الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
اكتشاف الغاز الطبيعي في تركيا؛ هل هذا هو الخبر العظيم؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اكتشاف الغاز الطبيعي في تركيا؛ هل هذا هو الخبر العظيم؟!

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعده "بالأخبار العظيمة"، في إشادة بأن الـ320 مليار متر مكعب هي أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في تركيا حتى الآن، وصرح أيضاً بما يلي:

 

"إلى جانب كونها العامل الرئيسي في تنمية البلد، فإن الطاقة مهمة جداً أيضاً في إرساء السيادة الوطنية، كما أن توزيع مصادر الطاقة هو ما يكمن وراء اللعبة التي تقام في شرق البحر الأبيض المتوسط. إن هذا النظام العالمي غير الإنساني يواصل هيمنته، الذي يعتبر قطرة واحدة من النفط أكثر أهمية من سفك دماء الإنسان في شلالات". وأضاف: "اللهم افتح لنا أبواب الغنى". (وكالات)

 

التعليق:

 

مما لا شك فيه أن اكتشاف مثل هذا المصدر حدث يبعث على الراحة لبلد مسلم، وعلى هذا النحو سأبدأ بالدعاء الذي قصدته بالفعل في نهاية هذا التعليق نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنح الأمة الإسلامية التفوق والإتقان في المجالات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والأكاديمية والتكنولوجية والعلمية وجميع المجالات، في أقرب وقت ممكن وبالتأكيد إن الأمة المسلمة تستحق هذا. ومع ذلك، من أجل أن تستمر فرحتنا لفترة أطول ومن أجل إعلان أردوغان "للأخبار العظيمة" هناك قضيتان يجب أن توضعا في عين الاعتبار، أود أن أشرح القضية الأولى بكلمات الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في مقدمة كتابه "النظام الاقتصادي في الإسلام":

 

"إذا دُمرت الثروة المادية للأمة، فمن الممكن استعادتها بسرعة ما دامت الأمة تحافظ على ثروتها الفكرية. ومع ذلك، إذا انهارت الثروة الفكرية واحتفظت الأمة فقط بثروتها المادية، فإن هذه الثروة سوف تتقلص شيئا فشيئا وستقع الأمة في براثن الفقر".

 

بشكل مختصر: على الرغم من امتلاكهم أكبر احتياطي وثروة عظيمة في العالم منذ الماضي وحتى اليوم، فإن الناس في غالبية البلاد الإسلامية تحتل المرتبة الأولى بين أفقر البلاد في العالم. فمثلا أفريقيا، التي تمتلك أغنى موارد معدنية في العالم، لديها أعلى معدلات الجوع في العالم. والسعودية، المعروفة بثرائها بالنفط، وكونها أكبر مصدّر له، لديها ديون خارجية بحجم صادراتها النفطية، في حين إن أكثر من 20٪ من سكانها، أي ما يعادل 34 مليون شخص، يعيشون في فقر. (الجزيرة دوت كوم)

 

بالإضافة إلى ذلك، عند إلقاء نظرة على الكمية المكتشفة من الغاز الطبيعي، نرى أن حكام تركيا يشوهون الواقع ويضخمونه كالمعتاد ويؤكدون على "القومية والوطنية". حيث يبلغ متوسط استهلاك تركيا السنوي من الغاز الطبيعي 50 مليار متر مكعب. (ديلي صباح)

 

وهذا يعني أن هذه الغاز الطبيعي 320 مليار متر مكعب - إذا تم استخراجه بالكامل - سوف يوفر احتياجات تركيا لـ7 سنوات تقريباً، مما يعني أن الاعتماد على الواردات سيستمر.

 

أما بالنسبة للقضية الثانية، فإن أردوغان يتمسك بخطابه عن السيادة "الوطنية". ثم ما مدى قوة هذه الأمة مع 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي فقط؟ وكدولة قومية، ما الذي استطاع أن يحققه ضد عشرات الدول الاستعمارية الكافرة، التي تتصرف وفق مبدأ واحد، ومن يدها تمتص دماء الأمة الإسلامية وثرواتها؟ ما هو رأيه؟ وإلى متى سيقف ضدهم بهذه الكمية؟! في حين إن بلاد المسلمين هي وحدة واحدة كبيرة والأمة الإسلامية هي كلها أمة واحدة، والموارد الطبيعية التي خلقها الله هي ملك للأمة. ولا يحق للدولة ولا للحكام أو الشركات الخاصة التصرف فيها، حيث إن أي دخل من الموارد الطبيعية يذهب مباشرة إلى خزينة الدولة الإسلامية (بيت المال) وبالتالي يتم استخدامه مباشرة لخدمة جميع أنواع احتياجات الرعية. فهل الدولة القومية قادرة على القيام بذلك؟ لا يمكن أن يقوم بذلك إلا دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة المقيدة بأوامر الله وحده ونواهيه.

 

فالدول القومية لا تستطيع استخدام احتياطياتها لصالح شعوبها، حتى لو رغبت بذلك. لا يمكنها؛ لأنها تفتقر إلى عقيدة قادرة على إدارة وتنظيم شؤونها بالطريقة الصحيحة، ولذلك فهي معتمدة على رحمة القوى الأجنبية. إن حكام المسلمين وحكام وتركيا في الطليعة يحكمون بالأنظمة الرأسمالية الاستعمارية، التي نشأت من عقول الغرب الكافر. إن الرأسمالية، التي تتسم طبيعتها بالاستغلالية ومبدأ العمل بالوضوح بشكل لا يمكن إدراكه: فالرأسمالية تجمع الثروة في أيدي قلة من خلال الرشوة، والربا، والضرائب الجائرة، وتغذية الدولة والممتلكات العامة للشركات الخاصة من خلال المناقصات المزيفة، في حين إنها تترك غالبية البشرية عاجزة. والنتيجة المنطقية لذلك هي أن الغاز الطبيعي 320 مليار متر مكعب، مجرد نقطة في بحر، حيث تملأ جيوب الحكام وأصحاب رؤوس الأموال المتحالفة معهم، في حين إن أسعار الغاز الطبيعي الذي تستخدمه الأمة لتدفئة منازلها ولأجهزة الطهي، لن تحصل عليه! السؤال هنا: هل هذا حقا ما كنت تعنيه بقولك خبر عظيم؟!

 

باختصار، كما ذكر الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله، فإن المسألة ليست امتلاك هذه الاحتياطيات، بل امتلاك المبدأ الصحيح لإدارتها.

 

والحقيقة هي أنه إذا كان الحكام عادلين، ولو كانوا ينفذون قوانين الإسلام في كل مجال من مجالات الدولة والحياة، وإذا طبقوا النظام الاقتصادي الإسلامي وقانون العقوبات الإسلامي، فإن الرأسمالية الاستعمارية ستختفي. وإذا أزيلت السرقة والاحتيال والرشوة والضرائب القسرية والربا، فإن الأمة الإسلامية ستتطور حتى لو كانت الاحتياطيات في بلادها ضئيلة.

 

لكان حكام هذه الدولة يسعون جاهدين لتغذية الأمة وشعوبها حتى لو كانوا هم أنفسهم يعانون من الجوع، لأنهم لا يعطون الأولوية للمكاسب المالية الشخصية. وعلاوة على ذلك، فإنهم يتنافسون، ليلاً ونهاراً، لكي يكونوا درعا لحماية النساء، وحفظ دماء المسلمين، هذه الأمور بالنسبة لهم أفضل من أية مكاسب اقتصادية... فهكذا تكون "الأخبار العظيمة فعلا".

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

آخر تعديل علىالإثنين, 24 آب/أغسطس 2020

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 26 آب/أغسطس 2020م 01:14 تعليق

    جزاكم الله خير الجزاء

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع