الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 كلمة الأمير التي ألقيت في افتتاح المؤتمر العالمي الختامي لحملة الذكرى المئوية لهدم الخلافة

 

A F Ameer2

 

عربي English Türkçe Deutsch اردو
Kiswahili русский Український Malaysia

 

 

 

كلمة أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة

بمناسبة الذكرى المئوية لهدم دولة الخلافة سنة 1342هـ - 1924م

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد...

إلى الأمة الإسلامية بعامة، وإلى حملة الدعوة لإعادة الخلافة الراشدة بخاصة، شباباً وشابات...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

في مثل هذه الأيام قبل مئة سنة، في أواخر رجب سنة 1342هـ، الموافق لأوائل آذار سنة 1924م، تمكـن الكفار المستعمرون بزعامة بريطانيا آنذاك، بالتعاون مع خونة العرب والترك من القضاء على دولة الخـلافة، وأعلن مجرم العصر مصطفى كمال إلغاء الخـلافة ومحاصرة الخليفة في إسطنبول وإخراجَه في سحر ذلك اليوم، وكان ذلك ثمناً أمرته بريطـانيـا بتقديمه، ومن ثم لتنصيبه مقابل ذلك رئيساً سقيماً للجمهورية التركية العلمانية. وهكذا كان، حيث حدث زلزال فظيع في بلاد المسلمين بالقضاء على الخـلافة مبعثِ عزهم ومرضاة ربهم.

 

لقد أعلن ذلك المجرم الكفر البواح بإلغاء الخلافة بعد أن كانت قائمة، وكان الواجب على الأمة أن تقاتله بالسيف كما جاء في حديث الرسول ﷺ المتفق عليه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه «وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» إلا أن بطشه الشديد في دماء الأمة، وخاصة العلماء، حيث أعدم الكثير، ومنهم الشيخ سعيد بيران رحمه الله، وسجن آخرين، كل ذلك كان له تأثيره في تقصير الأمة فلم تقم بما يؤزُّ ذلك المجرم وأعوانَه أزّاً تقلبه وأعوانه خاسرين، بل كان الرد ضعيفاً لا يرقى إلى سحق ذلك الخائن لله ولرسوله والمؤمنين! وهكذا "نجا" مقترف الكفر البواح بفعلته الشنيعة من أن تهوي به الأمة في مكان سحيق!

 

بعد ذلك حلَّ نفوذ الكفار المستعمرين في بلاد المسلمين، فجزأوا البلاد، ومزقوها إلى مِزَقٍ وصلت نحو خمس وخمسين مِزقةً، وذلك كنتيجة لزلزال القضاء على الخلافة، ثم أضافوا إلى هذا الزلزال زلزالاً آخر، فأعطوا اليهود دولةً في الأرض المباركة، مسرى رسول الله ﷺ ومعراجِه، وزودوها بأسباب البقاء. وأول تلك الأسباب حماية أمنها بواسطة الحكام العملاء المحيطين بها، ليس هذا فحسب بل كان هؤلاء الحكام ينهزمون أمام يهود في كل حرب تنشب حتى أَعْطَوْا دولة يهود حجماً فوق حجمها وصورةً غير صورتها. ولَم يكتفوا بذلك، بل بذلوا الوسع في أن يحاربوا الله ورسوله لينقلوا القضية من إزالة كيان يهود من فلسطين من جذوره إلى التفاوض مع كيان يهود لعله ينسحب من شيء مما احتله في 1967! ثم انخفضوا درجات بعد ذلك فهرولوا نحو التطبيع مع كيان يهود حتى دون أن ينسحب من شيء!! وبعضهم ارتكب جريمة التطبيع من وراء ستار، وبعضهم ارتكبها علناً في الليل والنهار! وبعد أن قاد حكام مصر مسيرة الذل والهوان هذه تبعتها المنظمة وحكام كل من الأردن ثم الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ويقف الحكام السعوديون على قارعة الطريق يلوحون لتلك الدول بأنهم من خلفهم يسيرون ولا يتخلفون عن ركبهم... وهكذا فكلهم يسارع في الجريمة دون أن يعبأوا بالصَّغار الذي يلفهم من سمت رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾.

 

ثم ليست فلسطين وحدها هي من طعنها هؤلاء الحكام بل كذلك استسلموا أو سلَّموا بقاعاً أخرى طاهرة من أرض الإسلام، فكشمير ضمها المشركون الهندوس إلى دولتهم... وروسيا ضمت القرم... وجنوب السودان فصل عن شماله... وتيمور الشرقية نزعت من إندونيسيا... وقبرص وما أدراك ما قبرص قلعة المسلمين لسنوات طوال يتحكم اليوم في معظمها اليونان... والمسلمون الروهينجا يذبحون في ميانمار "بورما" وإذا لجأوا إلى بنغلادش ضيق النظام عليهم الخناق، وحشرهم في جزيرة "باسان تشار" وهي جزيرة خطرة معرضة للفيضانات لا تصلح لسكنى البشر! ثم تركستان الشرقية التي أصبحت الصين تبطش بها وتعاملها معاملة وحشية بل تنأى عنها الوحوش فجعلتها سجناً للأحرار من الرجال وللحرائر من النساء، فعظمت المجازر علنا لا سرا أمام سمع وبصر الدول القائمة في بلاد المسلمين، وهي صامتة صمت القبور فإذا نطقت قالت عن بطش الصين بالمسلمين إنها مسألة داخلية! ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً.

 

وأما بلاد المسلمين الأخرى فيحكمها حكام رويبضات يدورون مع الكفار المستعمرين كيفما داروا، فلا يحفظون أمن البلاد ولا يرعون حقا للعباد، ثرواتهم منهوبة وكرامتهم مسلوبة، لا في العير ولا في النفير، لا يقيم لهم الكفار المستعمرون، وخاصة أمريكا، وزناً، بل تنادي عملاءها بما يزيدهم ذلاً وهواناً فتملي عليهم "لولانا لما بقيتم على كراسيكم المعوجة أياما معدودات، فادفعوا لنا من الأموال ما تستطيعون، بل فوق ما تستطيعون" وحقاً فمن يهن يسهل الهوان عليه!!

 

أيها المسلمون: هذا حالكم بعد زوال الخلافة حيث تداعت عليكم الأمم من كل جانب، فكيف كنتم وأنتم تستظلون بالخـلافة؟

 

كنتم خير أمة أخرجت للناس، أتباعَ محمد ﷺ، خاتمِ النبيين وإمامِ المجاهدين... أجدادكم الخلفاء الراشدون والقادة الفاتحون... أنتم أحفاد الناصر صلاح الدين قاهر الصليبيين ومحرر بيت المقدس من دنسهم في مثل هذا الشهر العظيم رجب 583هـ... أحفاد قطز وبيبرس قاهرَيِ التتار... أحفادُ محمد الفاتح الأمير الشاب الذي لَم يجاوز الثالثة والعشرين عندما فتح القسطنطينية في 857هـ-1453م، فشرفه الله بمدح رسول الله ﷺ في الحديث الذي أخرجه أحمد عن بِشر الخثعمي «فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ»... أحفادُ الخليفة سليمان القانوني الذي استغاثت به فرنسا في القرن السادس عشر الميلادي 1525م لفك أسر ملكها، لكنها اليوم نسيت أو تناست استغاثتها بخليفة المسلمين، فتطاولت على الإسلام ورسول الإسلام ﷺ دونما رقيب أو حسيب لأن درع الإسلام قد زال... أحفادُ الخليفة سليم الثالث، الذي في عهده دفعت الولايات المتحدة الأمريكية ضريبةً سنويةً للسماح للسفن الأمريكية أن تمر بأمان من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط دون تعرض البحرية العثمانية في ولاية الجزائر للسفن الأمريكية، ولأول مرة تجبر أمريكا أن توقع معاهدةً بغير لغتها بل بلغة دولة أخرى (الدولة العثمانية) سنة 1210هـ-1795م، وأمريكا الآن تتحكم في حكام المسلمين قائلة ادفع فنحن الذين نحميك... أحفادُ الخليفة عبد الحميد الذي لَم تغره الملايين الذهبية التي عرضها اليهود لخزينة الدولة للسماح لهم بالاستيطان في فلسطين وقال قولته المشهورة (إن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخـلافة)، ثم أضاف (...فليحتفظ اليهود بملايينهم... وإذا مزقت دولة الخـلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن) وهذا ما حدث!... أحفادُ الذين اخترعوا السـاعـة فأهـدوا واحدةً منها إلى شارلمان أعظمِ ملوك أوروبا حينها فظـنـتها حاشيته، علية القوم عنده، ظنوها ملأى بالعفاريت والجن! هكذا كنا في أفكارنا المنيرة المستنيرة وهكذا كانوا في أفكارهم الخاوية السقيمة!

 

هكذا كنتم أيها المسلمون عندما كانت تظلكم الخلافة، وهكذا أصبحتم عندما انكشفت عن جباهكم الخلافة، فاعتبروا يا أولي الأبصار...

 

وفي الختام فإني أتوجه إليكم يا أهل القوة والمنعة... يا أحفادَ خالد وصلاح الدين ومحمد الفاتح...

إنكم أنتم فقط من يستطيع شفاء صدر الأمة من أعدائها أعداء دينكم، أنتم فقط من يستطيع كسر الهوان الذي وصل إليه المسلمون في بلادهم، بلاد الإسلام... وسيكون لكم شرف البدء وتحقيق أمل الأمة بل وستتبعكم الأمة كلها، وكلُّ جندها من أمامها ومن خلفها، فلن تكونوا وحدكم بإذن الله تعالى، فقوموا إلى واجبكم بارك الله بكم، قوموا إلى نصرتنا، نصرةِ حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة، فهي ليست طريقَ النصر فحسب من باب وصف الواقع، بل لأنها في الدرجة الأولى فرضٌ عظيم، فبها تقام الأحكام، وتحدُّ الحدود، وبدونها لا تطبق الأحكام على الناس ولا تقام بينهم الحدود... ومن لا يعمل لإقامة الخلافةِ وإيجاد الخليفةِ وهو قادرٌ فإثمه عظيم كأنه مات ميتة جاهلية للدلالة على شدة الإثم «...وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»... وقد شَرَع المسلمون ببيعة الخليفة قبل أن يشرعوا بتجهيز رسول الله ﷺ ودفنه صلوات الله وسلامه عليه، على أهمية ذلك وعظمته، وكل ذلك لعظم الخلافة وأهميتِها...

 

يا أهل القوة والمنعة... يا أهل النصرة... يا جيوش المسلمين

أليس منكم مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْر، وسعدُ بن معاذ الذين نصروا الله سبحانه ورسوله ﷺ ففازوا في الدنيا والآخرة؟ حتى إن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد بن معاذ لنصرته دين الله، أخرج البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوت سعد بن معاذ»... أفليس منكم رجل رشيد ينصر الله ورسوله وأهل دعوته؟ إن الأمة تنتظركم، تنتظر منكم أن تكبِّروا فتكبرَ معكم، وتخفقَ الراية بأيديكم فيهللوا لكم، وبهذا وحده تنهضُ الأمةُ، وتقيم الخلافة الراشدة التي تطبقُ الإسلام في الداخل وتحملُه للعالم بالدعوةِ والجهاد، فينصرُها اللهُ سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.

 

يا جند الله: إننا ندرك أنه لن تنزل ملائكةٌ من السماء تقيم لنا خلافة وتقود لنا جيشاً يعز الإسلام والمسلمين وإنما ينزل الله سبحانه ملائكةً تساعدنا إذا عملنا بجد وصدق وإخلاص لاستئناف الحياة الإسلامية في الأرض وإقامة الخلافة، وهي وعد غير مكذوب في كتاب الله سبحانه وحديث رسول الله ﷺ، ولا يؤثر في ذلك قولُ القائلين بأن إقامة الخلافة اليوم ضرب من الخيال، بل الحقيقة هي أن القائل بأن إقامة الخلافة خيال هو الساعي إلى خيال، أما إقامة الخلافة فهي حقيقة لا بد واقعة بإذن الله، تؤكدها حقائق أربع:

 

فأولاً: وعد من الله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.

 

وثانياً: بشرى من رسول الله ﷺ بعودة الخلافة على منهاج النبوة بعد هذا الملك الجبري يقول ﷺ: «...ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» ثُمَّ سَكَتَ ﷺ. أخرجه أحمد عن حذيفة.

 

وثالثاً: أمة حية فاعلة خيرُ أمة أخرجت للناس: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ فهي وإن هدأت عن إقامة الخلافة يوماً، فما هي إلا هدأةُ الرئبال قبل نَفاره...

 

ورابعاً: حزبٌ بإذن الله مخلص له سبحانه، صادقٌ مع رسوله ﷺ، يغذ السير، واصلاً ليله بنهاره لتحقيق الوعد والبشرى، وكأنه مصداقُ قوله ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» أخرجه مسلم عن ثوبان.

 

إن أيَّة واحدة من هذه الأربع كافيةٌ لتنطق بأن العمل للخلافة ليس خيالاً، فكيف بالأربع مجتمعة؟! وهكذا فإن قيام الخلافة هو حقيقة واقعة في وقت ليس ببعيد بإذن الله، وإن ثباتها واستقرارها بعد قيامها هو أمر محقق إن شاء الله، وأن بنيان الدول التي هي كبرى اليوم سينهار بتلك الدول في مكان سحيق، وهذه الدول أهون عند الله وعند عباد الله، وما فعله مخلوق صغير (كوفيد 19) لا يكاد يُرى بتلك الدول وزعيمتها أمريكا ينطق بذلك... وانظروا ماذا حل بها في انتخاباتها، فريق يعدُّها سرقة وتزويرا وآخر يعدّها نصراً كبيرا! ثم لا تقف عند القذائف الكلامية بل باقتحام المؤسسات الرسمية، وإزهاق الروح بالقذائف المادية في أروقة زعيمة الرأسمالية، وكلا الفريقين ينادي بالديمقراطية الخرِبة! هذا هو العالم اليوم، كبيره قبل صغيره... ولن ينقذه إلا إقامة دولة الإسلام، دولة الخلافة على منهاج النبوة...

 

أيها الإخوة: لقد كنا نعمل ونضرع إلى الله أن تكون إقامة الخلافة قبل الذكرى المئوية، فكانت تمر علينا أيام خلال هذه السنوات السبعين من عمر الحزب فنكاد نمسك بالخلافة ثم تبتعد، ومع ذلك فإننا لا نيأس من روح الله، فنحن نعمل وعيوننا تتطلع إلى الخلافة، وقلوبنا تخفق نحوها، وكلنا طمأنينة بقيامها فرسول الله ﷺ أنبأنا بذلك وبشرنا: «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». وكل هذا حقيق على أن يشحذ الهمم، ويقويَ العزائم، ويشعلَ الحرارة من جديد، ويجعلَ المرء خلقاً آخر، من مغشي عليه إذا أصابته نازلة إلى مستبشرٍ فرجاً بوقوع النازلة.

 

هكذا نبأنا العليم الخبير ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ وهكذا نبأنا الصادق المصدوق في حديث رزين: «وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ»، وهكذا كتاب عمر لأبي عبيدة: (فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ شِدَّةٌ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا مَخْرَجاً، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ)، فالفرج قادم بإذن الله رب العالمين، والخلافة قائمة بسواعد المؤمنين الصادقين، فتقضي على كيان يهود وتعود فلسطين إلى دار الإسلام، وروما تفتح بعد أن فتحت أختها، وتصدع الحناجر الطاهرة بقول القوي العزيز: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وزهق الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾، وتملأ الدنيا صيحات التكبير، وتشرق الأرض بنور الإسلام، «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزّاً يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلّاً يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ». أخرجه أحمد عن تميم الداري.

 

إننا ندرك أن أعداء الإسلام سيعدّون تحقيق ذلك مُحالاً، ويرددون مقولة أشياعهم من قبل مستهزئين، ﴿غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ﴾، ولكن كما كانت تلك المقولة وبالاً على قائليها، وأعز الله دينه ونصر أهله، فكذلك اليوم هي عليهم وبال، فالله العزيز الحكيم مع عباده المتوكلين عليه، المخلصين له سبحانه، الصادقين مع رسوله ﷺ، الذين يعملون بجد واجتهاد، دون أن يفارق قلوبَهم وجوارحَهم قولُه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾، هؤلاء مع كل يوم يمر يقتربون من هذا "القدْر" ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

السبت، 29 رجب 1442هـ                                                                                   أخوكم

الموافق 13 آذار/مارس 2021م                                                                 عطاء بن خليل أبو الرشتة

                                                                                                             أمير حزب التحرير

 

 

 

 

 

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع