- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الطفولة الموؤودة بمعسكر كلمة
الخبر:
لقيت أربع تلميذات مصرعهن جراء انهيار حفرة تستغل في صناعة الطوب الطيني في معسكر كلمة بجنوب دارفور غربي السودان، وبحسب الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين فقد انهارت الحفرة بمعسكر كلمة للنازحين لتلقى على إثرها 4 من تلميذات المدارس الابتدائية حتفهن وهن: (مريم محمد يعقوب عبد الشافع 16 عاماً، الصف الثامن، ونسيبة إسماعيل أبكر محمد 13 عاماً، الصف الثاني، ومناهل خميس إسماعيل رمضان 13 عاماً، الصف الثالث، وحب الدين يعقوب جمعة عبد الله 12 عاماً، الصف الرابع).
التعليق:
لقد تضاعفت المآسي على أهلنا النازحين في معسكرات اللجوء في دارفور في كل لحظة يمضونها في معسكرات الهروب من الموت إلى الموت، فهم يدفعون ثمن الحرب أضعافا مضاعفة! فقد قاد النزاع المسلح إلى تفريق الأسر، وإجبار الآلاف من الأطفال على إعالة أنفسهم ورعاية معالين آخرين ما يوقع الأطفال في أعمال ضئيلة العائد، فلم يكف التهجير القسري، وفقد الممتلكات والأرواح والمرض والفقر المدقع داخل المعسكرات، حتى استعصت لقمة العيش، فبحث عنها حتى الأطفال في معسكر كلمة ولو بين فكّي الموت المحقق!
هؤلاء التلميذات اللائي فجع أهلهن، هن ضحايا ما يسمي بحفرة صناعة الطوب، يبحثن عن لقمة العيش وسداد رسوم الدراسة في مغامرة أفقدتهن حياتهن وانتزعت أرواحهن الطاهرة الزكية وطفولتهن الغضة البريئة، فقد رحلن دون أن ينهض من أجلهن أحد، ودون أن يهتم بهن أحد أو يصرخ من أجلهن، وبخاصة المسؤولون الذين وصلوا إلى السلطة باسم ضحايا دارفور، ثم جلسوا على كراسيهم ونسوا معسكرات اللاجئين بمآسيها! فلا أحد من هؤلاء واسى أسر الضحايا المكلومين، ولا شارك أمهاتهن وآباءهن المفجوعين بكلمة ترحُّمٍ عليهن، مثلما فعلت وزارة الخارجية مع حادث بئر شفشاون المغربية الذي راح ضحيته الطفل ريّان تحت ضغط الإعلام المأجور الذي يشتري ويبيع في تضخيم القضايا وتسليط الضوء عليها أو عدم ذكرها من الأساس، والتعتيم عليها تبعا للمصالح! كما خلت نشرات أجهزة إعلام الدولة ومنصّاتها الإسفيرية من أية إشارة، ولم نسمع عن لجنة تحقيق في ملابسات وقوع الحادثة المروعة ولا عن زيارة لذوي الضحايا قام بها مسؤول، ولم نسمع عن إجراءات ولا تدابير لمواجهة أسباب المشكلة وذلك حتى لا تتكرر فتحصد أرواح ضحايا آخرين ناهيك عن توفير حياة كريمة، ينعم فيها الأطفال بالأمن والطمانينة.
إن النظام الرأسمالي الفاشل في توفير حياة كريمة للناس، جعل من تشغيل الأطفال ليس أمرا محلياً، بل هو أمر عالمي ليس فقط في الدول النامية والفقيرة، بل أيضا في الدول الصناعية، حيث تشير تقديرات اليونيسف إلى أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16 في المائة من جميع الأطفال من هذه الفئة العمرية ينخرطون في عمالة الأطفال. وتقدر منظمة العمل الدولية أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون، ويعمل كثير منهم بدوام كامل، في جميع أنحاء العالم. وكالعادة البلاد الإسلامية نصيبها أكبر من تلك الإحصائيات المخيفة التي تبين مدى الاستغلال والعنف والإيذاء بحق الأطفال الذين أجبرهم الفقر على العمل والتي تزداد مع الفقر وتدني المستوى العلمي للأسرة والاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبئا اقتصاديا. فإحصائيات اليونسيف وغيرها تشير إلى وجود أرقام كبيرة من الأطفال العاملين في اليمن ومصر وتونس والأردن وفلسطين وليبيا وغيرها بظروف استغلالية غير إنسانية.
هذه المعاناة لن تنتهي ولن تتوقف إلا بدولة إسلامية؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة، راعية لشئون الجميع؛ دولة حامية للأطفال من أي انتهاك لحقوقهم، توقف هذه الحروب العبثية التى قادت لنتائج كارثية على حياة الأطفال، وتؤمن لهم التعليم والغذاء والمسكن والدواء، فلا يضطرون لكسب العيش وهم أطفال في ظروف كارثية كهذه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان