الجمعة، 13 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
جواب سؤال: الجلباب وإرخاؤه وكيف أنه يميز الحرة عن الأمة!

بسم الله الرحمن الرحيم

  (سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

 على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")

 جواب سؤال

 الجلباب وإرخاؤه وكيف أنه يميز الحرة عن الأمة!

 إلى Mohamed Abou Youssef

 

 

السؤال:

 

شيخنا الجليل عطاء أبو الرّشتة حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

 جاء في كتاب النظام الاجتماعي صفحة 49 ما يلي: "ويشترط في الجلباب أن يكون مرخيا إلى أسفل حتى يغطّي القدمين، لأنّ الله يقول في الآية: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ. أي يرخين جلابيبهن لأنّ (من) هنا ليست للتبعيض بل للبيان، أي يرخين الملاءة والملحفة إلى أسفل" انتهى النقل.

 

إنّ الآية بتمامها هي كما يلي، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب: 59]، فإذا فُسّر الإدناء بالإرخاء، كما هو مبيّن أعلاه، يكون تمام المعنى غير مفهوم عندي في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ. فلا يستقيم المعنى في ذهني عندما يُطلب من النساء إرخاء الجلابيب إلى أسفل لأنّ ذلك سبيل لكي يعرفن فلا يؤذين، وما علاقة الإرخاء إلى أسفل بمعرفتهنّ وبالتّالي سلامتهنّ من الإيذاء، والمعاني الموجودة في كتب التفسير للإدناء هو بالنسبة لغطاء الرأس، ويكون تعليل الحكم ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ كما هو مبيّن في أسباب النّزول بخصوص الحرّة والأمة، فيكون معنى أوّل الآية منسجماً مع آخره.

 

 أفيدونا يرحمكم الله وأزيلوا عني هذا اللبس. والسّلام عليكم ورحمة الله.

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

إن سؤالك هو عما جاء في النظام الاجتماعي بالنسبة للجلباب وإرخائه وكيف أنه يميز الحرة عن الأمة... وقبل أن أجيبك عن قولك في السؤال "فلا يستقيم المعنى في ذهني"، قبل ذلك أعيد عليك من النظام الاجتماعي حول الموضوع ص 68-70:

 

(وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ فإنها لا تدل على تغطية الوجه بحال من الأحوال، لا منطوقاً ولا مفهوماً، ولا يوجد فيها أي لفظ يدل على ذلك، لا مفرداً، ولا من وجوده في الجملة، على فرض صحة سبب النـزول. فالآية تقول ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ومعناها يرخين عليهن من جلابيبهن، و(من) هنا ليست للتبعيض وإنما هي للبيان أي يرخين عليهن جلابيبهن. ومعنى أدنى الستر: أرخاه، وأدنى الثوب أرخاه، ومعنى يدنين يرخين. والجلباب هو الملحفة، وكل ما يستر به من كساء وغيره. أو هو الثوب الذي يغطي جميع الجسم. قال في القاموس المحيط: (والجلباب كسرداب وكسنمار: القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطي به ثيابها كالملحفة) وقال الجوهري في الصحاح: (الجلباب الملحفة وقيل الملاءة)، وقد ورد في الحديث: الجلباب بمعنى الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها. فعن أُم عطية رضي الله عنها قالت: «أمَرَنا رسولُ اللهِ r  أن نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ والأضحى، العواتقَ والحُيَّضَ وذواتَ الخدورِ، فأما الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصلاةَ ويشْهَدْنَ الخيرَ، ودعوةَ المسلمين. قلت: يا رسولَ اللهِ، إحدانا لا يكونُ لها جلبابٌ. قال: لِتُلبِسْها أختُها من جِلبابِها» أخرجه مسلم، ومعناه ليس لها ثوب تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيه، فأمر بأن تعيرها أختها من ثيابها التي تلبس فوق الثياب، فيكون معنى الآية هو: إن الله طلب من الرسول أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يرخين عليهن ثيابهن التي تلبس فوق الثياب إلى أسفل، بدليل ما روي عن ابن عباس أنه قال: الجلباب الرداء يسـتر من فوق إلى أسـفل. فالآية تدل على إرخـاء الجلباب - وهو الثوب الواسع - إلى أسفل، ولا تدل على غير ذلك... وقد ورد هذا المعنى في إرخاء الثوب إلى أسفل في الحديث الشريف، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله r : «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ» أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.) انتهى. فالجلباب هو الثوب الواسع من فوق إلى أسفل، وإن إدناءه هو إرخاؤه إلى أسفل.

 

 

ثانيا: أما سبب نزول الآية فقد كان لتتميز الحرائر عن الإماء، فالإماء لم يفرض عليهن الجلباب، وكان بعض المنافقين يتعرض للإماء بكلام على غير سواء وهو يرى أن العقوبة على مغازلة الإماء خفيفة ليست كالحرائر، فعندما يُسمَعُ منه ذلك موجَّهاً للحرة ويُرفع للقضاء يقول كنت أظنها أمة حتى تُخفَّف عنه العقوبة... فنزلت الآية الكريمة تقطع عليهم هذا العذر ففرضت على المؤمنات الحرائر أن يتميزن عن الإماء بلبس الجلباب فترخيه إلى أسفل القدمين ومن ثم لا يستطيع أولئك أن يقولوا كنا نظنها أمة فلا تخفف عنهم العقوبة لأنه لا حجة لهم... أخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي مالك قال كان نساء النبي r  يخرجن بالليل لحاجتهن وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذَين فقيل ذلك للمنافقين فقالوا إنما نفعله بالإماء فنزلت هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ، وعليه فأين الحيرة في عدم معرفة دلالة الإرخاء إلى أسفل لتمييز الحرة عن الأمة؟ إنك تقول: (فإذا فُسّر الإدناء بالإرخاء، كما هو مبيّن أعلاه، يكون تمام المعنى غير مفهوم عندي في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ. فلا يستقيم المعنى في ذهني عندما يُطلب من النساء إرخاء الجلابيب إلى أسفل لأنّ ذلك سبيل لكي يعرفن فلا يؤذين، وما علاقة الإرخاء إلى أسفل بمعرفتهنّ وبالتّالي سلامتهنّ من الإيذاء، والمعاني الموجودة في كتب التفسير للإدناء هو بالنسبة لغطاء الرأس...) فكيف لا يكون المعنى مفهوما عندك؟ فهذا اللباس وهذا الإرخاء لتتميز الحرة عن الأمة فلا يستطيع المنافق أن يتعرض لامرأة ولا يعاقب العقوبة التي يستحقها بأن يقول كنت أظنها أمة! لأن لباس الحرة للجلباب المرخي للأسفل يميزها عن الأمة فالأمة لم يفرض عليها الجلباب فلا تستر جسمها كله حتى القدمين... فلبس الجلباب المرخي للأسفل بالنسبة للحرة يميزها عن الأمة، فهو في صميم معنى الآية ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ.

 

وعليه فإن معنى الآية هو معرفة الحرة من الأمة، وإرخاء الجلباب هو لهذه المعرفة ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ... أي ليس لتعرف أنها فلانة، جاء في تفسير القرطبي (14/ 244): (قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ أَيِ الْحَرَائِرُ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ... فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ).

 

 آمل أن يكون في هذا ما يكفي لأن يستقيم المعنى في ذهنك ومن ثم يزول ما ذكرته في رسالتك: "فلا يستقيم المعنى في ذهني".

 

  

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

7 محرم 1439هـ

 الموافق 2018/09/17م

 

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على غوغل بلس

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع