الجمعة، 25 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
السنة النبوية المطهرة دليل شرعي كالقرآن والتشكيك في رواتها تشكيك في القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السنة النبوية المطهرة دليل شرعي كالقرآن

 

والتشكيك في رواتها تشكيك في القرآن

 

 

يتطاول بعض الأقزام على السنة النبوية المطهرة فيشككون في رواتها وأنهم جاءوا بأحاديث من عند أنفسهم وتقوّلوا على رسول الله eوأن كتبهم الصحيحين والسنن مزورة، وهم بهذا يظنون أنهم سيبعدون الإسلام من حياة المسلمين، لكن هيهات فالسنة راسخة في قلوب المسلمين رسوخ الجبال الراسيات التي لا تهزها الصواعق الشديدة. فالحرب على الإسلام حرب مصيرية من قبل الكفار؛ فقد انهزموا أمام أحكامه الراسخة التي تقوم على قاعدة فكرية صلبة هي العقيدة الإسلامية منذ انطلاق دعوته، فاخترع شياطين الكفار فكرة حرب الإسلام من الداخل فوجدت الحركات الباطنية، وهي لا زالت موجودة إلى يومنا هذا بل إن الكفار اليوم يعتمدون عليها في حكم المسلمين بقوانينهم الوضعية الفاسدة. فهدفهم هو هدم الإسلام وإطفاء نوره من الأرض ومحو شخصية المسلمين وهويتهم إلى الأبد، ولما كان ذلك غير ممكن؛ فعقيدة الإسلام قد تجذرت في قلوب المسلمين وأحكامه عملية تحولت إلى سلوك فهي ليست أفكاراً جامدة غير قابلة للتطبيق، فصحة عقيدته وأحكامه كان لهما الأثر الأكبر في انتشاره بسرعة مذهلة وفي زمن قياسي، فتولد في قلوب الكفار والمنافقين الحقد الدفين على الإسلام والمسلمين فكانت حربهم له هي ديدنهم دائما، ولما عجزوا عن القضاء عليه سعوا إلى تعطيل أحكامه فهدموا الخلافة العثمانية وحكمنا عملاؤهم بالعلمانية فكانت كل المشاكل والأزمات التي تمر بها الأمة نتيجة طبيعية لتطبيقها على المسلمين، ثم كان تصاعد الصحوة ومطالبة الأمة بتحكيم الشريعة وتلهفها لعودة الخلافة على منهاج النبوة، فدق ناقوس الخطر لديهم فسعوا لسلخ الأمة عن الإسلام وذلك بإبعاد أحكامه عنها، وقد توصلوا إلى أنهم لا يستطيعون ذلك إلا إذا قضوا على السنة بتشويهها وإنكار ثبوتها ومحاولة إقناع المسلمين أن المصدر للتشريع هو فقط القرآن فإذا قبلوا بذلك ضاعت السنة وتعطلت أحكامها وضاعت أحكام القرآن معها وتعطلت أحكام الإسلام كلها ولم يبق من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه. فكانت الحملة المسعورة للكفار وعملائهم على السنة والدعوة إلى تركها بحجة عدم ثبوت صحتها، واستخدموا لهذا الهدف الخبيث البسطاء والمضللين الذي رضوا أن يكونوا أبواقاً لهم وباعوا آخرتهم بدنيا غيرهم.

 

لقد قرأت أبحاثاً تحمل أسماء مختلفة لكن مضمونها واحد فحواه يدور حول محاولة يائسة في إثبات أن السنة مفقودة من 183 سنة من عمر الإسلام كما حصروا المصادر لديهم بمصدر واحد هو القرآن الكريم، ويمكن إجمال ما أوردوه في أبحاثهم في النقاط الآتية:

 

1- السنة مفقودة من 183 سنة من عمر الإسلام، وهي ستة أجيال حسب تحديد علماء الأحياء للجيل بـ33 سنة

 

2- رجاحة العقل تكون بعد 40 سنة لقبول الحديث من الراوي

 

3- رواة الحديث ومنهم البخاري ليسوا عرباً ولم يولدوا في جزيرة العرب أصل منبع الإسلام، ولم يعش أحد منهم في زمن الرسول أو الخلفاء الراشدين أو الأمويين أو العباسيين. فمن أين جاءوا بأحاديث الرسول وما هي مصادرهم ومراجعهم وأين المخطوطات؟

 

4- أين خطب الجمعة للرسول في كتاب البخاري ومسلم؟

 

5- أين ما كتب ونقل عن آل البيت والصحابة؟

 

6- هل رجال الدين آنذاك عقدوا صفقة مع أحد الخلفاء على حساب الدين؟

 

7- هل العهد الأموي هو وراء حجب الأحاديث، وما المصلحة؟ هل هو الخوف من الثورات بسبب صراعهم مع آل البيت؟

 

8- كيف ستعرفون السنن والأحاديث هذه الأيام لو لم تجدوا البخاري ومسلم؟

 

9- ما القاعدة وتنظيم الدولة إلا نبت شيطاني خرج من كتب التزوير والتحريف والتقول على رسولنا الكريم.

 

10- حقيقة الإرهاب

 

11- علامات الاستفهام كثيرة ومرعبة على البخاري ومسلم وغيرهما

 

12- سلوك أتباع هذا المنهاج مخالف للإسلام

 

13- القرآن هو المصدر الأول والأخير

 

14- عرض الحديث على القرآن

 

الرد:

 

1- السنة ليست مفقودة بل هي محفوظة قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[الحجر: 9] فالقرآن محفوظ من التحريف والسنة محفوظة من الضياع. والقرآن والسنة كلاهما وحي من الله أوحاهما إلى رسوله e. فالقرآن كلام الله لفظاً ومعنى وهو متواتر كله ومتعبد بتلاوته. والسنة هي كلام الله بالمعنى أما اللفظ فهو للرسول الذي أعطاه الله جوامع الكلم، والسنة منها المتواتر وهو قليل ومنها الآحاد وهو أغلبها وهي المصدر الثاني في الذكر والشرف، أما من ناحية الاستدلال على الأحكام فهي كالقرآن سواءً بسواء والتشكيك فيها هو تشكيك في القرآن ورفض الاحتكام لها هو رفض للاحتكام إلى القرآن والدعوة إلى تركها هي دعوة إلى ترك القرآن... فآيات القرآن تؤكد أنها مصدر للأحكام كالقرآن سواءً بسواء ومن يقول غير ذلك يناقض القرآن ويشكك فيه وهذا كفر، قال تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ[آل عمران: 32]

 

وقد جاءنا الرسول e بالوحي وهو قرآن وسنة وأمرنا الله باتباعهما معاً، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[الحشر: 7]

 

بل إن الله حذر من مخالفة أمر الرسول e وتوعد من يخالفه بالعذاب الأليم، قال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور: 63].

 

كما أن دليل محبة العبد لله هو اتباع الرسول e باتباع أوامره واجتناب نواهيه أي باتباع سنته، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[آل عمران: 31]

 

والرسول e هو القدوة والأسوة لأمته، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[الأحزاب: 21]

 

وكيف يكون رسول الله e أسوة إذا لم نعرف سنته لنقتدي بها ونسير على هداها والآيات التي توجب طاعة رسول الله e واتباع أوامره واجتناب نواهيه واتخاذه أسوة في أقواله وأفعاله وتقريراته كثيرة؟

 

والسنة مفصِّلة لمجمل القرآن ومخصِّصة لعمومه ومقيِّدة لمطلقه وملحِقة فرعاً بأصل، كما جاءت بتشريعات لم ينص عليها في القرآن ونوضح ذلك كما يلي:

 

1- تفصيل السنة لمجمل القرآن

 

المجمل هو اللفظ الذي لم تتضح دلالته؛ فقد ورد في القرآن وجوب الصلاة والزكاة والحج بشكل مجمل فجاءت السنة وبينت كم عدد الصلوات المفروضة وأوقاتها وكم عدد ركعاتها وتفاصيلها كاملة، وفصلت نصاب زكاة الثمار وعروض التجارة والماشية والذهب والفضة، كما فصلت مناسك الحج وأحكام الجهاد وغيرها...

 

2- تخصيص عام القرآن

 

العام هو اللفظ الذي يستغرق جميع ما يصلح له بلفظ واحد؛ مثل المسلمون، أولادكم، الرجال... فقد ورد في القرآن عمومات فجاءت السنة فخصصتها فمثلاً قال تعالى: ﴿يُوْصِيكُمُ اللهُ فِيْ أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ فهذه الآية عامة في توريث الأبناء من الآباء والسنة خصصت ذلك في غير الأنبياء، قال رسول الله e: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» كما خصصت السنة الوارث بغير قاتل أبيه، قال رسول الله e: «لا يرث القاتل»، وحكم الزنا في القرآن هو الجلد وهو عام في المحصن وغير المحصن وجاءت السنة وخصصت الجلد بغير المحصن أما المحصن فقد أوجبت رجمه «زنى ماعز فرجم»

 

3- تقييد مطلق القرآن

 

والمطلق هو اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه مثل رقبة سواءً أكانت مؤمنة أم كافرة ودينار سواءً أكان عراقياً أم كويتياً أم أردنياً...

 

فقد وردت في القرآن الكريم آيات مطلقة وجاءت السنة وقيدت هذا المطلق بقيد معين؛ فمثلاً قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ فإنها مطلقة في كل سرقة فقيّدتها السنة بسرقة ربع دينار ذهباً فصاعداً، قال رسول الله e: «القطع في ربع دينار فصاعداً» وقيدت قطع اليد من الرسغ وليس من مكان آخر.

