الخميس، 12 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/14م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الميزان - ميزان الفكر والنفس والسلوك - الحلقة السادسة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الميزان

 

ميزان الفكر والنفس والسلوك

 

الحلقة السادسة

 

 

حاجة الإنسان إلى الميزان في فكره وسلوكه ونفسيته:

 

إنَّ الإنسان –الخليفة في الأرض- أحوج ما يكون في فكره ونفسيته وسلوكه إلى الميزان والمقياس والمصطلحات، وذلك أنه:

 

1- المخلوق المحسوس الوحيد الذي لم يُفرض عليه نظام فكري أو نفسي أو سلوكي وهو العاقل الوحيد في المحسوسات، بخلاف باقي المخلوقات المحسوسة، فكل المخلوقات المحسوسة لها نظامها المفروض عليها، وتسير بحسبه، ذلك أنها مسخرة للإنسان لينتفع منها في حياته، فليس لها اختيار، وليست عاقلة، فالجمادات تسير بحسب خواص وقوانين لا تتخلف، والنباتات تسير بحسب خواص وقوانين لا تتخلف، والحيوانات والطيور تسير بحسب خواص وقوانين لا تتخلف، هذا هو نظامها خواص لا تتخلف، ينتج عنها قوانين (علاقات) لا تتخلف، لكن الإنسان في فكره ونفسيته وسلوكه مختار، جُعل له أن يختار فكره، وتنظيم نفسيته وسلوكه، فلا بد لهذا التنظيم من موازيين ومقاييس ومصطلحات تحكم فكره ونفسيته وسلوكه.

 

2- الإنسان هو المخلوق المحسوس الوحيد الذي تنشأ مشكلات عن أي خلل في فكره ونفسيته وسلوكه، وبيان ذلك:

 

أ‌- من ناحية فكره:

 

* نرى أن الفهم الخاطئ للواقع ينتج لديه خلل في التعامل مع هذا الواقع، فمثلاً تصور المجتمع على أنه مجرد أفراد ينتج عن هذا التصور خطأ في معالجته، فيرى صاحب هذا الفهم الخاطئ أن إصلاح أي خلل في المجتمع يكون في إصلاح الأفراد، فيقضي عمره وهو يحاول إصلاح الأفراد، وهو يرى ويشاهد أن الخلل يستمر ويكثر ويزداد بل ويتضاعف، فسوء التشخيص أنتج خطأ الحكم الصحيح، وخطأ الحكم الصحيح أنتج سوء المعالجة.

 

* ونرى أن الفهم الخاطئ لواقع التفكير أنتج خللاً في معالجته وفي تنميته، في التربية والنفس وغيرها، فلَّما استبعد الشيوعيون المعلومات السابقة من شروط عملية التفكير نتج عن ذلك أفكار كثيرة خاطئة منها استقلال الإنسان المخلوق عن خالقه الذي أعطاه المعلومات السابقة عندما خلقه، وعدم اعتبار الحواس شرطاً في عملية التفكير أنتج افتراض علاقات مع مخلوقات غيبية، وافتراض تأثير هذه المخلوقات الغيبية على الإنسان بإحداث الأذى والضرر فيه، وزعموا أنها تسيطر عليه وعلى فكره ونفسيته وسلوكه.

 

* ونرى أن الفهم الخاطئ لواقع المصلحة جعلها غاية عند كثير من الناس، بدل أن تكون علاقة تحتاج إلى تنظيم وتحتاج إلى مقاييس تنظمها وتضبطها.

 

* ونرى أن الفهم الخاطئ لمفهوم التوكل جعله إما تواكلا عند بعض الناس، وإما أخذاً بالأسباب عند آخرين، ففقد هذا المفهوم تأثيره الإيجابي الذي يجعل الإنسان مرتبطاً ارتباطاً دائميا بالله سبحانه وتعالى مستعيناً به، ويجعله يملك من الطاقات والقدرات الفاعلة ما تقارب المعجزات كما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعيهم بإحسان.

 

* ونرى أن الفهم الخاطئ لفكرة الشورى أوجد عند كثير من الناس خلطاً بينها وبين حق التشريع فأطلقوا الشورى التي هي لأخذ الرأي بتفصيلات شرعية محددة, أطلقوها في كل شيء، فجعلوا التشريعات التي هي حق الله تعالى جعلوها محلاً للتشاور والحكم العقلي والتصويت عليها، وبالفهم الخاطئ لمفهوم الشورى اعتنق كثير من الناس فكرة الديمقراطية المناقضة لعقيدة الإسلام.

 

إضافة إلى العشرات بل المئات من الأفكار والمفاهيم الخاطئة الناتجة عن خطأ فهم واقعها وعدم التفكير السليم والنظرة الصحيحة لكيفية الحكم على الواقع، ولعل الله سبحانه يمُنُّ علينا بإمكانية التفصيل في ذلك في بحث الميزان إن شاء الله.

 

 

كتبها للإذاعة وأعدها: خليفة محمد- الأردن

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع