- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة
قال الله تبارك وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل: 125-128].
هذا الأمر (ادْعُ) يرتكز على ثلاثة محاور: الداعي والدعوة وأسلوب الدعوة، وهي متلازمة بمعنى أنه على الداعية الالتزام بها حتى يتوخى الطاعة لرب العالمين.
فالدعوة إلى سبيل الله هي الدعوة إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله، إلى الإيمان بالعقيدة الإسلامية، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تبارك وتعالى، والعمل بما يترتب على هذا الإيمان من استئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الدولة الإسلامية كما أنشأها رسول الله rفي المدينة المنورة وطبق الإسلام فيها، ونفذ أحكام الشريعة الإسلامية، ورعى مصالح الناس وحقق بينهم العدل والإنصاف.
وانطلقت الدولة الإسلامية إلى العالم، ووصل تعداد المسلمين اليوم إلى ما يقارب ربع تعداد سكان الأرض (1.8) مليار مسلم، وامتدت بلادهم على القارات الثلاث المعروفة، وانتشر المسلمون في أرجاء العالم، وما ينقص المسلمين اليوم هو إقامة الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية كما طبقها رسول الله r، وترعى تحت سلطانها جميع المسلمين، تحافظ عليهم وعلى بلدانهم وترعى مصالحهم وتنشر الإسلام في أصقاع الأرض، وليتمكن المسلمون من العيش في ظل أحكام الشريعة الإسلامية ويعاد الإسلام حيّاً واقعاً في حياة البشريه... هذه هي حيثيات الدعوة باختصار.
ويلاحظ اليوم أن الدعوة لا توضع في نصابها الصحيح، ويركز دعاة الدول القائمة في بلاد المسلمين على أسلوب الدعوة فقط بما يخدم أسيادهم، ويغفلون عن الدعوة نفسها لأنها ليست في مجال اهتمامهم، حيث إن دولهم لا تحكم بالإسلام وتحكم بالرأسمالية الاستعمارية؛ أنظمة البطش والاستبداد.
وأما الداعية فعليه أولا أن يكون عارفا وفاهماً لما يدعو إليه ومتلبسا به، بمعنى أن لا يخالف قوله عمله، إن كان بصفته الشخصية أو كانت الدولة الإسلامية التي هي فعلا تمثل الإسلام بتطبيقه وتقوم على أساس العقيدة الإسلامية وتنفذ الإسلام في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية.
والدعوة إلى سبيل الله لا تكون لشخص الداعية أو لغيره أو لقومية أو وطنية أو غير ذلك... فهي لله ولدينه ورسوله r، يؤدي الداعية واجبه أمام الله فيدعو إلى دين الله القويم، وليس له حق أو فضل يدعيه ليأخذ عنه أجرا يقبضه في الدنيا كالاستحواذ على الحكم له ولعائلته أو أي امتياز آخر، بل إن أجره عند الله.
وأسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، يكون بحسن الحديث ومعرفة أحوال المخاطَبين والتمهل عليهم، ليحصل حسن الاستماع والثقة بينهم بصدق الخطاب ولين القول الذي يظهر حسن النية وقصد الوصول إلى الحق، ولا يلتجئ الداعي إلى التأنيب والزجر وإظهار عيوب المخاطَب، وإنما يكون النقاش بهدوء بلا تحامل أو ازدراء أو انفلات بالغضب والصياح، حيث إن المطلوب هو الاهتداء إلى الله وتحقيق طاعته وحسن عبادته، ولا ضرورة للّجاجة ولا لشدة المحاججة، إنما حسن البيان وإخلاص العمل لله تبارك وتعالى، والوصول للحق.
وإذا وقع اعتداء عليكم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، وهذه قاعدة القصاص بالمثل بدون إسراف بالرد، ومع تقرير القصاص بالمثل يدعو القرآن الكريم إلى العفو والصبر، فقد يكون العفو والصبر أعمق أثرا عند الطرف الآخر، فيدخل في الإسلام، وأما إذا كان سادرا في غيه ومتمسكا بكفره فالرد عليه ومعاقبته بدون إمعان في العقاب، والعقاب لا يكون إلا من الدولة الإسلامية.
والداعية بحاجة إلى الصبر لتصل دعوته لغايتها، والله هو الذي يعين على الصبر، وما الصبر وضبط النفس إلا استجابة لدعوة الله تبارك وتعالى. ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم سلامة