- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تحويل اللباس الشرعي من التزام إسلامي (فرض) إلى موضة:
إضعاف وتقليل من شأن النساء المسلمات
(مترجم)
احتُفِل في الأول من شباط/فبراير باليوم العالمي لـ(الحجاب) حيث جرت الأنشطة والفعاليات في عشرات الدول لرفع الوعي بين غير المسلمين حول (الحجاب) وما يمثله، ولكن ربما يكون هذا الوقت المناسب بالنسبة لنا كنساء مسلمات للتفكير في وجهة نظرنا نحو (الحجاب) وما يعبر عنه هذا اللباس الإسلامي.
لا شك أنه خلال العقد الماضي وخاصة السنتين الأخيرتين، قد تحول فيهما اللباس الشرعي تحولا هائلا في مجتمعات عديدة، من ثوب (فرض) كالتزام إسلامي، إلى أزياء داخل عالم الموضة والجمال، ابتداء من "اليوتيوبرز والبلوجرز" (ناشطي مواقع التواصل الذين ينشرون محتوى ما) الذين يبدو أنهم يقدمون البدائل التي لا تنتهي أبدا من كيفية ارتداء اللباس الشرعي ليبدو أكثر جمالا وأناقة من أي وقت مضى، إلى نماذج ارتداء اللباس التي تظهر على طرقات نيويورك ولندن وتغطي صفحات مجلات الموضة، وإلى الممثلات والمطربات الغربيات اللواتي يزيّنّ اللباس بشكل جذاب، إلى تطور ما يسمى بصناعة الأزياء المحتشمة من خلال تقديم اللباس بشكل صاخب أكثر من أي وقت مضى، وبشكل لامع وبراق ويتم تسميته بملابس موضة إسلامية، يبدو من الواضح جدا أن اللباس الشرعي أصبح عبارة عن "أزياء" للكثيرات، فعلى سبيل المثال، علق البلوجر (ويويد) المشارك بفعاليات الموضة في مدينة سيدني، أن "الموقع الأكثر شيوعا لـ(المحجبات) على موقع إنستجرام يدل على أن اللباس الشرعي بدأ يعتبر كملحق للملابس أكثر من كونه رمزاً دينياً.
ومن غير المستغرب أن الماركات التجارية العالمية وشركات الملابس مثل:، Dolce&Gabbanna, Tommy Hilfiger and Oscar de la Renta, H&M قد عرضت وقدمت للسوق إنتاجها لمجموعة الملابس أطلقت عليها "الملابس المحتشمة" من أغطية الرأس والعباءات، ولم يفعلون ذلك؟! لأنه ببساطة هناك الكثير من الأموال التي ستدفع مقابل هذه الملابس، ومن المقرر أن تكون ميزانية هذه الأزياء ما قيمته 368 مليار دولار مع حلول سنة 2021.
وقد وصف الكثيرون هذا التحول للباس الشرعي من رمز ديني إلى رمز للموضة كتعزيز لتمكين المرأة المسلمة، ولكن هل هو تمكين فعلا؟ اللباس الشرعي نفسه غالبا ما يقدم من العديد من النساء المسلمات كرمز للتمكين - إنه يعكس رفض تجسيد المرأة أو إضفاء الطابع الجنسي ورفض الضغوط لتتوافق مع توقعات المجتمع من الجمال والصورة، ورفض الاستغلال المادي والمالي للنساء من صناعات الجمال والموضة ذات المليارات، ومع ذلك، فإن تشويه اللباس الشرعي من الملابس التي ترتديها بدافع ديني وفرض إسلامي، إلى أن يصبح أحد ملحقات الأزياء، بكل أسف أودى بالنساء المسلمات إلى أسفل منحدر من عدم التمكين والضعف.
ارتداء أشكال "أغطية الرأس" التي هي مستساغه ومصممة وفقا لأذواق الليبرالية الغربية، لا يكسر الحواجز أو المفاهيم الخاطئة للمساعدة في قبول اللباس الإسلامي الحقيقي، بل إنه ببساطة يضيف اتجاها آخر لملابس الموضة، إن تجميل اللباس الشرعي وتسويق موضوع الاحتشام لا يرفع من مكانة المرأة المسلمة أبدا، بل يشكل ضغطاً عليها لتدخل حقل الألغام خلال المطاردة بعد التوقعات السطحية للجمال التي يضعها الآخرون والتي تجعل المرأة تشعر بالوعي الذاتي بشأن صورتها وشكلها، وبالتالي تستغل ماليا في هذه العملية، ولا يعد عرض النماذج النسائية المسلمة أو غير المسلمة وارتداء اللباس الشرعي على المنصة أو حتى على صفحات المجلات عملا من أعمال التمكين ورفع شأن المرأة المسلمة، إنها أعمال التجسيد القديم نفسها للمرأة من أجل الربح، من خلال خلع ملابسها لتبدو جذابة ومرغوبة ومثيرة قدر الإمكان لزيادة المبيعات والإيرادات للشركات، وكل هذه الأمور تحط من شأنها وتقلل من قيمة المرأة لمظهرها، وقد تجسد ذلك في عرض النساء شبه المكسوات والجميلات اللواتي يرتدين اللباس (الشرعي) على المنصة في أسبوع الموضة في نيويورك 2016.
وقد تطور هذا التشويه للباس الشرعي من اللباس الديني الذي يعكس احتشام المرأة المسلمة، إلى نوع من الموضة الذي يهدف إلى تعزيز جمالها في المجتمع على أساس عدد من المبادئ الخاطئة. أولا، هناك اعتقاد خاطئ والذي يشعر المرأة بالإحساس الزائف بالطمأنينة الذاتية، إن الإسلام يسمح لها بتعريف أو تفسير الاحتشام في اللباس بأي طريقه ترغب فيها: إن "الاحتشام والحياء في عين الناظر" و"كل شيء متعلق بالاختيار"، ووفقا لهذين المبدأين، فإن جميع أشكال "أغطية الرأس" أو "الملابس المحتشمة" - من التوربانات، والبندانات، ونصف الخمار الذي يظهر الشعر والرقبة والأذنين، والملابس الشفافة التي تغطي كل الجسم ولكن ما تحتها مكشوف، وقد تم اعتبارها كملابس إسلامية مقبولة.
من الغريب أن الوفاء بالالتزامات الإسلامية الأخرى مثلا كيفية الصلاة، والصوم، ودفع الزكاة وأداء فريضة الحج لا ينظر إليها على أنها "في عين الناظر" أو تترك إلى "حرية الاختيار"، بل يفهم بالأحرى أنه محدد بوضوح في النصوص الإسلامية وينبغي اتباعها بعناية على هذا النحو. اللباس الإسلامي لا يختلف، لأن الله سبحانه وتعالى لا يفرض التزاما ومن ثم يتركه مفتوحا لأهواء الناس الشخصية ورغباتهم في كيفية الالتزام به، والواقع أن شكل اللباس الإسلامي قد تم تفصيله بصورة واضحة وكاملة وشاملة بواسطة النصوص الإسلامية، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النور: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى الْمَفْصِل».
هذه الأدلة الشرعية تتناول بالتفصيل الشكل الإلزامي للباس المرأة الإسلامي، وأجزاء جسدها (العورة) التي يجب على المرأة المسلمة أن تغطيها بوجود رجل غير محرم (الرجل الذي يجوز الزواج منه في الإسلام)، وهي تحدد بوضوح أن جميع أجزاء جسم المرأة باستثناء الوجه واليدين وحتى الشعرة الواحدة يجب إخفاؤها أمام أي رجل غير محرم، في الآية القرآنية السابقة، ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ تشير إلى الوجه واليدين لأنها أجزاء الجسم التي أظهرتها النساء المسلمات أمام النبي r والتي وافق عليها بسكوته، ويتفق على ذلك أغلبية العلماء في الإسلام مثل عائشة رضي الله عنها، وابن عباس، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام الطبري، وقتادة، ومجاهد، في تفسير الآية، قال العالم المعروف الإمام الطبري: الرأي الأقوى والأدق هو الذي يقول إن الإعفاء يشير إلى الوجه واليدين.
ويعتبر هو الرأي الأقوى والأكثر دقة لأن جميع العلماء أجمعوا على أنه في الصلاة تغطى العورة ولكن يمكن للمرأة أن تكشف وجهها ويديها في صلاتها، في حين إنها يجب أن تغطي بقية جسدها.
في آية ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾، يأمر الله سبحانه وتعالى النساء المؤمنات بوضع الخُمر (وهي جمع خمار أي غطاء الرأس) على رقابهن أي منطقة العنق والجيوب،
قبل نزول هذه الآية التي تفرض تغطية الرؤوس بالخمار، كانت النساء تضع غطاء للرأس وتترك نهايته على ظهرها وتبقى رقبتها وأذنيها والجزء العلوي من العنق مكشوفة، ومع ذلك، في هذه الآية، أمرهن الله سبحانه وتعالى بأن يغطين تلك الأجزاء. قال الإمام ابن كثير بخصوص الآية: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾ تعني "أن يلبسن الخمار بطريقة تغطي صدورهن ورقابهن وأعناقهن كي يميزن عن نساء الجاهلية اللواتي يكشفن تلك المناطق". ومن هنا يأمر الله المرأة بتغطية رأسها وعنقها وصدرها بالخمار ولتغطية هذه الأجزاء من الجسم يعني أيضا أن الملابس لا ينبغي أن تكون شفافة أو شبه شفافة بحيث يمكن رؤية الجلد تحتها، لأن هذا لن يفي بالالتزام بستر العورة.
وعلاوة على ذلك، عندما تخرج المرأة المسلمة من منزلها وتدخل الحياة العامة، ألزمها الله سبحانه وتعالى بارتداء الجلباب (وهو ثوب خارجي من قطعة واحدة يغطي ويخفي ملابسها المنزلية يصل من رقبتها إلى الأرض). الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾، وروي عن أم عطية قالت «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ rأَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ لِتُلْبِسْها أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا»، في هذا الحديث، يقول النبي r بوضوح أن ارتداء الجلباب هو الشرط الذي يجب على المرأة المسلمة الالتزام به من أجل الخروج إلى الحياة العامة لأنه لم يعط إذنا لمن لا تملك جلبابا أن تبقى في منزلها، بل يأمرها بالاستعارة من شقيقتها المسلمة، هذا هو المؤشر - القرينة - أن أمر ارتداء الجلباب بالنسبة للمرأة هو فرض لدخول الحياة العامة.
لقد أكد علماء الإسلام شكل الجلباب، وكتب ابن الحزم: "في اللغة العربية، الجلباب هو القطعة الخارجية التي تغطي الجسم بأكمله، قطعة من القماش صغيرة جدا لتغطية الجسم بأكمله لا يمكن أن تسمى جلباب"، ويقول الباحث الآلوسي، مؤلف كتاب "روح المعاني": " الجلباب هو ثوب المرأة الذي ترتديه فوق ملابسها العادية". ويقول ابن عباس: "الجلباب ثوب طويل وفضفاض يغطي جسد المرأة من رقبتها إلى قدمها" وبالتالي، في الحياة العامة، ليس كافيا للمرأة أن ترتدي الخمار مع تنورة وبلوزة أو قميص وبنطلون أو أي شكل من أشكال اللباس الذي يغطي ببساطة العورة ولكن لا يتفق مع أمر الله سبحانه وتعالى من الخمار والجلباب، وإذا غادرت المنزل بدون هاتين القطعتين من الملابس، بغض النظر عما إذا كانت العورة مغطاة بالكامل، فإنها ستكون آثمة أمام الله سبحانه وتعالى.
ولذلك فإن النصوص الإسلامية حددت بوضوح وبشمولية شكل اللباس الإسلامي، بدلا من تركه للتفسير الذاتي لحشمة المرأة.
ويدافع أنصار هذا التحول من اللباس الإسلامي إلى الأزياء، وأولئك الذين يحتفلون بارتداء المرأة المسلمة (الحجاب) للدخول في صناعات الموضة، ويجادلون أيضا بأن الاحتشام والتعبير العام للجمال يمكن دمجهن معا ولا يجب فصلهن، وهذه حجة خاطئة اعتمادا على العقلية الإسلامية وتناقض في الشروط الإسلامية للباس الشرعي أيضا، ويستند احترام الاحتشام إلى منع التعبير الصريح عن الحياة الجنسية، في حين إن تجميل المرأة يسعى إلى تعزيز أو توجيه الاهتمام إلى حياتها الجنسية، لماذا هناك ضجة في الدول الغربية وادعاءات "التحيز الجنسي" عندما تطلب شركة ما من موظفاتها وضع أحمر الشفاه وارتداء الكعب العالي؟؟
يحفظ الإسلام احتشام المرأة وجمالها العام لكونهما أمرين لهما أحكام إسلامية واضحة تلزم الأول وتحظر الأخير. الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾. ويقول سبحانه: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾.
تمنع هذه الآيات بشكل صريح العرض المفتوح للتبرج - التجميل - والكشف عن جمال ومفاتن المرأة لرجال غير محارم عليها، إضافة لذلك، قال رسول الله r: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: رِجَالٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوْجِدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا».
يشير قول كاسيات عاريات إلى التزين والكشف عن العورة، وقول رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة يشير إلى كشف الشعر وما يفعلنه من علاجه ولبس التوربانات أو شيء من هذا القبيل حتى أصبح شكلهن مثل سنام الجمل.
وبالتالي فإن الإسلام يحرم ويمنع بشكل صريح تجمّل المرأة في حضور الرجال غير المحارم، سواء في الحياة الخاصة أو العامة، وهذا يشمل وضع المكياج، والملابس الضيقة التي تحجم جسد المرأة، وحتى الجلابيب التي يتم تصميمها بطريقة تجذب انتباه الرجال نحو جمال المرأة، وفي الحقيقة إن التبرج أو تجمّل المرأة يمكن أن تثير الرغبة الجنسية لدى الرجال، وبالتالي تضر بالتعاون بين الرجال والنساء في المجتمع، وهذا، بدلا من تمكين المرأة من أن تكون لها حياة عامة منتجة فيها ومأمونة الجوانب، يمكن أن يضعفها ويجعلها عرضة للتحرش بل وحتى لاعتداءات الرجال.
وإضافة لذلك، يجب أن تكون المرأة المسلمة وهي المرأة التي تميزت بمفهوم الحياء - وهو شعور متزايد بعدم الارتياح والخجل تجاه أي شيء - سواء في اللباس أو السلوك أو الكلام أو غير ذلك؛ مما قد يضر بالاحتشام أو العفة أو يجذب الانتباه إلى حياتها الخاصة بدافع احترامها الكبير لخالقها وصونها عفتها، قال r: «إِنَّ الْحَيَاءَ وَالإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعاً، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ»، وأيضا الحياء أحد السمات والخصال المميزة في الإسلام، قال النبي r: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقاً وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الْحَيَاءُ».
وبالنسبة للمرأة المسلمة، فإنه ينبغي على الحياء أن يقترن بأوامر الله سبحانه وتعالى لتجنب أي عمل أو وضع يمكن أن يثير الشك أو الشبهة، ومناطق الشك قريبة من الحرام، وهذا لكي لا تقع في معصية ربها عن غير قصد، أو تخلق شكوكا بشأن شخصيتها الإسلامية، قال الرسول r: «إِنَّ اَلْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ اَلْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى اَلشُّبُهَاتِ فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي اَلْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ اَلْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اَللَّهِ مَحَارِمُهُ».
وبالتالي، فإن على المرأة المسلمة أن تكون حريصة أشد الحرص على لباسها ومظهرها، وضمان أن ملابسها فضفاضة وبعيدة عن أي شيء يمكنه أن يكون تبرجاً.
من الواضح أن تحول اللباس الشرعي في العديد من المجتمعات، من التزام ديني ورمز الاحتشام والحياء الحقيقي، إلى نوع من الموضة المستساغة للأذواق الغربية والاتجاهات الجمالية، لم يكن إيجابيا في نظر الإسلام، ولم يمكّن المرأة المسلمة بالمعنى الفعلي للكلمة، لا يمكن أبدا أن يتم التمكين من خلال مضاهاة الثقافة الأجنبية التي أوجدت العديد من المشاكل للمرأة بسبب تجسيدها وهوس الصور والجمال. إن التمكين الحقيقي للمرأة المسلمة يأتي من تحقيقها الدؤوب لفروض ربها سبحانه وتعالى بدلا من الأمور السطحية التي وضعها الآخرون، من خلال مظهرها الإسلامي والتقوى والورع من الله الذي يجعلها ترفض وتتجنب أي انتهاك أو استغلال لشرفها؛ وهي بكونها الشخص الذي يعمل من أجل المصلحة الحقيقية للإنسانية من خلال إقامة دين الحق لتكون له السلطة في هذا العالم، بدلا من الشخص الذي تستهلكه الأمور السطحية في هذه الحياة.
لذلك فإن النساء المسلمات، إذا أردن حقا خلق المزيد من الوعي حول اللباس الشرعي بين غير المسلمين، يجب عليهن البدء بالتأكد وضمان الفهم الصحيح لما يمثله هذا اللباس الإسلامي الفريد فعلا.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير