- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
هم السابقون ونحن على دربهم سائرون
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل بالقبر، فيتمرغ عليه، ويقول: ياليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين، ما به إلا البلاء" متفق عليه.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريففيه من الأخبار ما تقشعر لها الأبدان، حيث يخبر عليه الصلاة والسلام بحال لم يصل إليه المسلمون في ظل الإسلام وحكمه، في ظل وجود الدرع الواقي لهم من كل الشرور (خليفة المسلمين المختار من قبل الناس ليحكمهم بشرع الله ويدافع عنهم وعن دينهم)، يخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن المسلمين سيصيبهم الضنك والعذاب والذل والمهانة ما يكون من علامات قرب الساعة.
كلنا نعلم أن الإنسان بطبيعته لا يحب قتل نفسه ولا يتمنى الموت ولا يسعى لأن يكون مكان ميت، فعندما يصل به الحال إلى أن يغطي نفسه بتراب القبر ويتمنى أن يكون مكان الميت فهذا يكون قد صار حاله سيئًا جدًا، لدرجة أن يظن بأن التراب سيحميه ويغسل عنه الخطايا ويبعده عن المعاصي وينجيه مما هو فيه، لمعرفته أن من في التراب كان أفضل حالًا منه وأبعد مما هو فيه من حال.
إن ما يُصاب به المسلمون في هذا الزمان من ضنك العيش والتمحيص قد أخبر عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأخبرنا كيف نتعامل فيه وما هو التصرف السليم في هذه الحال، حيث أخبرنا أن المؤمن في امتحان ما دام على قيد الحياة وما عليه سوى التمسك بالعروة الوثقى والحرص على ألا يفتن وأن لا يدبر عندما تُطلب منه النصرة. الأمر الآخر هو التفكر في السبب الحقيقي وراء هذا الحال والبحث في الإسلام عن الحل، وعدم الركون للذين كفروا، فهم أشد الناس عداء لنا وهم من أوصلونا إلى حال لا يرضاه الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام لنا.
مخطئ من يظن أن الله خلقنا وتركنا نلاقي مصيرنا من غير هدى ولا منجى ولا حتى سبيل نسلكه، فالله عز وجل خلق كل شيء ونظمه لغاية من خلقه، وخلق الإنسان ليعمر الأرض ويصلحها، وسخر له ما في الكون جميعًا.
أمر يجب أن نبقيه في ذهننا وهو أن الله تعالى أمرنا أن نقيم الدين وننشره ولا نترك السيادة لشرار الناس عصاة الله، فلا نضع رؤوسنا في التراب ونقول لا أستطيع فعل شيء هربًا من المواجهة والتحدي للعصاة ممن أرادوا أن يوصلونا إلى القنوط من رحمة الله تعالى. يجب أن نغبط من سبقنا في التضحية لهذا الدين فنتبعهم حتى يكون للإسلام كيان وأمة يسمعها القاصي والداني، حتى تكون له دولة تغيظ الكفار وأعوانهم.
إن الكفار وأعوانهم وشياطينهم لن يكون لهم علينا سبيل إن استمسكنا بدين الله وعملنا من أجله، علينا أن نسلك الطريق السليم الذي سلكه أصحاب القبور الذين سبقونا في الدين وعملوا له، يجب أن نغبطهم فنقتدي بهم، لا أن نتمنى أن نكون في قبورهم هربًا من المواجهة والامتحان.
الله نسأل أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ممن يسمعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعون خُطاه، وأن نكون كمن سبقنا من أصحاب القبور العظماء الذين ماتوا على دينهم ولدينهم، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح