- الموافق
- 2 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-09-28
جريدة الراية: العالم بحاجة إلى الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وليس لدور الشرطي الأمريكي!
قال أندرس فوغ راسموسين "من واقع خبرتي في منصب رئيس وزراء الدنمارك وسكرتير عام حلف شمال الأطلسي، أعلم مدى أهمية الزعامة الأمريكية للعالم. لا شك في أن العالم بحاجة لمثل هذا الشرطي لكي تنتصر وتسود الحرية والازدهار على قوى القمع. والمرشح الوحيد القادر على شغل هذا المنصب هو الولايات المتحدة".
إن العالم بات يدرك هذا الدور الذي يفتعل المشاكل والحروب ويزرع الفتن ويغذي النزاعات ويبيع السلاح ثم يدّعي أنه صاحب الحل والرؤية بحكم القوة التي لديه ويفرض رؤيته بما يحفظ له مصالحه ويحقق النفوذ والتبعية والاستعمار له. وهي (أمريكا) لا زالت تقوم بدورها كشرطي عالمي بامتياز، رغم نفي مسؤوليها؛ ففي خطابه يوم 12 أيلول/سبتمبر، طالب باراك أوباما أعضاء الكونغرس بإرجاء التصويت على التدخل العسكري في سوريا. ثم قال، مخاطباً شعبه: "نحن لسنا شرطة العالم، لكن مبادءنا وقيمنا وأمننا القومي على المحك".
وهو يعلم كذبه وأن ما يحدث في الشام هو ما تريده أمريكا في حربها ضد الأمة الإسلامية، وحفاظا على عميلها المجرم بشار الأسد، وما دور روسيا وجرائمها إلا بوكالة أمريكية لتقوم بالدور نيابة عنها لإدراك أمريكا خطورة منطقة العالم الإسلامي عن باقي المناطق الأخرى في العالم، فهي وضعتها منذ البدايات ضمن الأمن القومي الأمريكي لأن هذه الأمة صاحبة مشروع حضاري، وهي أمة حية لا تموت وإن ضعفت؛ لذلك فهي تدرك خطورة هذه المنطقة على المبدأ الرأسمالي العفن الفاسد الذي أورث البشرية الضنك والشقاء وباعتراف أهله، فقد اعتبرت منطقة العالم الإسلامي خطا أحمر وأرادت أن تكون المنطقة خالصة لها دون شريك معها؛ فدخلت الحجاز سياسيا مبكرا، وأقامت انقلابا في مصر ضد الملكية ونصبت عميلا لها بدل العمالة الإنجليزية، وحوّلت حافظ أسد إلى تبعيتها، واحتلت العراق مباشرة، وضربت ليبيا والسودان والصومال، وبنت القواعد العسكرية في بلاد المسلمين وربطت الدول بالمساعدات الأمريكية والدولار حتى لا تخرج عن سياستها، وأقامت حكاما عملاء لها وبنت أوساطا سياسية تدين بالولاء لها ولحضارتها ووجهة نظرها.
إن جرائم أمريكا ضد المسلمين لا تعد ولا تحصى في أفغانستان والعراق والشام وفلسطين وهي الآن تعلن على الإسلام وأهله حربا صليبية حاقدة في طليعة أهدافها، ونهبا للثروات والمقدرات في بلاد المسلمين. لقد أدرك المسلمون مدى فظاعة الغطرسة الأمريكية في كافة حروبها ضدهم، لذلك نقول إنه آن للفجر أن يبزغ معلنا عهدا جديدا بإذن الله تعالى.
إن العالم بحاجة إلى نظام عالمي جديد يعيد للبشرية إنسانيتها بعيدا عن حضارة الغرب الفاسدة وشريعة الغاب التي تتحكم بمصائر الشعوب... كيف لا وقد اعترف ساسة الغرب بإفلاس النظام الرأسمالي؟ فمثلا يعترف ساركوزي الذي يصف الرأسمالية القائمة على المضاربة المالية بأنها «نظام غير أخلاقي» تسبب في «انحراف منطق الرأسمالية»، ويقول بأن «الرأسمالية لا بد أن تبحث عن قيم أخلاقية جديدة». أما بلير فقد دعا إلى نظام مالي جديد «يستند إلى القيم وليس الرغبة في تحقيق أعظم ربح ممكن في أقصر وقت». ثم ها هو بوش يقول «لقد تخليت عن مبادئ اقتصاد السوق لإنقاذ نظام اقتصاد السوق». وحين سئل روبرت زوليك رئيس البنك الدولي عما إذا كانت الدول النامية ستواصل الإيمان بالسوق الحرة بعد هذه الفوضى، أجاب: «إن الناس نتيجة هذه الأحداث الصادمة قد صارت مشوشة، ليس فقط في البلدان النامية، بل وفي المتقدمة أيضا». وتبين للعالم أكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان وأنها شعارات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها كفر وتبعية واحتلال وضنك وشقاء وذل ومهانة...
إن الإسلام إنما يتمثل وجوده في ظل طريقته وهي الكيان السياسي (دولة الخلافة على منهاج النبوة)، هذا الكيان السياسي لا يؤمن بالذرائع، ولا بكون الغاية تبرر الوسيلة، ولا يقتل البشرية بالقنابل النووية ولا الأسلحة الفتاكة التي تهلك الحرث والنسل والحجر والشجر، هذا الكيان الذي نثر الحبوب على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين، ولم يقل مات جوعا، وروي عن عمر بن الخطاب أنه كان يسير يوماً في الطريق فرأى رجلاً يتسول، فقال له ما لك يا شيخ؟ فقال الرجل: أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما أنصفناك، نأخذ منك شاباً ثم نضيعك شيخاً، وفرض له عمر رضي الله عنه عطاء من بيت مال المسلمين.
وقالت فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز: دخلت يوما عليه وهو جالس في مصلاه واضعا خده على يده، ودموعه تسيل على خديه، فقلت: ما لك؟ فقال: ويحك يا فاطمة، إني قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب، والأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد ﷺ، فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.
إن حاجة البشرية للخلافة الراشدة على منهاج النبوة كبيرة؛ فالبشرية تعيش القهر في أعلى صوره والذل في أبشع أنواعه، فشعوب تموت لا تعلم لماذا تموت! ودول تتحارب لا لشيء وإنما حروب بالوكالة! فمنذ أن زالت دولة الخلافة كم من حرب عالمية وقعت وكم من حروب إقليمية اندلعت ولا زالت؟ وكم من صراعات دموية حدثت وكم من ملايين البشر قُتلت؟! وسوف يدفع العالم أجمع والمسلمون بالذات فاتورة غياب دولة الرحمة والعدالة ودولة الإنسانية.
بقلم: حسن حمدان – الأردن
المصدر: جريدة الراية
2 تعليقات
-
بوركت كتاباتكم الراقية المستنيرة وإلى الأمام نحو إعلام يسعد قلوب المسلمين وينير عقولهم
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم