المكتب الإعــلامي
ولاية السودان
التاريخ الهجري | 25 من ذي الحجة 1439هـ | رقم الإصدار: ح/ت/س/67/ 1439 |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 05 أيلول/سبتمبر 2018 م |
الأخ الكريم/
رئيس تحرير صحيفة الأخبار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الموضوع: رد على الأمين العام لهيئة شئون الأنصار
في رده عن سؤال: هل هناك إمكانية لعودة الخلافة الإسلامية؟، أجاب د. عبد المحمود أبّو - الأمين العام لهيئة شئون الأنصار قائلاً: (في رأيي إن الخلافة تجربة سياسية، صلحت في فترة ما للدولة الإسلامية، والآن مع تطور الزمن من الصعب تطبيقها في هذه المرحلة، والعالم تحول إلى دويلات، كل دولة لها دستور يحكمها، وبالتالي النظام السياسي ليس لديه شكل ملزم للأمة، وإنما هناك مبادئ الحرية والشورى وفق هدي النبوة، أما أن تفرض علينا الخلافة الإسلامية بشكلها التاريخي فهذا غير ملزم لنا)، انتهت إجابة أبّو.
وكانت هذه الإجابة ضمن حوار تم إجراؤه مع الأخ أبّو في صحيفتكم الغراء العدد (1689) بتاريخ الاثنين 23 ذو الحجة 1439هـ، الموافق 2018/09/03م، نرجو كريم تفضلكم بنشر الرد الآتي:
أولاً: الخلافة ليست تجربة سياسية لفترة معينة، وإنما هي رئاسة عامة للمسلمين في الدنيا، وهي النظام السياسي الذي حدده الإسلام، وهي فرض مثله مثل كل الفروض التي فرضها الله سبحانه على المسلمين، وهو أمر محتم لا تخيير فيه، ولا هوادة في شأنه، والتقصير في القيام به معصية من أكبر المعاصي، يعذب الله عليها أشد العذاب. والدليل على وجوب إقامة الخليفة على المسلمين كافة، هو كتاب الله، وسنة رسوله e، وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم...
أما الكتاب، فإن الله سبحانه وتعالى أمر الرسول e أن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله، وكان أمره تعالى جازماً، قال سبحانه: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، والحكم بما أنزل الله في دولة بيّنه النبي e حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ».
أما السنة، فقد روى الإمام مسلم عن طريق نافع قال ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، والبيعة المذكورة في الحديث الأول لا تكون إلا لخليفة ليس غير، وما يحدث في بعض الدول من إعطاء البيعة للملوك والرؤساء، هو تضليل للأمة، وإيهامها أنهم في مقام الخليفة.
أما إجماع الصحابة، فإنهم - رضوان الله عليهم - أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله e بعد انتقاله للرفيق الأعلى، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم، وقد ظهر تأكيد فرضية إقامة الخليفة في تأخير الصحابة لدفن جثمان النبي e واشتغالهم بنصب خليفة، مع أن دفن الميت عقب وفاته فرض، والصحابة الذين يجب عليهم الاشتغال في تجهيز جثمان النبي e، انشغل قسم منهم بنصب الخليفة، وسكت قسم منهم عن هذا الاشتغال، وشارك الجميع في تأخير الدفن ليلتين، مع قدرتهم على الإنكار، وقدرتهم على الدفن، فكان ذلك إجماعاً من الصحابة بأن نصب الخليفة أوجب من دفن الموتى. إضافة إلى أن إقامة الدين، وتنفيذ جميع أحكام الشرع في شئون الحياة الدنيا والأخرى فرض على المسلمين بالدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بحاكم ذي سلطانٍ، والقاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، فكان نصب الخليفة فرضاً من هذه الجهة أيضاً.
وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، قال: (هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة، يُسمع له ويُطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة، ولا بين الأئمة، إلا ما روي عن الأصم، حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه).
وما كنا نحتاج إلى حشد كل هذه الأدلة عن فرضية الخلافة، التي أصبحت معلومة للمسلمين، يشتاقون لبزوغ فجرها في أية لحظة، لولا أن الذي أنكر فرضيتها، وعدم إلزاميتها هو رجل في مقام الأمين العام لهيئة شئون الأنصار.
ثانياً: استدل الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بالواقع، حينما قال: (العالم تحول إلى دويلات، كل دولة لها دستور...)، والواقع في حكم الشرع موضع للتفكير بالتغيير، وليس مصدراً من مصادر التشريع، وهو واقع مخالف لما يطلبه الشرع الذي يأمرنا بالوحدة، وعدم الفرقة، عندما يقول الله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾، و(جَمِيعًا) تعني جميع المسلمين. أما الدساتير، وهي دساتير وضعية، الأصل أن تُنبذ، ويُقام مكانها دستور الإسلام وأحكامه، فنحن عبيد لله، ولسنا عبيداً لمشرعين مخلوقين مثلنا، والحق أحق أن يُتّبع، لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال.
ثالثاً: لقد وعد الله هذه الأمة بالاستخلاف والتمكين، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، كما بشّر الحبيب e بعودة الخلافة على منهاج النبوة مرة ثانية في الأرض بعد الحكم الجبري، الذي نعيش آخر أيامه إن شاء الله، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ».
إبراهيم عثمان (أبو خليل)
الناطق الرسمي لحزب التحرير
في ولاية السودان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية السودان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة الخرطوم شرق- عمارة الوقف الطابق الأرضي -شارع 21 اكتوبر- غرب شارع المك نمر تلفون: 0912240143- 0912377707 www.hizb-ut-tahrir.info |
E-Mail: spokman_sd@dbzmail.com |