- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2018-11-14
جريدة الراية: ثورة الشام بين مكر أردوغان وضفاذع المصالحات
لم يكن مشهد الجنوب "حوران" عندما وقع في فخ التآمر الدولي، بدعاً من الأمر، بل كان حلقة من مسلسل المؤامرات التي حاكتها دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، محاولة القضاء على هذه الثورة المباركة!
وقد كان دور "رجال المصالحات" و"الضفادع" بارزاً في ذلك، بل كان دوراً أساسياً وخطيراً قامت به حثالة من المتسلقين والمنتفعين، وكثير منهم كان قد أرهق الثورة والناس - عندما كانوا في صف الثورة - بأعمال مكشوفة رهنوا الثورة ووضعوا مصيرها بيد أعداء هذه الأمة عبر الموك والموم، أو من خلال المزاودة على المخلصين من أبناء الأمة الذين ما برحوا يحذرونهم من الانجرار إلى دهاليز الغرب والدخول معهم إلى الغرف السوداء، والتي كانت نتيجتها بيع التضحيات الجسام التي قدمها أهل الشام الصابرون المحتسبون الذين ما فتئوا يقدمون الغالي والنفيس في سبيل الوصول بالثورة إلى النصر المبين المتمثل في إسقاط هذا النظام العلماني وإقامة نظام الإسلام العظيم.
فقد ظنت هذه الفئة المنتفعة بروسيا والنظام خيراً، فوثقت بهم وسلمتهم نفسها في بداية الأمر، ثم سلمتهم أهلها وديارها "على شاكلة ابن مفلح الحنبلي فقيه دمشق أيام التتار"، الذي سرعان ما بدأ بالبطش والتنكيل به، بعد أن تمكن من دمشق وأهلها!
وهكذا أعاد التاريخ نفسه، فقد ألقي القبض على الكثير من هذه الفئة، إن كان في الجنوب أو في حمص والغوطة، كما صُفي العديد منهم، وكذلك سيق الآلاف من أبناء أهل الجنوب والغوطة وغيرهما من المناطق إلى جبهات القتال المشتعلة في المناطق المختلفة ليبطش بهم وليعودوا إلى بيوتهم جثثاً هامدة.
كما ابتدع النظام طريقة أخرى في الفتك برجال المصالحات، انتشرت هذه بشكل واسع في مناطق الجنوب، إذ قام بدفع أزلامه لرفع دعاوى ذات صبغة جنائية، أغلبها بتهمة القتل أو الخطف والترويع، ومن ثم شن حملة اعتقالات بحق هؤلاء، ليكتشفوا بأنهم وقعوا في فخ مسرحية خطيرة هي المصالحات.
ولهم أن يسألوا الضامن الروسي، عن ضمانته وجدواها، ولم يعلموا بأنه لا يرتجى من مثل هؤلاء إلا الغدر والخيانة، بعدما رأيناهم بأم أعيننا يسوون مدناً وقرىً عامرةً بالأرض، يدمرونها فوق ساكنيها، غير عابئين بأهلها إن كانوا شيوخاً أم أطفالاً ونساءً.
ولقد كان بوسعهم لو فقهوا مساعدة أهلهم أهل الشام الصابرين المحتسبين والاصطفاف بجانبهم ونيل شرف العمل معهم تحت قيادة الثلة الواعية التي لم تخذل أهل الشام يوماً منذ اندلاع ثورتها المباركة لإتمام مسيرة هذه الثورة، نحو تحقيق هدفها العظيم، ولكن يأبى الله إلا أن يميز الخبيث من الطيب، ويأبى الله إلا أن يمحق المنافقين بعد كشفهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد في الدنيا والآخرة.
وفي هذه الفترة التي تواجه الثورة أخطر مؤامرة حاكتها دول الكفر وتقوم على تنفيذها أدواتها الإقليمية بزعامة النظام التركي، نرى الكثير من أبناء الأمة لا يزالون غافلين، أو يتغافلون عن القيام بالعمل الحقيقي الذي من شأنه نصرة الثورة والوصول بها إلى بر الأمان، فهم لا يزالون يقومون بالدور نفسه الذي قام به رجال المصالحات وضفادع الجنوب، من الوثوق بالروس أهل الغدر المجرمين والعمل معهم والاستماع لهم، وكذلك هو الحال مع النظام التركي الذي بدأ يدندن على معركة شرقي الفرات، حيث طلب من الفصائل المؤثرة في الشمال تجهيز نفسها ومقاتليها لمساعدة الجيش التركي في مهمته هناك، وقد غاب عنهم أن الحكومة التركية تمتلك جيشاً عرمرماً هو السابع على مستوى العالم، وأنها ليست بحاجة لبضعة آلاف من المقاتلين…، لكنه الخداع الذي يقوم به هذا النظام، ليتمكن من تنفيذ ما تآمر زعيمه أردوغان والمجرم بوتين في سوتشي على أهل الشام عامة وعلى أهل إدلب بخاصة.
فقد رأى بأن مؤامرته هذه مكشوفة لأهل الشام الذين حباهم الله وتكفل بهم، وذلك من خلال إظهارهم لرفض سوتشي من خلال الأعمال الشعبية، من بيانات صدرت عن أغلب المدن والمناطق، ومن خلال التظاهرات الشعبية، وليس آخراً من خلال الوفود الشعبية من مناطق متعددة التي زارت النقاط التركية في إدلب، وحمّلوها كتباً إلى الحكومة التركية، عبروا فيها عن رفضهم لسوتشي ومخرجاته الخطيرة بحقهم وبحق ثورتهم التي قدموا في سبيلها الغالي والنفيس!
فعلى الفصائل والمجموعات والأفراد الذين لا تزال على أعينهم غشاوة أن يتنبهوا ويستفيقوا ويصحوا قبل فوات الأوان، فأدوات الكافر المستعمر لا تزال تفتك بثورتكم وبأهلكم وتكيد بكم لترجعكم إلى نير عبوديتها.
فالنظام التركي يريد أن يخرجكم من إدلب إلى شرقي الفرات ليمكن النظام وروسيا من أهل إدلب تماماً كما فعل عند تسليم حلب، ومناطق شرقي السكة، وهو كذلك مع روسيا يريدون فتح الطرقات الرئيسية التي بنتيجتها ستسلم مناطق شاسعة للنظام بدون إطلاق رصاصة واحدة، وسيستعيد شرعية كبيرة طالما فقدها لسنين، وستكون بمثابة فتح شرايين الحياة له، وسيكون النظام التركي على تماس معه، وحينئذ لن يدخل لإدلب شيء إلا بموافقة النظام.
أمام هذه المخاطر الجسام التي تحيط بأهلنا في إدلب، نسأل المقاتلين المخلصين والثوريين والفاعلين على الساحة ونقول ماذا أنتم فاعلون؟ ألا ترون مصير من وثق بالنظام وروسيا؟ ألا ترون نتيجة المفاوضات والمؤامرات التي تجريها هذه الدول وأنها كلها تكيد بكم وتريد القضاء عليكم؟
لذلك يتوجب عليكم قطع أواصر الغرب الكافر وأدواته الإقليميين، وعدم الوثوق بهم البتة، والعمل مع الثلة المخلصة من أبناء هذه الأمة التي تحمل مشروع خلاصكم، مشروع الإسلام العظيم، الذي سيكنس كل مخلفات الكافر المستعمر من بلادنا إن شاء الله تعالى.
فالعاقل من اتعظ بغيره.. والأمة لن تسامح من خذلها وتآمر عليها والتاريخ لا يرحم، والله يعلم السر وأخفى، ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [سورة غافر: 44]
بقلم: د. محمد الحوراني
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: جريدة الراية