الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ...

 

سؤالهم: لماذا لا يكون القرآن من عند الجن؟!

 

* ثبت أن القرآن ليس من عند العرب لأنهم عجزوا عن الإتيان بمثله، ولا من عند محمد ﷺ لأن محمدا ﷺ من العرب ويشمله التحدي.

 

* طريق إيماننا تبدأ من حيث إننا أمام واقع يتكون من كون وإنسان وحياة.

 

* أداتنا للتفكير في هذا الواقع وإعطاء حكم عليه هي العقل.

 

* ونحن نعلم مكونات عقلنا البشري اللازم توافرها لنستطيع التفكير والحكم على هذا الواقع، (دماغ وحواس وواقع ومعلومات) مجتمعة.

 

* عندما أعملنا عقلنا بهذا الواقع أثبتنا أنه مخلوق لخالق.

 

* أعملنا العقل في البحث عن الخالق فصرنا أمام احتماﻻت ثلاثة وهي:

 

¤ إما أن يكون هذا الخالق مخلوقا لغيره وهذا باطل عقلا ﻷنه يكون محدودا.

 

¤ وإما أن يكون خالقا لنفسه وهذا باطل عقلا ﻷنه يكون مخلوقا وخالقا لنفسه في آن واحد.

 

¤ وإما أن يكون هذا الخالق أزليا واجب الوجود وهذا معقول عقلا.

 

☆ ومن هنا تبدأ قضيتنا: فاﻹنسان ﻻ يمكن له عقلا أن يعرف الخالق من تلقاء نفسه حتى وإن أدرك وجوده، وﻻ يمكن عقلا أن يبقى دون تواصل واتصال مع الخالق.

 

☆ وهنا يبرز سؤال: فمن يتصل بمن؟! أيعقل أن يتصل المخلوق بالخالق؟! بأي لغة وأي وسيلة ومن أجل ماذا؟! فما الذي يريده المخلوق من الخالق سيما وأنه ﻻ يعرف ماهية الخالق وصفاته وقدراته؟! أم أن المفروض "عقلا" أن يتصل الخالق بالمخلوق ﻷنه يعرفه ويعرف ماهيته ولغته ويعلم الغاية التي من أجلها خلقه، "فالعقل" يقول إن الخالق فقط هو من يحدد طبيعة العلاقة بينه وبين المخلوق ونظامها.

 

☆ "والعقل" يقول هنا شيئا في غاية اﻷهمية وهو: أن الخالق ﻻ بد أيضا أن يفصح عن نفسه للمخلوق بشكل واضح وصريح ليحصل التعارف اللازم وتتحدد العلاقة، فيعرف المخلوق خالقه اسما وقدرة وصفة، وهنا تبرز الحاجة للرسل ليحملوا هذه الرسالة التي تتضمن أساسيات هذه العلاقة وفرعياتها، وإذا لم يحصل هذا التعارف نكون أمام عبثٍ - تعالى الخالق عنه.

 

☆ اﻵن بأي دليل نجزم "عقلا" أن هذا الخالق هو الله تعالى أو أن اسمه هو الله؟!

 

 - محمد عليه الصلاة والسلام وهو من هو في قومه جاء قومه بجملة مفيدة تقول: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾ وأبلغ قومه أن الذي أنزلها عليه هو الله مع جبريل عليه السلام وأنه بهذا رسول لهم من الله، وأن معجزته تكمن في هذا الكلام.

 

- ورغم أنها أول آية تنزل إﻻ إنها احتوت على اﻹعلان عن الخالق واسمه وقدرته.

 

 - في المقابل لم يحصل أن جاء خبر من أحد أيا كان أنه نزل عليه وحي من السماء أو كائن من الفضاء يخبر فيه عن خالق غير الله، حتى إن الذين ادعوا النبوة زورا ادعوا أنهم أنبياء لله.

 

- وإذا كان الثابت المقطوع به أن الجن أو أي مندوب عنهم لم يأت للعرب معرفا على نفسه كخالق، ولم يأت بأي كلام عربي أو غير عربي، ولم يدع كفار قريش ومشركوهم بذلك رغم حاجتهم لهزيمة محمد وإسلامه، فكيف يستقيم "عقلا" أن ننسب القرآن العربي إلى قوم ساكتين لم يدَّعوا هم ذلك ولم يتهمهم فيه أحد في حينه؟!

 

- ولا يقال هنا نحن نتعامل مع واقع غيبي نظرا ﻷن الجن غيب ﻻ نراه وﻻ نحسه، ﻻ يقال ذلك ﻷننا نتعامل مع واقع محسوس مدرك وهو القرآن وﻻ بد من الجزم بمصدره.

 

- ثم لماذا لم يعترض الجن أو مندوبوهم من اﻹنس على اﻵيات التي تنزل وتؤكد أن القرآن كلام الله، فلماذا يسكتون على ذلك إذا كان القرآن من عندهم وهم من أتوا به لمحمد، رغم نزوله طوال 23 عاما بذات الطريق من الله لجبربل لمحمد، نسأل لماذا سكتوا ﻷن من يثبت أن القرآن من عنده تثبت له صفة الخلق واﻷلوهية ويكون هو المعبود بحق، وهذا أمر فوق كل أمر، فلا "يعقل" أن يخلق الخالق خلقه ليتنازل عنه لغيره، فهل "يعقل" أن تصنع سيارة ثم تقول هذه من صنع شقيقي مثلا!! ولله المثل اﻷعلى، فهل سكت الجن عن الاعتراض على محمد تكرما وهو يتلو: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾؟! هذا ﻻ يقبله "عاقل" بتاتا.

 

 - ثم كيف غابت هذه المسألة عن قريش ولم تنسب القرآن للجن، ﻻ بل قالت في القرآن قوﻻ جميلا فوصفته بأنه كلام عربي نقي عالي المقام، ومع أنها اتهمت محمدا بالجنون تارة لكنها لم تقل أبدا إن محمدا يتعامل مع الجن، حتى إنها نسبت الجنون الذي رأته فيه إلى أن آلهتهم أنزلت عليه العقوبة، كما فعل قوم هود مع نبي الله هود. ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ﴾.

 

بقيت مسألة وهي أن الجن جنس غير جنس اﻹنسان، والقرآن جاء ليقول إنه أرسل للناس كافة وبلسان عربي، ومع ذلك فقد تحدى الله اﻹنس والجان مجتمعين على أن يأتوا بمثله، فكيف يتحداهم الله وبصريح القرآن أن يأتوا بمثل هذا القرآن ثم يسكتون على هذا التحدي لو كان القرآن من عندهم؟! أيعقل هذا يا رعاك الله؟!!! ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾.

 

 وكم جعلتني طبيعة هذا السؤال أبصر بعيني ببصيرة فكري فلول الكفر بقضه وقضيضه وهي تجر أذيال الهزيمة الفكرية الحضارية أمام عقيدة التوحيد وأهلها وقبل أن يكتمل بناء دولتهم، اﻷمر الذي جعلني أرى بأم عين يقيني بالنصر والتمكين جحافل جندنا وهي تتسلم مفاتيح كبريات مدن العالم سلما بلا معارك، ذلك ﻷن مشروع فكرتنا التي نحمل مفعم بآمال كبيرة جدا للإنسان حيثما كان وللبشرية جمعاء، نعم قد تراني غارقا في تفاؤل جارف لحواجز الواقع المر المرير الذي نعيشه، لكننا أمة تلد رجالا ونساء من طراز فكرتها ورسالتها الخالدة، طراز متميز تواق لسيادة شرع الله، لهم أنفس ﻻ يملؤها ولا يشبعها إﻻ عدل إسلام يتوقون إلى تحقيقه، بعد أن أوسعهم هذا المهزوم المحتل المستعمر ظلما وجورا، اللهم بك نحاجج وبك نسالم وبك نخاصم، لك اﻷمر كله تولنا ودبر لنا فإنه ﻻ غالب إﻻ أنت.

 

أرجو المعذرة فقد أسهبت بقصد، ذلك أن السؤال أعجبني على غرابته فكان جوابه بحثا أردت من خلاله محاكاة أكثر من فرضية لترسيخ بعض المفاهيم أثناء سيرنا في طريق اﻹجابة، اللهم ما كان من خير فمن عندك وما كان غير ذلك فمن نفسي. أنت ولينا وموﻻنا في الدنيا واﻵخرة، نسألك اللهم أن تجعلنا من جندك الذين تحب فترزقنا بنصرة وتمكين وشهادة في سبيلك والحمد كل الحمد على كل حال.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرؤوف بني عطا (أبو حذيفة)

 

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الجمعة، 05 كانون الثاني/يناير 2018م 02:40 تعليق

    ماشاء الله جابة شافية مستنيرة بارك الله فيكم وأحسن اليكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع