المكتب الإعــلامي
ولاية السودان
التاريخ الهجري | 20 من ربيع الثاني 1441هـ | رقم الإصدار: 1441 / 05 |
التاريخ الميلادي | الثلاثاء, 17 كانون الأول/ديسمبر 2019 م |
رد صحفي
حزب التحرير يقوم بأعماله استجابة لأمر الله ولا ينتظر إذناً من أحد
كتبت الصحفية لينا يعقوب مقالة على موقع باج نيوز، تعليقا على الوقفة التي نظمها حزب التحرير استنكاراً لانعقاد مؤتمر ما يسمى أصدقاء السودان جاء فيها: (وقف العشرات محتجين أمام بوابة قاعة الصداقة وهم يحملون لافتات تندد بانعقاد مؤتمر أصدقاء السودان. أولئك الأفراد المنتمون لحزب تحرير السودان، قالوا إنهم يرفضون ما أسموه تسول الحكومة واعتمادها على أموال المانحين في دعم الميزانية المقبلة، واعتبروا أن حل المشكلات الاقتصادية يكون عبر تفجير طاقات البلاد..! ولعمري هذا أغرب احتجاج يمر على تاريخ البلاد، أن تحتج دولة فقيرة على رغبة المجتمع الدولي في دعمها، وتعتبر أن في الأمر تسولاً رغم اعتماد الحكومة السابقة على القروض والمنح والهبات والإعانات، في تسيير أعمالها ومعاشها، بل ووسط فرحة عارمة من حزب التحرير والأحزاب القريبة منه..! كان المنظر جميلاً جداً ويؤكد على وجود حريات وديمقراطية. ورغم أننا وصلنا لمراحل ممتازة في الحريات المتاحة حالياً، هذا مشهد كان من المهم أن يراه أصدقاء السودان وهم يدخلون إلى قاعة الصداقة..!) انتهى
من الغريب أن يصدر من صحفي متابع للأحداث، الربط بين حزب التحرير والحكومة السابقة، رغم توفر المعلومات التي تزيل قطعا هذا الربط غير الصحيح، ولتسأل أختي الصحفية الباحثة عن الحقيقة نفسها، لماذا لا تلبين آلاف الدعوات الخاصة والعامة، التي وجهها حزب التحرير/ ولاية السودان للإعلاميين، ووسائل الإعلام لحضور فعالياته؟! فلا شك أن ذلك كفيل بأن يزيل هذا الربط الجهول بين الحزب وبين النظام البائد.
أما موضوع المجتمع الدولي وحقيقة دعمه فهذا ما يحتاج لتعمق واستنارة لأنه يخفى على الكثيرين ممن رضوا طائعين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال.
هناك حقائق لا يجهلها إلا مكابر تتعلق بهيمنة الغرب الأوروبي الكافر المستعمِر على منطقة البلاد الإسلامية هيمنةً كاملة وهو يمارس عليها كل أشكال السيطرة والإذلال والإخضاع، كان ذلك بعد أن تمكن من إسقاط الدولة الإسلامية، الخلافة العثمانية وإقصاء المسلمين عن السياسة الدولية، وتمكن من بسطِ نفوذه على كافة الأقطار التي أنشأها بموجب اتفاقية سايكس بيكو، والسودان إحدى هذه الدويلات، ثم استلمت أمريكا الدور الاستعماري في منتصف القرن الماضي لتقود الغرب الكافر في مواصلة الاستعمار، وحملِ مشعل الرأسمالية المتوحشةِ في مهمة إخضاعِ العالم كله وعولمة وجهة النظر الغربية.
والمتتبع للأحداث يجد بما لا يدع مجالا للشك، أن المجتمع الدولي هو شريك كل الأنظمة القائمة في جرائمها ضد شعوبها، وذلك بالدعم الذي تقدمة بقدر ما يبقي هذه الأنظمة متسلطة، تنفذ ما يُطلب منها على حساب شعوبها، وإلا فكيف يعمر حكام فاشلون في الحكم عشرات السنين؟ ولماذا لم تسارع الدول الغربية في إزاحتهم؟
إن الواعي لا يستغرب وجود حكام يكونون مجرد أدوات للاستعمار! ذلك عندما يعلم أن الغرب يعيش في بحبوحة نتيجة لما ينهبه من دول العالم الثالث كما ذكر ذلك رئيس فرنسا الأسبق شيراك، حيث قال: (لولا أفريقيا لكانت فرنسا دولة من دول العالم الثالث)، أما الشعارات الإنسانية التي يروج لها الغرب، فما هي إلا محض كذب وخداع، وأفعالهم خير شاهد على جريمتهم في دعم الطغاة وتثبيتهم ومحاربة كل محاولات التحرر من سيطرة هذه المنظومة العالمية، التي تؤيد قتل أهل فلسطين بدم بارد! أما الشام وطاغيتها بشار فتأييد الغرب له يراه كل ذي عينين، وأما السيسي دكتاتور ترامب المفضل، فلا تسأل عن ذبحه لمعارضيه وهم في عمر الزهور، ولا ننسى مسلمي الروهينجا وتركستان الشرقية وأفريقيا الوسطى.
الغريب أنه ما زال هناك من يثق بهذه الدول ويُصدق شعاراتها فتراه لا يفتأ يستجديها ويطلب نجدتها، رغم أنها خذلت من سبقه في الحكم، إلا أنه لا يزال يجد لها مبررات تخاذلها ويُصر على أنها المُخلّص له! فنجد هذا الجري من حكام السودان الجدد وراء الدعم الذي يحلمون به من منظومة الرأسمالية، رغم علمهم بأنه دعم مقيد ومربوط بتنفيذ أجندة الهيمنة والسيطرة... لذلك فإن كل من يبارك ويؤيد هؤلاء الحكام في استجدائهم بعقد مؤتمرات المانحين هو بذلك يأخذ دوره المنوط به في التبعية والاستعباد للغرب.
ولا يبرر أحد أن هذه سياسة خارجية لأن السياسة الخارجية في حقيقتها لأي دولة يجب أن تقوم على أسس معينة ومعايير خاصة، تنبع من عقيدة تلك الدولة ومفاهيمها عن الحياة التي ترعى بها شؤون من يحملون تابعيتها في مجال العلاقات مع غيرهم من الأمم والشعوب والدول، ويجب أن لا يكون المسلمون في يوم من الأيام جزءاً من أية منظومة سياسية عالمية أو إقليمية، بل يجب أن يكونوا كما كانوا في ظل دولة تنتهج سياسة مستقلة ترتكز على الأحكام الشرعية التي تقدم مصلحة الإسلام والمسلمين.
إن العلاقات الخارجية منذ الاستقلال المزعوم، لم تكن علاقات مستقلة، تبنى على عقيدة الإسلام وتتبنى مصالح الشعب، بل هي حتماً مبنية على مصالح الدول الكبرى المستعمِرة، وضد مصالح أهل البلد، لذلك نرى على حكامنا هذه الحالة من التخبط، والنفاق، والاستخذاء للعدو الكافر الذي جعل الحكومات السابقة تتبنى نظام الخصخصة وتسهيل الاستثمارات الأجنبية التي لم تُبقِ مرفقا ولا مشروعاً إلا ووهبته للأجنبي، تكرماً وتفضلاً، وأهل البلاد لم يَبقَ لهم إلا الضنك، ولم يرعوِ من قالوا إنهم جاؤوا لنسف كل ما حكمت به الإنقاذ وهم اليوم على خطاها سائرون!
لقد بينت الأدلة الواقعية حقيقة هؤلاء الشركاء بما لا يدع مجالاً للشك حيث لا يمكن أن يقال بأن هناك رغبة من المجتمع الدولي بدعم السودان، بل من السطحية أن يظن المرء أن الدول الغربية هي دول مانحة، أو أنها تريد المساعدة! فجميع المشاريع السياسية التي تطرحها كل من أوروبا وأمريكا تهدف من منظور كل منها ورؤيته إلى ضمان الهيمنة سعياً منها لتنفيذ أجنداتها للسيطرة على مقدرات البلاد عبر القروض التي تتبعها روشتات صندوق النقد الدولي، والضغط لتسهيل الاستثمارات الأجنبية الكفيلة بتجفيف منابع المواد الخام، فلا أحد حتى من عوام الناس يمكن أن يظن أن الغرب تعتريه الشفقة بأهل السودان أو حرصاً على فقرائهم ومساكينهم، ولا شك أن تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي، عقوداً من الزمان، هو الذي أوجد هذه الحالة؛ فالبلاد غنية بثرواتها، وأهلها يعانون من شظف العيش، والغلاء الطاحن، والفقر...
لقد بات واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار أن الإعلام رغم الحيادية التي يدعيها، أصبح مجرد مطايا وأدوات بيد الكفار المستعمرين، وأنهم لا يحركون ساكناً تجاه فضح مخططات الغرب الرأسمالي الجشع، ولا يقومون بأي عمل سوى خدمة هذا الاستعمار والتطبيل له عبر الأقلام المأجورة، وإلا فكيف يتم تلميع عملهم الخبيث واعتبارهم أصدقاء أو شركاء وهم في الحقيقة أعداء ورأسماليون جشعون؟! ولو كان الإعلام صادقا فكل المعلومات الحقيقية التي تكشف الغرب وتعريه باعتباره مستعمراً يمتص دماء الشعوب، هذه المعلومات هي في متناول اليد، يقول زافير فورتادو، ممثل البنك الدولي في السودان: "الدين الخارجي الكلي للسودان يبلغ تقريباً 46 مليار دولار، وأصل الدين هو فقط 15% (حوالي 6.9 مليار دولار) من هذا المبلغ، أما 85% (أي 39.4 مليار دولار) من الدين، فهي جزاءات عدم الدفع، وخدمة الدين (يعني الربا)!" (صحيفة التيار).
كما أصبح واضحاً أن الدول الاستعمارية الكبرى لا تقدم أموالاً لمجرد مساعدة أهل السودان أو إعمار مناطق الحرب في دارفور أو إغاثة ملهوفيهم، وإنما تقدمها كثمن سياسي ومقابل سير الأطراف المعنية في المخططات والمشاريع الغربية، والحكام مجرد منفذين لهذا المخطط لما دخلوا طائعين مختارين في مصيدة الديون الربوية، فرهنوا البلاد والعباد لصندوق النقد الدولي، وروشتاته اللعينة، والبنك الدولي وسياسة القرصنة، والواقع يشهد أن جميع المساعدات التي قدمتها وتقدمها الدول الاستعمارية والمسماة بالدول المانحة هي أموال سياسية كشف عنها برقع الدجل والخداع الذي تغطيه بها الأقلام المأجورة وخداع الحكام الذي جنى أهل السودان منه انفصال الجنوب.
إن حزب التحرير لم يخرج في هذه الوقفة نتيجة الحريات المتاحة بل خرج استجابة لأمر الله القائل: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ فهو قد خرج في أيام تكميم الأفواه واعتقل كل أفراد الوقفة وعذبوا ونكل بهم ولم يثنهم ذلك عن عملهم الذي يعتبرونه واجباً مقدساً، وحزب التحرير لا يؤمن بفكرة الحريات التي فرح واحتفى بها من احتفى لأنها فكرة سياسية غربية، حتّم وجودَها نظامُ الحكم الديمقراطي؛ الذي يجعل السيادة للشعب، والشعب مصدر السلطات. وحتى يكون الشعب سيد نفسه، ويتمكن من ممارسة سيادته، وتسيير إرادته كاملة بنفسه، ليضع قوانينه وأنظمة حياته، وسائر تشريعاته، واختيار حكامه، كان لا بد (حسب الفكر السياسي للغرب الكافر) من الحريات العامة، وهي أربع: حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، وحرية التملك، والحرية الشخصية. إن فكرة الحريات فكرة باطلة، تناقض عقيدة الإسلام، لأن المسلم في أفعاله وأقواله ليس حراً يفعل ما يشاء، بل هو عبد لله سبحانه وتعالى، فلو بدّل دين الإسلام يُقتل، وهذا يناقض حرية الاعتقاد، ولو جاهر المسلم برأي كفر، أو برأي مخالف للشرع، يمثل أمام القضاء ليعاقب، وهذا يناقض حرية الرأي... إن الأساس للحقوق والواجبات عند المسلمين، إنما هو الإسلام (كتاب الله وسنة رسوله e، وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس شرعي). ويحرم على المسلمين الأخذ من غير عقيدة الإسلام، يقول المولى عز وجل: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، ويقول المصطفى e: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم.
الناطقة الرسمية لحزب التحرير في ولاية السودان – القسم النسائي
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية السودان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: www.hizb-ut-tahrir.info |
E-Mail: tageer312@gmail.com |