- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نتنياهو مشروعٌ إجراميٌّ مدعوم بالصمت العربي
منذ عقودٍ والاحتلال يفتك بشعب فلسطين، لكن ما نشهده اليوم هو مرحلةٌ أشد قسوة، يقودها نتنياهو دون مواربة، بغطاءٍ أمريكي، متحدياً بآلته العسكرية التي لا تفرّق بين طفلٍ ومقاوم، ولا بين مستشفى ومركز لجوء.
ومع كل مجزرةٍ لا نسمع إلا إداناتٍ ناعمة، ومواقف مترددة، وبياناتٍ جوفاء لا توقف قصفاً ولا تنقذ روحاً!
أيها الحكام، اعلموا أن التطبيع لا يوقف الموت، وأن الذي هرولتم إليه لم يجلب لكم سوى الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة. لم يحفظ كرامتكم، بل زاد يهود استهانةً بكم، وأوغل في دمائكم. وإن أصواتكم وشجبكم لن تنفعكم، فمن يصافح القاتل لا يملك أن يتحدث عن الكرامة واستباحة الدار.
السكوت اليوم خيانة، والتبرير مشاركة في الجريمة، ومساهمة في دماء الأبرياء، تلك الدماء التي لا يغفرها التاريخ، ولا تغسلها بيانات الاستنكار والشجب المعيب.
رسالةٌ واضحة يوجّهها نتنياهو: لا فيتو لأحد!
وربما يظن حكامُ الخزي والعار أن التطبيع حماية، وأنهم خارج اللعبة. لكن عليهم أن يفهموا أن الدور سيأتي على الجميع إذا بقي الحال كما هو عليه. وإن سكوتكم على جرائم يهود خيانةٌ لله ورسوله ولشعوبكم.
نعم، ليس هناك استثناء. ليست قطر وحدها في مرمى الاستهداف، بل كل من يظن أن دوره لن يأتي فهو واهم. فالمشروع الأمريكي-الصهيوني لا يتوقف عند حدود غزة.
أيتها الشعوب، إن الحق لا يُستجدى من أنظمةٍ متخاذلة عميلة، بل يُنتزع بصوتكم وقوة وعيكم المتمسك بالحق. فالشعوب الحرة لا تموت، ولا تُشترى.
سيبتلعنا الصمت إن بقينا على هذا الجمود. فلتكن كلماتنا خناجرَ في وجه الخيانة، وصرخاتٍ في وجه التواطؤ. ولتكن القضية في القلوب قبل أن تكون في بيانات الشجب والاستنكار.
أيها المسلمون، يا أحفاد خالدٍ وصلاح الدين، يا أبناء الفاتحين، فمن بقايا الأجداد تنهض الأمم، لا تزال في قلوبكم جذوةٌ من أولئك الذين لم يبدّلوا ولم يساوموا. هؤلاء لم يكونوا أساطير، بل كانوا رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فامتلكوا الصدق مع الله، فأزاحوا الباطل وانتصروا.
إن صمت الأحرار مهما طال، لا بد أن يمزّق جدار الصمت.
وفي ظل هذه الوقائع، يبقى السبيل الوحيد لخلاص الأمة من عذاباتها هو استعادة مجدها وعزها، لتخرج من براثن العبودية الغربية وعفونتها، بالعودة إلى شريعة الله التي فيها عزنا، وذلك هو طوق النجاة.
ويحدّثنا التاريخ أن وحدة المسلمين كانت سرَّ قوتهم يوم كانوا صفاً واحداً تحت رايةٍ واحدة، يقودهم شرع الله، في ظل خلافةٍ بلغ الإسلام فيها مشارق الأرض ومغاربها. لكن حين تمزّقت وحدتهم، تكالب عليهم أعداؤهم، فصدق فيهم قول رسول الله ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا» فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ» فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».
فالعودة إلى طريق العزّة ليست شعاراتٍ تُردّد، بل مشروعُ خلاصٍ للأمة، لأنها منظومةٌ من العدل والقيم والكرامة والأخلاق.
لقد آن للمسلمين أن يدركوا أن خلاصهم وعزهم في عودة دولتهم الحامية، وأن هذا الرائد الذي لا يكذب أهله قد نذر نفسه، وافترش الطريق ليلبّي النداء. فهلمّ أيها المسلمون خلف هذا الرائد الذي لا يكذب أهله، من أجل الهدف العظيم الذي فيه عزّكم وخلاصكم من عفونة الغرب وحضارته المزيّفة.
أنتَ أيها المسلم، لا تعش أسير الأوهام، جَرِّد نفسك وارتقِ في طريق العزّة، طريق مَن سادوا، ليُرتَسَم في خطواتك الحائرون، ويهتدي بضوء نارك الضالون، منارٌ ينضوي تحت لوائه من ضلّ وارتدّ، وغرق في متاهات الرأسمالية الرعناء.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مؤنس حميد – ولاية العراق