شرح مواد النظام الإجتماعي في الإسلام-ح1
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأ الصراع بين الكفر والإسلام، وبين المسلمين والكفار، منذ أرسل الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام إلى الناس كافة، ولم يترك الكفار فرية مغرضة، أو كذبة خبيثة إلا ورموا الإسلام بها، ولم يسلم المسلمون في شتى بقاع الأرض من أذاهم، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أوذي في حياته بعد أن جاهر بدعوته، ولا يزال إيذاء الكفار نراه حتى يومنا هذا، وصدق الله إذ يقول: ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)، ولكن الله يقول لنا، إن الكفار لن ينالوا منكم إلا أذى، (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لاينصرون ) وسوف لن ينالوا من دينكم شيئا لأنه، تعالى قد تكفل بحفظه إذ يقول: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )، فهم ليسوا إلا كمن ينفخ على نور السموات والأرض ليطفئه، (( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)). ويبشرنا سبحانه وتعالى بظهور الإسلام على الدين كله، أي أن دولة الإسلام الثانية قادمة بإذن الله تعالى، وأنها سوف تظهر على كل دول الدنيا، (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
لقد نشطت أوروبا الرأسمالية منذ القرن التاسع عشر الميلادي، وخاصة عندما رأت ضعف المسلمين الفكري قد بلغ الانحطاط، فأشعلت نيران صراعها العسكري والسياسي والفكري، فتمكنت من هدم دولة الخلافة عام 1924 بمعاونة من خانوا أمتهم من المسلمين، فحققوا بذلك إنتصارا سياسيا وعسكريا على المسلمين، إلا أنهم لم يتمكنوا في البداية من تحقيق إنتصار فكري، لأن أفكار الإسلام كانت في أعماق أعماقهم، وليس من السهولة اجتثاثها، فهاجموا الإسلام في أفكاره وأحكامه، وهاجموا فكرة الجهاد، ولم يتمكنوا من إلغائها من نفوس المسلمين، وبقيت تتنامى عندهم حتى أنها بلغت مبلغ التضحية بالمال والأهل والولد، وهاجموا أحكام العقوبات والحدود، فتمكنوا من تغييرها، ولكنها ظلت حية في نفوسهم، لأنهم يقرءوا القرآن، وآيات العقوبات، من مثل: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، ومثل: (الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة.....)، ويقرءوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عقوبة في عشر ضربات الا في حد من حدود الله) رواه البخاري.
وعن أبي هريره انة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ثم خلى عنه)، وهاجموا الأحكام التي تخص الرجل والمرأة فيما أسموه اليوم (بالأحوال الشخصية)، من تعدد الزوجات، والطلاق، والميراث، والأحكام الأخرى، مثل لباس المرأة والإختلاط بين الرجل والمرأة .
فإزاء هذه الهجمات، انبرى بعض أبناء الإسلام للرد عليهم: ولكنهم كانوا منقسمين على أنفسهم، فمنهم من رفض الهجمة وتسلح بأفكار الإسلام، وهؤلاء كانوا قلة، ومنهم من رضي أن يكون الإسلام متهما فأخذ يدافع عنه دفاعا مغلوظا، ومنهم من أقتنع بالحضارة الغربية وأفكارها الفاسدة، فسار معهم وأخذ يروج لأفكارهم، ونبذ أحكام الله، بحجة أنها لا تتمشى مع هذا العصر، الذي أذهلت الصناعات المدنية عقولهم، فقالوا، إن الإسلام قد إنتهى دوره، ووصموه بالتخلف.
وفي خضم تمكن الغرب الصليبي العدو الأول للإسلام من المسلمين، والإجهاز على دولتهم، وتقسيم بلادهم، ووضع رويبضات على أقسام الدولة الإسلامية، ونشر الأفكار القومية والوطنية والديمقراطية، ونشر قاذورات حضارته العفنة، مستغلا في كل هذا ضعف المسلمين الفكري وعدم فهمهم للإسلام، فبدل أن يقتصر المسلمون على أخذ المدنية الغربية بأشكالها المادية، بدؤوا يأخذون حضارته ومفاهيمه عن الحياة، والديمقراطية التي تجعل التحليل والتحريم كله بيد البشر، وبسبب القيادات الفكرية الفاسدة التي عينها الكفار على رقاب المسلمين، والتي تبنت أفكاره وروجت لها بين صفوف المسلمين، فتمكنوا من شراء النفوس المريضة ممن سموهم العلماء، وألبسوهم ثوب العلم الشرعي بحجة إبداء آراء الإسلام في المسائل التي تهم المسلمين، فأخذوا يفتون، فأبدلوا حكم الله بحكم الجاهلية التي ترضي أسيادهم فزادت الأمة بهم تعثرا وخيبة.
سلط الكفار وأعوانهم من الحكام وأصحاب الشهوات من المتنفذين سهامهم إلى المرأة المسلمة، فأخذوا ينشرون بها الرذيلة بحجة التقدم، وأفهموها أن الإسلام يقيد الحريات فلا بد من الانفلات من هذه القيود، وأفهموها أن الإسلام لم يعط المرأة حقوقها ولم يساوها مع الرجل، وأن لها الحق في أن تزاول الأعمال التي يزاولها الرجل فلها أن تسافر لوحدها وتقضي الأيام الطوال في الفنادق وغيرها، فأرادوها كالمرأة الغربية التي أخرجت من بيتها وأصبحت جزءا نفعيا للمتعة، كالسلعة التجارية، أو لإشباع الشهوة. فأصبحت عندهم المرأة بلا بيت وبلا أسرة وبلا حقوق، وتقضي الليالي تنتقل من مكان إلى مكان تنشد المتعة.
هكذا يريدون للمرأة المسلمة أن تنزل هذه المنزلة من الإنحطاط. فهل حقا أن المرأة المسلمة مظلومة كما يزعمون؟ وأنها بلا حقوق حتى يأتي أعداء هذه الأمة مطالبين بأعطائها حقوقها المسلوبة، ولمساواتها بمثيلتها في الغرب، وهل حقا أن المرأة في الغرب تتمتع بأعلى الحقوق؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن المطلوب هو تدمير الأسرة المسلمة التي تعتبر المرأة ركنها الأساسي.
لقد بين الإسلام أهمية دور المرأة ودور الرجل ودور الأسرة ، في المجتمع المسلم، لقد خلق الله الإنسان أمرأة ورجلا في فطرة معينة تمتاز عن الحيوان، وقد هيأهما لخوض معترك الحياة بوصف الإنسانية، وجعلهما يعيشان في مجتمع واحد، وجعل الغريزة الجنسية فيهما بقصد استمرار النوع، ليس الا، وجعل بينهما علاقات، ونظم هذه العلاقات بنظام من عنده، فلا خطأ فيه ولا جهل، لأنه من عند الخالق المدبر.
وقد طبق المسلمون النظام الإجتماعي الذي ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة طيلة وجود الدولة الإسلامية قبل أن هدمها الكفار، وكانت الأمة محفوظة الأنساب، معلومة الأرحام ، ومن أجل شرف المرأة تسير الجيوش لأنه يعتبر من شرف القوم كلهم. فالمرأة التي أجلي من أجلها يهود بني النضير من المدينة المنورة ، شاهد على ذلك، وامرأة عمورية التي استنجدت بخليفة المسلمين المعتصم رحمه الله فقال قولته المشهورة (جئتك يا علج الروم بجيش أوله عندك وآخره عندي).
هذه مكانة المرأة في الإسلام وهذه مكانة المرأة في الدولة الإسلامية، ولهذا فإن حزب التحرير قد وضع موادا في مشروع دستور دولة الخلافة، التي نرجو الله تعالى أن يمكننا من شرح هذه المواد وبيان أدلتها من القرآن والسنة ، ونسأله تعالى أن يجعل تطبيق هذه المواد في دولة الخلافة الثانية قريب، والله سميع مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق