- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة ميدانية لمسار القيادة العسكرية والسياسية في السودان
في زمنٍ تتكالب فيه الأزمات على السودان، وتتشابك فيه خيوط الحرب والدمار، يبرز سؤالٌ قرآنيٌ عميقٌ كصرخة لاجئ، وكأنها تُوجّه مباشرة إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً﴾.
هذا السؤال الذي طرحه نبي الله موسى على الرجل الصالح، حين رأى خرقاً في سفينةٍ كانت تحمل أناساً أبرياء، يعيد نفسه اليوم في وجه القيادة العسكرية التي خرقَت سفينة البلاد، لا لتنقذها، بل لتغرقها في مستنقع التقسيم والخراب والدمار.
الآية جاءت في سياق اختبار الحكمة الإلهية، حيث خرق الرجل الصالح السفينة لحكمةٍ خفية، وهي حماية أصحابها من ملكٍ ظالمٍ كان يغتصب كل سفينة سليمة.
لكن في واقع السودان، فإن الخرق الذي أحدثته القيادة العسكرية لم يكن لحكمة، بل كان فعلاً ظاهراً وباطناً نحو الغرق. لقد خُرقت سفينة السودان، لا لتنجو من الظلم، بل لتُغرق في بحر الفوضى، وتُسلّم لتيارات التقسيم والتبعية.
الخرق العسكري والسياسي:
تمكين قوات الدعم السريع
- تم تسليح قوات الدعم السريع وتوسيع نفوذها، في مقابل إضعاف القوات المسلحة، ما شكّل خرقاً ممنهجاً للمؤسسة العسكرية.
تصفية الكفايات
- تمت إحالة قيادات عسكرية ذات خبرة وكفاية إلى التقاعد، في حين تم التغاضي عن الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الخرطوم، ما كشف عن تواطؤ سياسي وعسكري.
التضليل الإعلامي
- في 15 نيسان/أبريل 2023، اندلعت الاشتباكات في العاصمة، بينما صرّح الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله قائلاً: "القوات المسلحة تسيطر على الموقف بالكامل، ولا توجد أي قوات للدعم السريع داخل الخرطوم، وما يُنشر هو محض شائعات".
لكن الواقع كان يُكذّب التصريح، إذ كانت قوات الدعم السريع متمركزة في مواقع استراتيجية داخل العاصمة، ما أدى إلى اشتعال الحرب.
النتائج الكارثية
نزوح أكثر من 5 ملايين شخص حتى أيلول/سبتمبر 2025، وفق تقارير الأمم المتحدة، وتدمير البنية التحتية في الخرطوم، بحري، وأم درمان، وانسحاب الجيش من دارفور، وتسليم ولاية الجزيرة لقوات الدعم السريع. ووُضعت البلاد على ماكينة التقسيم، وسط غياب الوعي السياسي، وتغوّل التدخلات الأجنبية.
المسؤولية السياسية والشرعية
- يتحمل قادة مجلس السيادة المسؤولية الكاملة عن الحال الذي وصلت إليه البلاد، نتيجة غياب الرؤية السياسية، وتغليب المصالح الأجنبية على مصلحة الأمة.
- رغم سماع تكبيرات الجيش في الجبهات، إلا أن غياب خطة واضحة للخروج من الأزمة يُظهر أن النصر العسكري لا يُترجم إلى نصر سياسي.
- يجب إخلاص النية لله الواحد القهار، ومحاسبة كل من تسبب في هذا الانهيار، وفقاً لشرعية الأحكام المتعلقة بالقتال، لا شرعية القوة.
دعوة إلى التغيير الجذري
إن السودان لا يفتقر إلى الأبطال، فالتاريخ يزخر بأمثال علي عبد اللطيف الذي قاتل الاستعمار بكل بسالة، وأسس جمعية اللواء الأبيض وجعل من حياته وقفاً، فاعرفوا الحق قبل أن تعرفوا أهله. والآن يوجد الرجال الذين صدقوا الله ما عاهدوه عليه، يحملون مشروعا متكاملا ليس للسودان فحسب بل قادر على إنقاذ العالم من شر الرأسمالية.
وعلى قادة اليوم أن يكونوا أنصاراً لله، لا أعواناً للباطل، كما نصر الأنصار في المدينة رسول الله ﷺ، ليكتب لهم النصر في الدنيا والآخرة، حتى يسطر التاريخ أسماءهم بأحرف من نور وليس في سجلات الخيانة!
إن الحل الجذري لا يكمن في ترقيع النظام بل في إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تُعيد للسودان وجهه المشرق وتُخرجه من دوامة الدماء والتبعية.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حاتم العطار – ولاية مصر