السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 


سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"


جواب سؤال


الحد الأقصى الذي يمكن أن يأخذه مستحق الزكاة من الزكاة
إلى Shani Ayaz

 


السؤال:


Aslamalaikum shaykh, I have a question if you can answer if you have time.
How much money can a person receive a zakat. Eg Can a person get enough money to build a house if he has no house... Or is there a limit to how much a person can receive. JazakAllah


الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إن سؤالك هو عن الحد الأقصى الذي يمكن أن يأخذه مستحق الزكاة من الزكاة...


والجواب على ذلك أنه لم يرد في الشرع نص مباشر يبين المقدار الأقصى الذي يعطى من الزكاة لمستحقها... لكن آية الصدقات وهي قوله تعالى ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، يمكن أن يستنبط منها المقدار الأقصى الذي يعطى لمستحق الزكاة، وذلك أن مستحقي الزكاة ذكروا في الآية بأوصاف مفهمة تدل على سبب إعطائهم الزكاة وهذا يعني أن إعطاءهم الزكاة معلل بالوصف القائم فيهم الذي استحقوا به الزكاة، فما دام الصنف الذي تُعطى له الزكاة ضمن وصف استحقاقه فيُعطى، فإذا تجاوز هذا الوصف فلا يُعطى:


- فمثلاً: الفقراء والمساكين يستحقون الزكاة لوصف الفقر والمسكنة... فيكون الحد الأقصى لما يعطون من الزكاة هو ما يجعلهم في غنى عن الزكاة أي ما يغنيهم بحيث يصبحون غير مستحقين للزكاة أي يخرجون بالزكاة التي تعطى لهم عن وصف الفقر ووصف المسكنة... ولا يجوز إعطاؤهم أكثر من ذلك... وهذا المقدار يختلف بالطبع من شخص إلى آخر ومن حالة إلى أخرى...


- ومثلاً العاملون عليها يعطون من الزكاة لأنهم يعملون على جمعها... وهؤلاء يعطون من الزكاة بسبب عملهم أي مقابل جهدهم الذي يؤدونه في جمع الزكاة فتقدر لهم الدولة أجرتهم وفق الجهد الذي يبذلونه، فإن لم تحدد لهم الدولة أجرتهم فيعطون أجر المثل... ولا يزاد على ذلك لأن الزكاة ليست تبرعاً لهم بل فقط مقابل جهدهم...


- ومثلاً الغارمون يعطون من الزكاة بما يسد دينهم بتمامه ولا يعطون فوق ذلك لأنهم يستحقون الزكاة بسبب الدين فإذا ارتفع هذا الوصف عنهم فلا يكونون مستحقين للزكاة...


وهكذا بالنسبة لجميع الأصناف فتعطى من الزكاة ما يجعل الوصف الذي استحقت الزكاة بسببه قد زال عنها.


وقد أشرنا إلى بعض هذه المعاني المبينة في الأعلى في كتاب الأموال في دولة الخلافة في باب مصارف الزكاة كما يلي:


(1- الفقراء: وهم الذين لا يأتيهم مالٌ يكفيهم، لسد حاجاتهم الأساسية التي هي المأكل، والملبس، والمسكن. فمن يدخل عليه أقلُّ مما يحتاجه، لسد حاجاته الأساسية، اعتبر فقيراً، تحل عليه الصدقة، وله أن يأخذ منها، ويجوز أن يُعطى من الصدقة، إلى الحدّ الذي يرفع حاجته، وفقره.


وقد حرم الله على الأغنياء أخذ الصدقة. روى أحمد وأصحاب السنن عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله e: «لا تحل الصدقة لغنيّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيّ». وذو المرّة هو صاحب القوّة، والمقدرة، المكتسب، فإن لم يجد ما يكسبه اعتبر فقيراً. والغني، من استغنى عن غيره، ودخل عليه زيادة عما يسد حاجاته، وقد وردت أحاديث بيّنت من هو الغني. عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله e: «ما من أحد يسأل مسألة، وهو عنها غني، إلاّ جاءت يوم القيامة كدوحاً، أو خدوشاً، أو خموشاً في وجهه. قيل: يا رسول الله، وما غناه، أو ما يغنيه؟ قال: خمسون درهماً، أو حسابها من الذهب» رواه الخمسة. فمن ملك خمسين درهماً فضة أي 148.75 غراماً فضة، أو عدلها ذهباً، فاضلة عن مأكله، وملبسه، ومسكنه، ونفقة أهله، وولده، وخادمه، اعتبر غنياً، ولا يجوز له أن يأخذ من الصدقة.


2- المساكين: وهم من لا يجدون شيئاً، وقد أسكنهم العدم، ولا يسألون النّاس، عن أبي هريرة قال رسول الله e: «ليس المسكين الذي يطوف على النّاس، تَرُدُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل النّاس». متفق عليه. والمسكين دون الفقير، لقوله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد] أي ملتصقاً بالتراب لعُرْيه وجوعه. والمسكين تحلّ عليه الصدقة، وله أن يأخذ منها، ويجوز أن يُعطى من الصدقة، إلى الحد الذي يرفع مسكنته، ويجعله مستكفياً، لإشباع حاجاته الأساسية.


3- العاملون عليها: وهم السعاة، والمصدقون، الذين يعيّنون لجمع الصدقات ممن تجب عليهم، أو لتوزيعها على مستحقيها، ويعطى لهم من الصدقات، ولو كانوا أغنياء، مقابل قيامهم بجمع الصدقات، أو توزيعها. روى أبو عبيد عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله e: «لا تحل الصدقة لغني إلاّ لخمسة: عامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل له جار فقير تصدّق عليه بصدقة فأهداها إليه، أو غازٍ، أو مغرمٍ». وعن بسر بن سعيد «أن ابن السعدي المالكي قال: استعملني عمر على الصدقة، فلما فرغت منها، وأديتها إليه، أمر لي بعمالة، فقلت: إنّما عملت لله. فقال: خذ ما أعطيت، فإني عملت على عهد رسول الله e، فعملني، قلت مثل قولك، فقال لي رسول الله e: إذا أعطيت شيئاً من غير أن تَسألَ فَكُلْ وتَصَدَّق» متفق عليه.


4- المؤلفة قلوبهم: وهم صنف من القادة أو الزعماء، أو المؤثِّرين، أو الأبطال الذين لم يرسخ إيمانهم، ويرى الخليفة، أو ولاته، أن يُعطوا من الزكاة تأليفاً لقلوبهم، أو ترسيخاً لإيمانهم، أو لاستخدامهم لمصلحة الإسلام والمسلمين، أو للتأثير على جماعاتهم، مثل من أعطاهم الرسول e كأبي سفيان، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وعباس بن مرداس، وغيرهم. عن عمرو بن تغلب «أن رسول الله e أتي بمال، أو سبي فقسمه، فأعطى رجالاً، وترك رجالاً، فبلغه أن الذين ترك عتبوا، فحمد الله، ثم أثنى عليه، ثمّ قال: أمَّا بعد، فوالله إني لأعطي الرجل، وأدع الرجل، والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي، ولكني أعطي أقواماً، لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأَكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير» رواه البخاري.


وهؤلاء المؤلفة قلوبهم لا يعطَوْن من الزكاة إلاّ إذا كانوا مسلمين، فإن كانوا كفاراً لا يُعطون من الصدقات، لأنّها لا تعطى لكافر، لقول الرسول e لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم» رواه البخاري من طريق ابن عباس.


كما أنهم لا يُعطون إلاّ إذا كانت العلة التي أُعطوا لأجلها موجودة، فإن انتفت العلة لم يُعطوا، كما امتنع أبو بكر، وعمر، عن إعطائهم، بعد أن عزّ الإسلام وانتشر.


5- الرقاب: وهم العبيد الأرقاء، يُعطون من الزكاة إن كانوا مكاتبين لفك رقابهم، ويشترون من مال الزكاة، ويعتقون إن كانوا غير مكاتبين. والأرقاء لا وجود لهم اليوم.


6- الغارمون: وهم المدينون، الذين يتحملون الدين، لإصلاح ذات البين، أو لدفع الديات، أو يتحملونه لقضاء مصالحهم الخاصة.


أما الذين يتحملون الدين لإصلاح ذات البين، أو لدفع الدِّيَات، فإنه يُدفع لهم من الزكاة، فقراء كانوا أو أغنياء، ويدفع إليهم ما تحملوه من دين دون زيادة. عن أنس أن النبي eقال: «إن المسألة لا تحل إلاّ لثلاثة، لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع». وروى مسلم وأبو داود والنسائي عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: «تحملت حَمَالَةً، فأتيت رسول الله e، أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثمّ قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثمّ يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال: سداداً من عيش، فما سواهن في المسألة يا قبيصة، فَسُحْتٌ يأكلها صاحبها سُحْتاً».


وأما الذين يتحملون الدين لقضاء مصالحهم الخاصة، فيدفع لهم من الزكاة لقضاء ديونهم، إن كانوا فقراء، أو كانوا غير فقراء لا يقدورن على سداد ديونهم، وأما إن كانوا أغنياء يقدرون على سداد ديونهم، فلا يدفع لهم؛ لأنّها لا تحل لهم.


7- في سبيل الله: أي في الجهاد، وما يَحتاج إليه، وما يتوقف عليه، من تكوين جيش، ومن إقامة مصانع، ومن صناعة أسلحة، فحيثما وردت (في سبيل الله) في القرآن، فإنها لا تعني إلاّ الجهاد، فيدفع من الزكاة للجهاد، وما يلزمه. ولا يحدد ذلك بمقدار، فيجوز أن تدفع الزكاة كلها، أو بعضها، للجهاد حسب ما يرى فيه الخليفة مصلحة لمستحقي الزكاة. روى أبو داود عن أبي سعيد قال: قال رسول الله e: «لا تحل الصدقة لغني إلاّ في سبيل الله...» وفي رواية له: «... أو لغازٍ في سبيل الله...».


8- ابن السبيل: وهو المنقطع في سفره، الذي لا يجد مالاً يوصله إلى بلده، فيُعطى من الزكاة مقدار ما يوصله إلى بلده، قليلاً كان أو كثيراً، كما يُعطى ما يكفيه من نفقة في طريقه حتى يصل بلده، ويعطى من الصدقة، ولو كان غنياً في بلده، لقول الرسول e: «لا تحل الصدقة لغني إلاّ في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو...» رواه أبو داود.


وغير هذه الأصناف الثمانية المذكورة في الآية، لا يجوز أن تُعطى من الزكاة، فلا يدفع منها على إقامة المساجد، أو المستشفيات، أو المبرات الخيرية، أو على أية مصلحة من مصالح الدولة، أو الأمّة؛ لأنّ الزكاة ملك خاص للأصناف الثمانية، لا يشاركهم غيرهم فيها.


والخليفة له صلاحية النظر في إعطائها لهذه الأصناف، حسب ما يراه محققاً لمصلحة هذه الأصناف، كما كان رسول الله e، والخلفاء من بعده، يقومون بذلك. ويجوز للخليفة أن يوزعها على الأصناف الثمانية، كما يجوز له أن يقتصر في إعطائها، على بعض هذه الأصناف، حسب ما يرى فيه مصلحة لهذه الأصناف، فإن لم تُوجد هذه الأصناف، حفظت الزكاة في بيت المال، في ديوان الصدقات، لتصرف عند الحاجة في مصارفها. روى أبو عبيد عن ابن عباس قال عن الصدقة: «إذا وضعتها في صنف واحد من الأصناف الثمانية أَجزَأَك». وكذلك قال عطاء، والحسن، وعن مالك قال: «الأمر عندنا في قسم الصدقات، أن ذلك لا يكون إلاّ على وجه الاجتهاد من الوالي، فأيُّ الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد، أُوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي».) انتهى النقل من كتاب الأموال في دولة الخلافة.


آمل أن يكون في هذا الكفاية والله أعلم وأحكم.


أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


17 شعبان 1441هـ
الموافق 2020/04/10م


رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك



تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع