الجمعة، 13 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم


سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"


جواب سؤال


التطعيم ضد مرض الكورونا
إلى أم بلال

 


السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


بارك الله بكم أميرنا ونصركم الله وأيدكم بفتح مبين وخلافة على منهاج النبوة تشفى بها صدور قوم مؤمنين...


سؤالي بالنسبة للقاح الجديد الذي بدأت الدول بإعطائه للشعوب، ضد مرض الكورونا... فنرى هناك كثيراً من التخوف بين الناس من أخذ هذا اللقاح في ظل نشر الكثير من الأقاويل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي حول خطورة هذا اللقاح، وأنها مؤامرة كونية رأسمالية على الشعوب... نعلم بأن الشفاء بيد الله وحده، وأن لكل أجل كتاباً، ونحن كحملة دعوة نسأل عن حقيقة هذا اللقاح، وهل من الواجب شرعا تلقيه في ظل انتشار هذا الوباء؟


وبارك الله بكم.

 

 

الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


كما تعلمين فقد سبق أن أصدرنا أجوبة أسئلة عن التداوي، وقلنا فيها:


- إن الدواء إذا كان فيه ضرر فيحرم وفق الحديث «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»...


- أما إذا كان الدواء ليس فيه ضرر ولكنه يشتمل على مواد محرمة أو نجسة، فحكمه الكراهة، أي ليس حراماً، بل يجوز استعماله مع الكراهة إذا لم يجد المريض دواء مباحاً...


- أما إذا كان الدواء ليس فيه ضرر، ولا يشتمل على مواد محرمة أو نجسة، فهو مندوب...


وإني أجتزئ لك من هذه الأجوبة ما يلزم:


[...أولاً: جواب سؤال في 2011/1/26 حول الانتفاع بالمحرم وبالنجس والتداوي بهما، وجاء فيه:


(...3- يستثنى من التحريم التداوي، فالتداوي في المحرم والنجس ليس حراماً:


- أما أن التداوي بالمحرم ليس حراماً فلحديث مسلم عن أنس «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَوْ رُخِّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا». ولبس الحرير للرجالِ حرام، ولكنه جاز في التداوي...


- وأما أن التداوي بالنجس ليس حراماً فلحديث البخاري عن أنس رضي الله عنه «أَنَّ نَاساً اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِي الْإِبِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا...». ومعنى اجتووا أَيْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ طَعَامهَا، فمرضوا، والرسول ﷺ أجاز لهم في التداوي "البول" وهو نجس...] انتهى.


ثانياً: وجاء في جواب سؤال في 2013/09/19م:


[... والجواب هو أن استعمال الخمر في الدواء، وكذلك الدواء الذي تدخل فيه الكحول... فحكمه الجواز مع الكراهية، ودليل ذلك:


أخرج ابن ماجه من طريق طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِأَرْضِنَا أَعْنَاباً نَعْتَصِرُهَا فَنَشْرَبُ مِنْهَا قَالَ لَا فَرَاجَعْتُهُ قُلْتُ إِنَّا نَسْتَشْفِي بِهِ لِلْمَرِيضِ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشِفَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ»، فهذا نهي عن استعمال النجس أو الحرام "الخمر" دواءً. ولكن أجاز رسول الله ﷺ التداوي بالنجس "بول الإبل"، أخرج البخاري من طريق أنس رضي الله عنه: «أَنَّ نَاساً مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا...»، اجتووا المدينة: أي لم يوافقهم جوها فمرضوا، فأجاز لهم الرسول ﷺ أن يتداووا بأبوال الإبل وهي نجسة. وكذلك أجاز الرسول ﷺ التداوي بالحرام "لبس الحرير"، أخرج الترمذي وأحمد، واللفظ للترمذي من طريق أنس «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ شَكَيَا الْقَمْلَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزَاةٍ لَهُمَا، فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا»، وهذان الحديثان قرينة على أن النهي في حديث ابن ماجه غير جازم، أي أن التداوي بالنجس والحرام مكروه.)


ثالثاً: جواب سؤال في 2013/11/18م حول التطعيم وحكمه، وجاء فيه:


[التطعيم هو دواء، والتداوي هو مندوب وليس فرضاً، ودليل ذلك:


1- روى البخاري من طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».


وروى مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»، وروى أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ».


وهذه الأحاديث فيها إرشاد بأن لكل داء دواءً يشفيه، ليكون ذلك حاثاً على السعي لحصول التداوي الذي يؤدي إلى شفاء الداء بإذن الله سبحانه، وهذا إرشاد وليس إيجاباً.


2- روى أحمد عن أنس قال: إن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ اللَّهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ، خَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا»، وروى أبو داود عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» أي "إلا الموت".


ففي الحديث الأول أمر بالتداوي، وفي هذا الحديث إجابةٌ للأعراب بالتداوي، ومخاطبة للعباد بأن يتداووا، فإن الله ما وضع داءً إلاّ وضع له شفاءً. وقد جاءَت المخاطبة في الحديثين بصيغة الأمر، والأمر يفيد مطلق الطلب، ولا يفيد الوجوب إلاّ إذا كان أمراً جازماً، والجزم يحتاج إلى قرينة تدل عليه، ولا تُوجد في الحديثين أية قرينة تدل على الوجوب، إضافة إلى أنه وردت أحاديث تدل على جواز ترك التداوي، ما ينفي عن هذين الحديثين إفادة الوجوب. فقد روى مسلم عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ قال: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ»، قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، والرقية والكي من التداوي. وروى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: ...هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، «فَدَعَا لَهَا...». فهذان الحديثان يدلان على جواز ترك التداوي.


وكل ذلك يدل على أن الأمر الوارد "فتداووا"، "تداووا" ليس للوجوب، وإذن فالأمر هنا إما للإباحة وإما للندب، ولشدة حث الرسول ﷺ على التداوي، يكون الأمر بالتداوي الوارد في الأحاديث للندب.


وعليه فإن التطعيم حكمه الندب، لأن التطعيم دواء، والتداوي مندوب، إلا أنه إذا ثبت أن نوعاً معيناً من التطعيم ضار كأن تكون مواده فاسدة أو ضارة لسبب ما... فإن التطعيم في هذه الحالة بهذه المواد يكون حراماً وفق قاعدة الضرر من حديث رسول الله ﷺ الذي أخرجه أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». غير أن هذه حالات نادرة...


وأما في دولة الخلافة فسيكون هناك تطعيم ضد الأمراض التي تقتضي ذلك كالأمراض المعدية ونحوها، ويكون الدواء نقياً من كل شائبة وصافيا، والله سبحانه هو الشافي ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾. والمعروف شرعاً أن الرعاية الصحية هي من الواجبات على الخليفة من باب رعاية الشئون عملاً بقول الرسول ﷺ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة.


وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب:


أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيباً فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقاً ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ». وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «مَرِضْتُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِنَ الْخَطَّابِ مَرَضاً شَدِيداً فَدَعَا لِي عُمَرُ طَبِيباً فَحَمَانِي حَتَّى كُنْتُ أَمُصُّ النَّوَاةَ مِنْ شِدَّةِ الْحِمْيَةِ».


فالرسول ﷺ بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية.] انتهى المنقول من الأجوبة.


والخلاصة:


1- إن التطعيم حكمه الندب، أي هو مندوب وليس فرضاً.


2- إن كان فيه مكونات ضارة فهو حرام.


3- إن لم يكن فيه ضرر ولكن يشمل مواد نجسة أو محرمة فيكون جائزاً مع الكراهة أي هو مكروه وليس حراماً.


4- وعليه فإن المسلم المريض يبحث في البداية عن الدواء المباح فإن لم يجد فيجوز له استعمال الدواء المكروه.


5- ومن ثم يكون جواب سؤالك وفق الموضح أعلاه على النحو التالي:


إن التطعيم بلقاحات تحتوي على مواد محرمة أو نجسة جائز مع الكراهة لأن التطعيم داخل تحت باب التداوي، والتداوي بالمحرم والنجس كما هو مبين في الأعلى جائز مع الكراهة... إلا إذا تبين أن فيه ضرراً فعندها لا يجوز.


وحتى الآن لم أصل إلى القطع برأي حول الضرر والأذى من هذا الدواء، ولذلك فأترك الأمر للشباب والشابات وفق ما يطمئنون بصحته على ضوء المذكور أعلاه، ونسأل الله سبحانه أن يقينا والمسلمين أجمعين من كل مرض إنه سبحانه سميع مجيب.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


09 جمادى الآخرة 1442هـ
الموافق 2021/01/22م


رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع