- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبناء بلاد الحرمين! اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة
الخبر:
النيابة توجه 5 تهم لإخوانيين (عكاظ 2018/09/12)
التعليق:
بعيدا عن الخوض في أسماء وأعداد المعتقلين من المشايخ وانتماءاتهم، وبعيدا عن جدل مصداقية صفحات المعارضة، لا شك أن الحقائق التالية لا خلاف عليها:
1- الأعداد المعلنة كبيرة تجاوزت العشرات إلى المئات وهي مستمرة بشكل شبه أسبوعي، فلا يكاد يمضي أسبوع إلا وتحصل فيه اعتقالات..
2- الاعتقالات تجاوزت حد المعارضين للنظام لتشمل من لا يرضى بالنفاق ومن يؤثر السكوت، بل كل مقرب يقول قولا لا يعجب النظام، حيث شملت أئمة في الحرمين وأساتذة جامعات ووجوه الإعلام الرسمي وأصحاب قنوات مرخصة، ومن كانت قبل ذلك تنظَم لهم المؤتمرات وتُدعم مشاريعهم وأنشطتهم بشكل رسمي..
3- الظروف الصعبة للمعتقلين لم يعد بالإمكان إخفاؤها، حيث لم ترحم كبيرا كالشيخ المنجد ولا علامة كالشيخ الطريفي، ولا مريضا كالشيخ الحوالي، فرج الله عنهم وعن إخوانهم وعنا معهم..
4- لم يقف الحد عند الاعتقال فقط، بل إن من لا يعتقل معرضٌ للمنع من الخطابة وإيقاف الدروس، والفصل من العمل، والمراقبة الأمنية الحثيثة، عدا عن خشية الاعتقال في أية لحظة..
5- لم يقف الحد أيضا عند المشايخ والدعاة، بل تجاوزهم ليشمل التضييق على الأنشطة التي كانت رعايتها بالأمس مصدر فخر للدولة، حيث أُوقف قبل أيام الملتقى الدعوي لجامعة الإمام، كما منعت الدروس الشرعية بعد الدوام في المدارس، عدا عن التضييق على دروس المساجد..
6- يحصل ذلك في الوقت الذي تطلق فيه أيدي هيئة الرياضة وهيئة الترفيه، للإفساد والإسراف، وإهدار أموال المسلمين وإضاعة وقتهم بما يضرهم..
7- كلنا يعلم أن الحكومة السعودية تمنع الأحزاب والتنظيمات، فكيف توجه تهمة الانتماء لتنظيم رغم أنه لا يوجد تنظيم، فهل الأحكام على النوايا أم على العواطف؟ وكيف أصبح مقربو الأمس مجرمين اليوم؟ ولماذا أصبحوا اليوم (إخوانيين) رغم أنهم بالأمس كانوا يعملون بحرية تامة دون أية تهمة ودون إشارة لأي انتماء!
8- إن الذي يقرأ التهم والمطالبات النيابية تجاهها يدرك تماما حجم المبالغة والسفاهة فيمن أطلقها وطلبها، فلا علاقة لها بجرم واقعي، ولا علاقة لها بحكم شرعي، بل هي أحكام سياسية انتقامية بشكل واضح فج..
9- إن النظام السعودي بذلك يسير على خطا النظام المصري بشطحات قضائه وإعلامه، وكلنا يعلم حجم السفه المصاحب لهذا الإعلام وحجم الظلم المصاحب لهذا القضاء، مما يدل قطعا أن مصدرها يخرج من نواة واحدة لا شك أنها نواة الأسياد في أمريكا الذين أصبحوا يتحكمون في جل شؤون حياتنا، وأنها أحكام وتوجهات سياسية موجهة نحو دعاة الإسلام وليست نحو أشخاص أو فئات بأعينهم..
10- إن أكبر فتنة تجلب غضب الرحمن هي فتنة الناس عن دينهم، وقد قال الله فيها ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: 10]، وقال سبحانه ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]، فالأمر خطير، ولن يقف عند حد الظالم الآمر بالمنكر ومرتكبه، بل يتجاوز ذلك ليشمل كل من يرضى بهذا المنكر والظلم ويسكت عنه، قال r: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّه بِعِقَابٍ مِنْهُ» وهذا الحديث الذي صححه ابن ماجه والترمذي والألباني وغيرهم، ذكره سيدنا أبو بكر في سياق رده على من ظن أن اكتفاءه بالسكوت ينجيه في خطبته عن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ...﴾، كما كان السكوت عن المنكر وموالاة الظالمين من أسباب لعن بني إسرائيل، جاء في شرح ابن باز "عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه r: «إِنَّ أَوَّلَ مَا دخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّه كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّه وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَكَ، ثُم يَلْقَاهُ مِن الْغَدِ وَهُو عَلَى حالِهِ، فَلا يَمْنَعُه ذلِك أَنْ يكُونَ أَكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ»، ثُمَّ قَالَ: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ إِلَى قوله: ﴿فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78- 81]. ثُمَّ قَالَ: «كَلَّا، وَاللَّه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَأْطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، ولَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» رواه أَبُو داود والترمذي".
إننا نخشى أن يعمنا الله بعقابه ويشملنا بغضبه إن بقينا على سكوتنا هذا، فمن ينقذنا وينقذ هذه البلاد ممن يسعى في إغراقها في أسباب غضب الرحمن؟
اللهم ارفع عنا الظلم والظالمين وهيئ لنا من يقودنا لرضاك؛ ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا﴾؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم – بلاد الحرمين الشريفين