، واتساع الفجوة بين الأجور وتكاليف المعيشة، وضعف شبكة الأمان المجتمعي.

 

لهذه الهشاشة الاقتصادية عواقب وخيمة على استقرار المجتمع. فلم يُترجم الطموح لبناء مجتمع مدني قائم على القيم إلى تحسين اجتماعي حقيقي. تُعدّ الإحصاءات المتزايدة لحالات الحمل من الزنا بين المراهقات مؤشراً صارخاً على ضعف السياسات التعليمية والمؤسسات الأسرية وأنظمة الدعم الاجتماعي. لا يُمكن اختزال المشكلات الاجتماعية المتفاقمة إلى فشل أخلاقي فردي فحسب، بل هي أعراض لفشل منهجي من جانب الدولة في معالجة الضغوط الاقتصادية وتآكل القيم وتشتّت السياسات الاجتماعية. إن الخطاب الأخلاقي دون إصلاحات جذرية شاملة لا يُخفي سوى الأسباب الحقيقية للانهيار الاجتماعي.

 

في الوقت نفسه، لا تزال أجندة مكافحة الفساد واستغلال المال السياسي محلّ جدل واسع. فعلى الرّغم من الادعاءات المتكررة بالالتزام القوي بجهود مكافحة الفساد، إلا أن ثقة الناس تتآكل باستمرار. وتثير الإجراءات التي تُعتبر انتقائية - بما في ذلك الاعتقالات التي طالت شخصيات سياسية محددة – تثير تساؤلات جدية حول ما إذا كان الفساد يُستأصل فعلاً أم أنه يُدار فقط وفقاً للمصالح السياسية. وفي مجال السياسة الخارجية، أثارت اتفاقيات تجارية مثل اتفاقية التجارة الحرّة مع الولايات المتحدة مخاوف بشأن السيادة الاقتصادية الوطنية.

 

وبناءً على هذه الحقائق مجتمعة، نصل إلى استنتاج يصعب تجاهله وهو أنّ فشل الإصلاح لا ينبع فقط من الأفراد في السلطة، بل من النظام الديمقراطي الرأسمالي نفسه، الذي يُعيدُ إنتاج النخبوية والفساد والظلم بنيوياً. ومن ثم، لا يمكن تحقيق تحول حقيقي من خلال تعديلات جزئية أو إصلاحات شكلية. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التطبيق الشامل للنظام الإسلامي، الذي يشمل الحكم والاقتصاد والتعليم والقانون والنظام الاجتماعي، والمبني على العدل والثقة والمساءلة. ولا يمكن القضاء على الفساد والظلم بشكل فعّال إلا بإعادة هيكلة النظام من جذوره، بدلاً من معالجتهما بشكل سطحي. هذه هي الحقيقة التي تجب مواجهتها لتحقيق تغيير حقيقي، لا مجرد وعود.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد – ماليزيا

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.