- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2017-02-08
جريدة الراية:
رداً على سياسات ترامب العدوانية:
حكام أوروبا يتحدّون وحكام المسلمين يسْتخذون
في الوقت الذي ترتفع فيه عالياً أصوات المندّدين من غير المسلمين في جميع أصقاع العالم بسياسات ترامب الخارجية العدوانية، يعمّ بلدان العالم الإسلامي صمتٌ مُطبقٌ وسكونٌ عجيبٌ إزاء عدوانية تصرفات وتصريحات إدارة ترامب العنصرية ضد المسلمين - بشكلٍ خاص - فلا تكاد تسمع لحكامهم ركزاً.
فالأوروبيون كانوا الأشرس في تحديهم فقد تحدّث رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك نيابةً عنهم في مؤتمر الاتحاد الأوروبي بمالطا الذي انعقد في 2017/2/2 في العاصمة فاليتا فقال: "إنّ مستقبل القارة الأوروبية على المحك، وإنّ تفكك الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة كارثة تاريخية، وأنّ على الأوروبيين أنْ يبقوا موحدين حتى لا يفشلوا"، ووصف تاسك تصرّفات ترامب بـ:"المقلقة وبأنّها تؤثر سلباً على مستقبل الاتحاد"، وأمّا المستشارة الألمانية فقد أكّدت من قبل على أنّ: "مصير أوروبا هو بيد دولها فقط"، فيما قال الرئيس الفرنسي رداً على تصريحات ترامب السلبية تجاه أوروبا:" إنّ الاتحاد الأوروبي ليس بحاجة لنصائح خارجية تقول له ما عليه فعله".
وبالمُقابل نجد حكام المسلمين الذين تطال دولهم إجراءات إدارة ترامب العنصرية أكثر من غيرهم، نجدهم ينبطحون ويستخذون ويُبرّرون ويتذرعون، فبينما يُمنع رعايا ست دول عربية وإيران من دخول الأراضي الأمريكية لأتفه الأسباب، وبينما يتم التحضير على قدمٍ وساق لاتخاذ إجراءات أشد قسوةً ضد رعايا الشعوب الإسلامية في المستقبل المنظور، وبينما تُهان مجتمعات المسلمين ويُعتدى على مُعتقداتها لا نجد حكامهم يفعلون شيئاً، أو يُحضّرون لفعل شيء، فهم راضون بما يلحقهم من إهانات، وصامتون على ما يُصيبهم من إساءات، وهذه هي طبيعة الأنذال العملاء المأجورين.
وبالرغم من أنّ إدارة ترامب صريحةٌ في إبراز عدائها للمسلمين، ولبلادهم، وبالرغم من أنّ ترامب نفسه، ومعه رجال إدارته قد كشّروا عن أنيابهم ضد كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين، بالرغم من ذلك كله فلم يُحرّك حكّامهم ساكناً، ولم يُفكروا مجرد تفكير بمواجهة هذا العداء الأمريكي السافر المعلن حتى ضدّهم.
وفي أول خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حفل تنصيبه استفزّ العالم الإسلامي بصليبيةٍ فاقت كل الحدود فقال: "إنّه سيوحّد العالم بهدف محو الإسلام المتطرّف من على وجه الأرض"، وكان ترامب قبل استلامه السلطة قد وصف السعودية بـ"البقرة الحلوب التي تُدرّ ذهبا ودولارات"، وأنّه "متى ما جفّ ضرع هذه البقرة ولم يعد يعطي الدولارات والذهب عند ذلك نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا ذبحها أو نساعد مجموعة أخرى على ذبحها وهذه حقيقة يعرفها أصدقاء أمريكا وأعداؤها وعلى رأسهم آل سعود"، وطالب ترامب بكل وقاحة النظام السعودي "بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخلياً وخارجياً".
أمّا مستشاره للأمن القومي مايكل فلين فقد اشتهر بتماديه في وصف الإسلام بأوصاف بذيئة منها أنّه "سرطان" وأنّه "في حالة حرب معه طوال العقد المنصرم"، ومنها "أنّ الخوف من المسلمين أمرٌ منطقي"، ومنها قوله: "أتحدى قادة العالمين العربي والفارسي أن يتحلّوا بالجرأة وأن يُعلنوا أن فكرهم الإسلامي سقيم ويحتاج إلى التعديل"، فهو لا يُميّز في هجومه بين الإسلام والمسلمين، ولا بين الحكام والمحكومين، يُهاجم الجميع ويعتدي على الجميع، ولا يُقيم وزناً للحكام العملاء فيحتقرهم ويُهزّئهم.
لكن بالرغم من كل هذا العداء السافر ما زلنا نجد تصريحات الحكام المسلمين وأبواق إعلامهم مُتحمّسة لاستمرار التعاون مع أمريكا، وزيادة التنسيق معها في محاربة ما يُسمّى بالإسلام المتطرف، فهذا الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف يقول: "أكّد السيسي في لقائه بوفد من معهد الشرق الأوسط الأمريكي على حرص مصر على إعادة الزخم في علاقتها بواشنطن، والمضي قدما نحو تعزيزها خلال الفترة المقبلة وزيادة التنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة" وأشار إلى "دور مصر في المواجهة الفكرية مع التنظيمات الإرهابية من خلال قيام المؤسسات المصرية بقيادة مؤسسة الأزهر الشريف بتصويب الخطاب الديني".
أمّا وزير الطاقة السعودي خالد الفالح فقد دافع عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص حظر دخول رعايا ست دول عربية وإيران لأمريكا، في مقابلة له مع بي بي سي فقال: "إن للولايات المتحدة الأمريكية الحق في ضمان سلامة شعبها، ولكل دولة الحق في القضاء على المخاطر التي يتعرض لها شعبها"، ووصف العلاقات بين السعودية وأمريكا بـ"القوية" و"العميقة للغاية" داعيا إلى "العمل معاً في القضايا الاقتصادية والاستراتيجية".
وأمّا وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان وخلال مؤتمر صحفي له في أبو ظبي فقال: "لا شك أنّ الدول لها الحق في أن تتخذ قراراتها السيادية، والولايات المتحدة اتخذت قرارا من ضمن هذه القرارات السيادية"، وأضاف: "إنّ هناك محاولات لإعطاء انطباع أن هذا القرار موجه ضد ديانة معينة"، معتبرا أنّ "هذا الكلام غير صحيح" بحسب زعمه، وهرع ملك الأردن إلى أمريكا ليكون أول مُبايع لترامب على مُحاربة الإسلام، وتحدّث وزير الخارجية السوداني عن عمق العلاقات الاستخبارية بين أمريكا والسودان راجياً من أسياده الأمريكان عدم فرض المزيد من العقوبات على بلاده.
وهكذا نجد حكام المسلمين يتملقون ترامب فتذل رقابهم تحت أقدامه، بالرغم من احتقاره لهم، فنجدهم يؤيدون سياساته العدوانية ضدهم وضد شعوبهم مُحاولين تبرير قراراته بالرغم من كونها وقحة سافرة في استفزازهم واستهدافهم.
فأي هوان هذا الذي بلغوه؟ وأي صغار هذا الذي استمرؤوه؟
فبعد كل هذا الذل والاستخذاء الذي أظهره حكام العار هؤلاء، أمَا صار واجباً على الشعوب الإسلامية أنْ تُجدّد ثورتها للإطاحة بهم وإسقاط عروشهم، والتخلص من تبعيتهم؟
إنّ أي كلام عن التصالح معهم - بعد انفضاح أمرهم - لم يعد مقبولاً ولا مُبرّراً، فلا ينبغي أنْ يصدر عن مسلمٍ عاقل أو مخلص، فلم يعد هناك مكان للإصلاح ولا مجال للمصالحة، فقد بلغ السيل الزبى، ولم يبق أمام هذه الشعوب المقهورة من خيارٍ معهم إلا الثورة والانتفاضة والتغيير.
بقلم: أحمد الخطواني
المصدر: جريدة الراية