- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الرحمة المهداة (رسول الله r )
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ * قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [الأنبياء: 108].
الرسول ﷺ هو الرحمة المهداة، أرسله الله رحمة للعالمين، فمن آمن به وعمل بما أنزل عليه وهو الحق من ربكم فقد هدي إلى صراط مستقيم، والرسول ﷺ أرحم بالمسلمين من والديهم وأهليهم بهم، وأحرص على دينهم من أنفسهم، ورحمة رسول الله ﷺ في العالمين، تتجلى في حرصه على إيمانهم ودخولهم في الإسلام، ورحمة الله تتمثل بالقرآن الكريم وبالسنة وبالعقيدة والشريعة وبالدولة الإسلامية الرشيدة القائمة على العقيدة الإسلامية على منهاج رسول الله ﷺ ، فلا تجد فيها قانونا أو تشريعا إلا وقد انبثق عن العقيدة الإسلامية، وأحل ما حلل الله ورسوله، وحرم ما حرم الله ورسوله، وتنشر العدل والإنصاف بين الناس وتمنع الظلم والعدوان.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: 128-129]
أيها المسلمون! لقد جاءكم رسول من أنفسكم يشق عليه عنتكم فأطيعوه ونفذوا أمره وانتهوا عن نهيه، فهو لا يلقي بكم إلى التهلكة ولا إلى المهاوي، فإذا كلفكم بالجهاد فانفروا خفافا وثقالا، فما يكلفكم من هوان بكم ولا بقسوة في قلبه وغلظة في نفسه، إنما هي الرحمة بكم والضن بكم من الذل والهوان والوقوع في معصية الله بمخالفة أمره والتقاعس عن دعوة الناس إلى الإسلام، وحرصه عليكم ليكون لكم شرف الدعوة إلى دين الله، ونيل رضوانه وجنته التي وعدها المتقين من عباده، والاعتماد والتوكل على الله وحده، واستمداد القوة والعون منه تبارك وتعالى، والرسول ﷺ شديد الرأفة والرحمة بكم أيها المؤمنون، أرحم بكم من والديكم وأهليكم والناس أجمعين، فلا تخالفوا أمره وتهجروا دين الله، واحرصوا على طاعة الله ورسوله.
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67]. أمر من الله تبارك وتعالى للرسول ﷺ أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه كاملا، ولا يجعل أي اعتبار لشيء سوى تبليغ ما أنزل إليه، ويصدع بكلمة الحق، والله يعصمه من الناس ومن يعصمه الله لا يملك أحد إيذاءه، وذلك لينتبه المؤمنون إلى وجوب الدعوة إلى الله والالتزام بالدعوة وتطبيقها وتنفيذ أحكامها والمداومة عليها، حيث إن الإسلام يجب أن يبلغ بدون مهادنة ولا خوف ولا وجل، وقد بلغّ الرسول ﷺ الإسلام على أكمل وجه، والآن دورنا لنثبت صدق أقوالنا وحسن اتباعنا لرسول الله ﷺ ، وليقل المعارضون للإسلام ما يقولون وليحشدوا ما يستطيعون من شياطينهم، فإن الدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية هي دعوة رسول الله ﷺ ، فمن يدعي أنه يحب رسول الله وأنه يتبع سنته ودعوته فلا يدلس على الناس ولا يقف في صف أعداء الإسلام، فإن كلمة الحق الدعوة إلى الإسلام لا تتملق الأهواء ولا تراعي الرغبات، إنما يصدع بها حتى تلامس القلوب وتقنع العقول في قوة وصبر وبالحكمة والموعظة الحسنة، والمطلوب عدم المداهنة في بيان الدعوة إلى الله، والالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة تنظم شؤون حياة الناس مسلمهم وكافرهم، وهذا يحتم على الدعاة عدم اللقاء في منتصف الطريق بين الإيمان والضلال، فكان رسول الله ﷺ يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ويقول للكفار: ﴿يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ فيصفهم بصفتهم وما هم عليه، ولا يقبل بأنصاف الحلول التي يعرضونها عليه ولا يداهن ويقول لهم إنه يريد بعض التعديلات الخفيفة، بل يقول لهم إنهم على الباطل المحض وأنه الحق الكامل، لأن الدين ليس كلمات تقال باللسان وليس كتباً تُقرأ، وليس صفة تورث وتدعى، إنما الدين منهج حياة يشمل العقيدة المستترة في القلب، والعبادة المتمثلة بالشعائر، والعبادة المتمثلة في إقامة نظام حياة قائم على العقيدة الإسلامية ينظم شؤون حياة الناس فيحقق العدل والإنصاف بينهم ويرعى مصالحهم وينظم شؤونهم، أما من لا يقيمون حياتهم ودولهم على العقيدة الإسلامية وينظمون شؤون حياة الناس بالشريعة الإسلامية ويستوردون الأنظمة من أعداء الإسلام والمسلمين أو يضعونها من عند أنفسهم، فهم قطعا لا يحبون الله ولا رسوله ﷺ ولا يتبعونه فيقيمون دينه ويرفعون رايته، فدعوة الإسلام باللسان ولا تتجاوز الحلقوم أو بالوراثة لا تفيد إسلاما ولا تحقق إيمانا.
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾ [الأحزاب: 45-48].
الرسول ﷺ يبلغ رسالة ربه ويشهد على من بلغته الرسالة ولم يؤمن بها، ومبشر برضوان الله ورحمته وجنته وغفرانه لمن يؤمن ويطيع الله ورسوله ﷺ وينفذ أمره وينتهي عن نهيه ويقيم شرع الله، ونذير للغافلين السادرين في غيهم وطغيانهم مما سيصيبهم من عذاب عظيم، فلا يؤخذون على حين غرة ولا يعذبون إلا بعد تبليغ لافت للنظر، عندها لا عذر لمعتذر، والرسول ﷺ داعٍ إلى الله وليس لعشيرة أو قبيلة ولا لقومية أو عصبية، ولا لمغنم ولا جاه أو سلطان، داعٍ إلى الله إلى طريق الهداية الموصل لرضوان الله وطاعته وحسن عبادته، بعقيدة التوحيد، أرسله الله تبارك وتعالى للناس كافة، الأحمر والأبيض والأسود، للإنس والجن، ليحكم الناس بما أنزل إليهم والله أعلم بما يصلح البشر وينظم شؤون حياتهم، فأنزل القرآن الكريم والسنة النبوية وأمر باتباعهما، والرسول الكريم سراج منير يجلي ظلمات الكفر ويكشف الشبهات، وينير طريق الإيمان، ولا عذر لمعتذر، وبشر المؤمنين بأن لهم فضلا كبيرا من الله لصدق إيمانهم وحسن طاعتهم، منة من الله وتفضلا عليهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾، وقد أمر الله تبارك وتعالى الرسول والمؤمنين قتال الكفار والمنافقين في آيات كثيرة، وهنا في سورة التحريم الآية التاسعة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
الكافر الحربي يقاتل بالسيف، والكافر الذمي بالحجة والبرهان، ويعامل حسب عهد الذمة، والمنافقون تجري بحقهم الأحكام الشرعية، فظاهرهم الإسلام وباطنهم الكفر، ويوعظون لعلهم يتوبون إلى الله، وهذا أمر لا تقوم به إلا الدولة الإسلامية التي تحكم بالشريعة الإسلامية.
قال رسول الله ﷺ : «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» متفق عليه، فإذا كان للهرة هذا الحق في الطعام أو تُترك لحال سبيلها ولا تحبس أو تعذب أو يمنع عنها الطعام، حيث إنه في هذه الأيام تجد بعض الناس لديه حيوان في بيته، فكيف يكون حال الحاكم المسلم الذي يحكم المسلمين بأحكام الكفار، بأحكام وشرائع ليس لها علاقة بالإسلام ومن وضع الناس تحت مختلف التسميات، وتحارب شريعة الله ويحارب من يدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية؟! فاعتبروا يا أولي الألباب! ويا من تزين للحاكم سوء عمله وتبيع آخرتك بدنيا غيرك، فإن كانت هذه المرأة دخلت النار بتعذيب هرة، وحرمانها حقها في ممارسة حياتها، فكيف أنت تمنع المسلمين من العيش بكنف الأحكام الشرعية، وتنفذ أحكام أهل الكفر عليهم والعياذ بالله؟! من يحمل وزر المسلمين الضعفاء الذين يقتلون في كل حدب وصوب، هؤلاء الحكام قلوبهم قلوب شياطين، ومَن حولهم يتعوذ منهم الأباليس، إذا ضمن الإسلام للحيوانات أن تأكل وتعيش في أمان حين جرم فعل المرأة التي حبست الهرة ودخلت جهنم بفعلتها، فكيف يكون مصير من يقتل المسلمين ويفعل بهم الأفاعيل لأجل سلطان زائل أو مال زائف؟!
اللهم يا رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم اعف عنا وعافنا وارحمنا وتولنا وتب علينا وأدخلنا في عبادك الصالحين، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم سلامة