الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

الأحاديث التي تقول بأن النبي ﷺ صلّى على عبد الله بن أبي بن سلول ترد دراية

إلى Nizar Steitieh

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الثالث (أصول الفقه)، تحت باب "لا حكم قبل ورود الشرع" في صفحة 28 أقتبس ما نصه: "وعليه، فإنه لا فعل يمكن أن يصدر عن الإنسان، ولا شيء يتعلق بفعل الإنسان، إلا وله في الشريعة محل حكم، ولا حكم إلا بعد وجود الدليل الذي يدل عليه بعينه من خطاب الشارع، إذ لا حكم قبل ورود الشرع، فلا حكم قبل بعثة الرسول، ولا حكم بعد بعثته إلا بدليل، من الرسالة التي جاء بها، يدل على ذلك الحكم بعينه."

 

السؤال كيف نوفق بين هذه القاعدة "لا حكم قبل ورود الشرع" وبين ما ورد في تفسير القرطبي بخصوص الآية التالية من سورة التوبة: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ

 

حيث ذكر القرطبي ما يلي:

 

"فيه إحدى عشرة مسألة:

 

الأولى: روي أن هذه الآية نزلت في شأن عبد الله بن أبي بن سلول وصلاة النبي ﷺ عليه. ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما. وتظاهرت الروايات بأن النبي ﷺ صلى عليه، وأن الآية نزلت بعد ذلك. وروي عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ لما تقدم ليصلي عليه جاءه جبريل فجبذ ثوبه وتلا عليه ولا تصل على أحد منهم مات أبدا الآية، فانصرف رسول الله ﷺ ولم يصل عليه. والروايات الثابتة على خلاف هذا، ففي البخاري عن ابن عباس قال: فصلى عليه رسول الله ﷺ ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من (براءة) ولا تصل على أحد منهم مات أبدا، ونحوه عن ابن عمر أخرجه مسلم. قال ابن عمر: لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله ﷺ فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله ﷺ ليصلي عليه، فقام عمر وأخذ بثوب رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله ﷺ: إنما خيرني الله تعالى فقال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيد على سبعين قال: إنه منافق. فصلى عليه رسول الله ﷺ فأنزل الله عز وجل ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم. وقال بعض العلماء: إنما صلى النبي ﷺ على عبد الله بن أبي بناء على الظاهر من لفظ إسلامه. ثم لم يكن يفعل ذلك لما نهي عنه". انتهى الاقتباس من جزء من تفسير القرطبي للآية 84 من سورة التوبة.

 

فهل فعل الرسول ﷺ بالصلاة على عبد الله بن أبي بن سلول تم نسخه بالآية الكريمة وهل كان هناك "وجود لحكم قبل ورود الشرع" بخلاف القاعدة العامة "لا حكم قبل ورود الشرع"؟

 

ارجو التوضيح مشكورا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

إنك تسأل إن كان هناك نسخ لصلاة الرسول على ابن أبي... وهل الصلاة تلك تتناقض مع "لا حكم قبل ورود الشرع"؟

 

يا أخي، لقد تعرضنا لمسألة صلاة النبي ﷺ على عبد الله بن أبي بن سلول في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول باب "لا يجوز في حق الرسول أن يكون مجتهداً"، ووضحنا هناك أن الأحاديث التي تقول بأن النبي ﷺ صلى على عبد الله بن أبي بن سلول هي أحاديث ترد دراية لأنها تعارض نصوصاً أقوى منها من القرآن الكريم... فقد جاء في الموضع المشار إليه آنفاً صفحة 150-152 ما يلي:

 

(وأما قوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ فإنها جاءت بعد قوله تعالى: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ * وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾. الآية. وقد بيَّن الله في آية: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ﴾ أن لا يصحبهم الرسول في غزواته وذلك لتخذيلهم وإهانتهم حتى لا ينالوا شرف الجهاد والخروج مع الرسول. ويبين في الآية التي بعدها مباشرة وهي: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ الآية. شيئاً آخر في إذلالهم. وكان ذلك أثناء الحملة على المنافقين للقضاء عليهم. فالآية هذه والآية التي قبلها والآية التي بعدها تبيّن أحكام المنافقين والكيفية التي يجب أن يعاملوا بها من الاحتقار والإذلال وإنزالهم عن رتبة المؤمنين. وليس في الآية ما يدل على أن الرسول اجتهد في حكم، وجاءت الآية دالة على خلافه، بل هي تشريع ابتداء في حق المنافقين، وهي منسجمة مع آيات المنافقين المكررة في نفس السورة، فلا يظهر فيها لا صراحة ولا دلالة ولا منطوقاً ولا مفهوماً ولا ما يبعث أدنى شبهة أنها تصحيح لاجتهاد وتنبيه على خطأ. وأما ما ورد في شأن نزول هذه الآية من أخبار فهي أخبار آحاد ولا تصلح دليلاً على العقائد ولا تعارض القطعي الذي يحصر تبليغ الرسول للأحكام بما جاء به الوحي ليس غير، وأنه لا يتبع إلا الوحي. علاوة على أن هذه الأحاديث تجعل عمر بن الخطاب يحاول منع الرسول عن الصلاة على جنازة فهو إما يريد أن يمنعه عن فعل يشرع به حكماً أو يمنع الرسول عن القيام بعبادة حسب حكم شرعي مشرع والرسول يسكت عنه ثم يرجع لرأيه بعد نزول الآية. وهذا لا يجوز في حق الرسول، فالعمل بالحديث هذا يعارض كون الرسول نبياً فيُرد الحديث دراية. والحديث يدل على أن الرسول أعطى قميصه لعبد الله بن أبيّ وكان يريد أن يصلي عليه وهو رأس المنافقين. وعبد الله بن أبيّ فضحه الله بعد غزوة بني المصطلق وجاء ابنه إلى الرسول ليعرف إذا كان الرسول قد قرر قتله أن يتولى هو قتل أبيه، والله تعالى أنزل سورة المنافقين بعد غزوة بني المصطلق وقال للرسول فيها: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ وقال له فيها: ﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ وقال له فيها: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ ثم يأتي الرسول بعد ذلك فيعطي قميصه لرأس المنافقين ويحاول أن يصلي على رأس المنافقين فيمنعه عمر فهذا يناقض الآيات. فآية التوبة نزلت في السنة التاسعة بعد سورة المنافقين بعدة سنوات، فالأحاديث عن عمر، وعن القميص، وغير ذلك من الأحاديث تعارض واقع معاملة المنافقين بعد غزوة بني المصطلق، وتعارض الآيات التي نزلت قبلها في شأن المنافقين، ولذلك ترد أيضاً من هذه الناحية دراية.) انتهى.

 

وما دامت هذه الأحاديث مردودة دراية فلا معنى للكلام عن نسخ هذه الأحاديث بالآية الكريمة: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾، لأنه بِرَدِّ هذه الأحاديث دراية لا يبقى ما يثبت أن النبي ﷺ صلى على المنافقين (على عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين) ثم جاءت الآية الكريمة تنهاه عن ذلك لتكون ناسخة لحكم جواز الصلاة على المنافقين الذي دلت عليه الأحاديث المشار إليها.

 

وعلى ضوء ما ذكرناه أعلاه فلم تكن هناك صلاة على ابن أبي، وعلى ذلك فليس هناك حكم قبل ورود الشرع، وأيضاً لا نسخ.

 

هذا هو جواب سؤالك والله أعلم وأحكم.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

12 صفر 1441هـ

الموافق 2019/10/11م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع