- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو الحاكم الحقيقي لتونس؟؟؟
الخبر:
في 26 آذار/مارس 2018، أدلى السيد ميتسوهيرو فوروساوا، نائب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بعد استكمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي، أدلى في بيان له أنه من الضروري في الفترة القادمة تحقيق تحسن كبير في تنفيذ برنامج صندوق النقد، من ذلك:
- زيادة الإيرادات الضريبية
- عدم منح زيادات جديدة في الأجور
- سَن زيادات ربع سنوية في أسعار الوقود
- القيام بزيادات لإدخال أسعار الفائدة الحقيقية في النطاق الموجب
- مرونة سعر الصرف لتصحيح ما تبقى من تقييم مُبالَغ فيه لسعر الصرف الحقيقي
التعليق:
اليوم في تونس، بان علانية أن حكومة الشاهد وكل الحكومات السابقة، وإن اختلفت أسماؤها وألوانها وأصحاب الكراسي فيها، هي وفيّة كل الوفاء، لا لمطالب الثورة واستحقاقاتها من تشغيل وتنمية وحق العيش الكريم، بل لأوامر وشروط وإملاءات صندوق النقد الدولي فهو صاحب اليد العليا والحاكم الحقيقي والذي لا يرد له طلب.
وما رسالة الذل والتبعية التي وجهها وزير المالية ومحافظ البنك المركزي سنة 2013 وتم دعمها برسالة أخرى في أيار/مايو 2016 إلى مديرة صندوق النقد الدولي، التي أعلنا فيها وتعهدا بالخضوع التام لهذه المؤسسة الاحتكارية الرأسمالية، والرجوع إليها أو بالأحرى استئذانها في كل الإجراءات والإصلاحات الهيكلية التي تمس جميع القطاعات وعلى رأسها السياسة النقدية والاقتصادية، إلا دليل على ذلك.
إن هذه الحكومات، ما هي إلا أداة تنفيذ لأوامر وقرارات المؤسسات الرأسمالية العالمية، وما يزعمون من سيادة وإرادة ومنوال تنمية وبرامج اقتصادية إن هو إلا ضحك على الأذقان وتضليل للشعوب، وإن منوال التنمية الوحيد الذي تتوجه نحوه البلاد هو منوال صندوق النقد الدولي وشروطه الملغمة.
ويتضح مما تقدم أن سياسة صندوق النقد الدولي التي تسعى حكومة الشاهد لتطبيقها بمزيد الرفع من الضرائب على الأجراء والحد من الإنفاق على الخدمات العمومية ـ صحة، وتعليم، ونقل ـ وتسريح مزيد من الموظفين وتجميد الأجور، لا شك تواجه رفضا كبيرا من قبل الجماهير ومن قبل عامة الناس التي تستهدفها.
وفي الختام نقول:
إن الحكومات المتعاقبة، وبإذعانها المتواصل لشروط صندوق النّقد الدّولي وتوصياته، تعمل جاهدة على معاداة عموم الشّعب، وتُحمِّله، ادّعاءً، أعباء صعوبات الوضع الاقتصادي، وما تمرّ به البلاد من مخاطر.
وعلى النقيض من سياسة صندوق النقد الدولي الرأسمالية، فإن الإسلام يضمن توزيع ثروة الملكية العامة لموارد الطاقة والموارد المعدنية على الناس، فموارد الملكية العامة تعود للناس وليست للدولة أو لأفراد معينين، وتقوم الدولة بإدارة هذه الموارد لضمان استفادة جميع الرعايا منها، مصداقا لقول رسول الله e «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّار» رواه أحمد.
وإنّ صندوق النقد الدولي يضمن خنق الاقتصاد من خلال فرض الضرائب الضخمة على الفئة الفقيرة والمتوسطة، ويفرض زيادة الضرائب باستمرار، وخلافا لسياسة صندوق النقد الدولي، فإن الإسلام يأخذ في الاعتبار قدرة كل فرد على تحقيق احتياجاته الأساسية من غذاء وملبس ومسكن، وحتى عندما يفرض الضرائب، فإنه لا يفرضها على الفقراء والمحتاجين من الذين لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم الأساسية.
وعلاوة على ذلك، فإن صندوق النقد الدولي يربط سياسات الدول النامية الاقتصادية بنظام القروض الربوي مما يؤدي إلى تعميق المديونية، فالفائدة على القروض تبقي تونس غارقة في الديون على الرغم من أنها قد تدفع الدين الأصلي مرات عديدة. فالديون الآن تستهلك حوالي خمس الميزانية بأكملها، وهي بمليارات الدولارات سنويا، وما زالت تونس تغرق في مزيد من الديون سنة بعد سنة...
إن اللجوء المستمر، من الحكومات المتتالية، إلى إملاءات صناديق النهب الدولية، هو دليل واضح وصارخ على العجز الفكري والإفلاس السياسي الذي صبغ الأحزاب العلمانية الحاكمة في تصورهم للحلول اللازمة لمعالجة مشاكل الناس وكيفية تطبيقها على أرض الواقع، وهو عجز وفشل ضمني للنظام الرأسمالي المتبنى من طرف هذه الحكومات. فالنظام الرأسمالي، الذي يحمل فشله في أحشائه، قد أفلس ولم يعد لديه ما يسوّق إلا بعض المسكنات المؤقتة، وأنصاف الحلول الواهية الواهمة الكاذبة، التي مر زمانها ولم تعد تنطلي على وعي الأمة الإسلامية، ولم تعد قادرة على مجابهة إصرار الأمة على قلب الموازين والتحرر من تبعية الغرب الكافر والانضواء تحت قانون خالق السماوات والأرض، في دولة العدل والقسطاس، دولة الإرادة والسيادة، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز – تونس