- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
على الحاكم ألا يكذب على شعبه أبدا
الخبر:
قال رئيس الجمهورية التركي رجب الطيب أردوغان في حفل افتتاح الطريق السريع [منامن علي أغا جندرلي] في أزمير، قال إن تركيا تناضل من أجل الدفاع عن استقلالها في أكثر من مجال بدءاً من الاقتصاد وصولا إلى حربها ضد الإرهاب، كما أكد أن وجود تركيا سواء في سوريا أو في ليبيا ليس مغامرة وليس عن رغبة في الوجود هناك، هذا النضال والكفاح الذي تخوضه تركيا بالتعاون مع باقي الأطراف تحدثنا عنه من قبل، [الحمد لله قوة تركيا وإمكانياتها تخولها القيام بما تريد به بشكل مستقل، لسنا كالسابق نحن اليوم بإمكاننا أن نقود بلدنا إلى أهدافه الصحيحة حتى لو تطلب الأمر أن نقوم بذلك في خطوات فردية، بإمكاننا استخدام قوتنا العسكرية في الميدان بأعلى مستوى لها، نحن نعمل بجميع إمكانياتنا سواء في الميدان أو على الطاولة، وحصلنا على نتيجة ذلك وفي يومنا هذا بعض نقاط الضعف التي لا زلنا نواجهها سببها هو ضعف بلدنا في الماضي] (صوت أمريكا، 2020/2/22)
التعليق:
أهم خصلتين يجب أن تتوفرا في الحاكم: الأولى هي أن لا يكذب على شعبه، والثانية هي عندما يقوم بأي عمل أو يضع أي خطة يجب أن يشرح أهدافها بشكل واضح وصريح وشفاف، يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44] هنا نجد أن الله تعالى يقول لنبيه الكريم أن سبب إنزاله القرآن من أجل أن يبلغه النبي e للناس ويبينه لهم، وقد أدى النبي الكريم e هذه الأمانة على أكمل وجه، وبناء عليه نجد أن النبي e حين بدأ بتبليغ الدعوة لأهل مكة شرح لهم غاية الدعوة وهدفها بشكل واضح وصريح دون أن يترك أي شيء مبهم، يقول تعالى في كتابه العزيز ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ [الشعراء: 115] يعني أهل مكة عرفوا من النبي e سبب دعوته وغايتها وأهدافها وبناء على ذلك كانت ردود أفعالهم. وعندما لا يتم الإفصاح بشكل واضح وصريح عن الأهداف والغايات من العمليات التي يقوم بها القائد فإنها لن تؤدي إلى أي تقدم أو تطور، وردود الأفعال الناتجة ستكون غير حقيقية وغير مثمرة، وهذا ما يقوم به أردوغان تماما، يقول بأننا نناضل من أجل اقتصاد جيد ونحارب الإرهاب لكنه لا يفصح عن النهضة الاقتصادية التي يسعى إليها أو عن أهدافه في الحرب ضد الإرهاب وما استطعنا تحقيقه من هذا النضال كلها أمور مبهمة، وأهداف غير واضحة ونتائج غير ملموسة، يقول إنه يقود البلاد إلى أهدافها الصحيحة لكن ما هي هذه الأهداف؟ لا يقول! يقول إن تركيا استخدمت قوتها العسكرية في السياسة وعلى الطاولة لكن ماذا حققت من أهداف ومن خدمت هذه القوة العسكرية؟ لا يقول! يقول إننا ما زلنا نعاني من بعض المشاكل ونقاط الضعف وسببها هو عدم الوقوف بقوة في الماضي، سببها ضعفنا في الماضي، وما هو هذا الضعف في الماضي؟ لا يقول!
ولجميع هذه الأسباب مجتمعة، وبسبب عدم إفصاحه عن أهداف حركاته وخطواته ومخططاته بشكل واضح وصريح لشعبه، فإن هذا الشعب يثق بكلامه ويؤيد حركاته بشكل أعمى وبدون وعي، يؤيده بطريقة جاهلة لا تستند إلى المعرفة والبصيرة، لم يكن ليحصل على دعم المسلمين في تركيا خصوصا وفي البلاد الاسلامية عموما لو أنه أفصح عن أهدافه العسكرية والسياسية والدبلوماسية في سوريا مثلا والتي هي عبارة عن تنفيذ لأوامر أمريكا بسرقة ثورة أهل الشام المباركة وخداع أهلها المسلمين وتسليم الشام مرة أخرى إلى المجرم بشار الأسد، بالتأكيد لو أنه وضع هذه الأهداف أمام شعبه بشكل مباشر فلم ولن يقبلوا بها لكنه يخدعهم، ولو أنه أفصح عن أن سبب إرساله قوات عسكرية إلى ليبيا هو إضعاف الوجود الإنجليزي المتبقي من أيام القذافي ودعم حفتر الذي وضعته أمريكا في ليبيا وذلك تلبية لمطالب أمريكا، طبعا فإن شعبه لن يقبل بذلك، لذلك على كل مسلم أن ينظر إلى الأمور من منطلق إسلامي وعقائدي صحيح ويراقب الزعيم أو القائد أو الحاكم ويقيس الأمور بمقياس الحق والعدل، حتى يتمكن من إعطاء القرار السليم، على العكس من ذلك سوف نقع مع الحاكم في الغلط نفسه ونشاركه ذنبه ونخسر الدارين، معاذ الله!
ولذلك علينا أن نتخذ من قول النبي e مرشدا لنا في حياتنا حتى لا يتمكن الحكام من خداعنا، يقول e: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رمضان أبو فرقان