السبت، 19 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
ستكون خلافة على منهاج النبوة   أما منهاج ميكافيللي فهو منهاج أنظمتكم العلمانية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ستكون خلافة على منهاج النبوة

 

أما منهاج ميكافيللي فهو منهاج أنظمتكم العلمانية

 

 

نشر موقع جريدة الجزيرة السعودية بتاريخ ١٨ تموز/يوليو مقالا للكاتب الدكتور عبد الرحمن الحبيب بعنوان "خلافة على منهاج ميكافيللي"، أراد من خلاله أن يجدف عكس تيار الأمة الجارف الذي يتوق لليوم الذي يعز فيه المسلمون بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة، وعد الله وبشرى رسوله ﷺ، فبرغم أن النصوص واضحة بينة كنور الشمس في كون الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام، إلا أن الدكتور كاتب المقال يلف ويدور وينقل كلاما لبعض الكتاب المعاصرين من هنا ومن هناك ليوهم القارئ أن الإسلام لم يحدد نظاما للحكم، وأنه ترك الأمر للأمة تختار ما تشاء من أنظمة الحكم الموجودة في العالم، وأن الدولة حتى تكون دولة إسلامية "يكفيها أن تستند أنظمتها إلى التشريعات الإسلامية، أي اجتهاد بشري في إطار التزام بقيم الإسلام ومبادئه العامة في نظام الحكم كالعدالة والشورى والتزام الجماعة"، وهو يرى أن مصطلح خلافة إسلامية "يضفي على كيانها طابع القداسة الدينية الذي لا اجتهاد فيه"، ولا أدري كيف تفتق ذهن الكاتب عن هذا الكلام، وإنني أراه يريد أن يقول للناس (دعوكم من الخلافة الإسلامية ومن دعاتها فهي اختراع بشري أراد مخترعوه من الحركات الإسلامية إضفاء قداسة عليها حتى تنساقوا وراءهم)!، ونسي الكاتب أو تناسى نصوصا من سنة النبي ﷺ تؤكد أن الخلافة فريضة شرعية، وأن صحابة النبي أجمعوا على فرضية تنصيب خليفة على المسلمين بعد وفاة النبي، حتى إنهم انشغلوا بهذا الأمر وأخروا دفن النبي ﷺ مع لزوم التعجيل بدفنه  ﷺ.

 

ومن النصوص التي تجاهلها الكاتب أو ربما لم يسمع بها إن أحسنا الظن ما يلي:

 

روى مسلم عن طريق نافع قال لي ابن عمر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، والبيعة تكون للخليفة لا غير. وما روى مسلم عن أبي حازم قال: "قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي ﷺ قال «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر»، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم». وما روى مسلم أن النبي ﷺ قال «ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»،

 

والكاتب يعتبر عدم استخلاف النبي ﷺ لخليفته من بعده تأكيداً لعدم وجود نظام معين للحكم في الإسلام، مع أن هذه غير تلك، فالرسول ﷺ حدد شكل الدولة قبل انتقاله للرفيق الأعلى، ولكنه ترك أمر اختيار من يسوس الناس في هذه الدولة للأمة ضمن الشروط الشرعية التي يجب أن تتوفر في المرشحين لهذا المنصب كالإسلام والبلوغ والرجولة والعدالة والحرية وأن يكون من أهل الكفاية والقدرة، ومُكابرٌ مَن يدعي أن رسول الله ﷺ ما بعث إلا ليبين لنا علاقة الإنسان بربه فقط وما يشمل ذلك من عقائد وعبادات، فضلا عن دعوته للأخلاق الحميدة ومكارمها، وأنه ﷺ لم يكن أيضا حاكما وراعيا لشؤون أمته، بل كان رسول الله ﷺ أعظم سياسيٍّ عرفته البشرية، فقد أسس دولة، وليست أية دولة، بل كانت دولة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، دولة لها دستورها الذي شرعه الله ورسوله ﷺ، دولة لها كيانها السياسي الممثل في رأس الدولة وحاكمها ﷺ، الذي كان يولي الولاة والعمال، ويقلد القضاة الذين يفصلون الخصومات بين الناس، ويقود الجيوش لحمل رسالة الإسلام، ويعين قواداً للفرق والسرايا، وينيب عنه من يتولى أمر الناس إذا خرج في غزوة من الغزوات، ويوزع الأموال بين الناس بالحق كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء، ويرسل الكتب إلى الملوك والأمراء ويتلقى الكتب منهم. فإذا لم تكن تلك الأعمال من أعمال الدول فماذا تكون أيها العلمانيون؟!!!

 

والخلفاء الراشدون المهديون من بعده ﷺ لم يؤسسوا دولة من بعده كما يريد الجاهلون أن يدلسوا على الناس، ولا اخترعوا شيئا من عند أنفسهم، بل استلموا دولة متينة الأركان مكتملة البنيان أسسها رسولهم الكريم ﷺ، وتركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، كل ما في الأمر أن الدولة التي استلموها كانت دولة النبوة، أما دولتهم فقد سماها نبيهم بالخلافة، كانت في عصرها الأول راشدة على منهاج النبوة، تحولت بعد ذلك إلى ملك عضوض، وليس هذا لِعَيْبٍ في نظامها ولكنها طبائع البشر؛ فهي ليست دولة إلهية وليست دولة ملائكية، بل هي دولة بشرية يحكمها بشر وتحكم هي ببشر غير معصومين من الزلل والخطأ، وإمكانية إصلاح الخلل الذي طرأ على الدولة موجود؛ في أجهزة الدولة وطرق المحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الرجال الذين تخرجوا من مدرسة القرآن، وفي الأحزاب السياسية التي تقوم على مبدأ الإسلام، وعودة الرشد إلى نظام الحكم أمر ميسور إن صلحت النفوس وقويت العزائم، فضلا عن بشارة النبي ﷺ بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

يقول الكاتب "أن المفهوم السياسي الأول للخلافة ظهر بعد تدهور مؤسسة الدولة بالقرن الخامس الهجري"، وقد يكون صحيحا أن بدايات ما يسمى بفقه الأحكام السلطانية كانت في القرن الخامس الهجري، لكن هذا لا يعني أن فكرة الحاكمية لم تكن مبلورة عند المسلمين من اللحظة الأولى لتأسيس دولة الإسلام، وأنها لم تتبلور إلا في كتابات الماوردي وأبي يعلى وابن خلدون، وأقول لمن يروج لهذا الفهم المعوج؛ أن العرب لم تعرف للّغةِ العربية قواعد قبل (ملك النحو) أبي الأسود الدؤلي المتوفى 69هـ، ومن بعده الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى 170هـ وتلميذه سيبويه المتوفى 180هـ، وأنهم - أي العرب - عندما فسدَ اللسان العربي كانوا يخبطون في اللغة خبطَ عشواء!، بل ويلحنون في كلامهم قبل أن يأتيهم سيبويه إمامُ النحاة، ليضع لهم قواعد النحو باكتمال واقتدار، ولكنه لم يخترعها من عند نفسه بل استنبطها من كلام العرب الأقحاح، فهل جاء الماوردي أو غيره ممن كتب في الأحكام السلطانية بنصوص من عند نفسه؟، أم إنها نصوص وردت في سنة النبي ﷺ وفي سيرة الخلفاء الراشدين المهديين؟، ولعل النص الأول في وثيقة المدينة يوضح بما لا يدع مجالا للشك بأنها تؤسس لدولة قوامها المهاجرون والأنصار ومن تبعهم فلحق بهم، إذ هم وحدهم أمة واحدة من دون الناس، فالبند الأول يقول: «هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم. أنهم أمة واحدة من دون الناس». ثم يبين أحد أهم نصوص الوثيقة أن المرجع الوحيد بل والسيادة المطلقة في هذه الدولة هي لشرع الله سبحانه وتعالى، أي أن الحاكمية في هذه الدولة هي لله أي لشرعه سبحانه وتعالى، إذ تنص على: «وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله، وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره».

 

إذا خلص الكاتب إلى القول بأن "ظهور مصطلح «الخلافة» كمفهوم سياسي كان رد فعل على حالة مضطربة واستغلالاً لغوياً مكيافيلياً، وليس مصطلحاً أصيلاً في التشريع الإسلامي، أي أنه مصطلح دنيوي خاضع للاجتهاد والتغيير"، فإننا نخلص إلى القول بأن دولة الخلافة هي أهم أمر فَرَضَهُ رب العالمين، وهي أقوى من التشويه والتشويش، فهي مسطرة قولاً وفعلاً في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع صحابته الكرام، وهي بإذن الله ستعود خلافة راشدة على منهاج النبوة، أما منهاج ميكافيللي فهو منهاج أنظمتكم العلمانية التي كفرت بها الأمة ولفظتها لفظ النواة وبدأت تثور عليها لتتخلص منها وتلقي بها في واد سحيق. وإن الأمة باتت تتوق لذلك اليوم، بل وتعمل له بجد واجتهاد وإخلاص مع الله وصدق مع رسول الله ﷺ، وأمة هكذا حالها مع الله فهو سبحانه ناصرها لا محالة: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

عبد الله الشريف – بلاد الحرمين الشريفين

وسائط

2 تعليقات

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الأربعاء، 03 آب/أغسطس 2016م 20:15 تعليق

    بارك الله فيكم

  • Khadija
    Khadija الأربعاء، 03 آب/أغسطس 2016م 17:18 تعليق

    بارك الله بكم . ونسأله تعالى أن يَمُنَّ علينا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة .

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع