- الموافق
- 2 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الختامية لمؤتمر "الشباب المسلم... روّاد التغيير الحقيقي"
رسالة إلى الشباب المسلم
(مترجم)
يا شباب هذه الأمة: يا أبناء وبنات الإسلام! أنتم الكنز، أنتم الطاقة، أنتم حيوية هذه الأمة العظيمة.. أمة محمد ﷺ. إن الإرث الذي ورثتموه كشباب لهذا الدين هو إرث عظيم. إن إقامة الإسلام وحضارته كان على أكتافكم. أنتم الذين سارعتم إلى دعم وتأييد الإسلام عندما رفضه الكثيرون وحميتموه من التحريف والهجوم. أنتم الذين وقفتم ضد الظلم وقلتم كلمة الحق ضد الطواغيت وأركعتموهم. أنتم من حميتم رسول الله ﷺ بأجسادكم مع كل ما لاقيتم من أذى. وأنتم من فتحتم البلاد وكان نصر الله على أيديكم وسمحتم لنور الإسلام وعدله أن يصل إلى العالم.
يا شباب الإسلام، هذه كانت المكانة العظيمة للشباب المسلم في الماضي. إن تفكيرهم وشجاعتهم وسلوكهم النبيل، ومساهمتهم لتحسين مجتمعاتهم بفضل دينهم كانت منارةً لأمم الأرض. هذه المكانة العظيمة هي ما يقدمه الإسلام لكم يا شباب الأمة!.
ولكن غياب الحكم الإسلامي وقيمه عن بلادنا، وسيطرة النظام العلماني وأفكاره على مجتمعاتنا وحياتنا قد محت مكانتكم العظيمة. لقد كبتت إمكانياتكم، وقضت على مهاراتكم، وحطمت تطلعاتكم لحياة أفضل، وسعت إلى تحديد نظرتكم إلى ما تستطيعون تحقيقه لهذا العالم. ولكن جريمته العظمى كانت محاولته إبعادكم عن دينكم وسرقة نجاحكم الأسمى، المنزلة العالية في الفردوس ونعيمها المقيم.
إن نمط حياة العلمانية ونظامها قد باعوكم كذبة! إن وعودها لكم بالكرامة والازدهار والسعادة الحقيقية اتضح أنها وهم براق. على العكس، لقد ألقت عليكم جبالاً من المشاكل، وعدم الأمن وضنك العيش وانتهاك الحقوق. إن مشاهيرهم الذين يقدمونهم كقدوة يحتذى بها، لم تقدم سوى وجود أناني صناعي، وممارسات جنسية فاحشة، ورطت الشباب في أنماط حياة تحط من كرامتهم، وجلبت لهم مشاكل عاطفية جمة دمرت حياتهم. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ [النور: 39]
يا شباب الإسلام: إن هذا النمط من الحياة ونظامها هو ما يمنعكم من تحقيق النجاح الحقيقي والسعادة في الحياة وفي الآخرة، الأمر الذي لا يمنحكم إياه إلا دينكم.
يا شباب الإسلام العزيز: تذكروا دائمًا أن أغلى ما تمتلكون هو قدرتكم على التفكير بأنفسكم من أجل التمييز بين الحق والباطل، لا تَدَعوا الحكومات الغربية تخدعكم سياسيًا بمساعدة الإعلام المضلل الذي يضخ الكذب بعد الكذب ضد دينكم ليتمكنوا من إحكام القبضة على هذا العالم، هذا الغرب الذي أبعدكم عن مجد تاريخكم الإسلامي العظيم وعن قدرة هذا الدين من إخراج البشرية من الظلام الذي تعيش فيه.
لا تظنوا أبدًا أنكم "متطرفون" لأنكم تقفون ضد الظلم، أو لأنكم تدافعون عن أمتكم، أو لأنكم تخضعون لنظام خالقكم، أو لأنكم تعتقدون أن البشرية تستحق حياة أفضل من الظلام الذي تعيش فيه نتيجة لنظام حكم وضعي بشري. ولا تسمحوا لأكاذيب الجهلة حول معتقداتكم الإسلامية أن تشكل نظرة الناس لكم أو أن تسيطر على نقاشهم حول دينكم. بل ارفعوا صوت الحق في هذه النقاشات، وفندوا اتهاماتهم الخاطئة عن الإسلام والشريعة والخلافة، وكثفوا من الكلام حول الإسلام في مجتمعاتكم. وعندما يصبح الضغط عليكم شديدًا لكي تصمتوا أو تتخلوا عن معتقداتكم أو شعائركم الإسلامية تذكروا النعيم الذي ينتظركم في الجنة بسبب صبركم وطاعتكم لربكم.. وكما يقول الحق تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ [الإنسان: 20]
وعندما يحيط بكم الخوف من كل جانب بسبب تمسككم بدين خالق الأكوان، إنه عز وجل معكم أينما كنتم وسيؤيدكم كما أيد أصحاب الكهف والرقيم الذين التجأوا إلى الكهف هربًا بإيمانهم ومعتقداتهم من أعداء الله. لقد حماهم الله من الفتنة وأنامهم 300 عام، وحتى إنه سبحانه وتعالى شتت أشعة الشمس الداخلة إلى الكهف لكيلا تزعج نومهم... سبحان الله!.
يا شباب الإسلام العزيز! إننا نعلم حجم التحديات والصراع الذي تواجهونه في حملكم لدينكم هذه الأيام. إننا نفهم أن ملذات وإغراءات الحياة الدنيا تحيط بكم من كل جانب وتحثكم على إشباعها بشكل يتناقض مع دينكم. ومع هذا.. فإننا نذكركم أن هذه الملذات والشهوات زائلة ومؤقتة وأن بيتكم الحقيقي هو الجنة وليس هذه الدنيا. نعم... إن متع هذه الحياة لا تقارن مع ما ينتظركم في الجنة كما قال ﷺ: «إِنَّ مَوْضِعَ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا «. لذا لا تَدَعوا ما يفنى يمنعكم عما يزول. واعلموا أنكم أنتم من سيظلكم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله. إذا ما التزمتم بأوامره عز وجل.
يا شباب الإسلام... إننا نعي أن الضغوطات مكثفة عليكم للتأقلم مع الواقع العلماني وثقافته التي تسيطر على العالم، بالإضافة إلى ضغط المجتمع وضغط نظرائكم أيضًا، وأنكم تخافون أن تقفوا وحيدين ومختلفين بسبب معتقداتكم الإسلامية وشعائركم. ولكن اعلموا أن الحق لم يكن يومًا ليمتزج مع الباطل، وبصفتكم مسلمين وعبيدًا لله عز وجل، لم تكونوا لتنصهروا في بيئتكم.. ولكن لتكونوا نجومًا مضيئة في سماء ليلة ظلماء تهدي السائرين. إن إيمانكم الذي تحملون قد جعل منكم قادةً تحددون الاتجاه للآخرين لاتباعكم طريق الخير والعدل، قادةً في التفكير، ورفع راية الحق، قادةً في العمل النبيل والأخلاق الرفيعة والاهتمام بشؤون الإنسانية، قادةً في الشجاعة للوقوف للعدل ضد الظلم.
يا شباب الإسلام الغالي! إن آمالنا لمستقبل أفضل لهذه الأمة وللإنسانية يقع على أكتافكم. إنكم تملكون القدرة على تحويل هذا العالم وتحسين حياة الناس من خلال دينكم. لا تقللوا من شأن أنفسكم بما تستطيعون تقديمه لأن الله معكم. ولكن هذا يتطلب منكم أن ترتفعوا عن ماديات الحياة الدنيا وعما يصرف انتباهكم ويعطلكم؛ لأن الإسلام قد جهزكم لأعظم الأمور. ويتطلب هذا منكم أيضًا تبني رؤية تستطيع خلق تغيير حقيقي لهذا العالم وليس فشلاً ذريعًا آخر. وهذا لن يتحقق إلا باستئناف الحياة الإسلامية من خلال نظام الخالق عز وجل؛ الخلافة. من خلالها يكون نجاحكم وتحقيق أحلامكم أنتم وأمتكم. لذا قوموا إلى أماكنكم الحقيقية، حراس الدين وأولياءه وحماة الأمة! قوموا إلى واجبكم الشرعي العظيم لإخراج البشرية من الظلام والظلم الذي تعاني منه اليوم من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. خذوا دوركم الحقيقي؛ روادًا للتغيير الحقيقي، لأنكم ستفوزون بشرف الدنيا والآخرة.
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأحقاف: 13-14]
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
2 تعليقات
-
بارك الله بكم . ونسأله تعالى أن يَمُنَّ علينا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة
-
جزاك الله خيرا أختاه