الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رضا الله تبارك وتعالى هو المطلوب

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

 

من سعى لإقامة شرع الله وأحل حلاله وحرم حرامه وكره الفسوق والعصيان وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والمعروف هنا هو الإسلام والمنكر هو غير الإسلام، فهو يسعى لنيل رضوان الله تبارك وتعالى ونيل ثوابه وأن يجار من عقابه، فالرضا المطلوب رضا الله وليس رضا النفس، ولا يتحقق رضا النفس إلا برجاء رضا الله، والعمل المخلص بطاعة الله، ومن اتبع رضوان الله ليس كمن باء بسخط من الله على معاصيه وفسقه وكفره وارتكابه من الذنوب، وما نهى الله عنه من أقوال وأفعال، فيستحق أن يكون مأواه جهنم وبئس المصير، وذلك شبيه بمعنى قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة: 18].

 

وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 27-29].

 

إن خلق السماء والأرض وما بينهما لم يكن باطلا، ولم يقم على الباطل، إنما كان حقا وقام على الحق، ومن الحق أن يحكم بين الناس بما أنزل الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم  r، وتستمد أفكار الناس ومفاهيمهم وأنظمتهم وقوانينهم من الإسلام، فلا تجد نشازا بين النظام العام المشكِّل للمجتمع في الحياة العامة، وبين الناس في الحياة الخاصة، فتكون مشاعر الناس وأعمالهم وسلوكهم منضبطة مع عقيدتهم وما ينبثق عنها من أفكار وأحكام، ولا يكون الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بما أمر الله به وانتهوا عما نهاهم عنه (كالمفسدين في الأرض) الذين يشركون بالله ويعصونه ويخالفون أمره ونهيه ويصدون عن سبيله، ولا يكون وزن المتقين كوزن الفجار.

 

والحق الذي جاء به الكتاب المبارك الذي أنزله الله ليتدبروا آياته وليتذكر أصحاب العقول ما ينبغي أن يتذكروه من هذه الحقائق، التي لا يتصورها الكافرون، لأن فطرتهم لم تعد سليمة ومن ثم ساء ظنهم بربهم ولا يدركون من أصالة الحق شيئا.

 

إن شريعة الله أنزلت لتحكم الناس وتنظم شؤون حياتهم وترعى مصالحهم على أحسن وجه، وإن كتابه المنزل بيان للحق الذي يجب أن تقوم حياتهم عليه، وإن العدل الذي يطالب به ليحكم بين الناس لا تستقيم شؤون حياتهم إلا تحت ظل حكم شريعة الله، وإن الانحراف عن شريعة الله إنما هو انحراف عن الحق الذي قامت عليه السماء والأرض، وهو أمر عظيم وشر كبير لا بد أن ينهزم في النهاية، فلا يمكن أن يصمد الظالم الباغي المنحرف عن سنة الله ولا يمكن أن يصمد بقوته الهزيلة الضئيلة أمام الحق، وهذا ما ينبغي أن يتدبره ويتذكره أولو الألباب.

 

إن من يدعو إلى الرضا والقناعة في هذه الأوضاع التي لا تحكمها الشريعة الإسلامية، ولا تنظم شؤون حياة الناس لتنصفهم وترعى مصالحهم وتحق الحق بينهم، فهو يدعو إلى الخنوع والذل والمهانة والقبول بضنك العيش والركون للظالمين.

 

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ  r، يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبّاً، وَبِالْإِسْلَامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً»، قال الإمام النووي رضيت بالشيء قنعت به واكتفيت به ولم أطلب معه غيره.

 

فالرضا بالله تبارك وتعالى يعني الإيمان به والتوجه إليه وإخلاص العبادة والعمل بما أمر وحَكَمَ، والخوف من عذابه والرجاء برحمته وطلب نعمته ورضوانه واتباع أمره والانتهاء عن نهيه ونصرة دينه وتنفيذ شرعه والحرص على عبادته ونشر دينه وبغض من عصاه وصد عن سبيله والجهاد في سبيله.

 

وما ينافي الرضا بالله ربّاً أن تعبد غيره وتتحاكم لغير شريعته تحت أي مسمى، وتحارب دين الله وتصد عن سبيله تحت أي راية قومية أو وطنية أو قبلية أو عائلية أو غير ذلك، وأن ترتجي سواه وتسأل غيره أو تظن أن أحدا غير الله ينفعك أو يضرك.

 

والرضا بالإسلام دينا يحتم العمل به حصريا وتنفيذ أحكامه ونشر عقيدته وأفكاره، وتعمل على استئناف الحياة الإسلامية، وتنصهر وتتشكل نفسك وقلبك وجوارحك وعقلك بأحكامه، ويظهر الإسلام على سلوكك وأفكارك، وتعمل على تطبيق الإسلام وإقامة الدولة الإسلامية كما أقامها رسول الله  rفي المدينة المنورة، والعمل على نشر الإسلام وهيمنته على العالم ورفع شأنه وحماية أهله واللطف بهم ومساعدتهم وجمع شملهم والحفاظ عليهم.

 

وما ينافي الرضا بالإسلام أن تبحث عن الهداية عند غيره أو تتخذ شريعة غيره (أنظمة وقوانين) وتؤلب الناس ضد المسلمين أو تساعد عدوهم عليهم، يعتقد أن الإسلام لا يصلح لهذا الزمان أو تترك أو تدعو لترك الإسلام أو الاستهانة به.

 

والرضا بمحمد  rنبيا ورسولا، الإيمان به ومحبته أكثر من نفسك ومالك وأهلك وطاعة أمره ونهيه والالتزام بهديه ونهجه والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية وحماية المسلمين دمائهم وأعراضهم وبلادهم وأموالهم ولا تتخذ وليا غير المسلمين، وترأف بضعيفهم وترحم كبيرهم وتؤنس وحشتهم، تراعي محبتك لرسول الله  rفي أمته، وما ينافي محبة رسول الله  rأن لا تؤمن به أو بما جاء به وأن تستهين بما أمر وبما وصى وطلب، وتساعد أعداء المسلمين وتكشف عورات وضعف المسلمين لهم وأن لا تطبق الشريعة الإسلامية وتدعو لذلك وتحارب المسلمين وتصد عن سبيل الله.

 

إن القناعة والرضا والسكينة والهدوء لا تتحقق إلا إذا صدق وأخلص المرء العمل لطاعة الله ونيل رضوانه وهذا يحتم العمل لاستئناف الحياة الإسلامية التي أرادها الله تبارك وتعالى لنا لنعيش حسب الشريعة الإسلامية وتحت ظلها ورايتها كما عاش رسول الله  rوصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان، فاعملوا لطاعة الله ورسوله وليكن رسول الله  rالقدوة والمنارة وهادي السبيل، نعمل كعمله ونلتزم بهديه ونهجه ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع