- الموافق
- 2 تعليقات
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الإفلاس الفكري سبب رئيس في استشراء ظاهرة العنف
الخبر:
جاء في موقع راديو ألمانيا على لسان رئيس التجمع للكنيسة البروتستانتية هاينريش بيدفورد-شتروم Heinrich Bedford-Strohm تحت عنوان "العنف الديني يُنسَب حاليا بشكل أساسي إلى الإسلام" قولُه: "أتمنى أن تكون هناك ردة فعل واسعة بين المسلمين ضد العنف الديني، مؤكدا، أن الأحداث الإرهابية الأخيرة لها علاقة بالإسلام، لأن الإرهابيين يستندون - في أفعالهم - إلى آيات من القرآن. ولهذا فإنه من الضروري أن تقوم الروابط الممثلة للمسلمين بإدانة العمليات الإرهابية بشدة".
التعليق:
تكاد دموع السيد بيدفورد تسيل في المقابلة الصحفية عن العنف والأحداث الأخيرة في بروكسل، حزنا على الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة.
دموع لم نشهدها عندما قصفت أمريكا باسم الصليب ملجأ العامرية في العراق أو عندما تم إعدام السجناء في سجن جانجي في أفغانستان بصواريخ أمريكية. ولم يجرؤ أحد من المؤسسات الكنسية على إدانة هذه الجرائم سواء من الكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانتية أو غيرها...
لم نشهد إدانة من الكنيسة حتى الساعة على جرائم الصرب في سبرنيتشا وغيرها من المدن البوسنية، بل إن هذه الجرائم الوحشية تمت بعلم الكنيسة الأرثوذكسية وأوامرها؛ فقام الجنود بقطع إصبعين وترك ثلاثة أصابع للضحايا كرمز على التثليث، ورسم الصليب على الأجسام بالسكاكين والحديد، كما أصدرت الكنيسة فتوى، تبيح اغتصاب الصرب للمسلمات؛ فتم اغتصاب آلاف الفتيات، حتى إنه من كثرتهم لم يتوصل إلى إحصائية دقيقة، تعبر عن عدد المغتصبات.
لم يصل إلى سمعنا حتى الآن شيء عن إدانة الكنيسة للجرائم التي يرتكبها الروس في سوريا والذي تباركه الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في مشاهد علنية، حيث يقوم رجال الدين بقُدَّاس الحرب ومباركة الجنود الروس الذاهبين إلى سوريا في حرب مقدسة تقصف فيها المدن وتدمر القرى ويقتل الأطفال ويروع الشيوخ وتهجر النساء.
أم أن هذه المشاهد لم تصل لسمعك أو بصرك أيها المتباكي؟!
لماذا تطلب من المسلمين الاعتذار عن أعمال يعلم القاصي والداني أنها لا تمت للإسلام بصلة حتى لو انتسب فاعلوها للإسلام، وكان الأولى بك وأنت رجل دين، تسعى للسلام وتحبه!، أن توقف هذه المهزلة في نسبة الأعمال الوحشية هذه للمسلمين، بل وتقف في وجه من يروج لهذه الدعوات الهدامة في المجتمع، حيث إنها تؤدي إلى البغضاء وعمى البصيرة وفقدان البوصلة، فتكون نتيجتها أسوأ على المجتمع من التفجيرات نفسها. وتفسير ذلك هو:
- أن هزالة فكركم وضحالة مبدئكم لم تتمكن من صهر هؤلاء الشباب في المجتمع، لأنهم ظلوا يُعتبَرون أجانب في نظر السياسيين والمفكرين والإعلام وحتى مثلك من رجال الدين ناهيك عن عامة الناس، فمن الطبيعي أن يولّد هذا ردة فعل لدى هذه الفئة من الشباب التي تبحث عن هويتها واحترامها ومكانها في المجتمع فلا تجد سوى الصد.
- ومن ناحية أخرى فإن هذه الأحداث كشفت عن حقدكم الأسود الذي تكنونه للإسلام والمسلمين، ولم يبق الأمر مستورا في الصدور أو متخفيا وراء فئات يمينية قليلة، بل أصبحنا نسمعه من قادة سياسيين كبار مثل جورج بوش الذي صرح بأن الحرب في العراق حرب صليبية، ومن رجال دين كثيرين ينتظرون موقعة "أماجدون" التي بشر بها إنجيلكم.
- أصبح اليمين المتطرف حاضرا في الساحة السياسية بأغلبية فاضحة لهزالة فكركم. واستشراء الحقد على صعيد شعبي مما يولد عند الطرف الآخر ردة فعل طبيعية في محاولة حماية نفسه.
- حتى على المستوى الفكري مُنِع هؤلاء من التعبير عن رأيهم في ديمقراطيتكم التي تزعم حرية الفكر، وحرموا من ممارسة معتقداتهم، فأدى هذا إلى ردة فعل اتسمت بالعنف كوسيلة للتعبير عن حق هذه الفئة من الناس في الوجود.
ليس من الحصافة أيها المحترم أن تصب الزيت على النار، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية في ألمانيا بشكل خاص وفي أوروبا بشكل عام موجة وطنية يمينية متطرفة تستغل هذه التصريحات لتؤكد على موقفها السلبي من الإسلام، وأنت تعلم أن الفاعلين في حركة معاداة الإسلام "بيجيدا" أو أوروبا بدون الإسلام هم من رعاع الناس الذين لا يدركون معنى إثارة الأحقاد في المجتمع وما هي عواقبه، وسيجدون في مقالك هذا محفزا ودافعا للمزيد من أعمال العنف المعاكس الذي صار يروج له في المحافل النازية ويتم ممارسته بالفعل كحرق بيوت المهاجرين والاعتداء على اللاجئين وتهديد من يساعدهم بالقتل.
في حديثك هذا شبهة استغلال الظرف الراهن لنيل مكاسب سياسية أو شعبوية، لا تليق برجل دين يدعي حب السلام!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة - ألمانيا
وسائط
2 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
تعليق في غاية الأهمية ، مميز لغة وأدبا وفكرا ومنهجية
جزاكم الله خيرا وبارك في قلمكم