 

4- إلحاق فرع من فروع الأحكام ورد في السنة بأصل موجود له في القرآن

 

فقد ورد في القرآن تحريم الجمع بين الأختين قال تعالى: ﴿وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ ولم يذكر القرآن حرمة جمع نكاح المرأة مع عمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها فجاءت السنة وبينت ذلك، قال رسول الله e: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» فألحق ذلك كله بتحريم الجمع بين الأختين.

 

5- جاءت السنة بتشريعات جديدة ليس لها أصل في القرآن تلحق به

 

كجعل مرافق الجماعة والنفط ومعادن الذهب والحديد والفضة والنحاس وغيرها والأنهار والبحار والمراعي من الملكية العامة، قال رسول الله e: «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار»، ومن ذلك تحريم ضريبة الجمارك، قال رسول الله e: «لا يدخل الجنة صاحب مكس»

 

أما الفترة التي هي 183 سنة والمكونة من ستة أجيال التي لم يأت رواة الحديث كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن إلا بعدها... فمن أين جاءوا بالأحاديث، فنقول: إن الأجيال متداخلة فجيل الصحابة اختلط بجيل التابعين وهذه الأجيال وجيلان بعدها هي القرون الثلاثة المفضلة، ويمكن تقسيمها على النحو الآتي: القرن الأول هو قرن الحفاظ للقرآن والسنة مع أن التدوين قد بدأ في عصر الصحابة فكان بعضهم يكتب الحديث كعبد الله بن عمر إلا أن هذا القرن تميز بكثرة الحفاظ للقرآن والسنة، وقد كان استشهاد كثير من حفاظ القرآن في المعارك وهم يجاهدون الكفار هو الدافع الذي جعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه يأمر بجمع القرآن، أما القرن الثاني فهو عصر التدوين، فقد أمر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بكتابة الحديث على رأس المائة من الهجرة وأول من دون الحديث بأمره هو محمد بن مسلم الزهري ثم انتشر التدوين وكان ممن جمع الحديث ابن جريج في مكة ومالك في المدينة وحماد في البصرة والثوري في الكوفة والأوزاعي في الشام إلى أن ظهر البخاري وبرع في علم الحديث وألف كتابه المشهور بصحيح البخاري جمع فيه ما تبين له صحته، واقتفى أثره تلميذه مسلم حيث ألف كتابه المشهور بصحيح مسلم. أما القرن الثالث فهو عصر التوثيق والتمحيص والتدقيق والتأليف والتبويب وهذا العصر هو الذي جمع فيه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داوود الأحاديث التي رووها في كتبهم المشهورة، ومن هنا يتبين لكل منصف أن البخاري ومسلم وأصحاب السنن ليسوا وحدهم هم رواة الحديث بل هم من ضمن الآلاف من الرواة فقد رووها عن تابعي التابعين عن التابعين عن الصحابة، وهذه الطبقات الثلاث هم رواة الحديث. فلم تكن تلك الفترة بين الرسول e والبخاري خالية من رواة الحديث.

 

وحتى يتبين كيف جمع البخاري ومسلم وأصحاب السنن هذه الآلاف من سنة رسول الله e فقد مرت عملية جمعها حتى تمت كتابتها في كتب الحديث المشهورة على النحو الآتي:

 

سمع الصحابة الكرام ومنهم آل البيت رضوان الله عليهم جميعاً الحديث من الرسول e فعملوا بها وحفظوها عن ظهر قلب نظراً لتطبيقهم لها في حياتهم العملية في الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة والجهاد وطلب العلم والمعاملات وغيرها... حتى صاروا سنة تمشي على الأرض، وقد اختلط بهم جيل التابعين وتلقوا السنة منهم قولاً وسلوكاً فحفظ كثير من التابعين ما جاء من سنة نبيهم الكريم e من صحابته وآل بيته وطبقوها في حياتهم العملية حتى صاروا سنة تمشي على الأرض، وبنفس النسق انتقلت إلى تابعيهم فحفظوها وطبقوها في حياتهم العملية كمن سبقهم، وفي هذا القرن تم تمحيص وتنقيح ما تم جمعه من سنة رسول الله e حتى لا يختلط به كلام الوضّاعين والكذابين الذين دخلوا الإسلام نفاقاً لدس كلامهم في سنة رسول الله e لتحريفها.

 

وقد بدأ بروز علم مصطلح الحديث حتى أصبح علماً مستقلاً وهو قسمان:

 

1- علم الرواية ويشتمل على نقل أقوال النبي e وأفعاله وتقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها

 

2- علم الدراية وهو العلم الذي يبين حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها، وتشمل الدراية معرفة المعنى الذي تضمنه الحديث من حيث مناقضته للنص القطعي.

 

ولما جاء البخاري ومسلم وأصحاب السنن وتعلموها وحفظوها كمن سبقهم من الرواة في الطبقات الثلاث قاموا بجمع ما صح منها في كتبهم بناءً على شروط قبول الحديث وهي: أن يكون الراوي عدلاً ضابطاً، ومعنى عدلاً أي مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، ومعنى ضابطاً أي أن يكون حافظاً متقناً موافقاً للثقات بعيداً عن الغفلة والغلط والوهم، وأن تكون الرواية متصلة السند وخالية من الشذوذ والعلة... ولشغف البخاري وغيره من الرواة فقد خرجوا في طلب الحديث في أمهات المدن الإسلامية فقد استمر البخاري يتنقل من بلد إسلامي إلى آخر يجمع الحديث قرابة أربعين سنة فكانت عشرات الآلاف فحفظها جميعها حتى أصبح يشار إليه بالبنان، فذاع صيته في الآفاق حتى لقب بأمير المؤمنين في الحديث وهو أعلى رتبة في علم الحديث ويطلق على من أحاط بالسنة وحفظها، وهذا الأمر ليس مستغرباً فحبه الشديد للإسلام ونبيه الكريم e وسنته الطاهرة جعل حياته كلها لجمع الحديث وتنقيحها وروايتها وكتابتها، فهناك في زماننا من صغار السن من يحفظ مئات الأغاني والقصائد والزوامل وهذا أمر عادي. لقد كانت المدة الزمنية لكتابة صحيح البخاري 17 عاماً وكان بعد أن يتأكد من شروط الحديث وانطباقها على الحديث الواحد الذي يكتبه في صحيحه يصلي ركعتين استخارة فإذا اطمأن قلبه كتبه في صحيحه وإن لم يطمئن قلبه وضعه في كتابه الأدب المفرد، وقد حققه بعض المختصين في الحديث فوجدوه من النوع الحسن وهو حديث مقبول وهو في المرتبة الثانية بعد الصحيح. والحديث الحسن له نفس شروط الصحيح إلا أن رواته أقل ضبطاً من رواة الصحيح، وإن وجدت بعض الأحاديث في صحيح البخاري أو صحيح مسلم ولتكن بالعشرات ضعيفة فلا تنقص من قيمتيهما الكبيرة في قلوب أمة الإسلام سلام الله على البخاري ومسلم وأصحاب السنن الذين نذروا حياتهم للدفاع عن السنة وإبعاد كل ما ليس منها وجزاهم الله خيرا أنهم من عظماء أمة الإسلام، ويأتي من لا يعرف قدرهم ليقول إن كتبهم مزورة!! قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾... أما المخطوطات الأصلية فهي موجودة في دار المخطوطات في بلدان مختلفة ولتلقي الأمة لصحيح البخاري بالقبول فقد شرحه علماء كثيرون تجاوزوا 80 عالماً في أزمنة مختلفة ومن بلدان متباعدة ومنها 69 كتاباً لا زالت مخطوطة وسأذكر منها خمسة:

 

1- شرح الحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي

 

2- شرح الجامع الصحيح لشمس الدين الحلبي

 

3- شرح القاضي أبي بكر العربي الإشبيلي

 

4- شرح الإمام أبو الحسن بن بطال المالكي

 

5- الكوثر الجاري إلى رياض صحيح البخاري

 

وكذلك المطبوعات التي شرحت صحيح البخاري كثيرة وأشهرها فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني. العجيب أن يستغرب هؤلاء كيف جمع البخاري هذه الأحاديث بعد 200 سنة ولا يستغربوا أن أهم كتب الشيعة التي يعتمدون عليها جاءت بعد كتاب البخاري بعشرات السنين مثل كتاب الكافي للكليني وهو من أصح الكتب وأكثرها اعتباراً في الحديث عند الشيعة توفي 329 هجرية وهو يحتوي على آلاف الأحاديث أما كتاب بحار الأنوار للمجلسي فقد جاء في الفترة 1037 - 1111 هجرية أي بعد البخاري بـ800 سنة!!

 

2- أما قولهم لا يجب الوثوق برجاحة العقل إلا بعد الأربعين، فهذا القول غير صحيح فشروط صحة الحديث هي:

 

1- أن يكون الراوي عدلاً ضابطاً

 

2- أن تكون الرواية متصلة السند وخالية من الشذوذ والعلة. ومعلوم أن عمر علي بن أبي طالب عليه السلام عند وفاة الرسول e  32عاماً أي أقل من 40 سنة وروى أحاديث كثيرة وعمره دون العشرين، فهل نرد تلك الأحاديث حسب قاعدة أولئك المخرفين، والشيعة أغلب أحاديثهم مروية عنه؟ أم أن هذه القاعدة من وساوس الشيطان ضحك بها على أولئك العميان؟

 

3- أما قولهم بأن رواة الحديث ليسوا عرباً بل هم من فارس وخراسان وبخارى أي هم عجم. فنقول لهم إن الإسلام دين لجميع البشر بل للإنس والجن، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ ولم يقل للعرب بل قال عن بعض الأعراب ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾.

 

والبخاري ومسلم وأصحاب السنن وإن كانوا غير عرب إلا أنهم تعلموا اللغة العربية لأنها لغة القرآن فتفوقوا على العرب في فهمها ونطقها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وحصر رواة الحديث في العرب دعوة جاهلية فهي دعوة إلى القومية المنتنة العفنة التي جاء الإسلام ليحاربها لأن المسلمين جميعاً أمة واحدة من دون الناس، قال تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[الأنبياء: 92] والأمة الواحدة هي الأمة الإسلامية عرب وفرس وأتراك وغيرهم... فقد جعل الله ميزان التفاضل هو التقوى وليس النسب، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات: 13]، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ[المؤمنون: 101]

 

4- أين خطب الجمعة؟ أين خطب الرسول 480 خطبة أين هي في كتاب البخاري ومسلم؟

 

صحيح لا توجد خطبة كاملة في صحيح البخاري وغيره والسبب يعود إلى شيئين هما:

 

1- صعوبة حفظ الخطبة كاملة بالنص

 

2- لم يوجب الإسلام حفظ خطب الرسول بل أوجب طاعته وامتثال أوامره والالتزام بما جاء في خطبته أو غيرها من أحكام. فالصحابه حضروا خطب الرسول e وتفاوتوا في الحفظ، فمنهم من حفظ كثيرا ومنهم من حفظ قليلاً فمنهم من روى جملة فيها أحكام إلى التابعين حتى انتهت تلك الجملة إلى البخاري فكتبها في صحيحه دون زيادة أو نقصان ولو روى أحدهم خطبة كاملة لأنه استطاع حفظها كاملة بالنص لكتبها البخاري في صحيحه كاملة بالنص وكذلك مسلم وأصحاب السنن. ولو طلبنا من أحد من هؤلاء الذين ينكرون السنة أن يحفظ خطبة كاملة ثم يسمعها كاملة بعد ساعات بالنص فلن يستطيعوا؟

 

5- أين ما نقل وكتب عن آل البيت والصحابة والحفاظ العرب؟

 

جميع الرواة رووا عن آل البيت وذكروا ما ثبت عن رسول الله e من فضائلهم

 

1- عن المسور بن مخرمه أن رسول الله e قال: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني» رواه البخاري

 

2- عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله e قال: «لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه...» رواه البخاري والحديث طويل والراية التي أعطاها لعلي سوداء مكتوب عليها بخط أبيض لا إله إلا الله محمد رسول الله. جاء في صحيح مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال رسول الله e لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». وروى البخاري عن إبراهيم بن سعد عن سعد عن النبي e أنه قال لعلي: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»

 

والأحاديث كثيرة في فضائل علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وغيرهم وذكرت بعضها كنموذج دليل على أن كتب البخاري ومسلم وأصحاب السنن هي كتب الأمة الإسلامية وليست كتب طائفة من المسلمين كما يحاول المتعصبون إظهارها كذلك. أما الحفاظ العرب فمنهم محمد بن مسلم الزهري وهو أول من دون السنة بأمر عمر بن عبد العزيز وعنه روى كثير من العلماء وعنهم روى البخاري ومسلم.

 

6- هل رجال الدين آنذاك عقدوا صفقة مع أحد الخلفاء على حساب الدين؟

 

لفظ رجال الدين مصطلح غربي ولا يوجد رجال دين في الإسلام وإنما يوجد علماء وهم صنفان قال رسول الله e: «صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء» رواه أبو نعيم في الحلية

 

واليوم ما أوصل حال الأمة إلى هذا الوضع إلا فساد الحكام وبعض العلماء الذين شرعنوا للحاكم أن يحكم بغير ما أنزل الله فأصبحت الأمة في الحضيض، أما في عصور الخلافة فقد كان العلماء مصابيح للهدى يحاسبون الخلفاء ويأخذون على أيديهم عندما يخالفون بعض أحكام الإسلام لأن الخلفاء في النهاية بشر معرضون للخطأ والصواب، أما عقد صفقات مع أحد الخلفاء فهذا مستبعد!!!

 

7- هل العهد الأموي هو وراء حجب الأحاديث، وما المصلحة؟ هل هو الخوف من الثورات بسبب صراعهم مع آل البيت؟

 

لا يستطيع أي حاكم أن يحجب الأحاديث وإنما كل ما يستطيع فعله هو منع انتشار بعض الأحاديث المتعلقة بمحاسبته في فترة حكمه فقط فكثير من المسلمين يحفظون الأحاديث في تلك الفترة وإذا ما ذهب ذلك الحاكم فإن ما منع منها سيعود إلى التداول بين المسلمين لأنها محفوظة في صدورهم وكتبهم.

 

فاليوم يمنع الحكام كثيراً من الأحاديث والحقائق بل أقصوا كل أحكام الشرع عن التطبيق وحكموا بقوانين العلمانية في أنظمة ملكية وجمهورية تحكم بقوانين كفر كتلك التي تحكم بها أمريكا وأوروبا وكيان يهود ويحاربون بشدة من يطالب بحكم الإسلام وعودة دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهم قد يستطيعون منع الإسلام أن يعود إلى الحكم فترة من الزمن بسبب تمترسهم خلف القوة العسكرية التي زودهم بها أسيادهم الكفار لكنها لن تستمر وسيعود حكم الإسلام من جديد بعزم أشد من الحديد قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55]

 

8- أما لو لم يوجد البخاري ومسلم لقيض الله لهذه الأمة من يحفظ سنة نبيها كما حفظها البخاري ومسلم وغيرهما. وقد قلنا سابقاً إن رواة الحديث آلاف قبل ظهور البخاري ومسلم ومنهم من كانت مكانته العلمية كالبخاري ولكن لم يشتهر كالبخاري وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء. الحسد يأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب.

 

9- ما القاعدة وتنظيم الدولة إلا نبت شيطاني خرج من كتب التزوير والتحريف والتقول على رسولنا الكريم e

 

القاعدة وتنظيم الدولة ومليشيات الحوثي والحشد العراقي ومليشيات حزب إيران في لبنان... خرجت كلها من مدارس الطائفية البغيضة التي أشعل الغرب نارها وتتلمذ قادتها السياسيون على يد جمال بن عمر وولد الشيخ ودي ميستورا وغيرهم ولم تسر أي منها على هذه الكتب القيمة ولو فعلت ذلك لكانت في القمة ولما تسلط عليها الكفار. لقد نجحت أمريكا وبريطانيا وغيرهما من دول الكفر في زرع الفتنة الطائفية بين المسلمين لتفتيت الأمة الواحدة وتمزيقها، فإن هذه الحرب الطائفية البغيضة بكل أشكالها لا تخدم المسلمين بل تخدم الكفار؛ فالقتل في المسلمين والدمار والخراب ونهب الثروات في بلاد المسلمين وأموال المسلمين وثرواتهم تذهب إلى مصانع الأسلحة في بلاد الكفر فهم المستفيدون من هذه الحروب فمصانعهم مستمرة في الإنتاج، ومليشيات الشيعة ومليشيات السنة لا زالت على العهد في قتل بعضهم بعضا إرضاء للكفار وتقديم دماء أبناء المسلمين قرابين للمعبد الأمريكي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فالإسلام حرم القتال بين المسلمين، أما شعارات الطرفين المتصارعين فهي لتضليل أتباعهم البسطاء ليكونوا وقوداً للحرب والله سمانا المسلمين، والمتصارعون جميعا اختاروا الطائفية التي أشعلها الكفار

 

 10- (الإرهاب) سلاح أشهره الكفار بأيديهم لحرب الإسلام والمسلمين، فمن تصريحات شياطين الغرب يتبين بشكل واضح أن محاربة (الإرهاب) هو مرادف لمحاربة الإسلام مع العلم أن دول الكفر هي دول الإرهاب وصانعة الإرهاب وعلى رأسها أمريكا التي قتلت ملايين المسلمين في العراق والشام والصومال وأفغانستان وغيرها... وقد قتلت دول الكفر الاستعمارية أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والصين وغيرها قرابة 100 مليون مسلم (شيعة وسنة) منذ هدم الخلافة العثمانية عام 1924م إلى يومنا... ثم ماذا تفعل طائرات روسيا وصواريخها في سوريا؟! من فوّضها بملاحقة (الإرهاب) وهي من أكابر دول الإرهاب والكفر والإجرام؟ أما أمريكا فهي صانعة الإرهاب ورأس الكفر وهي التي تسلح أطراف الصراع في اليمن لاستمرارها حتى تحقق أهدافها ومبعوثها ولد الشيخ يلتقي بالطرفين ويعرض حلول أمريكا عليهما... أين أحكام القرآن يا من كتبكم ليست نبتاً شيطانياً حتى تقبلوا الحلول من الأمريكان؟ وكيف تبحثون عن حلول من أمريكا وعندكم القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ والقرآن والسنة فيهما حلول لجميع مشاكل البشر كلها؟!

 

11- علامات الاستفهام على البخاري ومسلم كثيرة ومرعبة

 

نعم هناك علامات استفهام كثيرة ومرعبة على رواة السنة وفي مقدمتهم البخاري ومسلم... لكن ليس من الأمة التي تكن لهم كل حب وتقدير واحترام ولكن من قبل الكفار والعملاء والمنافقين وهذا متوقع منهم، فالغرب وعملاؤهم مرعوبون أن تعود الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد فتحكم بالقرآن والسنة فتنهار الحضارة الغربية وديمقراطيتهم العفنة فتعرف شعوبهم حقيقة الإسلام فيدخلوا في دين الله أفواجا، فالإسلام مشوه لديهم والمتصارعون في اليمن وليبيا والعراق وغيرها يشاركون في تشويه الإسلام بأفعالهم المخالفة، وأنتم أيها المنكرون للسنة تشاركونهم في حملة التشويه بحسن نية أو بسوء نية. فالأصل أن تكونوا مرعوبين من تطبيق أنظمة الغرب العلمانية على المسلمين ومن وجود منظمات غربية تعمل لإفساد الجيل الحالي ونشر ثقافتهم الفاسدة المنحطة في أوساط الشباب، فها هي البهائية تدعو إلى الكفر وتدعو إلى نبوة بهاء وقد كفروا بنبوة محمد e وهي تعمل جهاراً نهارا لأن النظام العلماني الديمقراطي يكفل لهم حرية الدعوة إلى دينهم الذي يدعو إلى الكفر الصراح وهم يستقطبون الشباب من صغار السن ويغرونهم بالمال وهم آمنون فظهورهم محمية من النظام... أما أن تكونوا مرعوبين من عالم جليل نذر حياته لنصرة دين الله والذود عن سنة رسول الله e فهذا يجعل علامات الاستفهام عليكم لا عليهم.

 

أما علامات الاستفهام على البخاري فهي:

 

1- أنه نذر حياته كلها للذود عن سنة رسول الله e

 

2- أنه تعلم السنة وجمعها أربعين عاماً متنقلاً بين أمهات المدن الإسلامية

 

3- أنه استمر 17 عاماً يكتب كتابه القيم صحيح البخاري

 

4- كل حديث لم تنطبق عليه شروط الحديث الصحيح وضعه البخاري في كتاب الأدب المفرد وهذا دليل على أمانته العلمية. الأمر الذي جعل أعداء الإسلام ومن والاهم يسعون إلى إبعاد كتاب صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن عن حياة المسلمين وذلك لإبعاد السنة من حياتهم فتتعطل أحكامها وأحكام القرآن.

 

12- سلوك أتباع هذا المنهاج مخالف للإسلام، يقولون كل ما نراه من تصرفات الكثير من المسلمين لا تمت إلى الإسلام بصلة. المسلم لا يكذب وهم كاذبون والمسلم لا يسرق وهم سارقون و...

 

لا بد أن تفرقوا بين المنهاج وأتباعه فصحة المنهاج نعرفه من خلال العقيدة والأحكام وليس من سلوك الأفراد والجماعات والدول، والذي يؤثر على حياة الناس هو سلوك المتنفذين في الدولة وسلوك الأحزاب السياسية، أما الأفراد فتأثيرهم قليل؛ فالذي أوصل اليمن وغيرها إلى الحضيض هو الأنظمة القائمة والأحزاب السياسية المتصارعة على السلطة التي تطبق الديمقراطية فالمتصارعون جميعاً يخالفون الإسلام سواء أكانوا من عملاء أمريكا وأشياعها أم من عملاء بريطانيا وأتباعها فهم يتسابقون إلى الفوز بالسلطة لخدمة أسيادهم الكفار وتطبيق نظامهم الوضعي الديمقراطي الذي يجعل التشريع للبشر والله تعالى يقول: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]

 

أما الحزب السياسي الذي يسير على منهاج الإسلام بصدق ولا يخالفه فهو الذي يتصف بالصفات الآتية:

 

1- هو الذي يكفر بجميع دول الكفر ومبادئهم وقوانينهم وديمقراطيتهم وعلمانيتهم ويرفض الاحتكام إليها رفضاً مطلقاً لأن ذلك عبادة والعبادة لا تكون إلا لله

 

2- يدعو إلى وحدة المسلمين وتحكيم شريعة الله رب العالمين

 

3- يحرم القتال بين المسلمين كما حرمه الله ورسوله e، قال رسول الله e: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» رواه مسلم

 

4- يدعو الأمة أن تعمل معه لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحكم بالإسلام فقط وترفض ما سواه فالخلافة هي دولة آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً

 

13- المرجع الأول والأخير هو القرآن، وهذا الكلام يناقض القرآن فآياته توجب الاحتكام إلى القرآن والسنة معا، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾، و(ما) من ألفاظ العموم، أي خذوا كل ما جاء به الرسول e سواء أكان قرآناً أم سنة وانتهوا عن كل ما نهى عنه. ولو سلمنا بأن القرآن هو المصدر الوحيد لتبادر إلى ذهن كل مسلم مهما كان مستواه العلمي مئات الأسئلة التي لن يجد لها إجابة في القرآن الكريم لأن جوابها فقط في السنة النبوية المطهرة.

 

وسأذكر بعض الأسئلة لن تتجاوز العشرة أطلب من المنكرين للسنة أن يجيبوا عليها من القرآن فقط كمصدر وحيد وهي:

 

1- المسلمون جميعاً يصلون صلاة الظهر أربع ركعات، في أي سورة وردت صلاة الظهر وأن عدد ركعاتها أربع ركعات؟

 

2- من موارد الزكاة في الإسلام زكاة الزروع والثمار ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، كم نصاب زكاته وكذلك كم نصاب زكاة الذهب والفضة من القرآن الكريم؟

 

3- زكاة الفطر يؤديها جميع المسلمين ذكوراً وإناثاً صغاراً وكباراً في عيد الفطر المبارك أو في آخر يوم في رمضان، ما هو الدليل من القرآن الكريم على زكاة الفطر؟

 

4- عيد الفطر عند سائر المسلمين أول شوال وعيد الأضحى يوم العاشر من ذي الحجة، ما هو الدليل من القرآن على هذا التوقيت؟

 

5- وردت في القرآن الألفاظ الآتية: أمهات المؤمنين وبناتك وأهل البيت... والسؤال ما أسماء أمهات المؤمنين من القرآن ومنهن بنات الرسول e من القرآن الكريم وكم عددهن؟ ومن هم أهل البيت من القرآن الكريم؟ وهل ورد اسم علي بن أبي طالب واسم فاطمة الزهراء. وكذلك الحسن والحسين سلام الله عليهم جميعاً في القرآن الكريم؟... ما دام والسنة مفقودة إن كنتم منصفين!!! فلم نعرف علياً وفاطمة والحسن والحسين وأمهات المؤمنين وأبا بكر وعمر وعثمان إلا من سنة رسول الله e، راجعوا أنفسكم أيها العميان!!

 

فالسنة دليل شرعي كالقرآن ومصدر من مصادر الدين ووحي من رب العالمين، ومصادر الإسلام هي الأصول التي عليها أدلة قطعية من القرآن أو الحديث المتواتر وهذه المصادر هي: القرآن - السنة - إجماع الصحابة (ومنهم آل البيت) - القياس بعلة شرعية وردت في نص شرعي في القرآن أو السنة.

 

14- عرض الحديث على القرآن. يقولون يجب أن نأخذ الحديث ونعرضه على القرآن فإن وافق القرآن فهو من عند الله ورسوله eوإن كان مخالفاً للقرآن فهو من عند غير الله ورسوله e.

 

وهذا الكلام يناقض كلامهم السابق أن القرآن هو المصدر الأول والأخير أي الوحيد. وهنا نحتاج إلى دليل من القرآن كمصدر وحيد يبين لنا أن الحديث يجب عرضه على القرآن لنعرف هل هو موافق أو مخالف لكي نعمل به أو نتركه. لقد أمرنا الله أن نأخذ كل ما جاء به الرسول eولم يأمرنا أن نعرض الحديث على القرآن وإذا وجد تعارض بين الأدلة الشرعية فهناك قواعد أصولية لحل الإشكالية وهي:

 

1- ترتيب الأدلة؛ فالقرآن أقوى من السنة المتواترة وهي أقوى من الإجماع والإجماع المنقول بالتواتر أقوى من حديث الآحاد وحديث الآحاد أقوى من القياس.

 

2- إذا تعارض نصان فهناك قاعدتان:

 

أ- إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.

 

ب- إذا لم يتم إعمال الدليلين نرجح أحدهما على الآخر بناءً على قواعد الترجيح في أصول الفقه ولا يتسع المقام لذكرها.

 

وأخيراً أورد أولئك العميان جملة كمخرج للأمة مما هي فيه وهي (يا ليتكم ويا ليتنا تمسكنا فقط فقط فقط بأخلاق رسولنا عليه الصلاة والسلام لكان حالنا أحسن ملايين المرات مما هو عليه اليوم). عجباً! كيف نتمسك بأخلاق الرسول eالتي لم ترد في القرآن فسيرته عرفنا أغلبها من السنة؟ وللعلم فإن نهضة الأمة الإسلامية وعودتها إلى سابق عزها لا يكون بالتمني ولا بالأخلاق. فالأخلاق تؤدي إلى حسن سيرة الفرد ولا تؤثر في نهضة المجتمع. فالنهضة هي الارتقاء الفكري، والنهضة الصحيحة هي الارتقاء الفكري على أساس العقيدة الإسلامية. فالنهضة لا تكون بالأخلاق وحدها وإنما تكون بالإسلام عقيدة وأحكاماً ومنها الأخلاق.

 

وعلى ذلك فإن المخرج للأمة الإسلامية ومنها اليمن هي بتطبيق الإسلام في جميع شؤون الحياة والطريقة العملية لذلك هي إقامة خلافة راشدة على منهاج النبوة فهي التي تطبق الإسلام في الداخل وتحمله رسالة نور وهدى إلى العالم بالدعوة والجهاد.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

شايف الشرادي

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع