المكتب الإعــلامي
ولاية العراق
التاريخ الهجري | 22 من ربيع الاول 1439هـ | رقم الإصدار: 04/39 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 10 كانون الأول/ديسمبر 2017 م |
بيان صَحَفِيّ
أيُّهَا العَلمَانِيُّونَ اتَّقُوا اللهَ في أنفُسِكُم وشَعْبِكُم
فلَيْسَتْ أحْكَامُ الإسْلامِ مَادَّةً لبَرْلمَانَاتِكُمُ الخَائِبَةِ
في ظلِّ هَيمَنةِ الأحزاب (الشِّيعِيَّة) على مَفاصِل الحُكم في العراق المَختَطفِ مِن الطغامِ الذينَ لا عِلم لهم في السِّياسَةِ، ولا هَمَّ لهُم سِوى المَناصِبِ ونَهبِ المَال العامِّ... سَعَى نوابٌ في البرلمان العراقيِّ لإجْراءِ تَعدِيلاتٍ على قانون الأحوال الشخصيَّةِ النَّافِذِ في البلادِ مُنذُ العام 1959م يَسمَحُ بِخَفضِ سِنِّ البُلوغِ للفَتيَاتِ القَاصِرَاتِ إلى (9) أعوامٍ بمُوجِبِ الشَّرع، بدَلاً من سِنِّ (18) في القانون الوَضعِيِّ، كما تنَاولتِ التعديلاتُ المَذكورةُ أموراً أخرى كنِسبَةِ المَولود إلى أبيهِ في الدِّينِ، وحَضانةِ الأطفال، والإرثِ عند اختلاف الدِّين، ومَنعِ زواج المُسلِمةِ بغير المُسلم، وأمثالها. وهذهِ المَسَاعيْ جاءَتِ استجابة لمَراكزِ ثِقلٍ دِينِيَّةٍ، كَحِزبِ (الفَضِيلة) - وهُو منها بَراء - ووَزيرِ العَدلِ السَّابقِ حَسنِ الشَّمَّريّ - الذي وَلغَ في دِمَاءِ كثيرٍ مِن المسلمين فنفَّذَ فيهِم حُكمَ الإعدَام بتُهَمٍ مُعظَمُها كَيْدِيٌ - ومَرجِعِهِم مُحمَّدِ اليَعقوبيِّ، وآخرينَ ضِمنَ التَّحَالُفِ وبَذلِ جُهُودٍ (لأسلمَةِ) المُجتمَع بِحَسبِ دُعَاة العَلمانيَّة ومُنَظمَاتِ المُجتمَع المَدنيِّ. ولعَلَّ اقترابَ مَوسِم الانتخابَاتِ البَرلمَانِيَّةِ حَرَّك بعضَ الأحزَابِ (الدِّينيَّة) التي فَشِلتْ في تقديم أيِّ شَيءٍ لجُمهُورها، نَحوَ مُغازلتهِ مِن بَاب الدِّين، مُراهنَة على الفِئاتِ الشَّعبيةِ ذاتِ الوَعْيِ المَحدُود والمُنقَادِينَ لفتاوَى مَرَاجِعِهِم، وبِهَدفِ استقطاب أصوات المُتشدِّدينَ منهُم لفائِدَتِها.
وما أنْ عُرِضَ مَشروعُ القانونِ على البرلمان للتَّصويتِ عليهِ حتى انْبَرى العَلمانيُّونَ يُوَجِّهُونَ سِهامَهُم لدُعاةِ التَّعديل، حاشِدِينَ جُهودَهُم لإسقاطهِ وداعِيْنَ جُمهُورَهُم للتَّظاهُر، ورَفعِ شِعاراتٍ (الحِرصَ) على المَرأةِ وحُقوقِ الإنسان... ولِسانُ حَالِهم يقول: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾. وجَاءتْ طُعُونُهم متنَوِّعة تولَّى كِبْرَها بَرلمانيَّاتٌ عبرَ مُؤتَمراتٍ صحَفِيَّةٍ... فقالت النائبة صباحُ التَّمِيميُّ من كُتلةِ إياد علاوي: إنَّ تعديلَ قانُون الأحوال الشَّخصِيةِ يُمَثلُ "إهانة كبيرة لإنسانية المرأة العراقية"، وأردَفَتْ نائبةٌ كُرديةٌ: إنَّهُ "يُشجِّعُ على زَواج القاصِراتِ، ويُذكِرُنا بتصرُّفاتِ تنظيم الدَولة مع الفتيات في المَوصِل وسُوريَّا". أمَّا النائبُ كاظمُ الشَّمَّريُّ ونقابةُ المُحَامِينَ العراقيِّينَ فحَذَّرَا مِن مَخاطر التَّعديل، لاحتِوائِهِ على "مُخَالفاتٍ دُستورِيةٍ وقانونيةٍ قد تتسبَّبُ بإرجاع العراق لمائة عامٍ إلى الخلف...! ويُمَثلُ تراجعاً كبيراً في إقامة الدَّولةِ المَدنِيَّة على أسَاس المُواطنَة، ويُكرِّسُ الهَويَّة الطائفية". وأضافَ آخر: "البلدُ غارقٌ في الحُروبِ والأزَمَاتِ وأكثرُ من 40% من شعبهِ تحتَ خطّ الفقر، وتجاوزَ الدَّينُ العامُّ حَدَّ 123 مليار دولار، وبَرلمانُهُ مُنشغلٌ في إصدار قوانين تُشرْعِنُ اغتصابَ الأطفال وزواج الرَّضِيعَة..! هذا حَالُ العراق تحتَ حُكم المَشايخ وأمَراءِ الطوائِف".
وبِصَرفِ النَّظرِ عنِ اقترَاحِ التَّعديلاتِ، ورُدُودِ العَلمانِيُّينَ عليها فإنَّ كلا الفَريقَينِ مُجانِبٌ للصَّواب، مُفتَرٍ على اللهِ الكَذِبَ:
أما الأوَّلونَ: فإنَّهم ارتكبوا جُرْماً عظيماً بطرحِ أحكام شرعِيَّةٍ - كمَوضوعِ البَحثِ - للتَّصويتِ عليها في البرلمان مِن أعضائهِ، الذينَ تتنازَعُهُمُ الأهواءُ والمكاسِبُ المُحَرَّمةُ، وهُم بذلكَ جعلوا البرلمانَ فوقَ شَرعِ اللهِ تعالى، وزَعَمُوا أنَّ مِن حقِّهِم قبولَ بعضِ أحكامهِ، ورفضَ الأخرى، فليَستَمِعوا لقول رَبَّهِم سُبحَانَه: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾.
وأمَّا المُعارِضونَ: فجُرمُهمْ أعظمُ، إذ جَعلُوا مِن الاحْتِكامِ لِشَرعِ الله عزَّ وجلَّ سبباً لظُلم المَرأةِ وإهانَتِها، وسبباً للتَّخَلُّف عن رَكبِ الأمَمِ المُتَحضِّرة...! ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾. ودَوافعُ هؤلاءِ مَعروفةٌ، فهم على دِيْنِ أسْيادِهِم المحتلين في تبنِّيْ الديمقراطيَّة الآثِمةِ التي تمنَعُ شرعَ الله تعالى أنْ يُنظمَ شؤونَ الناس والدولة والمُجتمع، فيَخشونَ تَحوُّلَ الناسِ إلى تحكيم شِرْعَةِ ربِّهِم عزَّ وجلَّ...!
وهكذا، فالكُلُّ مُجافٍ للصَّواب، ولا يَحِلُّ لهُ إطلاقُ الكلام جُزافاً في أحكام الله... ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾. وإنَّ الأصلَ في المُسلِمِ أنْ يَعْتادَ السُّؤالَ عن حُكمِ الشَّرعِ في ما يُقْدِمُ عليهِ أو يُحْجِم عنهُ، ولا يَترُكَه لأهوائهِ، أو يكونَ إمَّعَةً لطُرُوحاتِ الكُفَّار المُستَعمِرين، فيُعَرِّضَ نفسَهُ لِعَذابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، فالبَحثُ في أحكامِ الإسلامِ لهُ أهلهُ من العُلماء الرَّاسِخينَ في العِلمِ مِمَّن اشتُهِرَ بالصِّدقِ وقَولِ الحقِّ دُونَ مُحاباةٍ لأحدٍ، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
ولا بُدَّ - قبلَ الخِتامِ - مِن بيان حُكمِ اللهِ تعالى في (الزَّواجِ المُبَكِّر) فنقولُ: قد أجمع فُقَهاءُ الإسلام على جَوازِ تَزوِيجِ الصَّغِيرةِ قبلَ البُلوغِ، والذي يُعَوَّلُ عليه هنا، إنَّما هو بُنيةُ المرأةِ الصَّغِيرةِ وقدراتُها العقلية، وليسَ تحديدُ عُمُرٍ مُعيَّنٍ بواجب، بل بحَسبِ الأحوال... ومن أولئك الفقَهاءِ - على سبيلِ المِثالِ لا الحَصْرِ - الجَصَّاصُ من الحنَفِيَّةِ، وابنُ قُدامَةَ من الحَنابلةِ، والنَّوَوِيُّ والسُّيُوطِيُّ وكلاهُما من الشَّافِعيَّةِ، وابنُ المُنذِر منَ المالكيَّة وغيرُهُم كثير، وقد استَنَدوا لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾، ومَوضِعُ الاسْتِدلالِ قولهُ تعالى: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ أي: الصَّغِيرةُ التي لم تبلغ سِنَّ الحَيض. ودليلٌ آخرُ، قولهُ تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾، والشَّاهِدُ قولهُ: ﴿يَتَامَى النِّسَاءِ﴾ لأنَّ اليُتْمَ لا يكونُ إلا قبلَ البُلوغ. ومن ذلكَ زواجُ رسُول اللهِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ بعائِشةَ أمَّ المُؤمنين وهيَ بنتُ تسعةِ أعوام، وتَزوِيجُهُ فاطِمةَ لعَلِيٍّ وهي بنتُ ثلاثَ عَشْرة، كما زوَّجَ علِيٌّ ابنتهُ أمَّ كُلثُومَ لعُمَرَ بن الخطَّاب وهيَ بنتُ ثلاث عشرةَ كذلك.
وأخيراً، فَلْنَدَعْ قولَ الكافِرينَ وأذنَابِهِم، ونتلقَّ بالقَبُولِ ما شَرَعهُ ربُّنا عزَّ وجلَّ، فَفِيهِ الخَيرُ والنَّجاة يومَ الدِّين. اللهُمَّ عجِّلْ لنا بِنَصركَ العظيمِ لِنرى رَايةَ الخلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثانِيةِ على مِنهَاجِ النُّبُوَّةِ خَفَّاقةً عَاليَةً فوق رُبوعِ المُسلمينَ، ولِنَنْعُمَ بالعِزَّةِ والكرامَةِ والأمْنِ والحياةِ الطيِّبة إنَّكَ على كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية العراق
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية العراق |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: www.hizb-ut-tahrir.info |
E-Mail: infohtiraq@gmail.com |
1 تعليق
-
جزاكم الله خيرا للشكل والاهتمام، ونعم القول مضمونا
وبورك مسعاكم