الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 6 تعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لباس المرأة المسلمة عقيدة سياسية وهوية إسلامية

 


يحتاج الإنسان إلى لباس ليغطي به جسده ويسمح له بالانضمام إلى منظومة المظهر العام، وعادة ما يحمل هذا اللباس في طياته رسالة للآخرين. ومواصفات هذا اللباس تتأثر بما يحمل الإنسان من أفكار ومفاهيم، وهو بمثابة إعلان عن انتماء معين وهوية تميز الإنسان وتحدد لمن يراه الجهة التي يمثلها ويخبرك اللباس الكثير عمن يرتديه؛ عن مجتمعه وطراز عيشه وقوانين بلاده. فالزي الذي يلبسه الإنسان تحدده قناعات الفرد وقناعات الجماعة وقوانين الدولة. فمسألة الزي الذي يرتديه الإنسان مسألة تخص المجتمع والدولة لأنه يعكس عقيدة ذلك الفرد وذلك المجتمع وتلك الدولة بإعلانه للعالم عن هذه العقيدة وهذه الهوية التي تتميز بها هذه الفئة من البشر عن الفئات الأخرى. فمثلاً إن رأيت امرأة أوروبية فأنت لن تستغرب أنها ترتدي ثياباً قصيرة أو شفافة بل تتوقع منها ذلك لأنك تعلم أن عقيدة دول الغرب الكافر مبنية على فصل الدين عن الحياة وأن مفاهيم الحرية الشخصية تتحكم في سلوك هذه المرأة التي لا تخاف من الله ولا تعيش إلا من أجل المنفعة فتستغل جمالها في إثارة الغرائز اعتقاداً منها بأن ذلك "مُربح" لها، كما سخرها المجتمع للكسب الاقتصادي واستغل جمالها في الترويج للسلع المختلفة فلا تكاد أي دعاية تخلو من امرأة ذات شعر أشقر عارية للترويج لمنتج ما في الإعلام، بل إن الدول الغربية ترى في ذلك قمة التقدم وكسباً مادياً والنتيجة أن المجتمع الغربي الكافر قد فرض على المرأة الغربية لباساً لا يكاد أن يستر عورتها وجعل المرأة تظن أنه من حريتها الشخصية ومبلغ تقدمها وحداثتها في العالم. هذه هي حضارة الغرب الرأسمالي وهذه هي وجهة نظره العلمانية تجاه لباس المرأة، والغرب يعتبر أن في تغطية المرأة لجسدها تخلفاً وانحطاطاً لأنه يخالف عقيدته العلمانية التجارية، مع أن الغرب قد ربط الجمال "الأشقر" بالغباء ولا يقيم لعقل المرأة وعلمها وزنا. فهذا ديدن النساء عند الكفار وهذه الهوية الفاسقة هي التي يحملونها إلى العالم أجمع. واللافت للنظر في هذه القضية أن الرجل الغربي غير مقيد بأن يتعرى حتى يجني الدولارات ولا ينظر إليه المجتمع نظرة جنسية بحتة بل هو من يصمم أزياء المرأة ويعريها ويبرز مفاتنها ليرتفع سعرها في الأسواق الرأسمالية!


ويتناول الإعلام هذه القضية بكثافة حيث يبرز نموذج المرأة الغربية المتعرية على أنها مثال يجب أن تحتذي به المرأة المسلمة مع أن المرأة الغربية قد فقدت احترامها بسبب ثيابها الفاضحة كونها يُنظر إليها نظرة جنسية دونية لا أكثر.


أما المرأة المسلمة فلقد أمرها الله تعالى بأن تغطي جميع بدنها وفصّل القرآن الكريم وأحاديث سيدنا رسول الله e في مواصفات ذلك اللباس الشرعي، فارتداء الجلباب والخمار عند الخروج من بيتها إلى الحياة العامة فرض على المرأة المسلمة البالغة، وهذا الحكم الشرعي هو جزء من الأحكام الشرعية العديدة التي ترتبط بالنظام الاجتماعي في الإسلام؛ فالإسلام ينظر إلى المرأة على أنها عِرض يجب أن يُصان وقد كرمها الله تعالى وجعل دورها كأم وربة منزل ومربية للقادة الأفذاذ دورها الأساسي، كما أباح لها أن تجلس في بيتها أو أن تخرج إلى العمل وفق ضوابط شرعية واضحة ومعروفة، منها ارتداء الجلباب الفضفاض والخمار الذي يستر عورتها دون تبرج أو لفت أنظار الرجال، بل إن المرأة والرجل مأموران بغض البصر وبالتقيد بالأحكام الشرعية الخاصة بعلاقتهما على مستوى المجتمع والدولة. وهذا هو زي المرأة الشرعي أينما كانت على وجه الأرض. فالإسلام عقيدة عالمية لا تحدها الحدود والحواجز وإن تعددت الشعوب المسلمة تبقى الأمة الإسلامية أمة سيدنا محمد e أمة واحدة ينتمي إليها النساء المؤمنات ويُعْلِنَّ عن ذلك بارتدائهن للخمار والجلباب وإن تعددت خلفياتهن وعاداتهن وتقاليدهن طالما تحققت في ذلك الثوب المواصفات الشرعية فلا يشف ولا يصف ويستر العورة ولا يلفت النظر وبدون تبرج فهو لباس شرعي، هذه الكلمات تحفظها كل مسلمة عن ظهر قلب وإن لم تلبس الزي الشرعي الصحيح، لأن المصيبة اليوم أن المسلمات بتن ينظرن إلى الزي الشرعي في الإسلام من وجهة نظر غربية خاطئة وكأنه يمكن أن يتغير ويتحور حتى جعلوا منه زياً يخضع للقيم الغربية! فظهرت مواصفات أخرى "للحجاب" كما يسميه الناس اليوم بسبب التلوث الإعلامي الذي ميًع مواصفات الزي الشرعي الصحيح وجعل منه زياً "محتشماً" بدرجات منها التنورة ومنها البنطلون، بل إن من تلبس غطاء الرأس تمثل في المسلسلات تغني الأغنيات وتنافس في مسابقات الجمال وحتى دخل الزي الشرعي دور الموضة والأزياء الأوروبية! وليس ذلك بمستغرب لأن الإعلام يتبع سياسة الأنظمة الحاكمة الفاجرة التي تعوم على عوم الغرب المستعمر الكافر الذي جعل من المرأة المسلمة مادة أساسية لهجمته الفكرية الثقافية الشرسة حتى تخلع الجلباب والخمار فتخسر دنياها وآخرتها بإغضاب ربها وتخسر هويتها الإسلامية التي تميزها، فمظهر المسلمة ولباسها في الحياة العامة مرتبط مباشرة بصميم العقيدة الإسلامية وهو فريضة ربانية ومكون أساسي لهوية المرأة ومكانتها في الأمة الإسلامية. فمن ترتدي الزي الشرعي تُعلن للعالم أجمع أنها تنتمي إلى أمة سيدنا محمد e، وأنها حفيدة السيدة خديجة وفاطمة وعائشة وأم سلمة رضوان الله عليهن أجمعين، فالمؤمنات القانتات أمهات الخلفاء ومربيات قادة الجيوش هن أمهات الشهداء حاملات الأمانة، ووراء من تلبس الزي الشرعي حاملة دعوة سياسية إلى الإسلام فهي الراعية المسؤولة عن رعيتها يداً بيد مع الرجل المسلم. الزي الشرعي ينطق ليقول إنها تحمل عقلاً وعلماً وليس جمالاً فقط. ومن الضروري أن ترجع المرأة المسلمة للنصوص الشرعية لمعرفة مواصفات الزي الشرعي الصحيح:


وقد جاء في جواب سؤال للعالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير بعنوان: "حول اللباس الشرعي للمرأة في الحياة العامة والحياة الخاصة" ما يلي:


"أما الجلباب فهو لباس واسع ساتر يغطي الملابس الداخلية، ويُرخى ليغطي القدمين، فالله سبحانه يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ أي يرخـين عليهن أثوابهن التي يلبسنها فوق الثياب للخروج، من ملاءة وملحفة يرخينها إلى أسـفل. لذلك يشترط في الجلباب أن يكون مرخياً إلى أسفل حتى يغطي القدمين، لأن الله يقول في الآية: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ أي يرخين جلابيبهن لأن ﴿مِنْ﴾ هنا ليست للتبعيض بل للبيان، أي يرخين الملاءة والملحفة إلى أسفل حتى تستر القدمين، فإن كانت القدمان مستورتين بجوارب أو حذاء فإن ذلك لا يُغني عن إرخائه إلى أسفل بشكل يدل على وجود الإرخاء، ولا ضرورة لأن يغطي القدمين فهما مستورتان، ولكن لا بد أن يصل إلى القدمين ليكون هناك إرخاء، أي يكون الجلباب نازلاً إلى أسفل بشكل ظاهر يعرف منه أنه ثوب الحياة العامة التي يجب أن تلبسه المرأة في الحياة العامة، ويظهر فيه الإرخاء أي يتحقق فيه قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ﴾ أي يرخين، وهذا يعني الوصول إلى الأرض إن كانت القدمان مكشوفتين، ويكفي الوصول إلى القدمين إن كانت القدمان مستورتين بالحذاء والجورب، لكن ليس أقل من الوصول إلى القدمين وذلك ليتحقق مدلول كلمة "يرخين".


وعليه فلا يجوز للمرأة في الحياة العامة أن تخرج وهي تلبس البنطلون وعليه معطف طويل حتى ركبتها أي لا يصل إلى قدميها المستورتين بالجوارب، فهذا لا ينطبق عليه المعنى الشرعي للجلباب. ولا يجوز للمرأة أن تخرج إلى الحياة العامة إلا بجلباب يغطي ملابسها الداخلية ويرخى إلى أسفل حتى قدميها، وإن لم تجد فلا تخرج أو تستعير من جارتها جلباباً لما أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ e، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». وأما الخمار فهو غطاء الرأس الذي يغطي الشعر والعنق وفتحة القميص "الجيب"، قال تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، أي ليلوين أغطية رؤوسهن على أعناقهن وصدورهن، ليخفين ما يظهر من طوق القميص وطوق الثوب من العنق." (من سلسلة أجوبة الشيخ العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي" بتاريخ 23 من ربيع الأول 1436 الموافق 14/01/2015).


إن الزي الشرعي هو لباس العفاف واحترام المرأة لنفسها به تُفرَض كل هذه المعاني على من يراه، وبه تُفرَض حدود شرعية لا يتخطاها لا المجتمع ولا قوانين الدولة. هذه قوة المرأة المسلمة وقوة الجلباب والخمار، وأي تنازل عن ذلك فيه إرضاء للغرب الكافر الذي لا يريد لهذه القوة أن تظهر ولذلك يشن حرباً شرسة على الزي الشرعي الذي يمثل العقيدة الإسلامية والهوية الإسلامية ويُمثل تاريخ المرأة المسلمة وحاضرها ومستقبلها ويحطم الفسوق والفجور الغربي!


ولقد حاربت الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين الزي الشرعي حرباً شديدة تنفيذاً لأجندات الغرب المستعمر من خلال المنظمات النسوية والأمم المتحدة والاتفاقيات المشؤومة التي حرَمت اللباس الشرعي على المسلمات في الجامعات كما حصل في تونس. فالزي الشرعي ومواصفاته الشرعية مغيب عن المؤسسات الإعلامية وارتداؤه "تخلف" وتُمنع المسلمات من ارتدائه في المدارس في بلاد إسلامية عدة، بل لا تدرّس مواصفات الزي الشرعي الصحيحة للطالبات في المدارس. كما حاربته الدول الغربية حرباً شرسة ولسنا ببعيدين عن الأخبار اليومية عن جرائم الكفار بحق النساء المسلمات اللاتي يرتدين الخمار في البلاد الغربية.


إن لباس المرأة الشرعي هو درع يحميها من هجوم الباطل عليها أينما كانت. بل هو لا يعبر فقط عمّن ترتديه بل عن مجتمع ودولة وأجيال قادمة! فالزي الشرعي لباس المرأة المسلمة أبداً، وكانت النساء، مسلمات وغير مسلمات، يرتدينه في دولة الخلافة لأنهن أدركن أنه لا ينفك عن العقيدة الإسلامية السياسية الراسخة كونه فريضة ربانية ثابتة وهوية عالمية لدولة عظيمة قوية حكمت العالم لمئات القرون، فعلى المرأة المسلمة أن تتمسك به وأن ترتديه كما أمرها الله رب العالمين بالمواصفات الشرعية الصحيحة فتكون بذلك قد حققت عبوديتها لله جل وعلا وحده وسارت على نهج رسول الله e، كما عليها أن تعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لاستئناف الحياة الإسلامية وقلع الغرب الكافر المستعمر وأفكاره المتعفنة من عقول وقلوب وبلاد المسلمين حتى تسن قوانين هي أحكام شرعية تُفرض وتسهل مسألة ارتداء الزي الشرعي للنساء في المجتمع وبدون خوف أو قهر، فهذه هي الأمانة وهذا هو دور المرأة السياسي في الإسلام.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

6 تعليقات

  • ام احمد
    ام احمد الأربعاء، 09 آب/أغسطس 2017م 11:10 تعليق

    احسنتي القول اختي و كم نحن بحاجة لنفهم ما وراء الحجاب و انه ليس غطاء فقط بل هو هوية و درع للمراة المسلمة و التي يجب ان تحافظ عليه اسال الله فتحا قريبا

  • نسائم الخﻻفة
    نسائم الخﻻفة الجمعة، 09 حزيران/يونيو 2017م 20:43 تعليق

    بارك الله فيكم

  • Khadija
    Khadija الثلاثاء، 06 حزيران/يونيو 2017م 10:55 تعليق

    بورك في إعلامكم المستنير الراقي، و أيد الله حزب التحرير وأميره العالم عطاء أبو الرشتة بنصر مؤزر وفتح قريب إن شاء الله

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 05 حزيران/يونيو 2017م 22:50 تعليق

    بارك الله جهودكم الطيبة و أثابكم

  • سفيتة النجاة
    سفيتة النجاة الإثنين، 05 حزيران/يونيو 2017م 20:20 تعليق

    بارك اله فيكم

  • نسائم الخﻻفة
    نسائم الخﻻفة الإثنين، 05 حزيران/يونيو 2017م 20:19 تعليق

    بارك الله فيكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع