الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 


سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فكري"


جواب سؤال


العقل أو الإدراك أو الفكر
إلى Atmani Atmani Atmani

 


السؤال:
السلام عليكم شيخنا الفاضل: الفرق بين الآراء السابقة والمعلومات السابقة في طريقة التفكير، ومع العلم أن الفكر أو الإدراك أو العقل لا يتم إلا بالمكونات الأربعة الواقع والحس والمعلومات السابقة ودماغ صالح للربط، ما هو الفرق بين الآراء السابقة والمعلومات السابقة المتعلقة بتفسير الواقع؟

 

 

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
1- كما جاء في السؤال فإن العقل أو الإدراك أو الفكر هو نقل الإحساس بالواقع بواسطة الحواس إلى الدماغ ومعلومات سابقة يفسر بواسطتها هذا الواقع... أي أن العملية الفكرية لا تكتمل حتى تتوفر العناصر الأربعة: الواقع، الإحساس بالواقع (الحواس)، الدماغ الصالح للربط، المعلومات السابقة عن الواقع أو المتعلقة به...


2- وحتى يوجد التفكير عند الإنسان على هذه الأرض فقد زود الله سبحانه آدم عليه السلام بالمعلومات السابقة التي تفسر الوقائع الجارية على الأرض موضع التفكير. جاء في الشخصية الجزء 3:


[وأما قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ فإن المراد منه مسميات الأشياء لا اللغات، أي علمه حقائق الأشياء وخواصها، أي أعطاه المعلومات التي يستعملها للحكم على الأشياء، فإن الإحساس بالواقع لا يكفي وحده للحكم عليه وإدراك حقيقته، بل لا بد من معلومات سابقة يفسر بواسطتها الواقع. فالله تعالى علم آدم الأسماء أي مسميات الأشياء، فأعطاه معلومات يستطيع بها أن يحكم على الأشياء التي يحسها...] انتهى.


3- ومن ثم نشأت الأفكار وتتابعت منذ أول تفكير حدث بتزويد الله آدم بالمعلومات السابقة ومن ثم استعملها في تفسير الواقع موضع التفكير مع العنصرين الآخرين الموجودين معه (الدماغ والحواس)، واستمرت الحياة تزخر بمجالات التفكير الواسعة... وهكذا فإن الإدراك الصحيح لكيفية حدوث العملية الفكرية الأولى للإنسان سيؤدي حتماً إلى الإيمان بالله سبحانه، ولذلك فإن الحركات الكافرة التي تنكر وجود الخالق تُعرِّف العقل أو الفكر بإسقاط المعلومات السابقة! مع أن الفكر عن الواقع لا يمكن أن يتم دون المعلومات السابقة التي تفسر الواقع وهذا معلوم بالضرورة، ولكن الحركات الكافرة كالشيوعيين ينكرون المعلومات السابقة حتى لا تقودهم للإيمان بالخالق الذي زود آدم عليه السلام بالمعلومات السابقة لإنشاء الفكر الأول في هذه الحياة ومن ثم تتابعت عملية التفكير، وذلك لأن الإحساس بالواقع مع الدماغ لا ينتج فكرا دون المعلومات السابقة لتفسير الواقع موضع التفكير، فإن الإحساس بالواقع وإحساس زائد إحساس وزائد مليون إحساس مهما تعدد نوع الإحساس، إنما يحصل منه إحساس فقط، ولا يحصل فكر مطلقاً. بل لا بد من وجود معلومات سابقة عند الإنسان يفسر بواسطتها الواقع الذي أحس به حتى يحصل فكر، ومن ثم فإن تتابع الأفكار، وخاصة الفكر الأول، يقود إلى الإيمان بالله الذي زود آدم عليه السلام بالمعلومات السابقة...


4- هذا عن المعلومات السابقة، أما الآراء السابقة فهي أحكام على الواقع سبق أن أصدرها الإنسان إما بقيامه هو بالعملية الفكرية وحكمه على الواقع وإما بتلقيه تلك الأحكام من غيره بالتلقين أو القراءة... إلخ، فالآراء السابقة هي أفكار عن الواقع.


5- وهكذا فإن الفرق بين المعلومات السابقة والآراء السابقة يمكن إجمالها في فرقين رئيسين:


الأول: إن الآراء السابقة هي الأفكار السابقة عند الإنسان التي هي حكم على الواقع المبحوث عنه، كلياً أو جزئياً، وأما المعلومات السابقة فهي ما يمكن تفسير الواقع بها دون الحكم عليه، وإنما فقط لتفسيره، وهي عامل من عوامل التفكير لا يتم التفكير دونها.


والثاني: الرأي السابق هو حكم مسبق عن الواقع المراد التفكير فيه، وذلك لإيجاد الحكم الصواب في نظر المفكر، ولذلك فلا يصح أن يستعمل في العملية الفكرية، فالذي يستعمل هو المعلومات فقط مع الحيلولة دون وجود الرأي السابق عند العملية ودون تدخله. فإن الرأي السابق إذا استعمل قد يسبب الخطأ في الإدراك، لأنه قد يتسلط على المعلومات فيفسرها تفسيراً خاطئاً فيقع الخطأ في الإدراك، ولذلك لا بد أن يلاحظ التفريق بين الرأي السابق وبين المعلومات، وأن تستعمل المعلومات فقط ويستبعد الرأي السابق عن الواقع المراد بحثه... جاء في كتاب التفكير صفحة 21-23 (إلا أنه يجب أن يفرق في تعريفها بين الآراء السابقة عن الشيء، وبين المعلومات السابقة عنه أو ما يتعلق به، فالمحتم في الطريقة العقلية ليس وجود رأي أو آراء سابقة عن الواقع، بل وجود معلومات سابقة عنه أو متعلقة به. ولذلك فإن المحتم الوجود هو المعلومات وليس الرأي...)


6- وفيما يلي مثالان لتوضيح المذكور أعلاه:


أ- إذا أعطيت إنساناً، أيّ إنسان، كتاباً سريانياً، ولا توجد لديه أية معلومات تتصل بالسريانية ونجعل حسه يقع على الكتابة، بالرؤية، واللمس، ونكرر هذا الحس مليون مرة، فإنه لا يمكن أن يعرف كلمة واحدة حتى تعطى له معلومات عن السريانية، وعما يتصل بالسريانية، فحينئذ يبدأ يفكر بها ويدركها. ولا يقال هذا خاص باللغات، وإنها وضعية من وضع الإنسان، فتحتاج إلى معلومات عنها، لا يقال ذلك، لأن الموضوع هو عملية عقلية، والعملية عملية عقل، سواء في وضع الحكم، أو في فهم الدلالة، أو في فهم الحقيقة. فالعملية العقلية عملية واحدة في كل شيء...


ب- إذا أردت البحث في مسألة سياسية للوصول إلى الرأي الصواب فيها، ولتكن مثلاً مسألة تدخل تركيا في الأحداث في ليبيا وإرسال مقاتلين مرتزقة ودعم السراج وحكومة الوفاق بالسلاح والمعلومات... وكان هناك رأي سابق بأن دعم أردوغان لقوات حكومة الوفاق هو بسبب حبه للمسلمين وحرصه على أهل ليبيا ولأنه يؤيد الحركات الإسلامية المسلحة ويقدم لها الدعم... إلخ، فهذا الرأي هو حكم على المسألة التي تريد أن تبحثها وليس معلومة سابقة عنها فحسب، وصحة البحث تقتضي منك التخلي عن هذا الرأي السابق وأن تدرس المسألة ضمن الأدلة السياسية المتوفرة دراسة موضوعية... ومن ثم تصل إلى الرأي الصواب في المسألة.


آمل أن يكون في هذا التوضيح كفاية والله أعلم وأحكم.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


04 رمضان 1442هـ
الموافق 2021/04/16م


رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع